علي أبو شعيشع

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الاستاذ على أبو شعيشع على

على أبو شعيشع ... ويوميات بين الصفوف المؤمنة

يقول الدكتور محمد حسين هيكل فى كتاب (فى منزل الوحى):

لقد خيل إلىَّ زمنا أن نقل حياة الغرب الروحية والعقلية هى سبيلنا إلى النهوض والتقدم ولكنى أدركت أننى أضع البذور فى غير منتبة فإذا الأرض تهضمة ثم لا تمخض عنه ولا تبعث الحياة فيه, وأرى أن هذا القادم من الغرب غير صالح لأن ننقله فتاريخنا الروحى
غير تاريخ الغرب , ولقد انقلبت ألتمس تاريخنا البعيد فى عهد الفراعين, فإذا الزمن وإذا الركود العقلى قدقطع ما بيننا وما بين ذلك العهد من سبب فلا يصلح بذرا لنهضة جديدة ثم رأيت أن تاريخنا الإسلامى هو وحدة البذر الذى ينبت ويثمر ففيه حياة تحرك النفوس).
وقيل أن قوم فقدوا الإسلام فى نفوسهم وبيوتهم وشئونهم الخاصة والعامة لأعجز من أن يفيضوا به على غيرهم. والأستاذ على أبو شعيشع من الشخصيات التى عرف الإسلام والإيمان إلى قلوبهم منذ الصغر فصهرهم وأخرج رجالا نشروا نور الإسلام بفهمه الصحيح وسط الصفوف المؤمنة.

النشأة

ولد فى الشرقية ثم انتقل مع اسرته إلى محافظة كفر الشيخ حيث نشأ الاستاذ على ابو شعيشع على فى أسرة مكونة من الأب والأم وشقيق وثلاث بنات وكانت أسرة متوسطة الحال، ولد فى م1918/26/12, وبالرغم من ذلك حرص أبويه على إلحاقة بالتعليم حتى تخرج فى كلية الهندسة جامعة فؤاد الأول، وعمل فى بداية حياتة كمنفذ بمطار ألماظه الحربى وظل فى هذا العمل قرابة سته شهور حتى اعترض على المقاول لمخالفاته للمواصفات ففصل من العمل.

بحث عن عمل حتى وجده فى مدينه دمنهور وظل فى عملة بدمنهور حتى نقل لكفر الشيخ عام 1969 وظل فيها حتى خرج على المعاش.

على أبو شعيشع ودعوة الاخوان

رضع على أبو شعيشع المعانى السامية فى طفولتة وترعرع على حب الإسلام والعمل لله وما كاد زميله محمد فاضل يدعوة عام 1937م لمحاضرة تلقى فى المركز العام للإخوان المسلمين بميدان العتبه الخضراء ويلقيها الشيخ حسن البنا حتى سارع على للتعرف على أسرار هذة الدعوة الكريمة.

واظب على الحضور إلى المركز العام وساعده على ذلك دراسته فى كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) وفى إحدى اللقاءات همس له أحد الاخوة بعدم الإنصراف وبقى ما يقرب مع أربعين شاب كانوا تشكيلة الكتيبة التربوية الثانية التى شكلها الإمام البنا لتربية أفراد الصف تربية جيدة وكانت الكتيبة الأولى قد تكونت من الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد وعبدالحكيم عابدين وغيرهم .

حافظ على حضور كتيبته حتى توقفت قبل الامتحانات بشهر ونصف وهذا ما يطبقه الإخوان مع الطلبة وبعد تخرجه تسلم تعيينه فى مدينه دمنهور وقد انتقل إليها وحمل فى قلبه حب الدعوة والعمل لها ولم يكن قد تعرف على أحد من الإخوان بها وانتظر وهو يدعوا الله أن ييسر له الله العثور على أحد من الإخوان

واستجاب الله دعاءه ففى مسجد أبو عبد الله بحارة السبعة قام أحد الطلبة بعد صلاة الجمعة يعلن عن محاضرة وستلقى بمقر جمعية الإخوان المسلمين فتوجه إلى هناك وانتظر بعد المحاضرة لعل يتعرف عليه أحد فتوجه إليه الطالب محمد الخوالقة وأخذ يشرح لة مبادىء الدعوة كأنه مستجد لكنه اكتشف أن الاستاذ على أحد الإخوان الذين تتلمذوا على يد الإمام البنا وكانت بداية الإنطلاق فبدأوا بالعمل المنظم فنظموا الرحلات والزيارات إلى القرى المجاورة لنشر الدعوة وبدأوا تشكيل فرق الجوالة وتنظيمها حتى أنه كان أحد الذين وصلوا للمستوى الثانى فى الترقى فى الجوالة.

وأثناء الحرب العالمية الثانية اشتددت الغارات الألمانية على الإسكندرية فهرب أهلها إلى دمنهور فقرر مع إخوانه تشكيل فريق عمل لنجدة المنكوبين فكانوا يقومون بدور الحمالين لحمل الأمتعة والأطفال الصغار إلى أماكن الإيواء.

نشطت المنطقة فى الدعوة وبدأت الشعب تفتح, ونشطت الأقسام وكان لها أثرها الجليل حتى أنهم أصدروا عددا وحيدا باسم (الاخوان المسلمون) .

وقد نشط مع إخوانه بالبحيرة فى دراسة قوانين الجوالة وعملوا على سلامتها من رتبة كشاف إلى رتبة جوال وكانت على ثلاثة مر احل:

  1. امتحان تحريرى للمبادىء العشرة.
  2. امتحان شفهى ويتناول المعلومات العامة .
  3. امتحان عملى فى كيفية إقامة المعسكرات وإشارات المرور.

اشترك فى تنظيم معسكر الجيش المرابط الذى أقامه المركز العام للإخوان تحت إشراف الأستاذ سعد الوليلى (المسئول عن قسم الجوالة فى المركز العام) بدمنهور,ونهض فى تكوين فرقة جوالة فى حى شبرا وأبى الريش وغيره بدمنهور؛

وأخذ يجوب المراكز والقرى لتكوين فرقة الجوالة , والتقى فى جوالته بالأخوة مبروك هنيدى وشقيقه أحمد سالم وعبد الواحد البيومى والحاج حامد الطحان وغيرهم وأثناء زيارة الإمام البنا لدمنهور كان يقوم بالتجول معه أثناء زياراته لشعب البحيرة لتفقد أحوالها؛

أثناء عبوره معه إلى فوة عبر مركب صغير أخذت الأمواج تتقاذفها وشعر الجميع بالخوف غير أن الإمام البنا توجه إلى الله بالدعاء , وكان آخر عهده بالإمام البنا فى حفل عام أقيم بكفر الدوار حضره عمال شركة الغزل لسماع الإمام البنا بعدها دخلت الجماعة فى طور المحنة تأثر ببعض الشخصيات الدعوية فى دمنهور أمثال الأستاذ صالح أبورفيق والأستاذ محمود عبدالحليم والشيخ أحمد عبد الحميد أحد الأربعة الذين ذكرهم الإمام البنا الدعوة فى نفوس أربعة.

سافرإلى الإسماعلية عام 1945 أثناء الإعادة فى الانتخابات النيابية بين الأستاذ البنا وسيلمان عبيد وقد سافر مع مجموعة من إخوانه لحث الناس على الصدق فى الأداء وانتخاب الصالح غير أن الإنجليز تدخلوا وأنجحوا سليمان عبيد.

كما شارك الأستاذ على فى يوم حرق الكتب الأنجليزية بعد أن أدت الجوالة عرضا طيبا وشغلت البوليس عن مكان إحراق الكتب والعلم الأنجليزى, ومن النوادر فى ذلك أنه أثناء حرق الكتب جاء عسكرى الدورية فوجد أن النار أوشكت أن تنطفىء فنصحه صاحب محل بقالة بوضع الجاز عليها لتظل مشتعلة حتى يحضر البوليس ونجحت الخطة.

إنضم الى النظام الخاص فى فترة مبكرة من نشأته وشارك فى جمع السلاح أثناء حرب فلسطين وكان يرسل للجنة وادى النيل لترسله للمجاهدين فى فلسطين ومع هذه المشاغل الكبيرة إل أنه كان يمتلك قلبا حنونا أحب إخوانه حبا جما وآثرهم على نفسه فقد عثر على وظيفة مهندس ببلدية طنطا

وكانت أفضل من وظيفة مهندس بالمساحة غير أنه بعد ما قدم مسوغاته وتم تعيينه دون غيره فشعر بالحنين لإخوان دمنهور فترك الوظيفة وعاد إليهم مرة أخرىوظل بها حتى حلت الجماعة واعتقل من دمنهور بعد خروجه إليهم مرة أخرى فى فبراير 1950

ومرةأخرى لكى يتسلم عمله فوجد قرارا بالفصل لكنه عاد للعمل مرة أخرى وقد نقل إلى الأقصر بعد أن أسقطت مدة خدمته السابقة ثم انتقل لأسنا ثم قنا مع تنقلاته كان يسلم نفسه لإخوانه وكان يشاركهم أعمالهم جميعها

وفى إسنا سافرت له والدته ومكثت معه فترة من الزمن ترعى شئونه كما كانت هذه المدينةأيضا محطة تعارف بينه وبين المستشار حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان الجديد, وبعد قيام الثورة فى 1952 نقل إلى دمنهور مرة أخرى واستلم عمله فى أبى المطامير, كما صدر حكم قضائى بالتعويض عن مدة فصله والتى تجاوز 22 شهرا

الزواج ومسيرة الكفاح

أثناء عمله فى دمنهور عرض عليه أحد الإخوان الزواج من ابنته وذلل له الصعاب وطمأنه على توفير كل الاحتياجات غير أنه كان يقول:

لم أكن مهيأ نفسيا لها إيمانا منى بأن متطلبات الدعوة فوق متطلباتى الشخصية التى قد تعوقنى عن مواصلة المسيرة غير أنه الأخ اشتكى للإمام البنا على رفض الأستاذ على من الزواج من ابنته, فاعتنى الإمام البنا بذلك وأرسل له خطابا يقول له إذا لم تكن قد ارتبطت بزيجة فإنى أزكى ابنة الأخ لزواجك بها
" وكانت مخرجا له من المأزق فاعتذر للاخ بأنه مرتبط فقبل الأخ العذرلكنه بعد أن بلغ سنه الثانية والثلاثين أراد الارتباط فحاول أن يجد زوجة لكن لم يتيسر الحصول على الزوجة المطلوبة وتحدث مع الأستاذ عبد المنعم مكاوى فى ذلك، وفي هذا الصدد يقول: "بلغت سن الثانية والثلاثين، وأحسست بحاجة ملحة إلى الزواج، وأحس إخوان دمنهور بذلك فنشطوا.
وكان على رأسهم الأخ (أحمد نجيب الفوال)، لكن لم يتيسر الحصول على الزوجة المطلوبة, ولما كان الأخ عبد المنعم مكاوي على صلة وطيدة بأسر الإخوان فقد رأيت أن أفاتحه, وفي لقاء بمنزله في سخا فاتحته برغبتي، وأخذ يستعرض شقيقات الإخوان فوجدني على علم بظروف بعضهن، وعدم ارتياحي لهن؛
وإذا به يفاجئني في أسلوب مرح "خلاص يا سيدي عندي أختي .. تعال أجوزها لك، ومتنعاش هم الفلوس .. أدي طقم الصالون، ونجهز لك حجرة نوم"، وكانت مفاجأة, فأجبته بالموافقة, فاشترط أن أراها وتم ذلك وأردت أن استوثق بمعرفة شيء عن حياتها، فاتصلت بالأخ جلال عبد العزيز لأنه على معرفة بهم فأجابني على أسئلتي؛
وأخيرًا قررت الزواج بها لثقتي وحبي للأخ عبد المنعم، وصارحت والدتي فوافقت, واتفقت مع أهل العروس على أن يكون البناء في يناير 1954م غير أنه لم يتم بسبب اعتقال أخيها في يناير 1954، ولم يخرج إلا في مارس، ثم انتقلت العروس للحياة معي إلى أبي المطامير بحيرة بعد أن تم الزفاف في 1954م/1/6.

صبر على المحن

لم يكد قرار رئيس الوزارء النقراشي باشا يذاع فى 8/12/1948 بحل جماعة الإخوان المسلمين حتى بدأ البوليس السياسى فى اعتقال الإخوان وإيداعهم السجن , كان هو أحد الذين اعتقلوا فى هذه المحنة حيث قضى خمسة أيام فى سجن دمنهور ثم رحل إلى الهايكستب ثم أدخل إلى جبل الطور

ثم رحل إلى معتقل عيون موسى وكانت فترة الاعتقال عبارة عن مدرسة تعلموا فيها معانى الصبر وحسن التوكل على الله وفى هذه الأثناء رحل إلى الهايكستب وفى مساء يوم 19505/3/ أفرج عنه ليعود مرة أخرى الى استئناف نشاطه االدعوى فى الصعيد وهو المكان التى نقل إليه بعد عودته للعمل ففى 195020/9/ودع إخوانه بدمنهور وتوجه الى الصعيد لتبدأ مرحلة جديدة من حياته.

وظل محتسبا صابرا حتى قامت الثورة وهو ما زال يعمل فى أدفو حتى نقل مرة أخرى إلى أبى المطامير بالبحيرة بعد أن أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا بإعادة الموظفين الذين نقلوا من بلادهم لأماكن اخرى بسبب انتمائهم للإخوان المسلمين وقد عاد إلى أبى المطامير عام 1953م.

وبعد أن ساءت العلاقة بين الإخوان ورجال الثورة وحدثت حادثة المنشية فى 195426/10/ واعتقال الالأف من الإخوان شددت الرقابة عليه فى البيت والعمل, ثم نقل إلى تفتيش بكوم حمادة,وتعرض لأزمة مالية حتى تعذر توفير الخبز للأولاد؛

حتى أن أحد القياسين كان يشترى لهم الخبز بالأجل وبالرغم من ذلك كان شيمته الصبر مرت الأيام مريرة وعلى أسرته بسسب الضيق النفسى الذى كانوا يحيون فيه للمراقبة الدائمة حتى كانت ليلة 8/9/ 1965 والتى حوصر فيها بمنزله وتم اعتقاله لأنه خطير بنسبة تزيد على 60% على حد قول الضابط وودع أهله ورحل إلى السجن الحربى حيث فتحت عليه أبواب جهنم واستقبل بالكرابيج والضرب بالحذاء واعتقل معه الحاج حامد الطحان ومبروك هنيدي

وفى داخل السجن الحربى حقق معه وأفرج عنه بعد أيام بعد أن حقق معه مباحث دمنهور , وبعد خروجه شددت عليه المراقبة حتى طلب منه ألا يغادر كوم حمادة إلا بتصريح مسبوق من المباحث, حتى أنه أثناء زيارته لأهله بكفر الشيخ كانت مباحث كفر الشيخ تلغى الزيارات أحيانا

وبعد هزيمة 1967 حول إلى اختصاص مكتب مباحث مديرية التحرير وكان يستدعى يوميا بل كانوا يترددون عيله يوميا فى عمله وبيته صدرت أكثر من حركة ترقية وتنقلات لكنه حرم منها بسبب انتمائه للإخوان حتى صار مرؤوسا لزملائه بل لمن هم أقل منه فى الأقدمية والمؤهل لكنه كان قد تربى على الصبر

حتى توسط له الأستاذ عباس السيد أحد المفتشين وتمت ترقيته ونقل لكفر الشيخ , وبعد أن انتقل استدعاه الضابط نبيل سويلم ليخبره بالحضور إليه مرة كل أسبوع كما طلب منه أن يحضر له كل الخطابات التى تصل اليه من صهره الأستاذ عبد المنعم مكاوي.

وبعد انتقاله لكفر الشيخ عام 1969م وموت عبد الناصر نشط فى تبليغ دعوة الله وسط الشباب حتى تم اعتقاله هو وصهره الأستاذ عبد المنعم مرة أخرى ونجله حسن فى أكتوبر 1981م ورحل لسجن بور سعيد كما رحل نجله إلى سجن المنصورة ومنه لطره.

واثناء القبض عليه قال له الضابط فى لهجة جافة

" انتم ربنا حينتقم منكم لأنكم سيطرتم على الشباب بفكر معوج" فرد على بعزيمة وإيمان قائلا: لو أن غيرك قالها .. فأنتم تعلمون كم بذلنا من جهد لضبط عواطف الشباب"، وقد اعتقل معه عدد من إخوان كفر الشيخ أمثال الدكتور محمد فؤاد عبد المجيد وموسى زايد.

ظل فى السجن حتى أفرج عنه بعد عشرة شهور.

لحظة وداع

بعد خروجة من المعتقل أخذ يتنقل بين ربوع المحافظة يعلم الشباب ويربيهم على الفهم الصحيح الذى جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل الإمام البنا على غرسه فى نفوس الشباب وعاونه إخوانه الذين آمنوا بدعوة الله وحملوها بكل حب واخلاص ونهضوا بها حتى انتشرت داخل كفر الشيخ.

وفى 1990/30/7 رحلت شريكة حياته التى كانت تخفف عنه هموم الدنيا وظل متذكرا لها حزينا على فراقها حتى لحق بجوار ربه يوم 1992/17/11م، كما لم تمض سنوات معدودة حتى لحق به صهره ورفيقه على الطريق الأستاذ عبد المنعم مكاوى فى مايو 1998م.

فعليهم جميعا رحمة الله ورضوانه.