مَن قتل "أحمد ياسين"؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مَن قتل "أحمد ياسين

بقلم الدكتور "حمزة زوبع"

من قتل أحمد ياسين.jpg

انتابني شعوران متباينان، وأنا أرقب ورود الخبر على شاشة التلفزيون في صبيحة يوم الإثنين الأول من صفر لعام 1425 هجرية، الموافق الثاني والعشرين من مارس لعام 2004 ميلادية، هل أبكي عزاءً أم أفرح ابتهاجًا.

هل أعزي الأمة في فقيدها البطل المجاهد، أم أهنئه- رحمه الله- وأهله بالفوز بالجنة ومقعد صدق عند مليك مقتدر بمشيئة الله، كما وعد الله في كتابه الكريم، وكما تمنى هو على الله فاستجاب له مولاه؟

شعور ثالث أتعبني وأنا أقود سيارتي متجهًا إلى عملي تكاد تغلق الدموع عيناي، وأنا استمع إلى "محمود الزهار" وهو يصرُّ على المضي قدمًا على درب شيخ المجاهدين، قائلاً: لقد علمنا أن هذه الدعوة ليست لأفراد؛ بل هي للأمة بأسرها، وهي إن كان قومها الأفراد فإنها باقية ببقاء كل مؤمن بالله- عز وجل- ومؤمن بحقنا في الحياة أحرارًا، أتعبتني كلمات "الزهار" وأيقظتني وعلمتني.. وسألت نفسي وماذا بعد العلم؟

مات الشيخ المعلم الذي أحيا القضية بعد أن أماتها الثوار.. مات الشيخ القعيد الذي حرك الأمة التي ظن الناس أنها قد ماتت.. مات الرجل الكبير الذي أحيا الله به الجهاد.. هل تذكرون هذه الكلمة- الجهاد- أم أننا نسيناها ضمن أشياء كثيرة نسيناها أو أنسيناها لا أدري؟

مات البطل الذي ما ساوم يومًا وهو يعلم أنه يمكن أن يباع في لحظة، يكفي أن يقوم أحدهم ممن باعوا ضمائرهم بإعطاء العدو معلومة بسيطة مقابل دراهم معدودة؛ لكنه رغم علمه كان يعلن أن الفلسطينيين جميعًا مشاريع شهادة فنالها عقب صلاة الفجر، وكأن الله اختاره في هذا الوقت بالذات؛ ليغيظ الكفار، ويجعل ذكره مرتبطًا بالإسلام وموته مرتبطًا بالصلاة.

مات الرجل الذي كان يرى للناظرين كبقايا رجل- مشلول- لكنه متحرك قعيد، ولكنه يسعى على كرسيه؛ لكنه كان يطير بالقلوب، كبير في السن؛ لكنه صنع أجيالاً شابة.

كم زعيم مثل "أحمد ياسين" يملك بإشارة واحدة قلوب الملايين، ومع ذلك فهو يأبى أن يكون في حرس وتشريفة؟ يحبه الناس؛ ولكنه لم يرد منهم لنفسه شيئًا؛ بل لدينه ووطنه.

زعيم كان ولكنه لم يكن متوجًا كتتويج بعضهم في عالمنا العربي.. قائد سياسي ذو فكر عسكري تعلمه في الميدان، وليس كبعضهم ممن يحملون عشرات النياشين، وغريب الأسماء والألقاب، وهم لا يعلمون من فنون الحرب سوى الشجب والإدانة!

استشهد الرجل كما تمنى.. رحل وتركنا نتخبط في واقعنا.. من قتلكَ يا شهيد؟! ليس الكيان الصهيوني ولا "شارون" ولا حتى "بوش" هل قتله المسئولون العرب بخبثهم وخيانتهم وضعفهم وبخلهم وشحهم ومبادراتهم العديدة التي أنقذت "شارون" مرات عدة؟

هل قتلناه نحن حين لم نبادر ولم نتحرك حتى التبرع لطفل فلسطيني كان الشيخ المجاهد حريص على ألا يجوع الطفل وعند العرب أموال كأموال "قارون"...؟

قتلناه حين أسلمناه وأخوته للعدو وحين رضينا بالحياة الدنيا من الآخرة وحين قعدنا وبكينا؛ ولكننا لم نقدم لهم شيئًا؟

سامحنا يا شيخنا فقد قست قلوبنا.. وتحجرت عواطفنا وشلت أطرافنا.. وبخلت نفوسنا.. ولعل في موتك حياة لنا.. ولكن أي حياة.. رحمة الله على الشهيد البطل، وعلى شهداء الأمة ممن ماتوا أو من ينتظروا وما بدلوا تبديلاً.