للخروج من الأزمة: لابد من وحدة الأمة وإحياء فريضة الجهاد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
للخروج من الأزمة: لابد من وحدة الأمة وإحياء فريضة الجهاد

بقلم:المستشار : محمد المأمون الهضيبي

المطلوب اليوم

* الحكام ومسئولتهم في فتح باب الجهاد

* فتوى الأزهر

* معنى الجهاد وشموله

* ملامح المجاهد

* أيها الإخوان

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السيطرة والتحكم في مقدرات العالم والتسلل إلى مقاعد الهيمنة والصدارة، وقيادة العالم بالإجرام والإرهاب والخداع والرشوة والغواية هو الهدف الأصيل الحقيقي لطبيعة الصراع الدائر اليوم، الذي تقوده الصهيونية المحتلة، والولايات المتحدة الأمريكية الغاشمة، التي تغذي الكره، وتغرس الحقد، وتشجع على استمرارية القتل والتدمير والعدوان وسحق المسلمين والاستيلاء على مقدراتهم، وأرضهم.

وبينما أحداث فلسطين الدامية تتوالى، والعالم كله يرى هذه الاستباحة لكل شيء، للدم الفلسطيني المسلم، والمقدسات الفلسطينية بصورة يومية، إذا بالحملة على شعب العراق المسلم، من الولايات المتحدة الأمريكية، من البر والبحر والجو، فالقتل والتشريد والتدمير والصواريخ لا تكف ليل نهار، وكما تقف الانتفاضة في فلسطين بإيمانها وثقتها بربها، ويقينها بحقها، تقف وهي لا تملك إلا العقيدة والجهاد في سبيلها والحرص على الشهادة، تقف أمام الصهيونية بكل قوتها وكيدها وتردها على أعقابها، يقف شعب العراق الأعزل أمام طغيان أمريكا وحلفائها، ويستطيع بإيمانه وثباته أن يردهم إن شاء الله، ومعنى هذا أن كل شعب مؤمن، يوقن بحقه، ويفدي حريته، يستطيع أن يواجه الظلم والطغيان، وها هي المعارضة تتصاعد ضد العدوان في كل مكان، تستنكر هذه الوحشية والبربرية والظلم، وها هي الأرض التي زُرعت بالأشلاء والجماجم، ورُويت بالدماء، ستنبت الأشجار التي تشهد على إجرام المستعمرين في فلسطين وفي العراق، وفي كل مكان فيه مسلم يقول: "لا إله إلا الله".

المطلوب اليوم

لكن في زمن الانحدار مطلوب العمل الفوري الجاد؛ لتفادي الكبوة، والخروج من الأزمة، والنهوض لأداء الدور المنشود، وتفعيل الأمة كلها، وإعدادها إعدادًا حقيقيًا للتصدي للخطر الذي يهدد وجودها ومصيرها، والموقف اليوم يحتم على الجميع اليقظة ونبذ كل خلاف، والارتفاع إلى مستوى المسئولية، والعمل على وحدة الصف والاتجاه والهدف، وصفاء القلوب وسلامة النوايا وتقديم المصلحة العامة على غيرها، ولقد نادى الإخوان المسلمون من سبعين سنة وإلى اليوم جميع العرب والمسلمين خاصة الحكام، وعلى المستوى الرسمي والشعبي في كل مؤتمر، وكل مناسبة أن يعودوا إلى الله، وأن يكونوا أمة واحدة، تجتمع على عقيدة الإيمان والتوحيد الخالص، ليعمل لها الأعداء المتربصون بها ألف حساب.

وكان الإخوان المسلمون يخشون على الجميع من هذا المصير الذي حل بهم اليوم، لكن للأسف المؤلم الشديد لم تستجب الحكومات لهذا النصح الخالص، بل أعلنت الحرب عليهم، ومازالت إلى اليوم، فبدلًا من أن تقف معهم وهم يواجهون اليهود في فلسطين ، والإنجليز في القناة، ويواجهون الإلحاد والملحدين، والضلال والضالين، سارت إلى تلفيق التهم لهم!!، ولو سمع الحكام رأي الإخوان ، وأعدوا الشعوب للجهاد في سبيل الله وربّوها على الإيمان بالله، والتضحية والعطاء والفداء، لما فكر اليهود في اجتياح أهل فلسطين وقتلهم ومحاولة إبادتهم، ولما تبجّحت أمريكا بهذه الصورة، بل ولما استطاعت أن تهدد العالم، خاصة العربي والإسلامي، ولما تلاعبت بمصيره ومستقبله، تقتل وتأسر، وتسجن وتعذب كيف تشاء، وها هي اليوم تقف خلف الصهيونية في فلسطين وتعلن الحرب على شعب العراق المسلم الأعزل.

إن القضية التي تشغل الإخوان المسلمين اليوم ويجب أن تشغل عقل وقلب كل مسلم هي ضرورة العودة إلى الله، وإلى شرع الله، وإلى القرآن، وأن يرتبط الدين بشئون الحياة، فهذا أول خطوة على الطريق الصحيح، وأول علامة على نهوض الأمة من كبوتها.

الحكام ومسئولتهم في فتح باب الجهاد

وأؤكد للجميع:

أنه ما أحوجنا في هذا الوقت إلى تأكيد ضرورة التربية الجهادية على جميع المستويات، ثم العمل على الانطلاق نحو التنفيذ؛ لأن أحوال الأمة الإسلامية، والعالم بأسره تدعو إلى ذلك، وتحتاج إليه، أيما احتياج، فالعدوان السافر على الأمة، يجعل الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلم، قال تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج:39-40)

فتوى الأزهر

نادى الأزهر الشريف بفتواه بإعلان الجهاد ، بعد أن تدارس العلماء ما يجري في عالمنا العربي والإسلامي من أحداث جسام، وما ينبئ به الواقع من نذر الشر والدمار، لقد أعلن علماء الأزهر في بيانهم "أن الأمة العربية والإسلامية بل والعقيدة الدينية – الإسلام – هي هدف أساسي لكل هذه الحشود العسكرية التي تستهدف ملايين البشر من أبناء أمتنا، وتستهدف كذلك عقيدتنا وكافة مقدساتنا"، كما نص علماء الأزهر في بيانهم "على أن الإصرار على ضرب العراق ما هو إلا مقدمات لضربات أخرى تستهدف بقية الوطن العربي"

وفي آخر البيان يقرر العلماء هذه الحقيقة الشرعية فيقولون "إنه إذا نزل العدو في أرض المسلمين يصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة؛ لأن أمتنا العربية والمسلمة ستكون أمام غزوة صليبية جديدة تستهدف الأرض والعرض والعقيدة والوطن" في 8 من شهر المحرم 1424هـ

وهذه الفتوى من علماء الأزهر الشريف تعتبر بحق دلالة قوية على التجرد والصدق والحرص على مستقبل الأمة، فقد التقى العلماء في الطريق مع ما نادى به الإخوان منذ سبعين سنة، في تربية أنفسهم على الجهاد، وتذكير الأمة بهذا الحق، وكان شعارهم ومازال "الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا" يقول الإمام البنا -عليه الرضوان- "لا تجد نظامًا قديمًا أو حديثًا دينيًا أو مدنيًا عُني بشأن الجهاد والجندية، واستنفار الأمة وحشدها صفًا واحدًا للدفاع بكل قواها عن الحق، كما تجد ذلك في دين الإسلام وتعاليمه" رسالة الجهاد.

معنى الجهاد وشموله

ومعناه الحقيقي: أن حياتنا من أولها إلى آخرها مراحل، كل حلقة فيها تؤهل للأخرى، فمنه جهاد النفس، وجهاد تعلم الحق، وجهاد العمل به، وجهاد الصبر على تكاليفه، وجهاد باللسان بالدعوة إلى الله، وجهاد بالمال، وجهاد بالنفس، وهو القتال وهو أعلى درجات الجهاد" يقول الحق سبحانه (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ)(النساء: من الآية76)

و الجهاد في الإسلام ليس غاية في ذاته، بل هو وسيلة إلى أعظم غاية هى إعلاء كلمة الله، لتكون كلمة الله هي العليا، ولا يقوم الجهاد في الإسلام على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة "فهذا المبدأ يرفضه الإسلام في جميع نظمه"، بل تحكمه في كل مراحله مبادئ الإسلام وقواعده وأخلاقياته التي قررها، ومن خلال هذا المفهوم، فإن الإسلام يرفض تمامًا أن يكون الجهاد من أجل التوسع الإقليمي، أو السيطرة على قطعة من الأرض، أو التحكم في رقاب الناس، أو من أجل الاستكبار والسمعة، كما يرفض الإسلام رفضًا باتًا أى تجاوز في معاملة غير المسلمين، أو تعذيب الأسرى وإهانتهم، أو إكراه أحد على الدخول في الإسلام، بل الهدف أن تتحرر الشعوب من جلاديها، وأن يُحال بين عباد الله وبين القهر والتسلط، وتتاح الحرية التامة للجميع، أن يختاروا ما شاءوا بعد أن حماهم الإسلام من الاستعباد والفتن، ودفع الغزاة المعتدين الباغين وحين تتأمل قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(البقرة:216)

إن الآية تقول لنا:

إن الجهاد خير، على كافة المستويات، المستوى الشخصي، لأن المجاهد يحقق رضا الله، ثم يفوز بالشهادة، ويحقق دخول الجنة، وعلى المستوى الجماعي، يحقق العزة والنصر والتقدم والسيادة والنهضة للأمة، قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين)(العنكبوت:69)

كما يجب أن نتأمل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إليه" رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.

وانطلاقًا مما تقدم يجب أن يفهم الجميع أن دفاعنا عن شعب العراق المسلم ووقوفنا بجانبه، لا يُفهم منه أبدًا أن القصد من ذلك نظام حكم العراق، بل القصد الدفاع عن شعب وأرض وأمة ومقدسات إسلامية، ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا، وهو دفاع عن الأمة كلها، فاليوم الدور على العراق، وغير العراق غدًا، ونظام العراق ظالم ومستبد وجائر، والشعب مظلوم وضائع ويتعرض الآن لبطش وسلب لحريته أكبر وأخطر.

ملامح المجاهد

ومن أفضل ما أذكر به الإخوان ما قاله الإمام البنا - رحمه الله- في وصف المؤمن المجاهد في سبيل الله.. يقول:

"أستطيع أن أتصور المجاهد شخصًا قد أعدّ عُدته، وأخذ أُهْبته، وغلب عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه، وجوانب قلبه، فهو دائم التفكير، عظيم الاهتمام، على قدم الاستعداد أبدًا، إن دُعي أجاب، أو نُودي لبى، غدوه ورواحه وحديثه وكلامه، وجده ولعبه، لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له، ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته، يجاهد في سبيلها، تقرأ في قسمات وجهه، وترى في بريق عينيه، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلك على ما يضطرم في قلبه، من جوىً لاصق وسر دفين، وما يقيض به نفسه من عزمه صادقة، وهمة عالية وغاية بعيدة"

أيها الإخوان:

إن رسالتكم دائمًا الاستجابة لكل خير، والحرص الشديد على أن تكونوا قدوات صالحة، وأن تكونوا مثالاً يُقتدى به في الشجاعة والتجرد والأدب العالي، ولابد أن تكونوا أسوة لغيركم في دقة الانضباط، ومكارم الأخلاق واحترام الآخرين، وصفاء القلوب، وحسن النية، وأنتم تشاركون في الأعمال الوطنية، من مؤتمرات ومظاهرات وندوات، فكونوا نماذج صالحة في الحفاظ على مشاعر الآخرين، واحذروا أي لفظ أو تصرف يسيء إليكم قبل أن يسيء للآخرين، فالمؤمن ليس بشتّام ولا لعّان، ولا بذيء، ولا مخرب أو مدمر، حتى لو حدث أن غيركم أخطأ معكم، فردوا على السيئة بالحسنة، واحذروا المخربين ولا تمكنوهم من الإساءة إلى العمل الوطني الذي تحرصون على نجاحه، ولتكن جميع تصرفاتكم حسنة، وعاملوا غيركم بأدب الإسلام الراقي المتحضر، الذي يترك أعظم الأثر في نفوس الآخرين، واحرصوا فيما بينكم وبين ربكم على حسن طاعته، وعلى قيام الليل وصيام النهار، وأكثروا من الدعم المادي لإخوانكم المشردين، حتى من ضروراتكم، وأكثروا من الدعاء في جوف الليل، فدعاء السحر سهام القدر، وتوّجوا أعمالكم كلها بالإخلاص لله رب العالمين، واعملوا على مقاطعة أعدائكم مقاطعة كاملة، وأقبلوا على كتاب الله، تلاوة وحفظًا وتفسيرًا وتعلمًا وتعليمًا، فهو الذي يُعلي الهمة، ويُقوي الأرواح، وينشط في الطاعات واقرءوا وتأملوا صفات المؤمنين، وحققوها في حياتكم، وفي بيوتكم.

قال الله تعالى (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(التوبة:112) وتعلّموا دوركم من قول الحق تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)(الحج:77-78)

وترقبوا ساعة النصر فإنها ليست منكم ببعيد، والله معكم ولن يتركم أعمالكم... وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المستشار/ محمد المأمون الهضيبي

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة: 24 المحرم 1424هـ الموافق 27 / 3 / 2003م