هل تتبدل قواعد الإعلام العسكرى بعد تطوير “قنوات ماسبيرو”؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل تتبدل قواعد الإعلام العسكرى بعد تطوير "قنوات ماسبيرو"؟


هل تتبدل قواعد الإعلام العسكرى.jpg

كتبه:حسن الإسكندراني

(18 فبراير 2018)

الجنرال يقود مصر نحو الإفلاس

أعلن المسئولون عن ماسبيرو بسلطة الانقلاب العسكرى، أمس، عن خطة لتطوير قنوات الإذاعة والتلفزيون من خلال بث جديد ومتطور للقناة الأولى من خلال الحلقة الأولى من برنامجها الأساسي "مصر النهاردة"، الذى يهدف لمواكبة التطورات الإعلامية فى المنطقة ومصر!

ورغم الحرب الدائرة على الإرهاب فى سيناء من خلال "العملية العسكرية الشاملة" أطلقت ماسبيرو الشماريخ احتفالا بإطلاق "جديد" القناة الأولى وتطويرها، وظهرت لافتة ضوئية أعلى مبنى ماسبيرو مكتوب عليها "قناة مصر الأولى"، ثم بدأ البث الفعلي لبرنامج "مصر النهاردة" والذى قدمه الإعلاميان "خيري رمضان ورشا نبيل".

فى الشأن نفسه، وجه الإعلامى عمرو عبدالحميد:

نقد لـ"ماسبيرو"، قائلا إن ماسبيرو إحدى أدوات القوى الناعمة المصرية، وإن النقد له من باب الحب.

وأضاف "عبدالحميد"، في برنامج "رأي عام" على قناة "TEN"، أن ماسبيرو كان يسمى بتلفزيون العرب، لأن التلفزيون المصري كان يحظى بإشادة كل العرب وتمثل المنفذ الوحيد لنا، متمنيًا التوفيق للزميلين خيري رمضان، ورشا نبيل، في أولى حلقات برنامجهم اليوم على القناة الأولى.

ولم يكن بوسع مسئولى الانقلاب من الصحفيين سوى الاعتراف، وهو ما أكده الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إنه يتمنى الانتهاء من إعداد قانون حرية تداول المعلومات في أسرع ما يمكن، ونتقدم به إلى الحكومة. ولفت إلى أن الإعلام المصري مر بسنوات من الفوضى واختلط فيه "الحابل بالنابل"، حيث تصور البعض أن بإمكانه أن يكون حكما وخصما في نفس الوقت، كما رأينا تدنيا على الشاشات وصل إلى رفع الأحذية.

وأضاف مكرم، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "مصر النهاردة"، المذاع على القناة الأولى، تقديم خيري رمضان ورشا نبيل، أنه يجب تحلي الإعلام بالصدق، وأن يكون قائما على المعلومات الصحيحة والمؤكدة، معقبًا: "من يخرج على الشاشة عليه أن يتقن ما يفعله، حتى نعود إلى الحرفية والمهنية والمصداقية التي افتقدناها في أصول المهنة".

خيرى رمضان.. مفيش "أشرف الخولى"

ويبدو أن الإعلامى "خيرى رمضان" استشعر "الريشة على رأسه" فعلق فى مقدمه برنامجه "إحنا محدش بيدينا تعلميات، ولا بنسمع كلام حد، واللى بنقوله مش متفق عليه وبيخرج من قلبنا وعقلنا فقط".

على المنوال نفسه، قال الكاتب عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، إن ماسبيرو تقوم بصرف 230 مليون جنيه شهريا على العاملين بها، وإن التحديث والتطوير كان يجب أن يكون منذ فترة وأن يتم "فلترة" العاملين بها فى جميهع القطاعات.

التسريبات والتطوير

ولم يكن إدخال "ماسبيرو" فى جملة مفيدة ، خاصة بعد فشل الإعلام الخاص فى إظهار العسكر على هيئة الملائكة، بل زادو الطين بلة، وتسببوا فى فشل منظمة الحكم الانقلاب بالعديد من الأخطاء، من أبرز ذلك ما أذاعته قناة "مكملين" وعدد آخر من القنوات الأسابيع الماضية، من تسريبات صوتية لاتصالات جرت بين ضابط بالمخابرات برتبة نقيب يسمى أشرف الخولي وبين الفنانة يسرا وعدد من الاعلاميين المصريين المؤيدين لنظام السيسي، وهي الاتصالات التي أشارت إليها في تقرير موسع صحيفة: نيويورك تايمز" الأمريكية.

التسريبات كانت تارة بين النقيب الخولي وبين الفنانة يسرا، والاعلامي مفيد فوزي وسعيد حساسين "برلماني واعلامي"، وعزمي مجاهد "إعلامي" وكان أهم ما جاء فيها التمهيد لتقبل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حتى يتم إنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وتجنب الفلسطينيين ويلات الحرب على حد زعم النقيب الخولي.

اللافت أنه بعد إذاعة التسريبات كان هو الصمت في وسائل الإعلام المصرية، سواء المقرءوة أو المسموعة أو المرئية، كأن لم تسمعها، وهو الأمر الذي يثير الجدل، ويزيد الغموض حول ما يقال عن صفقة القرن التي بدأت تتضح معالمها شيئا فشيئا.

لماذا أهُملت "ماسبيرو"؟

ظل مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرية "ماسبيرو"، يعاني إهمالاً يصفه البعض بـ "المتعمّد" من قبل الحكومة، بل اتجاه إلى "إلغاء مفهوم إعلام الخدمة العامة، والتوجه نحو تحقيق الكسب" التي يجب أن يتبناها أي إعلام حكومي.

"ماسبيرو" هو اسم المبنى الضخم المطلّ على كورنيش النيل مباشرة، مقر اتحاد التليفزيون والإذاعة المصرية، الذي يعد أقدم التليفزيونات والإذاعات الحكومية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وأطلق عليه هذا الاسم تيمنًا بعالم الآثار الفرنسي جاستون ماسبيرو.

تضخم العمالة في "ماسبيرو" تخطى 45 ألف موظف

الإعلامي والإذاعي المصري جمال الشاعر تحدث في أكثر من مناسبة عن تخوفه من نية الحكومة عرض "ماسبيرو" للبيع أو الإيجار، خاصة بعد إعلان الحكومة في أكثر من سياق بشكل غير مباشر عن ضرورة التعامل معه باعتباره مؤسسة اقتصادية وتجارية هادفة للربح، وإلغاء مفهوم الإعلام كخدمة عامة يعبر عن عامة الشعب.

ولفت الشاعر -فى تصريحات صحفية أيضًا- إلى اتجاه حكومة الانقلاب الحالية إلى خلق "إعلام دولة موازٍ لإعلام الدولة"، ضاربًا المثل بـ"مجموعة محطات راديو النيل الحكومي الذي طرحته الحكومة لينافس مجموعة قنوات الإذاعة المصرية الرسمية"، موضحًا "بدلا من تطوير شكل وآلية محطات الإذاعة المصرية، اتجهت الدولة إلى بث محطة راديو جديدة تواكب التطورات في القنوات الخاصة، وكأنهم يتعمّدون تدمير المحطات الإذاعية الأصيلة".

وتشير الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للمحاسبات في 2015 إلى أن تضخم العمالة في "ماسبيرو" تخطى 45 ألف موظف.

ديون ماسبيرو 21 مليارا

وعلى الرغم من ضخ كل تلك الأموال والاستثمارات في الإعلام الخاص المصري، إلا أن الإعلام المصري يعاني من "انحدار مهني شديد وتجاوزات أخلاقية تمسّ الأمن القومي المصري"، وفقًا للكاتب الصحفي المصري عبد الله السناوي، الذي وصف، خلال مشاركة في ندوة عن القضايا الإعلامية، الإعلام المصري بأنه "يكرس للانقسام والتعبئة، بل إنه يعوم في بحر من الكراهية".

وحسب الأرقام الرسمية المعلنة، فإن ميزانية اتحاد الإذاعة والتلفزيون التي يحصلها من ميزانية الدولة تقدر بـ2.6 مليار جنيه، من ضمنها 220 مليون جنيه تذهب جميعها لرواتب العاملين فقط. ولفت السناوي إلى خطورة عدم التعامل مع التسريبات المنسوبة لشخصيات سياسية مصرية بارزة، سواء مؤيدة أو معارضة للنظام المصري، مؤكدا أن عدم التعامل الجدي مع هذه التسريبات يجعل كل شيء مستباحًا في الدولة المصرية مهما كانت مكانته أو منصبه.

هل فشل الإعلام الخاص؟

كانت اللحظة الأولى لنظام ما بعد 3 يوليو (الانقلاب العسكرى)، تعمد العسكر فرض السيطرة على الإعلام، حتى تأسست شركة "فالكون جروب" لتفرض نفسها على الساحة الإعلامية بعد الأمنية خلال السنوات الأربعة الأخيرة.

استراتيجيات الهيمنة على الإعلام

ومنذ هذه اللحظة بدأ المجلس العسكري وخيوطه الممتدة في إعداد خطته للسيطرة على الإعلام وترويضه بشتى السبل، عبر العديد من الأذرع والاستراتيجيات المستخدمة، التي نجحت في تحويل منظومة الإعلام من خصم كاشف لكل الانتهاكات والتجاوزات بحق المواطنين إلى بوق يدافع عن سياسات السلطة وتوجهاتها، معتمدًا في ذلك على عدد من الخطوات والمراحل المتتالية:

أولاً: تجنيد رجال أعمال

الاستراتيجية الأولى التي اعتمد عليها النظام الحالي في إحكام قبضته على الإعلام كانت تجنيد عدد من رجال الأعمال لتكريس حكمه والعزف على أوتار التمجيد والإشادة والمديح، بزرعهم في بستان الإعلام عبر شراء بعض القنوات والصحف والمواقع الإخبارية.

ثانيًا: قوانين إحكام السيطرة

الاستراتيجية الثانية لإحكام الهيمنة على منظومة الإعلام في مصر كانت عن طريق إرهاب العاملين في مجال الإعلام وتضييق الخناق عليهم عبر حزمة من القوانين التي صدرت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، أبرزها:

قانون الإرهاب.. الذي جاء في مادته (33): "يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عملية إرهابية، بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن"، ورغم مخالفة هذه المادة للدستور، فإنها دخلت حيز التنفيذ مبكرًا لتصبح مقصلة لكل من يغرد خارج السرب.

ثالثًا: ضباط بدرجة إعلاميين

أما الاستراتيجية الثالثة التي انتهجها النظام لبسط نفوذه الكامل على الإعلام بعد تجنيد رجال أعمال لصالحه وفرض حزمة القوانين والقرارات التي ترهب كل من يفكر أن يغرد منفردًا بعيدًا عن الطريق الذي تم رسمه له، كانت زرع عسكريين سابقين في هذه المنظومة، من خلال إشراكهم ملاكا أو مديرين لبعض الوسائل الإعلامية.

رابعًا: التخلص من المعارضين

الاستراتيجيات الثلاثة السابقة قادت إلى تفعيل الاستراتيجية الرابعة، والتي تهدف إلى إقصاء كل من يثبت في حقه شبهة تراجع عن تأييد النظام الحالي بممارساته كافة، فالنظام لا يقبل بأنصاف الولاء، فإما ولاء كامل أو خروج عن المشهد برمته.

المصدر