لهذه الأسباب.. مقترح ربط النيل بنهر الكونغو هرولة وراء السراب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لهذه الأسباب.. مقترح ربط النيل بنهر الكونغو هرولة وراء السراب


مقترح ربط النيل بنهر الكونغو.jpg

(05 نوفمبر 2017)

كتب: حازم الأشموني

مقدمة

أمام الفشل المتواصل في جميع جولات المفاوضات مع إثيوبيا التي بلغت 15 جولة، مع انسداد الأفق أمام وضع بدائل متاحة تحفظ حقوق مصر المائية، لا سيما مع استبعاد حكومة العسكر استخدام الحل العسكري لوقف إثيوبيا عند حدودها وإلزاما بعدم تهديد الأمن القومي المصري بتقليل حصة مصر من المياه؛ تجدد الدعوات من جانب موالين للعسكر تطالب بالشروع في ربط النيل بنهر الكونغو، باعتباره مشروع مصر المستقبل، الذي يعوض مصر ما ستفقده من حصتها في مياه النيل الأزرق الذي يأتي من إثيوبيا، وتصل إلى 55 مليار متر مكعب سنويا.

إلا أن خبراء ومتخصصين يؤكدون أن هذا التصور النظري للمشروع جيد، ولكنه على أرض الواقع هرولة نحو السراب؛ لتكلفته العالية التي لا تقدر عليها الدول التي يمكن أن تقبل بالمشاركة في المشروع، إضافة إلى صعوبة تنفيذه بسبب التضاريس والمرتفعات العالية التي تتطلب مضخات ضخمة لرفع المياه وتحويلها نحو المستنقعات المتجهة نحو نجري نهر النيل.

تصور مشروع ربط النيل بنهر الكونغو

يتبنى الدعوة لمشروع ربط النيل بنهر الكونغو المهندس إبراهيم الفيومي، الذي يصف نفسه برئيس مشروع تنمية أفريقيا وربط نهر النيل بنهر الكونغو؛ حيث يطالب بمحاكمة وزير الري الأسبق لتقديمه تقارير مضللة عن ربط نهر النيل بنهر الكونغو لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، مشيرا إلى أن وزير الري لم يدرس هذا المشروع.

وأضاف، خلال حواره مع فضائية "LTC"، مساء السبت 16 سبتمبر الماضي 2017م، أنه لديه مستندات ومكاتبات بين مصر والكونغو تدل على صدق حديثه، مدعيا أن التقرير المقدم لرئيس الانقلاب الرافض للمشروع به 22 سببا وتم الرد على هذا الحديث بتقارير فنية.

وألح على ضرورة محاكمة وزير الري الأسبق محاكمة عسكرية وليس إدارية بسبب تأخيره للمشروع 30 شهر، مشيرا إلى أن قلة المياه التى يعاني منها الشعب نتيجة تأخر المشروع، متهما من يقلل من شأن المشروع وعدم جدواه بأنهم "خونة ومندسين"!!

هرولة وراء السراب

وفي مقاله بصحيفة المصري اليوم، في عدد الخميس 26 أكتوبر الماضي 2017م، يرى الكاتب الصحفي عباس الطرابيلي، رئيس تحرير الوفد الأسبق، أن الحديث المتكرر حاليا حول نهر الكونغو هو انعكاس لحالة الفشل في مسار المفاوضات بسد النهضة داعيا إلى عدم الهرولة وراء السراب.

ويقول الطرابيلي في مقاله :

"هل نعتبر الحديث الدائر الآن عن مشروع نهر الكونغو دلالة على فشل الإدارة المصرية لملف سد النهضة؟.. وأن أى حديث عن بدائل لمياه النيل هو استعداد للمستقبل شديد القسوة بسبب مشروعات سدود إثيوبيا؟".

ويشدد الكاتب

"أكاد أجزم بأن "حديث البدائل" يشير إلى فشل إدارتنا لملف مياه النيل، وما سد النهضة إلا مجرد بداية.. وكم أتمنى أن يكون الحديث عن تحويل مجرى نهر الكونغو حتى نستفيد من بعض مياهه، استعداداً للمستقبل.. ولكن أين الواقعية فى هذا المشروع الحالم؟!"..

ويتهم الكاتب "كل" من يتحدث عن تحويل مسار، أى مجرى نهر الكونغو، ليصب فى أحد فروع النيل الأبيض، بأنه لا يفهم لا فى الجغرافيا، ولا التضاريس، ولا السياسة .. حتى وإن تجنبوا أى حديث عن التكاليف المالية، وهى باهظة". داعيا إلى عدم الهرولة وراء السراب.

عقبات أمام المشروع

نهر الكونغو ينبع من قلب القارة الأفريقية، أى شرق الكونغو، ثم ينطلق غرباً ليصب فى المحيط الأطلنطى.. وهو وإن كان ينبع من نفس ومن قرب الهضبة الاستوائية، التى تنبع منها كل فروع النيل الأبيض، إلا أنه وبسبب التضاريس والمرتفعات والجبال، يسلك طريقه نحو الغرب، وهو من أغزر أنهار العالم فى المياه، وربما لا يقل -إن لم يكن أكثر- مما يسقط من أمطار على هضبة إثيوبيا.. وتتعدى كميات المياه التى تسقط وتندفع غرباً لتصب فى المحيط كل تصور.. من حيث الكميات والنوعية، وما تحمله من طمى وطحالب وثروات معدنية.

المشكلة إذا هي صعوبة تحويل مجرى نهر الكونغو، لا سيما أن العالم عرف تجربة واحدة، تلك التى نجح فيها الاتحاد السوفيتى السابق فى تحويل مجرى نهر.. وتحمل المستحيل، وأول المستحيلات أن هناك قواعد دولية تتحكم فى ذلك ترفض نقل مياه من حوض نهر إلى حوض نهر آخر، وحتى إن تجاوزنا ذلك نجد فروق الارتفاع

إذ تحتاج الفكرة إلى تركيب روافع ترفع مياه نهر الكونغو إلى أقرب فروع النيل الأبيض، وهذه تحتاج إلى طاقة كهربية هائلة، ربما تستهلك نصف الكهرباء التى سوف تنتج من النهر كله.. ونحن نحتاج المياه.. ولا نحتاج الكهرباء، أضف إلى ذلك أن المياه سوف تمضي في مستنقعات تصل إلى 600 كم حتى تصل إلى أقرب نقطة بالنيل الأبيض التابع لنهر النيل.

وهنا نتوقف:

حتى لو نجحنا فى كل ذلك.. فإن هذه المياه، التى سوف تتجه عكس مسار نهر الكونغو، سوف تتحرك وتتنقل بين أكثر من دولة لفريقية قرب المنابع.. وهذه تحتاج إلى جهد رهيب، لكى تسمح بمرور هذه المياه، بحجة أنها سوف تزيد من مناسيب الأنهار المحلية فتغرق القرى وتغمر مناطق الرعى، وكل سكان هذه المناطق رعاة.. ثم إن هذه الدول "المعابر" تعانى من مناطق حشائش وسدود من الحشائش تغرق الأراضى، وبالتالى سوف ترفض عبور أى مياه زائدة.. من نهر الكونغو.. لأنها سوف "تسيح" وتملأ الأرض بالمياه.

المصدر