قانون التحصين.. فاشية السيسي تدخل التاريخ وتضاهي بيونشيه وإيفرين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٠:٣٩، ٢٣ مارس ٢٠١٩ بواسطة Man89 (نقاش | مساهمات) (حمى "قانون التحصين.. فاشية السيسي تدخل التاريخ وتضاهي بيونشيه وإيفرين" ([تعديل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد) [النقل=السماح للإداريين فق...)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قانون التحصين .. فاشية السيسي تدخل التاريخ وتضاهي بيونشيه وإيفرين


فاشية السيسي تدخل التاريخ وتضاهي بيونشيه وإيفرين.jpg

كتبه رانيا قناوي

(07 يوليو 2018)

مقدمة

رصدت تقارير صحفية أوجه الشبه بين نظام الانقلاب العسكري، والأنظمة الفاشية العسكرية الأخرى، من خلال موافقة برلمان العسكر، الثلاثاء الماضي، بشكل مبدئي، على مشروع قانون مقدّم من حكومة الانقلاب، يمنح كبار قادة الجيش الذين يحددهم رئيس الانقلاب جملة من الامتيازات الخاصة.

وينص القانون، الذي أثار هجوما واسعا على قيادات العسكر وكشف جرائهم التي يخشون من ملاحقتها، على منح هؤلاء القادة حصانة من المساءلة القانونية عن أي فعل ارتكبوه في أثناء تأديتهم مهام مناصبهم أو بسببها، وذلك خلال فترة تعطيل العمل بالدستور وحتى تاريخ بداية ممارسة مجلس النواب مهامه، وتحديداً من 3 يوليو الذي تم فيه انقلاب 2013 إلى 10 يناير 2016، أي أنها الفترة التي شهدت معظم جرائم العسكر وقتلهم للمصريين المتظاهرين في الشوارع.

كما نص على ألا يتم معاقبة أحد من هؤلاء إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليظل الحبل في يد عبد الفتاح السيسي يخنق به من يشاء من قيادات العسكر حال اختلف معهم. وبموجب هذا القانون، يُستدعى الضباط من كبار قادة القوات المسلحة الذين يصدر بأسمائهم قرار من رئيس الجمهورية، لخدمة القوات المسلحة مدى حياتهم، ويكون الاستدعاء لمن يشغل منهم منصبا أو وظيفة خارج القوات المسلحة فور انتهاء شغله هذا المنصب أو تلك الوظيفة.

وهو ما يعني أنه بعد إقرار القانون بشكل نهائي، سيتمتع هؤلاء القادة الكبار بجميع المزايا والحقوق المقررة للوزراء في الحكومة، بالإضافة إلى تمتعهم بالحصانة الدبلوماسية طوال مدة خدمتهم واستدعائهم، في أثناء سفرهم خارج البلاد، وسيحدد رئيس الانقلاب المزايا والمخصصات الأخرى التي سيتمتعون بها، مع جواز الجمع بين المزايا والمخصصات المقررة بناء على أحكام هذا القانون، وأي ميزة مقررة بموجب أي قانون آخر.

السيسي وباقي الطغاة

وقال تقرير منشور على موقع "عربي بوست" إن هناك أوجه شبه بين محاولة السيسي لتحصين نفسه وزملائه من الجرائم التي ارتكبوها، وبين عسكريين يقومون بإجراءات استثنائية لقمع مواطنيهم منح أنفسهم الحصانة من التحقيق والمحاكمة طوال حياتهم. مثل بينوشيه في دولة تشيلي.

وأضاف:

"حكم بينوشيه تشيلي بلا منازع بين 1973 و 1990 وقد منح الديكتاتور التشيلي، الجنرال أوجوستو بينوشيه، نفسه عضوية في البرلمان مدى الحياة، ليحتمي بها من الملاحقة القضائية في المستقبل عن الجرائم التي ارتكبها خلال حكمه الحديدي لتشيلي في الفترة الممتدة من عام 1973 وحتى عام 1990؛ إذ اتُّهم بالمسؤولية عن مقتل واختفاء 3 آلاف شخص إبان حكمه".

وظن بينوشيه أن هذه الحصانة البرلمانية كافية لحمايته بعد خروجه من السلطة، لكنه فوجئ في عام 2000 بصدور حكم من المحكمة العليا في تشيلي بتجريده من الحصانة البرلمانية؛ تمهيداً لمحاكمته بتهم القتل وانتهاك حقوق الإنسان.

ليتم اعتقال بينوشيه عام 2002 في العاصمة البريطانية لندن، وظل قيد الإقامة الإجبارية سنة، قبل أن يُطلَق سراحه ويعود إلى تشيلي، ليُقدَّم إلى المحاكمة أواخر عام 2004، وقضي بقية حياته في أروقة المحاكم حتى توفي عام 2006 بأحد المستشفيات العسكرية.

كنعان إيفرين في تركيا

وضرب التقرير مثالا بنموذج أخر هو كنعان إيفرين، الذي قاد انقلاباً عسكرياً ناجحاً في تركيا عام 1980، فأعتقد هو الآخر أن مادة استثنائية في دستور 1982، تنص على عدم جواز محاكمته هو ورفاقه كافية لحمايته طوال حياته من الملاحقة القضائية بسبب الجرائم التي ارتكبها، والتي تشمل إعدام 50 شخصا، واعتقال نحو 600 ألف شخص، وقتل العشرات بسبب التعذيب في السجون.

إلا أن الشعب التركي لم ينسَ جرائم إيفرين رغم مرور 30 عاماً عليها، وصوّت في استفتاء تعديل الدستور عام 2010، على حذف مادة الحصانة ما سمح بمحاكمة الجنرال كنعان ورفيقه الجنرال تحسين شاهين كايا عام 2012، وكانت النتيجة الحكم عليهما عام 2014 بالسجن مدى الحياة عقاباً لهما على الجرائم التي ارتكباها، والتي صُنفت على أنها "جرائم ضد الدول، وهو الحكم الذي سمعه إيفرين بعد أن كان قد بلغ 98 عاماً، قبل أن يتوفى بعدها بأشهر.

خورخي فيديلا في الأرجنتين

وفي الأرجنتين أيضا امتدت هذه المحاولات اليائسة للعسكريين لحماية أنفسهم إلى الارجنتين بعدما نظم الجنرال الأرجنتيني خورخي فيديلا انقلاباً عسكرياً أطاح بالرئيسة إيزابيل مارتينيز دي بيرون عام 1976 ليحكم البلاد 5 سنوات قُتل وأُخفي خلالها ما بين 9 و30 ألف مواطن، لكنه كان أقل ذكاء من نظرائه في شيلي وتركيا فلم يهتم بتحصين نفسه هو ورفاقه العسكريين قانونياً، ما أدى إلى محاكمتهم عام 1985.

فتحرك الضباط ذوو الرتب المتوسطة والدنيا سريعاً ونجحوا عام 1986 في استصدار قانونَين للعفو، يمنعان محاكمة حوالي 1200 من الضباط المشاركين في معسكر الموت، وصدر عفو آخر عام 1989 حصل بمقتضاه قادة الانقلاب المدانين على عفو رئاسي وأُفرج عنهم.

فاعتقد الجميع أن القصة قد انتهت، لكن فصلاً آخر بدأت كتابته عام 2003، عندما صوت مجلس النواب الأرجنتيني لصالح إلغاء قوانين العفو التي تحمي هؤلاء الضباط، فحوكم بعضهم مجدداً، وعلى رأسهم الجنرال خورخي فيديلا الذي أدين في العام 2010 بتعذيب وقتل 31 سجيناً، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة وتوفي في محبسه عام 2013.

هل يتنازلون عن السلطة؟

من ناحية أخرى تساءل التقرير هل يتنازل العسكريون عن السلطة للمدنيين مقابل الحصانة؟ وأوضح التقرير أن القانون الجديد ربما يدفع البعض إلى التفكير في أن العسكريين قد يتنازلون عن السلطة للمدنيين مستقبلاً مقابل الحصول على حصانة من الملاحقة القضائي، فهل هذا ممكن حقاً؟

في النموذجين الشيلي والتركي السابق الإشارة إليهما، حيث لم يُسلم بينوشيه وكنعان إيفرين السلطة إلى المدنيين إلا بعد أن ضمنا تمتّعهما بالحصانة من الملاحقة القضائية عن طريق النصوص القانونية والدستورية التي وضعاها، بالإضافة إلى تحالفاتهما مع أطراف في السلطة وتمتّعهما بقاعدة شعبية وفرت بعض الحماية.

وأشار إلى أن بينوشيه حظى بتأييد 44.3% من الشيليين في الاستفتاء الذي أُجري على بقائه في السلطة عام 1989، وكان إيفرين يحظى بمساندة قوية من الجيش التركي وظل إرثه مثار جدل حتى وفاته. وكانت النتيجة تمتع بيونشيه بعشر سنوات من الحصانة قبل أن يجرد منها، وتمتع إيفرين بـ30 عاماً من الحصانة قبل أن تُلغى المادة الدستورية التي تحميه، وهنا نجد أن المدنيين الذين تسلموا السلطة تركوا الانقلابيين السابقين خوفاً من نفوذهم، لكن ما إن دارت عجلة الزمن وضعف هؤلاء الجنرالات، حتى جُردوا من حصانتهم لتُجرى محاكمتهم.

المصدر