نواب الأغلبية بلا مواقف.. وشعارهم "قلبي معك وصوتي مع الحزب"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نواب الأغلبية بلا مواقف.. وشعارهم "قلبي معك وصوتي مع الحزب"


تحقيق- حسونة حماد

2006-19-08

مقدمة

مجلس الشعب المصري

- أغلبية الوطني يتحكم فيها أصحاب المصالح بـ"الريموت كونترول"

- الحزب الحاكم يعمل كمؤسسة حكومية وليس كحزبٍ سياسي

ظاهرة لافتة للنظر شهدها برلمان 2005م، فالحكومة استغلت أغلبيتها داخل مجلس الشعب بشكلٍ غير معهودٍ، وفي الدورات السابقة كان هناك ليونة لدى نواب الأغلبية، وكان بعضهم ينضمُّ إلى رأي المعارضة خاصةً في القوانين الهامة، إلا أنَّ هذه الدورةَ كان وضعها مختلفًا، ولعل ما حدث مع قانوني السلطة القضائية وحبس الصحفيين أكبرُ دليلٍ على ذلك؛ فالأغلبية وقفت ضد أي تعديلٍ قدَّمه نواب المعارضة ولأول مرةٍ في تاريخ البرلمان المصري يصدر قانون دون تغيير حرف واحد فيه، وهو قانون السلطة القضائية، وكاد الأمر يمرُّ بنفس الأسلوب مع قانون الحبس في قضايا النشر لولا التعديل الذي قدَّمه رئيس الجمهورية.

الغريب واللافت للنظر أنَّ نوابَ الأغلبية كأنهم مصابون بانفصام في الشخصية، فهم شاركوا المعارضة في توجيه النقد اللاذع للحكومة في عدة قضايا مثل العبَّارة وأنفلونزا الطيور وغيرها إلا أنهم أيضًا وقفوا حجر عثرة أمام أي قرارٍ طالب نواب المعارضة باتخاذه ضد الحكومة.

وقد أرجع الخبراء هذه الحالة إلى أنه أمرٌ طبيعيٌّ مع مجموعةٍ من النوابِ ينحازون إلى مصالحهم الشخصية والحزبية حتى لو تعارضت مع مصالح الوطن، وقد حدث هذا من قبل عندما أعلن نواب ضد الطوارئ بمجلس الشعب إعداد قائمة تحت مسمي نواب مع الطوارئ.

وقد دفع نواب الأغلبية لتمرير العديد من القوانين التي تتعارض مع المصالح العامة للوطن (مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية والموافقة على مدِّ العمل بقانون الطوارئ وقانون السلطة القضائية الجديد وأخيرًا وليس آخرًا قانون الحبس في قضايا النشر)، كما صوَّتوا على إجراءاتٍ قد تتعارض مع رأيهم الشخصي بزعم أنه التزامٌ حزبيٌّ مثل كوارث السفينة النووية كلمنصو وأنفلونزا الطيور والعبَّارة.. إلخ.

وكان الدكتور حمدي حسن- المتحدث الإعلامي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب- قد تقدَّم بمذكرة أثناء مناقشة مد العمل بقانون الطوارئ قال فيها إنه تردد في كواليس المجلس أن أعضاء الحزب الوطني قد حصلوا من حزبهم على مبالغ مالية وصلت إلى 25 ألف جنيه، وأنَّ هناك خلافًا بينهم حيث حصل بعضهم على 40 ألف وحصل آخرون على 15 ألف كمصاريف انتخابية، وهذا يتطلب من الحزبِ ومسئوليه إيضاحًا أو تكذيبًا واضحًا إبراءً للذمةِ، وإن كان هذا يخصُّ الحزب الوطني ونوابه إلا أنه في رأيي الشخصي يُعتبر في هذا التوقيتِ بالذات تدخلاً من الحزبِ لضمان ولاء أعضائه أثناء التصويتِ لصالح قانون الطوارئ.

ما سبق يجعلنا نطرح سؤالاً مهمًّا: هل نواب الأغلبية ضد مصلحة الوطن؟

الدكتور سيد الصاوي- أستاذ العلوم السياسية- يقول: إنَّ المشكلةَ تكمن في آليةِ صنع القرار السياسي أو التشريعي، وهل يمر بالعملية الاجتماعية السياسية المعقدة التي تشمل بلورة المصالح والتفاوض والضغوط المتبادلة والإقناع والتربيط والاستقرار والتوثيق والاتفاق على رأي موحد آخذًا في الاعتبار مصالح الأطراف المعنية حتى يكون قرارًا ناجحًا ومُعبِّرًا عن هندسةِ القوة في النظام السياسي.

ويصف د. الصاوي تصويت نواب الأغلبية على قوانين قد تتعارض مع مصلحةِ الوطن بأنها تناقضٌ ظاهريٌّ، مشيرًا إلى أنَّ هذه هي اللعبة التي تقوم على تعددِ الأحزاب السياسية، فنواب كل حزبٍ يصوتون لبرنامجِ حزبهم وفي اعتقادهم أنَّ ذلك يُعبِّر عن المصلحةِ الوطنيةِ، وهذا ناتج عن إدراك أن كل حزب يرى المصلحة الوطنية بصورةٍ تختلف عن الآخر، واختتم كلامه قائلاً: "السياسة مواقف".

أغلبية بـ"الريموت"

وقال النائب الوفدي محمد مصطفى شردي: إن هؤلاء أغلبية تتحكم فيها مجموعةٌ صغيرةٌ بريموت كنترول، وأن تصويتهم أحيانًا يكون ضد رأيهم الشخصي وليس ضد مصلحة الوطن فقط، ويتم التصويت لمجرَّد أنه أمرٌ قد صدر بغض النظر عن القانون، ويطلقون على ذلك الالتزام الحزبي.

وأكد شردي أن مصر تدخل في دائرة الفوضى التشريعية، وقال: ما أعرفه أن التشريع يجب أن يكون مطلقًا يُطبَّق في أي وقتٍ ويُصاغ ليصلح لأي وقتٍ ولأي حزبٍ، وأنه لو نظر نواب الأغلبية إلى القوانين التي يصوتون لصالحها لاكتشفوا أن ثلاثة أرباع هذه التشريعات يحتاج معظمها إلى تعديلاتٍ لتتحول إلى تشريعاتٍ نهائيةٍ بدلاً من تشريعاتٍ حزبية.

وأشار شردي إلى أنَّ المعارضةَ انتصرت أكثر من مرةٍ على رأي الأغلبية لعدم وجود ما يكفي من هذه الأغلبية، وعندما تدرك الحكومة والحزب ذلك تُعيد القانون للمداولةِ مرةً أخرى ومناقشته وتصويته من جديدٍ؛ بمعنى أنه عندما تنجح المعارضة ترفض المنصة وحدث ذلك في قانون المباني وتطبيق الإعفاء من رسومِ النقل للدول العربية.

حالة انفصام

في حين يصف النائب المستقل سعد عبود نواب الأغلبية بأنهم يعانون من انفصامٍ في الشخصية؛ حيث يصوتون لصالح الحزب ثم يخرجون ليقولوا لنا: "معلهش" و"غصب عننا"و"الظروف"، وغير ذلك من الكلام الركيك الذي يدل على أنَّ النفسيةَ غير سوية وغير مستقيمة، ولا تُعبِّر عن ممارسةٍ حقيقيةٍ للسياسةِ، فهم يصوتون لصالحِ الباطل في العلنِ ويعترفون بالحقِّ في الخفاء، فهم يعملون بمقولة "قلبي معك وصوتي مع الحزب"، وهي على شاكلةِ مقولة الفرزدق في معركة كربلاء "سيوفهم معك وقلوبهم مع بني أمية"، ودعا عبود الشعب إلى محاسبة هؤلاء النواب في أول انتخابات برلمانية قادمة.

إدارة فاشلة

ويرى الدكتور عمرو الشوبكي- الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام- أنَّ نوابَ الأغلبية فضَّلوا أن يكونوا منفذين بدلاً من أن يكونوا نواب لديهم استقلالية في التعامل مع قضايا الوطن، وأن أداءهم كان أقل من المأمول، مضيفًا أنه رغم وجود بعض المبادرات الفردية لبعض النواب مثل الدكتور حمدي السيد ومن على شاكلته إلا أنَّ غالبيةَ النواب يخضعون لتكليفاتٍ وتوجيهاتٍ معدة سلفًا من خارج البرلمان، "السلطة التنفيذية" تُملي على الأعضاء الذين ينفذونها من أجل الحفاظِ على مصالحهم ومواقعهم داخل الحزب الذي يمتلك ذهب المعز وسيفه وسلطة الترغيب والترهيب على نواب الحزب.

وأكد الشوبكي أنَّ هذه المشكلة سوف تستمر طويلاً طالما ظل الحزب يُدار كمؤسسةٍ حكوميةٍ وليس كحزبٍ سياسي، وطالما ظلَّ الحزبُ يعتمد على أجهزة الدولة.

المصدر