مناظرة عامة حول برنامج الحزب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مناظرة عامة حول برنامج الحزب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر

تقديم: إل. أزوري


مقدمة

صرح المرشد العام للإخوان المسلمين مهدي عاكف في يناير 2007 أن الإخوان سيطرحون أول برنامج سياسي لهم منذ ظهورهم.

ومنذ ذلك الحين لم يتم الإعلان عن البرنامج الرسمي للسياسة،غير بعض المسودات التي أرسلتها الجماعة إلي حوالي 50 مثقفا مصريا لإعادة النظر فيها، وتسربت بعد ذلك إلي الإعلام.

بداية؛ تقترح المسودة المؤلفة من 108 صفحة إعادة إنشاء مجلس أعلي لعلماء الدين، يصغي إليه الرئيس والفئة المشرعة في قضايا الشريعة الإسلامية.

ثانيا؛ تصرح المسودة أن النساء وغير المسلمين لا يتولون منصب الرئيس في مصر .

ثالثا؛ تنص علي إعادة النظر في المعاهدات الدولية التي وقعتها الحكومات السابقة ــ وخاصة معاهدة 1979 بين مصر وإسرائيل ــ وعرضها للاستفتاء العام.

وأغلب الانتقادات التي وجهت إلي البرنامج من قبل الإعلام الحكومي وغير الحكومي، أنه لا يعدو استنساخ للنظام الإيراني في مصر . أما عبارة المجلس الأعلي لعلماء الدين فقد صنفت كمحاولة لجعل التشريع في أيدي رجال الدين ورفع يد البرلمان عنه.

وبخصوص عدم تولي المرأة أو القبطي منصب الرئاسة فقد اعتبر تصرفا عنصريا.وعن إعادة النظر في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 فتعد خطوة تسيء بسمعة مصر ،وربما تعرضها للعقوبات الدولية.

وقد انتقد البرنامج كلا من الدكتور عصام العريان رئيس المكتب السياسي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد،اللذان رفضا عبارات الدولة الدينية ومعاهدة السلام مع إسرائيل .

كما انتقد كلا من الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة في تونس وكذلك المرشد العام للإخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني العبارات التي تشير إلي تكوين مجلس أعلي لرجال الدين وأووضاع كلا من المرأة والأقباط وطالبا بتعديلهما.

وقد وعد قادة الإخوان في مصر ،ومن بينهم المرشد العام محمد مهدي عاكف، ونائبه الأول محمد حبيب، وأمين عام الحركة محمد عزت، بأعادة النظر فيما طرحه المثقفون قبل إصدار النسخة النهائية من البرنامج. ويبدوا أن الإخوان مصرون علي هذه العبارات المثيرة للجدل، بالرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية.

وفي ردهم علي هذا الانتقاد، صرحوا بأن المجلس الأعلي للعلماء ليس سوي مجلسا استشاريا فقط، يهدف إلي تأمين تنفيذ الشريعة كما ينص عليها الدستور. وصرحوا أن العبارة المتعلقة بالرئاسة كانت علي أساس الدين ولذلك يمكنها أن تبقي كما هي. كما أن القانون الدولي يتيح الاستفتاء حول معاهدة السلام مع إسرائيل .

وقد أجل نشر البرنامج الرسمي لحين تلقي تعليقات إعادة النظر ولعدم الاتفاق داخل الحركة حول بعض العبارات والسؤال حول متي يصرح بإنشاء حزب للإخوان المسلمين .

ويمكن أن يكون السبب في تأجيل نشرها هو موجة الاعتقالات الي طالت مسئولين بارزين في الجماعة، ومنهم محمود غزلان رئيس لجنة البرنامج.

كما منعت السلطات الإفطار السنوي للجماعة في شهر رمضان،حيث كان متوقعا أن تعلن عنه الجماعة رسميا.

وصرح المرشد العام للجماعة أنه سيتم إصدار النسخة النهائية للبرنامج بعد استلام التعليقات والتعامل معها.

وسوف يعيد هذا التقرير النظر حول قضايا البرنامج المثيرة للجدل،والانتقادات التي وجهت للجماعة في أعمدة الجرائد وأعضاء الجماعة بالداخل والخارج،وردود الجماعة علي هذا النقد.

العبارات المثيرة للجدل في نص البرنامج

وقد نشر نص البرنامج في 25 أغسطس 2007، علي الموقع إسلام أون لاين www.islamonline.net ، ويضم ستة أجزاء: مقدمة، وخمسة أقسام :

  1. مبادئ الجماعة.
  2. الدولة والنظام السياسي.
  3. التعليم والتنمية وسياسة الاقتصاد.
  4. المساواة الاجتماعية.
  5. إحياء الثقافة ... وما سيأتي بعد ذلك هو نظرة عامة للعبارات المثيرة للجدل في البرنامج.

استشارة الرئيس والمجلس التشريعي لمجلس كبار العلماء

إن الشخصية الدينية في الدولة هي قضية كبيرة داخل البرنامج. ومن نص البرنامج:" نقدم خطة إصلاح لجميع القطاعات بالتوافق مع الدستور ومبدأ حرية التعبير والرأي والاعتقاد، وبالتوافق مع المادة الثانية من الدستور، بأن الإسلام هو الديانة الرسمية للدولة وأن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع....(ص 15).

إن الدولة الإسلامية بطبيعتها دولة مدنية، فالتعيين في المكاتب العامة يكون علي أساس الكفاءة والخبرة والمهارة، بينما المناصب السياسية تكون بانتخاب الناس....(ص 14) "

كما يذكر النص أيضا:" سيتم تنفيذ الشريعة بالتوافق مع رغبة الأمة من خلال أغلبية البرلمان المنتخبة بحرية ونزاهة وشفافية.

ويجب أن يقوم المجلس التشريعي باستشارة المجلس الأعلي لعلماء الأمة،الذين يتم انتخابهم بحرية من قبل علماء الأزهر مباشرة، وسوف يكون مستقلا بشكل تام عن القطاع التنفيذي من الناحية التنفيذية والمالية والإدارية.

وسوف يتم مساعدته من قبل لجان محايدة موثوق بها ومستشارين علي قدر من العلم والخبرة تشمل العلوم الدنيوية.

كما أن واجب المشورة سيتم تطبيقه علي الرئيس عند رغبته في تنفيذ قرارات تتعلق بالقانون في غياب المجلس التشريعي. وفي مثل هذه الأحوال، فإن قرار المجلس الأعلي للعلماء سيكون نهائيا وخادما لمصالح العامة.

أما في حال الأسئلة المثيرة للجدل وغير الواضحة والتي لها علاقة بأحكام الشريعة ولها ارتباط مباشر بنص من القرآن أو السنة فإن القرار الأخير يكون للهيئة التشريعية.

ومثل هذه القرارات إذا دعمت من قبل الأغلبية المطلقة للهيئة التشريعية فسوف تكون شرعية حتي لو تعارضت مع آراء المجلس الأعلي للعلماء. وفي مثل هذه الحالات، فقبل أن تصدر الهيئة التشريعية قرارها النهائي يجب أن ترجع إلي المجلس الأعلي للعلماء.

" كما نص القانون علي المعايير المطلوبة في العلماء والأسس التي يتم بها انتخاب أعضاء المجلس الأعلي للعلماء....(ص 10)"


منع غير المسلمين من تولي الرئاسة

أما العبارة الأخري التي أثارت النقد تدور حول كيفية التعامل مع غير المسلمين من المصرييين. يذكر النص:" تؤكد الدولة علي مبدأ المواطنة.

فمصر هي بلد كل من يحمل جنسيتها، ممن لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وفقا لمبادئ المساواة....(ص 12).

أما مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص فهي ضرورية لتحقيق العدالة وتعميق الشعور بالانتماء للوطن؛ ويمكن لهذا أن يتم من خلال منع التمييز في الحقوق والواجبات علي أساس الدين أو العرق أو الجنس، وإتاحة الفرصة لجميع المواطنين للتعبير عن آرائهم.

وكذلك يجب التقرب من المنظمات السياسية للانضمام لهذه المنظمات والانتقال بحرية من واحدة لأخري....(ص 23).

ومن ناحية أخري، تضمن النص ما يلي: "هناك مكاتب دينية أساسية في البلاد؛ تقوم علي حماية الدين. ويجب أن تحمي الدولة الإسلامية المواطنين غير المسلمين فيما يتعلق بحرية الدين وإقامة الشعائر وغير ذلك.

وفي نفس الوقت، يجب أن يصان الإسلام وجميع ما يتعلق به، ويضمن أن لا تكون هناك صيحة شعائر أو معارضة للنشاطات الإسلامية.

وهذه المكاتب الدينية تكون مستقلة عن النظام السياسي للرئيس أو رئيس الوزراء. ومع ذلك، فإننا نؤمن بأن واجب الرئيس أو رئيس الوزراء ــ المعتمد علي النظام السياسي ــ يتعارض ما يعتقده غير المسلمون.

ولذلك، أعفي غير المسلمين من هذا المنصب، بناء علي طلب الشريعة التي لا تلزم غير المسلمين علي أداء مهام تتعارض مع ما يؤمنون به....(ص 15)"


دور الرئيس لا يناسب طبيعة المرأة

ووفقا لنص البرنامج، فإن المرأة قد حرمت حق الرئاسة أيضا. وينص الملف علي أن الطرق التي تحقق المساواة وتكافؤ الفرص هي منح المرأة جميع حقوقها بشكل لا يخل بالقيم الأساسية للمجتمع.(ص 23)

وفي تصريحات أخري:" تمثل المرأة نصف المجتمع وهي المكملة للأسرة، بكونها زوجة وأما وربة منزل. وقد تعامل الإسلام مع المرأة علي أنها أختا للرجل دائما.

وبالنسبة لدور المرأة في التوظيف فقد أتاحه الإسلام بشرط ألا يتعارض مع مهامها في بيتها، مع أطفالها لتقوية الوحدة الأساسية في المجتمع (الأسرة).

إن رؤيتنا العالمية قائمة علي المساواة التامة بين الرجل والمرأة، والتأكيد في نفس الوقت علي أهمية التمييز بين أدوارهما الاجتماعية والإنسانية، بلا تداخل بينهما في الأدوار.

فدور المرأة داخل الأسرة رئيسي لمسئوليتها عن تعليم الجيل الجديد وضمان أن الأسرة المصرية العربية المسلمة ما زالت تحافظ علي ثقافتها وتخدم كوحدة اجتماعية أساسية. فإحياء أمتنا يعتمد علي إعادة وحدة الأسرة.

ولذلك، فنحن ندرك الأهمية القصوي لأدوار المرأة في توازن المجتمع، ومنها تعزيز دورها داخل الأسرة والحياة العامة. ولذلك لا يجب أن تتحمل المرأة التزامات تتعارض مع طبيعة المرأة ودورها داخل الأسرة.

كما نعلم أن المكاتب التي تعمل بها المرأة يجمع عليها المجتمع الذي تسيطر عليه الثقافة الإسلامية. أما التناظر فحول العديد من الوظائف والمسئوليات، مثل القضاء، فيجب أن يكون هذا جزء من الحوار الاجتماعي والديني بهدف الإجماع المجتمعي؛وبذلك يكون للرجل والمرأة فرصة المشاركة في عملية صناعة القرار.

ومن ناحيتنا، فنؤمن أن مهام الرئاسة لا يجب أن تقع علي عاتق المرأة، لأن هذا يتعارض مع طبيعتها وباقي أدوارها الاجتماعية والإنسانية....(ص103)


إعادة النظر في معاهدة السلام مع إسرائيل

هناك أمر آخر مثير للجدل في البرنامج، يتعلق باحترام التصديق علي معاهدات السلام مع إسرائيل .

ويذكر الملف:" نحترم القوانين غير المكتوبة والمعاهدات، والاتفاقات الدولية وكذلك جميع الاتفاقات التي تنادي بالتعاون بين الشعوب لتحقيق العدالة والمساواة....(ص 7)

نتبني مبدأ احترام المعاهدات الدولية والاتفاقات التي تضمن استمرارا العلاقات بين الدول وتوجد إطارا شرعيا لتسوية النزاعات بين مختلف الأطراف.

ويعرض القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ضمانا لتوسيع الالتزام من جميع الأطراف. وفي نفس الوقت، يجب دعم السبل من أجل شعور جميع الأطراف بعدم ممارسة التمييز ضدها، أو تجاهل أوضاعها الأمنية. ويعد تعديل الاتفاقيات الثنائية والمعاهدات مقبولا في العلاقات الدولية....(ص 29)"


علي السياح القادمون لمصر مراعاة الشريعة

وتثير الفقرة المتعلقة بالسياح في مصر الجدل كذلك؛ فهي تنص علي:" تشمل خدمات السياحة كلا من السياحة الدينية والسياحة العلمية وحضور المؤتمرات والسياحة من أجل العلاج والسياحة التجارية وكذلك السياحة من أجل الترفيه.

كما أن أي نشاطات تتعلق بهذه المفاهيم يجب أن تكون وفقا للمبادئ والقيم والقوانين الإسلامية. كما يجب أن يوطن السائح نفسه وفق حدود الإسلام ولا يقوم بمخالفتها طوال بقائه في مصر .وكدولة إسلامية يجب أن تتمسك مصر بالقيم الإسلامية.

ولا تمنع الشريعة غير المسلم من فعل المحرمات بشرط ألا تكون علي الملأ، وهذا ما نريد أن نطبقه مع السياح....(ص 57)"

كما وبخت هذه الفقرة شركات السياحة، والتي ادعت أن الإخوان المسلمين يهدفون لتخريب اقتصاد مصر .

وقال أحد مديرو هذه الشركات في الرد علي باقي النص:" هل يعقل أن نطالب السياح في بلادنا بالالتزام بمطالب برنامج الإخوان المسلمين ؟ ألا يحثنا الإسلام علي احترام الأديان الأخري كما قال القرآن الكريم << لكم دينكم ولي دين>>؟ كيف لنا أن نفرض مفاهيم ديننا ومبادئه عليهم؟ كما أن لكل فرد حرية اختيار ما يؤمن به، فإذا طبق برنامج الإخوان فسوف يسبب خسارات بالغة وأذي للسياحة في مصر . فالسائح يسافر للاستمتاع بحرية، وليس من الحكمة أن نقيد حريته.


نقد نص البرنامج

كتاب أعمدة في الصحافة المصرية: البرنامج يدافع عن الديكتاتورية الإيرانية

انتقد كتاب العمود في الصحف المصرية-حكومية وغير حكومية-نص البرنامج الحزبي للإخوان.

وبناء علي طلب الإخوان المسلمين كتب د/ عبد المنعم سعيد ( مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية)في مقال له لجريدة الشرق الأوسط اللندنية:

"أما آخر خيبات الأمل فقد جاءت مع برنامج جماعة الإخوان المسلمين الذي مزق إربا كل المفاهيم المتعلقة بالدولة المدنية التي كان يتحدث عنها ممثلو الجماعة، ثم بعد ذلك وبلا مواربة أقاموا مكانها دولة دينية صريحة."

"ورغم أن البرنامج يقول بوضوح ان «الدولة الإسلامية هي دولة مدنية بالضرورة» (ص14) فإنه يعرف هذه الدولة المدنية بأنها تلك الدولة التي تكون الوظائف فيها على أساس «الكفاءة والخبرة الفنية المتخصصة والأدوار السياسية يقوم بها مواطنون منتخبون، تحقيقا للإرادة الشعبية الحقيقية، والشعب مصدر السلطات».

ولكن هذا النص لا يمكن فهمه في برنامج الإخوان إلا على ضوء ما سبقه (ص 11ـ12) من أن الدستور ليس هو أساس أو مصدر التشريع وإنما الشريعة الإسلامية التى تصبح وظيفة الهيئات المنتخبة ـ المعبرة عن الشعب مصدر السلطات ـ مجرد تفسيرها، أي تنتفي الوظيفة التشريعية للمجالس النيابية وتحل محلها وظيفة الفتوى."

وكتب سعيد عن المجلس الاعلي للعلماء:"إنها هيئة دينية تستغلها السلطات العليا في صنع القرارات، وإن كان في الأمور الشائكة.

ويعد هذا المجلس متناقضا مع مبدأ المساواة الذي هو قلب الدولة المدنية، فلا ينتخب أعضاءه من بين الأغلبية.

ومن البديهي أن أعضاء الأديان الأخري قد تم إقصاءهم منذ أن تم منحهم حق ممارسة شعائرهم فقط والمشاركة في العملية السياسية بشكل محدود للغاية.

كما يرسم برنامج الإخوان نهاية مفهوم الدولة المدنية بشكل أساسي، مستبدلة إياها بدولة دينية (ثيوقراطية)؛ تمنع غير المسلمين من تولي المناصب العامة، كما تحرمهم حق الدفاع عن وطنهم؛ وبالتالي يمهد ذلك الطريق إلي الجزية."

" إن كل ما ذكر يمثل وثبة كبيرة نحو الماضي في أيديولوجية الإخوان المسلمين ، والتي جربت في السنوات القليلة الماضية وأقنعتنا بأنهم يتبنون المساواة كمبدأ أساسي، وبأن الديمقراطية أصبحت اتجاههم الرسمي، بحيث أن النظام الذي يريدون إقامته قائم علي فكرة الدولة المدنية، وتقوم سياستهم علي مفهوم المواطنة بالمفهوم السياسي العام والحديث."

وعبر عمر الشوبكي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية والذي تسلم نسخة من نص البرنامج من الجماعة، عن نقده في الصفحتين المتواجهتين في منتصف جريدة المصري اليوم المصر ية المعارضة. وكتب:" أذهلني البرنامج وأذهل عددا ممن تسلموا نسخة منه.

إنه أسوأ برنامج في تاريخ الجماعة مقارنة ببرامج الانتخابات المتعددة، وخاصة برنامج انتخابات 2005. ويبدوا جليا لكل شخص يقرأ البرنامج من خارج الجماعة أن أكثر من شخص قد شارك في صياغته، أو بمعني أدق شاركت فيه العديد من وجهات النظر."

وانتقد الشوبكي فكرة إعادة إنشاء المجلس الأعلي للعلماء:" إن اقتراح إنشاء هيئة دينية لمراقبة التشريع ومجلس الشعب والرئيس إنما هو خلل بين في برنامج الإخوان.

كما أنها تضع حجر الأساس لإقامة دولة دينية لا تتعارض فقط مع الأسلوب المدني في مصر بل مع التراث المدني الذي سعت إليه جماعة الإخوان في الربع الأخير من القرن.

كما تتعارض كذلك مع الدور الفعال الذي تلعبه الجماعة في الحياة السياسية والبرلمان واتحادات العمال. وبذلك نعود مرة أخري لمناقشة فكرة الدولة الدينية بصراحة حيث يتدخل المجلس الأعلي للعلماء في التشريع."

"ومن الواضح من خلال البرنامج أن الإخوان المسلمين ليست جماعة سياسية بقدر ما هي جماعة دينية. وهذه المشكلة الكبيرة التي نوقشت لأعوام، وهي مشكلة الحاجة للفصل بين الجماعة الدينية والحزب السياسي يمكن حلها من خلال الإصلاح داخل جماعة الإخوان المسلمين .

وبما أن النظام السياسي لن يشجع تحول الإخوان المسلمين لحزب سياسي، بل ومعاقبتها إن حاولت فعل ذلك؛ فإننا بذلك سنقع في مستنقع الجماعة الدينية التي لن تقبل أبدا بالتغير في مذهبها ومنظورها السياسي؛ لأنها تطالبهم بالمحافظة علي وحدتها وتضامنها."

كما انتقد محمد علي ابراهيم، رئيس تحرير جريدة الجمهورية المصرية وعضو مجلس الشوري، العديد من فقرات البرنامج بشدة. وكتب في عموده اليومي:" لم يحقق الشيخ مهدي عاكف أي جديد ببرنامجه، بل أنه أراد خلق جو من الاضطراب.

كما أن البرنامج ليس إلا صورة من برنامج الحزب الوطني الديمقراطي، ومحاولة لإعادة صياغة بعض الفقرات داخل الدستور المصري، والتي لم يدركها الشيخ مهدي وحاول أن يلغيها أيضا."

وفي برنامجه عرض عاكف أن تعرض كامب ديفيد علي الاستفتاء، مستغلا بذلك عدم الرضا والغضب من قبل المصر يين جراء الحماقة الإسرائلية والدعم الأمريكي المستمر لإسرائيل ومحاولات تل أبيب المستمرة لإجهاض عملية السلام.

ولكن مهدي عاكف ببرنامجه وجماعته المحظورة لا يدركون مقتضيات الانسحاب المصري من اتفاقية دولية، ولا يهتمون بفقد مصر لمصداقيتها في عيون بقية دول العالم وستخضع للعقوبات السياسية والاقتصادية.

والفكرة الأكثر شناعة والتي اقترحها الإخوان في برنامجهم هي سلطة الهيئة الدينية علي الرئيس. وستعمل هذه الهيئة عمل محاكم التفتيش وستحاول عمل رقابة علي سرائر الناس والحكم عليهم من أفكارهم.

هل رأيت أسوأ من هذا النوع من الديكتاتورية الدينية؟ إنها تشبه النظام الإيراني حيث يتولي رئيس المجلس الأعلي للعلماء الرقابة علي السلطة والرئيس ورئيس مجلس الشعب وهكذا.

لن تصبح مصر إيرانا أخري. ولن يفقد الرئيس المصري الأمل أبدا في مواجهة حركة التشدد الديني تلك والتي تريد أن تسخر الدولة لخدمة تطلعاتها.

أزمة داخل الإخوان المسلمين

وقد ظهر عدم الاتفاق داخل الإخوان المسلمين أنفسهم خلال صياغة البرنامج وبعد نشر النقد ضده، وبإعادة النظر في الفقرات المثيرة للجدل وكذلك أكثر الأسئلة إثارة حول إعلان تشكيل حزب سياسي أو نشر البرنامج.

ووفقا لما جاء في مجلة آخر ساعة الأسبوعية المصر ية، فإن البرنامج يعكس رؤي كلا من د/ محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام و د/ محمود عزت أمين عام الجماعة، والتي تختلف مع كلا من د/ عصام العريان رئيس المكتب السياسي و د/ عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد.

وقد نشر الأخير مقالا في أحد مواقع الإخوان ينتقد فيه البرنامج، غير أن المقال قد سحب علي الفور من الموقع.


أمين عام الإخوان المسلمين : " لا يتضمن البرنامج إمامة الفقيه"

ومن الفقرات التي سببت جدلا خلال صياغة البرنامج، تلك التي تتعلق بالمجلس الأعلي للعلماء. وقد أدلي الدكتور عصام العريان رئيس المكتب السياسي بتحفظاته حول هذه الفقرة، واصفا إياها بأنها نقطة سلبية تصرف الانتباه بعيدا عن الفقرات الأخري للبرنامج.

وقال أيضا أن الواجبات التي خصصها البرنامج للمجلس ليست واجبات رجال الدين كما ذكرتها السنة. وطالب العريان بإعادة صياغة الفقرة، كما اقترح إلحاقها ببند الهيئات الدينية وتنميةالأزهر بحيث لا توجد أي اختلاف داخل الجماعة.

وقال الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام، أن الخطأ يقع علي صياغة هذه الفقرة، وأن مجلس العلماء ليس إلا هيئة استشارية كما أن قراراتها ليست جبرية:

" نعني أن هذا المجلس يمكن أن ينضم إلي الأزهر أو أي هيئة تابعة له. كما أننا لا نعني بذلك السيطرة والهيمنة أو الرقابة علي فرض القرارات علي أي هيئة مهما كانت. كما نعرف أن مجلس الشعب له السلطة الأخيرة في الأمور التشريعية.

وقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد أن هذه الفقرة لم يتم كتابتها بعناية ولم يكن هذا هو المقصود منها.

وقال شارحا:" نحن ننادي بإعادة إنشاء مجلس أعلي للعلماء والذي كان تابعا للأزهر. إضافة إلا انه سوف يقوم بتقديم المشورة للمحكمة الدستورية ومجلسي الشعب والشوري في المسائل المتعلقة بالدين. وبهذا سوف يكون مجلسا استشاريا لا يفرض قرارات.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور محمود عزت أمين عام الجماعة في مقابلة له مع موقع الإخوان المسلمين علي الإنترنت:

"لا يمثل المجلس الأعلي للعلماء أكثر من كونة هيئة استشارية للجهة التشريعية وللرئيس ومساعدتهما في تنفيذ الدستور المصر ي." وأضاف قائلا:" إن مبدأ النظام الإيراني في إمامة الفقيه لم يكن في أجندة الإخوان المسلمين أو في السنة علي وجه العموم."

و في ضوء هذا النقد المثار، أكد الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد أن الإخوان المسلمين سوف يستبعدوا هذه الفقرة من النص النهائي للبرنامج. وأوضح أن إنشاء مثل هذا المجلس لم تتبناه المصادر الدينية وهو ما يجعل العدول عنه وتغييره أكثر سهولة.

رئيس المكتب السياسي للإخوان المسلمين :" لن يكون هناك رئيس مسيحي للبلاد؛ ولن تتولي أمورنا امرأة" أثارت الفقرة المتعلقة بتولي الرئاسة جدلا داخل الجماعة ورفض الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح هذه الفقرة بقوله أن للأقباط والنساء أن يتولوا الرئاسة.

وصرح في مقابلة له مع www.islamonline.com  :" ليس هناك ما يمنع تولي القبطي أو المرأة للرئاسة إذا ما كانت رغبة الشعب واختياره. نحن لا نمنع أي مواطن من الرئاسة إذا ما توفرت فيه الشروط الدستورية، فكل المواطنون سواء في الحقوق والواجبات، ونحن نحترم اختيار الشعب..."

" كان من الخطأ صياغة مثل هذه الفقرة في البرنامج. فبالاستماع إلي الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين وواحد من قادة الإخوان المسلمين في الخارج، وكذلك الدكتور أحمد العسال الداعية الإسلامي ومستشار رئيس الجامعة الإسلامية في إسلام أباد؛ أكدا علي جواز ترشح المرأة للرئاسة ما دامت تلك رغبة الشعب..."

ووافق الدكتور عصام العريان علي أن الرئاسة لا تقتصر علي المسلمين فقط، إلا أنه ناقش هذه النقطة قائلا:"

ليس الجدال حول من يجب أن يتولي دور الرئيس، ولكن الجدال حول السؤال بما إذا كان يمكن تطبيق هذا الامر بوضوح، أم أننا سنركن إلي العادات التي لا يتخلي الناس عنها، في بلد ينص دستوره علي أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع، كما أن أكثر من 90% من مواطنيه من المسلمين؛ وبذلك فليس من المتوقع أن يتولي مسيحي للرئاسة. وإذا ما حدث مثل هذا فسوف يكون شذوذا.

"أما بالنسبة للمرأة، فليس من المحبب أن تتولي ذلك المنصب. كما ان المرأة قد تقدمت للترشيح بمجلس الشعب لمدة عقود إلا أنها لم تفز بعدد يذكر من المقاعد."وقد سجلت مصادر الإخوان بأن العريان قد استبعد من المناقشات حول فقرات الرئاسة.

وفي ضوء هذا النقد اللاذع لفقرة الرئاسة، أخبر مصدر غير معروف للإخوان جريدة المصري اليوم بأن الجماعة مالت إلي حذف هذه الفقرة من السياق النهائي للبرنامج.

ومع ذلك، أنكر الدكتور محمد مرسي رئيس لجنة البرنامج هذا الخبر بقوله أن قادة الإخوان قرروا الإبقاء علي هذه الفقرة ضمن البرنامج. ومرة أخري يقول مرسي:" هل رأينا غير مسيحي يترأس الفاتيكان قبل ذلك؟ هل تولي رئاسة إسرائيل رجل غير يهودي؟"

وعلي غراره، صرح الدكتور محمود عزت أمين عام الجماعة في مقابلة له مع موقع الجماعة علي الإنترنت، أن مكتب الإرشاد قرر عدم السماح للمرأة أو المسيحي بتولي الرئاسة، أما المناصب العامة فلهم الحق في توليها.

وأخبر الدكتور محمد حبيب النائب الاول للمرشد العام، قناة الجزيرة بأن المسيحي هو مواطن عادي وليس " مواطن درجة ثانية". وأضاف أنه يمكنهم تولي المناصب رفيعة المستوي ما عدي منصب الرئاسة، لأن علي الرئيس أن يقيم الشريعة.

وقال الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد أن موقف الإخوان المسلمين من تولي المرأة والقبطي لمنصب الرئيس لم يطرح للمناقشة قبل عرضه علي مبادئ الشريعة ونصوص القرآن واجتهاد العلماء؛ وكلهم لم يجيزوا ذلك.

وصرح المرشد العام للإخوان المسلمين مهدي عاكف:"هذا ما انتهينا إليه، وإذا اختار الشعب شيئا آخر فهو وما اختار. خيارنا قائم علي دراسة دينية متفحصة. لا يمكن للمرأة أو المسيحي أن يتولوا الرئاسة، وهذا قرارنا."

إقرار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل " كامب ديفيد"

كما أثار السؤال حول الاعتراف بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أزمة داخل الجماعة. وطالب المرشد العام للجماعة أن يتضمن البرنامج فقرة تنص علي ضرورة طرح معاهدة السلام للاستفتاء العام.

وقال في مقابلة له مع صحيفة روسية:"

رفض الإخوان المسلمون الاعتراف باتفاقيات كامب ديفيد من أول يوم وقعت فيه، كما ترفض الجماعة جميع الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني.

وصرح الإخوان أنهم سوف يحترمون جميع المعاهدات التي وقعت في الماضي، وموقفها من معاهدات كامب ديفيد سوف يتماشي مع الشعب، فالقرار الأخير للشعب، الذي سوف يقرر بالتصويت ما إذا كان سيقبل أو سيرفض الاتفاقيات."

وقد بلغت الازمة داخل الجماعة ذروتها بتصريح الدكتور عصام العريان رئيس المكتب السياسي لجريدة الحياة اللندنية اليومية:"

إذا وصلنا إلي السلطة فسوف يعترف الإخوان المسلمون بإسرائيل وتحترم الاتفاقات معها، غير أنه سيتم تعديل بعض اتفاقات كامب ديفيد لتتماشي مع أوضاعنا.

ولا يعني هذا أننا سنعلن الحرب علي إسرائيل ، ولكننا سنعيد النظر في الاتفاقيات والمعاهدات والعمل علي تعديلها بما يتماشي مع المصالح المصرية."

وردا علي هذا التصريح، قال المرشد العام للإخوان المسلمين لم ولن نعترف بإسرائيل وأضاف قائلا:" لا يضم قاموسنا شيئا اسمه إسرائيل .أما ما نعرفه فهي عصابات الكيان الصهيوني التي احتلت الاراضي العربية وشردت أهلها، وإذا أرادوا العيش بيننا فسوف يسمون فلسطينيين. أما إذا ارادوا دولتهم، فليس لدينا خيار إلا الرفض."

أما العريان فقد أعاد صياغة تصريحة تحت ضغط كثيف قائلا:" سوف يتعامل الإخوان المسلمون مع إسرائيل بشكل واقعي وسياسي وفقا للظروف الموجودة. فعلي سبيل المثال في حال الوجود الإسرائيل ي؛ فإن الحزب سوف يحترم جميع الاتفاقيات الدولية والمعاهدات ومن ضمنها كامب ديفيد، وإذا أراد الشعب المصري تعديل بعض الاتفاقات فسوف يتم هذا وفقا للمبادئ الدولية، التي تتيح للطرفين تحسين الأوضاع والاستفادة القصوي من الاتفاق."

وأضاف العريان:" لن نغير الفقرة المتعلقة باتفاقيات كامب ديفيد في النسخة الأخيرة من البرنامج، فالإخوان المسلمون سيحترمون الاتفاقيات الدولية ومن بينها كامب ديفيد إذا ما تولوا السلطة. ومن غير المعقول لأي حزب جديد يتولي السلطة أن يخالف الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة التي سبقته."

وعلي أي حال، فقد أكد العريان علي أهمية التمييز بين وضع الإخوان المسلمين كحزب ووضعها كجماعة تجاه إسرائيل .فكما أوضح أن الجماعة تنظر إلي إسرائيل كدولة غير شرعية. فوجود إسرائيل غير شرعي "وما بني علي باطل فهو باطل" ولا يمكن الاعتراف به."

وذكر الدكتور محمود عزت أمين عام الجماعة في مقابلة له مع موقع الإخوان المسلمين ، أنه بالرغم من انتقاد فقرة الاتفاقات الدولية فإن مكتب الإرشاد قد قرر بأن موقفه من اتفاقيات كامب ديفيد سيظل كما هو.

وأوضح قائلا:" ليست فلسطين ملكا للفلسطينيين وحدهم وإنما هي ملك للعالم العربي والإسلامي، وليس لأحد الحق في التصرف بشبر واحد من أرضها.

أما بالنسبة للاتفاقيات الأخري فسوف نحترمها. وكغيرها من الاتفاقيات، تخضع اتفاقيات كامب ديفيد للتعديل أو الإلغاء كما ينص القانون الدولي."

وقال الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد أن جماعته لن تعترف بإسرائيل . أما بالنسبة لاتفاقيات كامب ديفيد فقال، كانت الاتفاقية قد وقعت تحت ظروف خاصة وأن البرنامج ينص علي ضرورة إجراء استفتاء حولها لتقرير مستقبلها.

جدل داخل الجماعة حول إمكانية وتوقيت الإعلان عن الحزب

ومما أثار الجدل حول البرنامج، عدم موافقة قيادة الإخوان إصداره بشكل رسمي؛ لأن هذا تصريح بإقامة حزب رسمي للإخوان المسلمين .

أما المحافظون داخل الجماعة وعلي رأسهم الشيخ محمد عبد الله الخطيب مفتي الجماعة فيؤيدون تأجيل نشر البرنامج، لأنه يعد خروجا عن المبادئ التي طرحها الإمام حسن البنا، والتي تتعارض مع إنشاء حزب؛ لأن هذا يتعارض مع تحقيق الإصلاح في مصر .

وهناك عامل آخر محتمل في رغبة المحافظين تأجيل إصدار البرنامج، ويتمثل هذا العامل في المادة الخامسة من الدستور المصري التي تحظر إنشاء أحزاب سياسية علي أسس دينية.

وعلي العكس من ذلك، فإن جيل الوسط داخل الجماعة ومن بينهم النائب الأول للمرشد العام الدكتور محمد حبيب وكل من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد مرسي أعضاء مكتب الإرشاد والدكتور عصام العريان ــ تزايدت مسؤليتهم منذ اعتقال خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للجماعة ــ كلهم يرغبون في نشر البرنامج، فهذا عندهم لا يختلف كثيرا عن برنامج الجماعة في انتخابات 2000 و2005 أو عن مبادرة الإصلاح التي أصدرها الشيخ مهدي عاكف في 2004، فضلا عن برنامج الجماعة لانتخابات مجلس الشوري 2007.

ويري هؤلاء أن هذا هو الوقت المناسب لإصدار البرنامج، فهناك الكثير من الدعم الشعبي للجماعة في ظل المحاكمات العسكريةالتي تنعقد حاليا ضد العديد من أعضائها.

كما أن هناك موافقة عامة داخل الجماعة أنه لا شيء في نشر البرنامج وأن الحركة لن تتبع لجنة الأحزاب ــ الإخوان هم من طالبوا بذلك ــ كي يتاح لها التصريح بالحزب الرسمي.

وأوضح الدكتور محمد حبيب أن الإخوان المسلمين يريدون تشكيل حزب رسمي عندما يكون الجو السياسي في مصر مناسبا لذلك.

وقال حبيب في مقابلة له مع جريدة البديل المعارضة:

" وصلت مصر إلي حالة من التفكك والركود في الحياة السياسية والحزبية،والنتيجة هي تراجع الأغلبية الحالية في البلاد.ليست القضية هي إنشاء الأحزاب؛ لأن الأحزاب موجودة بالفعل غير أنها لا تفعل شيئا. نحن لا نريد أن نكون حزبا وسط الأحزاب الموجودة بالفعل في الساحة السياسية."

وعلي كل حال، فأعضاء الكتلة البرلمانية للإخوان قد أكدوا علي أن الجماعة تتقدم بطلب للجنة الأحزاب للسماح لها بإقامة حزب بشكل قانوني.وقد أجل عدم الاتفاق نشر البرنامج الرسمي.

الشيخ راشد الغنوشي وعلي صدر الدين البيانوني ينتقدان البرنامج

وعقدت ندوة في لندن تحت رعاية جمعية الأبرار الإسلامية في أواخر أكتوبر 2007، لمناقشة البرنامج،وحضرها العديد من أعضاء الجماعة من مختلف البلدان العربية. وقد مثل الدكتور محمد سعد الكتاتني إخوان مصر ، فهو الذي قدم البرنامج.

أما البرنامج فقد انتقد كليا وبشدة، فضلا عن انتقاد الفقرات المثيرة للجدل بداخله، ومنها شرط إقامة مجلس أعلي للعلماء، بجانب الفقرة التي تتناول موضوع الرئاسة.

وقد انتقد الشيخ راشد الغنوشي ( رئيس الحركة الإسلامية التونسية " النهضة" وهومنفي الآن في لندن) ألا يتولي رئاسة مصر غير رجل ومسلم. واقترح الغنوشي أن يحذف هذا الشرط من البرنامج، خاصة أنه لم يصدر إجبارا من منظور إسلامي.

وأضاف معارضا بأن منصب الرئاسة لا يمثل السلطة العليا. فعلي سبيل المثال لا يتولي منصب الخلافة امرأة لأنها السلطة العليا.وأوضح الغنوشي بأن الشريعة قد حرمت علي النساء تولي أي منصب عام.

أما المرشد العام للإخوان في سوريا علي صدر الدين البيانوني والمنفي أيضا في لندن أنه يمكن للنساء أن تترأس حكومة أو دولة، لأن الرئاسة لا تمثل السلطة المطلقة. واقترح البايانوني تجاهل هذه النقطة أو إخراجها من البرنامج، حتي لا تثير العنصرية بين المواطنين."

أما عبد المجيد مناصرة ممثل حركة مجتمع السلم في الجزائر، فانتقد فكرة إنشاء مجلس أعلي للعلماء؛ مصرحا بأن البرنامج كان مبهما في كل ما يتعلق بطبيعة الدولة ونظامها السياسي، كما أن البرنامج لم يذكر معارضته استخدام العنف كوسيلة للاستيلاء علي السلطة أو المحافظة عليها. وقال بأن هذا يثير شكوك غير المسلمين ويعطي رجال الدين السيطرة علي البرلمان .

واقترح مناصرة ضرورة قيام السلطات المصرية الحالية بوظيفة المجلس الأعلي للعلماء ـ المقترح في البرنامج ـ لأن الدستور المصري يؤكد علي أن مبادئ الشريعة هي مصدر التشريع. وأضاف أن فكرة المجلس الأعلي للعلماء لا تتفق مع طبيعة المجتمع المدني.

المرشد العام للإخوان في مصر : الصيغة النهائية بعد مراجعة التعليقات

ورد الشيخ مهدي عاكف علي هذه الانتقادات الواسعة بتصريحه:" قدم الإخوان المسلمون هذه النسخة من البرنامج لأنهم كانو يريدون أن يجمعوا أكبر قدر ممكن من الانتقادات؛ وبذلك نستمع للعديد من الآراء.

فضلا عن أنه سوف تعقد جلستان لمناقشة المفاهيم الشائكة داخل البرنامج.وفي النهاية،سوف نقدم وجهة نظرنا ونستمع لآراء اللآخرين ومن ثم نقدم الشكل الاخير للبرنامج."وقال الشيخ مهدي عاكف أن الخيار مفتوح أمام الإخوان، وأنه يمكن تعديل هذه النقاط المثيرة للجدل.

وفي مقال نشره موقع الإخوان المسلمين علي الإنترنت، ووضح الدكتور جمال نصار المستشار الإعلامي للمرشد موقف [[الجماعة] تجاه نقد صياغة البرنامج قائلا:" يقدر الإخوان المسلمون الرأي الأخر ولا يحاولون تجاهله.

ويهتمون بأولائك الذين لا يتجاوزون حدود النقد البناء.إن إصرار الجماعة علي سماع العديد من الآراء يثبت أن مطالب التغيير والإصلاح لا يمثلها الإخوان المسلمون بنظامهم السياسي فقط، بل بمشاركة المواطنين أيضا حتي وإن اختلفت أيديولوجياتهم؛ لأننا جميعا نعمل من أجل هدف واحد.

أعرف أن هذه هي الصياغة المبدئية للبرنامج، وأنه يمكن الأخذ في الحسبان العديد من الآراء، بعد ذلك والانتفاع منها، إذا ما اتفقت ومصلحة العامة ولم تتعارض مع المفهوم السياسي للجماعة.

فالإخوان يتبنون الحياة في ظل الشريعة.كما أنها لا تجبر أي شخص علي مشاركتها في الراي،ولكنها تتوقع احترام الجميع لاختيارها.

وفي النهاية فقد تعاملت العديد من الصحف والمجلات مع البرنامج بعداء شديد وانتقدته بشكل هدام وغير مقبول بمعايير النقد الاكاديمية وتهدف إلي الهجوم بكل السبل الممكنة. كما أنهم يلجأون إلي التشوية والربط الخاطئ لأيديولوجية الإخوان بالنماذج الأخري غير الإسلامية ( سنة أو شيعة ).