من يراقب صندوق السيسي؟ مليارات لا يعرف المصريون من أين جاءت وفيم أنفقت

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
من يراقب صندوق السيسي؟ مليارات لا يعرف المصريون من أين جاءت وفيم أنفقت


من يراقب صندوق السيسي؟.jpg

كتبه: رانيا قناوي

(05 يناير 2018)

مقدمة

كشف تقرير صحفي فساد صندوق "تحيا مصر" الذي أنشأه عبد الفتاح السيسي منذ 3 أعوام ونصف تقريبًا، وتحديدًا في 24 يونيو 2014، لدعم ما وصفها بـ"المشروعات القومية" بتبرعات الغلابة، بعد أن زعم تنازله عن نصف راتبه البالغ 42 ألف جنيه شهريًا ونصف ثروته المالية، من دون أن يحدد حجمها، ليجبر المصريين على التبرع بعد فتح حساب للصندوق بالبنك المركزي، بدءاً من حملات الرسائل النصية وحتى إجبار الطلاب والموظفين في بعض المحافظات على التبرع للصندوق.

وقال التقرير المنشور على صحيفة "العربي الجديد" اليوم الجمعة:

إنه وطوال الفترة الماضية، لم تعلن الدولة عن طريقة إدارة الصندوق بشفافية كاملة، فهناك مجلس شرفي للأمناء يضم رئيس الوزراء وشيخ الأزهر وبابا الأقباط الأرثوذكس ومحافظ البنك المركزي ووزراء المالية والتخطيط والاستثمار والتجارة والعدل ومفتي الجمهورية السابق علي جمعة ومساعد وزير الدفاع محمد أمين نصر، ومحمد الأمين مؤسس مجموعة إعلام المستقبل ونجيب ساويرس. أما المدير التنفيذي للصندوق فهو المصرفي محمد حمدان عشماوي؛ الذي أعلن منذ أيام أن حصيلة الصندوق حتى الآن تقترب من 10 مليارات جنيه.

وكشف التقرير أن الأرقام التي أعلنها عشماوي تبدو غير منطقية قياسًا على الأرقام الضخمة التي أعلنت الشركات الخاصة والجهات الحكومية الكبرى التبرع بها للصندوق حتى قبل إنشائه، إذ تبرعت عائلة ساويرس بثلاثة مليارات جنيه، ومجموعة محمد الأمين بمليار و200 مليون جنيه، والجيش بمليار جنيه، ومجموعة عامر للاستثمارات السياحية بنصف مليار جنيه، ورجل الأعمال محمد أبو العينين بربع مليار جنيه، ورجل الأعمال أحمد أبو هشيمة بمبلغ 100 مليون جنيه، إلى جانب حصيلة تبرعات البنوك المصرية وشركات التأمين المحلية والأجنبية.

مستحيل معرفة الأرقام

وأوضح أنه من المستحيل الآن معرفة مدى دقة هذه الأرقام أو أوجه إنفاق أموال الصندوق، سواء على المشاريع أو الرواتب، أو حصيلة استثمار أمواله الحالية؛ نظرًا لعدم وجود أي وسيلة رقابية حقيقية على أموال الصندوق، بموجب قانون أصدره السيسي في يوليو 2015، في الوقت الذي منع السيسي الجهاز المركزي للمحاسبات بعدم مباشرة أي دور رقابي على أموال وأنشطة صندوق "تحيا مصر" سواء على المستوى المحاسبي أو القانوني.

في 13 نوفمبر 2014 أصدر السيسي في غياب البرلمان قانونًا حمل الرقم 139 لسنة 2014 بإنشاء الصندوق، ليكتسب الصفة الاعتبارية كجهاز حكومي تابع لرئيس الوزراء، بعد نجاحه في اجتذاب مليارات الجنيهات. ونصّت المادة الثامنة من ذلك القانون، الذي أعد وأصدر على عجالة، على اعتبار أموال الصندوق "أموالاً عامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات"، أي أن الاستيلاء عليها يُعتبر استيلاءً على مال الدولة، كما نصت المادة ذاتها على أن "يتولى الجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة ومراقبة حسابات الصندوق وإعداد تقرير ربع سنوي يعرض على رئيس الجمهورية".

ويبدو أن الجهاز المركزي للمحاسبات في عهد رئيسه هشام جنينة تعاملوا "بجدية أكثر من اللازم"، إذ أرسلوا إلى رئاسة الوزراء خطابًا في 31 ديسمبر 2014 يطالبونها ببيان رسمي بكل موارد الصندوق في الداخل والخارج.

لكن رئيس الوزراء ومساعديه الإداريين تجاهلوا الرد تمامًا، واستمر الجهاز المركزي برئاسة جنينة يحاول طرق الأبواب لمباشرة دوره الرقابي، فبلغته المعلومات بأن هيئة الشئون المالية للجيش والتابعة لوزير الدفاع هي التي تقوم بأعمال المحاسبة والإشراف على تلقي التمويل والإنفاق، فتوجه فريق من موظفي الجهاز إلى هيئة الجيش المالية في 18 مايو 2015 (أي بعد 6 أشهر من صدور القانون ومرور موعدين للتقرير ربع السنوي) لفحص أعمال الصندوق، لكنهم لم يمكنوا من الاطلاع على أي مستند.

طرد "الجهاز المركزي"

وقال مصدر محاسبي:

إن "وفد الجهاز الذي تحرك بأوامر من جنينة تعرض لما يشبه الطرد من مقر هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، وحاول جنينة التواصل مع السيسي عبر مدير مكتبه عباس كامل، إلا أنه لم يتلق أي رد بشأن ما حدث، فقال إنه سيتقدم بتقرير رسمي للرئاسة".

ورجّح المصدر أن يكون هذا الموقف هو "القشة" التي أنهت كل فرص التعايش بين السيسي وجنينة، فبعد أيام قليلة كلف السيسي الحكومة بإعداد مشروع قانون جديد لإنشاء صندوق "تحيا مصر" وإلغاء القانون الصادر قبل أشهر معدودة، وكان الهدف الرئيسي واضحًا أن يتم إلغاء أي دور رقابي للجهاز المركزي للمحاسبات، وتوسيع صلاحيات الصندوق للتصرف في أمواله من دون التقيد بالتشريعات الحاكمة للمال العام.

وبذلك تم إبعاد الجهاز المركزي تمامًا عن مباشرة الدور الرقابي على الصندوق، وأصبحت المستندات الوحيدة التي يجوز له الاطلاع عليها هي ما يصدره مكتب مراقب الحسابات من قوائم مالية بعد اعتمادها؛ ما يعني أن الأعمال نفسها تظل بعيدة عن رقابة الجهاز المقررة دستوريًا.

ولم يعلن صندوق "تحيا مصر" منذ إعادة تشكيل إدارته هوية مراقب الحسابات الذي تم التعاقد معه، كما لم ينشر أي قوائم مالية، بل إن مسئولين في البنك المركزي اعتبروا في تصريحات صحفية المعاملات المالية للصندوق "سرية"، إلى أن تم تعيين ضابط الجيش اللواء أكرم النشار مديرًا ماليًا للصندوق، لترتفع درجة سرية أنشطة الصندوق، في ظل انعدام الرقابة الرسمية عليها.

المصدر