مصطفى الورداني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مصطفى الورداني أحد الرعيل الأول للإخوان المسلمين


إخوان ويكي

مقدمة

تمتلئ الحياة بمنعطفات كثيرة وطرق لا حصر لها لن تواتينا الفرصة أن نعبرها جميعها، لكن على الأقل أن نترك بصمة حميدة في كل طريق نمر به يتذكرنا به الناس بعد رحيلنا. فالتاريخ حفل بأناس سطروا أسمائهم بمداد من نور في سجل الخالدين، في الوقت الذي رحل آلاف غير دون أن يعرف عنهم إلا ذوي أرحامهم، فكانوا كنسيم هواء لا يسمن ولا يغنى من جوع ولا يترك أثراً واحداً.

والحاج مصطفى الورداني خلال حياته استوطن نفسه كجندي في دعوة الله سبحانه عمل من أجلها وتحمل البلاء في سبيلها، وعاش ومات من أجل رفعتها حتى إذا كان رحيله تبعه آلاف المشيعين وترحم عليه مليون الصالحين.

حياته

في قرية وردان التابعة لمركز منشأة القناطر في محافظة الجيزة بمصر وصاحبة التاريخ القديم حيث تعد وردان من القرى القديمة التي كانت من القرى التابعة لمحافظة البحيرة قديمًا، وتنسب إلى وردان الرومي مولى عمرو بن العاص الذي قتل في الإسكندرية سنة 53 هـ، على يد الروم أثناء ولايته عليها، ثم خربت هذه القرية التي كانت واقعة في حاجر الجبل الغربي.

وقد وردت في معجم البلدان باسم "وادى وردان"، وأنها موضع مصر. وفي قوانين ابن مماتي وتحفة الإرشاد وردت باسم "خراب وردان" بحوف رمسيس، وبعد ذلك أنشئت القرية الحالية على شاطئ النيل فعرفت باسم وردان.

في هذه القرية ولد الأستاذ مصطفى محمد السيد يوسف الشهير بمصطفى الوردانى عام 1923م (تقريبا) حيث الطبيعة الريفية الخلابة، والتقاليد والعادات المحافظة والحريصة على بعض تعاليم الدين الحنيف، حيث سعى والده لتعليمه وتنشأته تنشأة إسلامية حتى حصل على قسط من التعليم وعمل في هسئة السكة الحديد حتى بلغ مراقب مالي لإيرادات السكة الحديد بالإدارة المالية بمبنى محطة مصر.

صلته بالإخوان

كان الجيزة من المحافظات القريبة للقاهرة العاصمة حيث المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين، كما أنها من المحافظات التي انتشر فيها الإخوان بكثرة فتعرف عليهم الشاب مصطفى الورداني وأمن بفكرتهم وطريقتهم في الدعوة ووسطيتها فسار في ركابها حتى أصبح أحد قادتها فيما بعد.

كان الورداني نشيطا داخل دعوته ومهموما بها، ولذا بعد انتقاله إلى المنيرة بإمبابة اختير نائبا لشعبتها ونشط في تعريف مبادئها إلى شباب المنطقة، كما أنه التقى بالإمام حسن البنا قبل استشهاده.

كان للورداني نشاط كبير بعد المحنة التي وقعت للجماعة عام 1948م واستشهاد مرشدها الأول، فبعدما خرجوا من السجون نشط الحاج مصطفى في المنيرة والأماكن المجاورة لها يوضح للناس حقيقة دعوة الإخوان المسلمين حتى أقبل الكثيرين عليها.

يوضح هذا الدور الحاج علي نويتو أحد الذين عرفوا دعوة الإخوان على يدي الحاج مصطفى الورداني فيقول:

بدأت ركائز (الإخوان)، الذين تربوا على أيدي الإمام الشهيد على كل المعاني الفاضلة لإحياء العمل الإخواني من جديد، وكان من بين هؤلاء الذين عرفتهم "مصطفى الورداني"، الذي هزَّ (إمبابة) و(المنيرة) و(مدينة العمال)، فقد تحرك لإعادة النشاط الدعوي في كافة الشُّعَب والمناطق والمحافظات.

ويضيف:

انطلق الحاج مصطفى الورداني فطاف يخطب في مساجد المنيرة، ويجمع ويختار، وأقمنا شعبة، وانتشرنا وبدأنا اجتماعيًا نعرف كل صغيرة وكبيرة عن سكان المنيرة، من يحتاج منهم معونة والعجوز التي ليس لها من يخدمها، والطالب الذي لا يستطيع أن يواصل دراسته وهكذا، فدرسنا دراسة مستفيضة لكل المنطقة التي يعيش فيها، وهكذا كان الإخوان في كل مكان، وكانت تقدم هذه الخدمات عادة في السر بحيث نحافظ على شعور هؤلاء المحتاجين.
وفي بداية النشاط الدعوي في المتيرة وحماسة الشباب كان مصطفى الورداني يتكلم مقتبسا حديثه بمقتطفات من كلام الإمام الشهيد في الأفراح والأتراح وجميع المناسبات، وحينما كانت تحدث مشكلة مع الجمعية الشرعية بسبب العمل المسجد كان الورداني سبيل التلطيف بين الإخوان والجمعية حتى صار الود سمت العلاقة.
وكانت الأسر في الشعبة متنوعة فهناك أسر عمالية وطلابية وموظفين وغيرها. ونخص بالذكر أسرة "آل ياسر" وكانت هذه الأسرة تحمل تقريبًا كل أعباء الشعبة ففيها نائب الشعبة وسكرتير الشعبة وأمين صندوق الشعبة ورؤساء الأقسام (الطلبة – العمال ..) فكانت أسرة عجيبة تشبه مجلس الإدارة مكونة من اثني عشر أخًا أذكر منهم: مصطفى الورداني، حسن عبد المنعم، يحيى سعيد، عبد المنعم الحفني، حامد نويتو، بسيوني غازي، الشيخ يوسف السيد، يحيى عبد الرحمن.

بين العمال

يقول علي نويتو:

كان لدينا منطقة عمالية في مصانع الشوربجي للغزل والنسيج، ومصانع الصاج وغيرها وهي المنطقة التي كان للحاج مصطفى أثر فيها. حيث كانت المنيرة محاطة بعدة مصانع كالشوربجي للغزل والنسيج، والشرق للغزل والنسيج، ومصنع الصاج وعدة مصانع أخرى أصغر.
الأمر الذي جعل لقسم العمال بالشعبة أرضًا خصبة للعمل، فأولينا بالعمال عناية خاصة، وكان لهم دور بارز في وسطهم العمالي، وكان يأتي لنا من شبرا الأخ محمد شديد، وكان خطيبا مفوها مربيًا بحق ومسئولا في وقت من الأوقات – عن شبرا وإمبابة وغيرها – وكان يداوم ذكر قصة "أبي بصير" على العمال. وكانت تقام للعمال دورات تثقيفية، وأسر منتظمة، وأنشطة رياضية ورحلات ومعسكرات.
وكان للشيوعيين نشاط أيضا لكن كان جانب منه تخريبي حتى إننا فوجئنا بالجيش المصري يحاصر المصانع ويحولها إلى ثكنة عسكرية، وتتبع العمال من بيوت المنيرة، ولم يفرقوا بين إخوان وغيرهم، فكان يعتقلون كل من في طريقهم، حتى أثناء دخول البيوت، وممن اعتقلوا وأودعوا سجن القناطر مصطفى الورداني نائب شعبة المنيرة، ثم أفرج عنه وعمن معه من الإخوان بعد فترة.

أحد رجال النظام الخاص

كون الإخوان النظام الخاص لمجابهة المستعمر البريطاني في مصر والصهاينة في فلسطين، وقد اتضح دوره في حرب فلسطين وحرب القنال. كان للصفات التي تحلى بها مصطفى الورداني سببا في اختياره ضمن النظام الخاص بل أصبح أحد قادته في المنيرة.

فوفق التحقيقات الواردة في حادثة المنشية: يروي حامد عبد الفتاح نويتو أنه حتي مارس 1954 كان عضوا عاديا فى جماعة وبعدين مصطفي الورداني نائب الشعبة أداني ميعاد أروح له البيت فلقيت حلمي وحسن عبد العظيم ويوسف السيد وجه بعد كدة حسن عبد المنعم .

وقال لنا مصطفي الورداني أن فيه نظام عندنا فى الإخوان ننقي من الإخوان العاديين إخوان نحطهم فى جماعات وندربهم على أسلحة ونخليهم لوقت الحاجة أخذنا ميعاد من حسن عبد المنعم ورحنا فى يوم معين عنده فى البيت وكنت أنا ويوسف وحسن عبد العظيم وحلمي عرفة واجتمعنا فقال: قبل أى حاجة لازم نقوي روحنا المعنوية ونحفظ سورة آل عمران وتفسيرها ونأخذ سيرة ونخش فى البرنامج الروحي ده فى الأول ومشينا على كده أربع اجتماعات وبعدين انضم سامي الكومي وهو وكيل نيابة وعبد الحي وأحمد حجازي قال:دول حيبقوا معاكم فى الجماعة ".
ومنطقة إمبابة. وكان على رأسها هنداوي دوير. وقد كون هنداوى فصيلة مكونة من ثلاث مجموعات ومجموعة مخابرات وكانت المجموعة الأولي مجموعة وراق العرب ويرأسها صلاح عباس ومعه عبد القادر سليمان وحلمي عبد السلام وعبد الحميد البنا (عامل) ومحمود الفوتيري ويوسف همام ومحمد رءوف .
أما المجموعة الثانية فيرأسها علي نويتو وتتكون منه ومن مصطفي الورداني وعبد رب النبي عباس وسعد حجاج وعبد المنعم حفني ومحمد نجيب راغب. وكانت المجموعة الثالثة مكونة من محمود الصياد وعبد العزيز شميس (خردواتي) وعبد المنصف البحيري.

بيته مأوى لعبدالمنعم عبدالرؤوف

كان بيته مأوى للواء عبدالمنعم عبدالرؤوف بعد هروبه من السجن حيث أراد عبد الناصر التخلص منه فزج به في السجن وحكم عليه مما اضطره للهرب.

يقول نويتو:

في أثناء هروب البكباشي عبدالمنعم عبدالرؤوف من المحاكمة العسكرية ظل في القاهرة حتى أخبرت عن طريق هنداوي دوير بأن "الخضر" سيحضره الأخ أحمد عيد – عليه رحمة الله – للإقامة عندنا، فاخترت له مكانًا بالمنيرة، وأخليت شقة مناسبة وآمنة للإقامة بها، وهي شقة الأخ مصطفى الورداني بالمنيرة بالدور الأول في بيت الشيخ بهلول، فقلت له إني أريد الشقة، وبالفعل أفرغها وذهب بزوجته - وكانت أخت الأخ عبد العزيز شميس وكان دمث الخلق -، وكنت أنا الذي أقوم على خدمة عبدالمنعم عبدالرؤوف.

وهو المعنى الذي ذكر اللواء عبد الرؤوف في مذكراته بقوله:

وعرفنى الشهيد هنداوى بالأخ (ع.ن) علي نويتو وقال له: إن أخانا منصور عبد الله سيقضى معك فترة العيد بمنزل الأخ (م.و) مصطفى الورداني وعليك القيام بخدمته.
وانصرفنا تشيعنا دعوات الأخوين هنداوى و(أ.ع) أحمد عيد حتى وصلنا إلى شقة الأخ (م.و) مصطفى الورداني وكانت بالدور الأرضى ناحية منطقة منازل عمال إمبابة وهى صغيرة فى حارة ضيقة متربة وقريبة من المزارع وتتكون من ردهة وغرفتين إحداهما للنوم والأخرى للطعام ودورة مياه متعبة. وقضيت يوم عيد الأضحى فى هذه الشقة فى صحبة الأخ (ع.ن) علي نويتو وعرفت أنه يعرفنى من قبل لتصرفاته معى فربما يكون شاهدنى أثناء المحاكمة.
وعلمت منه تفاصيل عن فصيلة إمبابة التى كان قائدها هنداوي دوير أما الأخ (ع.ن) علي نويتو فكان قائد الجماعة الأولى والأخ (م.و) مصطفى الورداني قائد الجماعة الثانية أما قائد الجماعة الثالثة فكان أحد المدرسين.

ما بعد محنة عبد الناصر

اعتقل مصطفى الورداني ضمن الإخوان الذين اعتقلوا بعد حادثة المنشية حيث ظل ثابتا على دعوته حتى خرج بعد وفاة عبد الناصر فتعاون مع بقية الإخوان في إعادة نشاط الجماعة من جديد تحت قيادة الأستاذ عمر التلمساني.

يقول نويتو:

ولكني في مساء الثلاثاء (يوم الحادث) فوجئت وأنا في أثناء انعقاد أسرتي الإخوانية "آل ياسر" في شقة مصطفى الورداني، حيث أذيع في نشرة الساعة الثامنة ونصف مساء نبأ محاولة اغتيال عبد الناصر.

فبعدما خرج الإخوان بعد المحنة نشطوا وسط الطلبة والمجتمع فأعادوا الحياة الإسلامية، وكان لتواجد كل فرد في الجماعة في محل حياته نموذجا يحتذي به أمثال الحاج مصطفى الورداني وسعد حجاج وغيرهم.

الورداني في البرلمان

في الثمانينات دفع الإخوان في العمل العام والانتخابات فشاركوا الوفد عام 1984م بسبعة أفراد، وفي عام 1987م شاركوا حزبي العمل والأحرار، بما يقرب من 36 عضو كان من إمبابة الدكتور عصام العريان عن دائرة ناهيا وكان اصغر عضو وأيضا الشيخ مصطفى الورداني والذي كان من أبرز المهتمين في البرلمان بقضايا التعليم، وخاصةً التعليم قبل الجامعي، وكان ممن نادوا بتطوير المدارس للكتاب المدرسي واستمر نائبا حتى حل المجلس عام 1990م.

لم يهدأ الورداني رغم مرضه وكبر سنه لكنه ظل مشاركا إخوانه العمل الدعوي في كل مكان في الجيزة وغيرها، حتى أنه كان ضمن وفد الإخوان الذين شاركوا في افتتاح مسجد وجمعية الحاج سالم حجاب، حيث صحب فضيلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب والشيخ أحمد أبو شادي والاستاذ يوسف قته والاستاذ حمدي إبراهيم والاستاذ السيد نزيلي والمستشار محمود العطيفي والاعلامي طارق قته.

وفاته

ظل الورداني عاملا يجوب البلاد داعيا رغم كبر سنه حتى رحل يوم الجمعة 1 أبريل 2005م عن عمرٍ يناهز 82 عامًا بعد رحلة عطاء في دعوة الإخوان المسلمين، وشُيِّعت الجنازة عقب صلاة الجمعة بمشاركة قادة الإخوان وآلالاف المشيعيين.

المصادر

  1. موسوعة "القاموس الجغرافى للبلاد المصرية" - محمد رمزى بك (قسم ثانى ج3 - ص 66): مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر الهيئة المصرية العامة للكتاب ط 1994
  2. عبدالمنعم عبدالرؤوف: أرغمت فاروق على التنازل عن العرش، الزهراء للاعلام العربى قسم النشر، القاهرة 1988م.
  3. حوارات وأحاديث الحاج علي نويتو.
  4. عبد العظيم رمضان: الإخوان المسلمون والتنظيم السري، طـ2، مكتبة الأسرة، 1993م.