عاكف لـ(الصحوة): وجود حزب للإخوان ليس معناه إلغاء الجماعة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عاكف لـ(الصحوة): وجود حزب للإخوان ليس معناه إلغاء الجماعة

(14-04-2004)

أجرت الحوار: "توكل عبدالسلام كرمان"

مقدمة

  • منصب المرشد ليس حكرًا على مصر

إن الحديث عن حركة الإخوان المسلمين لا ينقصه الإثارة؛ وسواء كان المتحدث محبًّا مواليًا، أو كارهًا مغاليًا، أو باحثًا محايدًا- أيًّا كان- فإنه لا يمرُّ عليك مرورًا عابرًا، كما أنه لا يحل عليك ضيفًا ثقيلاً، وفي كل الحالات لا تستطيع أن تقول: إنه حديث لا يعنيك، أو إنه خارج اهتماماتك.. حينها تجد نفسك بين موقف تريد أن تبديَه، وآخر تستوضح عنه، فتطرح سؤالاً وتجيب عن آخر..

ما الذي حقَّقه الإخوان؟ وهل فشلوا في تحقيق أهدافهم؟ وما هو موقف الإخوان من المرأة؟ وأين هم من القضايا العربية والإسلامية؟ وما هو رأيهم بالعنف والحوار والمبادرات السياسية المختلفة؟

الكثير من القضايا التي سنتناولها في حوارنا هذا مع المرشد العام لكبرى الحركات الإسلامية؛ فضيلة الأستاذ "محمد مهدي عاكف"، الذي قضى أكثر من ستين عامًا من عمره في الحركة، فمن الجهاز الخاص إلى المشاركة بقيادة حرب القناة إلى عشرين عامًا في السجن إلى المشاركة الفعالة في إعادة نشاط الحركة بعد خروجه.. ثم أخيرًا مرشدًا عامًّا لها.

منصب المرشد العام

  • مرحبًا بك فضيلة المرشد، ولنبدأ من انتخابك مرشدًا عامًّا للإخوان المسلمين.. السرعة التي تمَّت بها عملية انتخابك هذه ألا توحي بأنَّ الأمر كان معدًّا سلفًا؟
وهل كانت وفاة الأستاذ "مأمون"- رحمه الله- المرشد السابق معدَّةً سَلَفًا؟! لقد تُوفِّي- رحمه الله- فجأةً، ولم يكن لنا نحن- أعضاء المكتب- خيارٌ إلا أن نطبِّق اللوائح والنظُم الخاصة بالجماعة في مثل هذه الحالة، وكان من توفيق الله أن تمَّ الأمرُ بسلامة ويُسر وسرعة أيضًا.
  • كيف تمت عملية انتخابكم إذًا؟
حين تعذَّر اجتماع مجلس الشورى انتقلت صلاحياته بالتبعية لمكتب الإرشاد، الذي قام بترشيحي لهذا الموقع، وحين عُرِض الأمر على مجلس الشورى العام- ولما لم يكن هناك مرشَّح آخر- تمَّت الموافقة على ترشيحي لتحمُّل هذه التبعة، وانتهى الأمر في وُدٍّ وهدوءٍ.
  • في مقال لـ"الربعي"- نشرته (الشرق الأوسط) عقب انتخابكم- أشار إلى تطابُق حال الحركة مع المكتب السياسي للحزب الشيوعي.. كون مرشدو الإخوان الذين خلَفوا "البنا" كانوا طاعنين في السنِّ؛ فما سرُّ هذا التطابق؟
بغض النظر عن التطابق من عدمه.. نحن لنا لوائح تحكمنا، ونظام نتبعه في أمورنا، والمهم لدينا هو طريقة سلامة الإجراءات الخاصة بالترشيح والاختيار، وهل هي ملتزمة باللوائح والنظم الخاصة بالجماعة أم لا؟!
وهل توافرت فيها الشفافية التي تعين على الاختيار بدقة وتجرُّد أم لا؟ وهل تمَّت عملية الاختيار على أساس مجموعة من المهامِّ التي يجب توافرها فيمن يرشَّح لهذا الموقع أم لا؟ وبعد تحقيق كل ذلك- وقد كان والحمد لله- لا يعنينا كثيرًا على مَن وقع الاختيار؛ "عمرًا كان أم زيدًا".
  • لكن كل الذين تعاقبوا على موقع المرشد العام بقوا عليه حتى أبعدَهم الموت- رحمهم الله جميعًا- ألا ترى في هذا صورةً أخرى للحكام العرب، تشكك بمدى القناعة بالديمقراطية في الحركة؟
اللوائح تنصُّ على أن تكون مدة ولاية المرشد العام ست سنوات قابلة للتجديد، وقد توفِّي الأستاذ "مصطفى" قبل ست سنوات، والأستاذ "مأمون الهضيبي"- رحمه الله- توفِّي بعد سنةٍ واحدةٍ وشهرين تقريبًا، وهذه أعمار وأقدار.
  • وماذا عن احتكار منصب المرشد العام للمصريِّين فقط، وكأنَّه(ماركة مصرية مسجَّلة)؟
لقد نشأت الدعوة في مصر، وإن كان لها فضل السبق فليس معنى هذا وجوب أن يكون المرشد مصريًّا، واللائحة تؤكد هذا المعنى، وأحب أن أؤكد أن إخوان الأقطار الأخرى فيهم علماء أجلاء وقدرات عظيمة ممن تعتز وتفتخر بهم الدعوة، ونحن نؤكد أننا ملتزمون بلوائح الجماعة، وأي أخ يقع عليه الاختيار- وِفق هذه اللوائح- فأهلاً وسهلاً به؛ سواء كان من مصر أو من غيرها، وأحب أن أؤكد أن هذا الموقع مَغرَمٌ لا مَغنَم، وتكليف لا تشريف.
طالما يستطيع أن يجمع المرشد بين هذا الموقع وذاكَ فلا بأس، لا سيما وأن أكبر ثقل للإخوان فعليًّا يوجد في مصر، كما أنَّه من الصحيح أن الدعوةَ منتشرة في بقاع شتَّى، وأن لكل قطر ظروفه ومشكلاته؛ لكن دعوتنا المباركة تُدارُ بشكلٍ لا مركزيٍّ، وهذا يعطي مرونةً وانطلاقًا.

التنظيم الدولي للإخوان المسلمين

لا يوجد تنظيم دولي بالشكل الذي نتصوره، من حيث الهياكل والمؤسسات؛ ولكن توجد تجمُّعات إخوانية في الأقطار المختلفة، مع تفاوت في الأعداد والتأثير والفعَّالية، وما يهمُّنا دائمًا هو أن تنطلق هذه التجمُّعات في عملها وحركتها من وحدة الفهم والأسلوب والهدف، مع الاهتمام بقضايا الأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين.
  • يُقال: إن زعامَتكم على هذا التنظيم الدولي روحية شكلية فقط، وإن نفوذَكم لا يتجاوز حدود القطر المصري.. فهل هذا صحيح؟
كما ذكرنا سابقًا فإن لكل قطر ظروفَه وأحوالَه ومشكلاتِه، ورَبُّ الدَّار أعلم بما فيه، ونحن هنا في مصر لا نتدخَّل في شئون أي قطر من الأقطار، ومن ناحية أخرى لا نبخل على إخواننا بأيِّ نصحٍ أو توجيهٍ أو استجابةٍ لأي مشورة.
هذا غير صحيح.. والإخوان في مصر حريصون على الاستماع إلى آراءِ ومناقشة أكبر عدد من الإخوان غير المصريين، فذلك يُثري ويُنضج كثيرًا من الرؤى والقضايا والأفكار.
  • هل الأوضاع العالمية والإقليمية تسمح باستمرار هذا التنظيم، أم من الأفضل حلُّه والاكتفاءُ بتنسيق الأعمال وتبادل الأفكار؟
هناك هجمةٌ شرسة الآن على الإسلام تحاول الربط بينه كعقيدة وشريعة وبين الإرهاب، وهناك أيضًا مشروع (أمريكي- صهيوني)، يحاول تركيع الأمة وتوهين عقيدتها، وسلخها من هويتها، وإبعادها عن خصوصيتها الثقافية وميراثها الحضاري، فضلاً عن سلب ثرواتها ومقدراتها، وهذا كلُّه يحتاج إلى أن تتضافر كل الجهود وتتكاتف كل القوى؛ محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، وعلى مستوى الإخوان في كافة الاقطار، وعلى مستوى مؤسسات المجتمع المدني المهتمَّة بالشأن الإسلامي في كل أرجاء الدنيا، وعلى مستوى الأنظمة والحكومات العربية والإسلاميه كذلك.
فالأمر لا يخصُّ أحدًا بعينه.. إن لدينا أوطانًا محتلة، وقواعدَ عسكرية دائمة في المنطقة العربية، ولدينا أيضًا شعوبًا تعاني من جرائم الاغتيال والتصفية والإبادة والمجازر الوحشية، كما يحدث في فلسطين، وهذا يتطلب- بل يستلزم- أن يكون هناك عملٌ دءوبٌ لرفعِ أو على الأقل التخفيف من المعاناة.
  • هل هناك قطر معين أنتم راضون عن مستوى أداء الإخوان فيه؟
مهما فعلنا ومهما قدمنا فنحن نشعر أننا مقصِّرون، والدعوة فعلاً في حاجةٍ ماسَّة إلى أضعاف أضعاف ما يُقدَّم من مال أو جهد، وليس معنى هذا أننا نغمِطُ حقوق أو جهود أو بذل أو تضحيات الإخوان هنا أو هناك؛ لكن الذي أريد قوله: إنَّ الدعوة صاحبةُ فضل علينا جميعًا.
  • هل تظنون أنكم تمثِّلون مرجعيةً لقطاعٍ واسعٍ من أهل السنَّة في مختلف العالم شبيهةً بمرجعية أهل الشيعة؟
الإخوان المسلمون هي جماعة من المسلمين، وليست جماعة المسلمين، ونحن نتبنَّى الإسلام بمفهومه الشامل، ولنا مؤسساتنا التي تعتمد على الشورى الملزِمة، وبالرغم من أننا لسنا فرقةً أو طائفةً إلا أن لنا خياراتٍ فقهيةً في بعض القضايا.
  • تحدثتم سابقًا عن ضرورة وحدة الفهم والأسلوب والهدف في جميع الأقطار؛ لكنَّ الواقع غير ذلك؛ حيث كان هناك اختلافٌ واضحٌ في موقف الإخوان منذ احتلال "صدام" للكويت وحتى الاحتلال الأمريكي للعراق، وكأن الإخوان أشبهُ بالجامعة العربية التي لم تستطِع إلزام عضائها بموقف موحَّدٍ؛ أليس كذلك؟
الإخوان المسلمون كان لهم موقف واضح إزاء احتلال "صدام" للكويت، فقد أدانوا هذه الجريمة النكراء، واعتبروها كارثةً هيَّأت السبيلَ لنقل الصراع العربي الصهيوني إلى صراع عربيٍّ عربيّ، وإن الإدارة الأمريكية نجحت في استدراج "صدَّام" لارتكاب هذه الجريمة، كما أنها استطاعت- في الوقت ذاته- إقناع العرب بعدم إمكانيتهم مواجهة "صدام".
الأمر الذي تطلَّب تحالُفًا دوليًّا تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لإخراج "صدام" بالقوة العسكرية، وحاول الإخوان- مع الآخرين من الحركات الإسلامية- أن ينبِّهوا إلى خطورة هذا الأمر، وإلى ضرورة القيام بمحاولات تدفع في اتجاه إخراج "صدام" من الكويت بطريقةٍ سلميةٍ؛ لكنَّ الأمريكيين كانوا عازمين على المُضيِّ في خطتهم حتى النهاية؛ وهي استخدام القوة العسكرية؛ لكي يقوموا بعد ذلك بالسيطرة الكاملة على نفط الكويت ومنطقة الخليج برمَّتها.
أما فيما يتعلق بمسألة الاحتلال الأمريكي للعراق، فقد فعل الإخوان- كتنظيمات شعبية- كل ما يستطيعون؛ بل إن المجتمع الدولي كلَّه عجَزَ عن أن يقوم بشيء لإيقاف العدوان على العراق، ولعلَّنا لا ننسَى التظاهرة المليونية التي اندلعت في أنحاءٍ شتى في العالم- وفي الولايات المتحدة ذاتها- كي تثني الإدارة الأمريكية عن عزمها ولم تستطع.

منهجية المرشد

  • قلتَ في أول كلمة لك بعدَ توليك الإرشاد بأن ملفَّ الحريات سيكونُ من أول اهتماماتكم؛ فماذا تمتلكون من مشروعٍ تجاه ذلك؟
ملفُّ الحريَّات هو فعلاً أهم الملفات التي نهتمُّ بها في هذه المرحلة؛ لأن الشعوب المكبَّلة بالأغلال لا تكون قادرةً على استرداد حقوقها وممارسة دورها في صنع حاضرها وتقرير مصيرها، فضلاً عن أنها تكون كذلك غير قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ونحن نريد أمةً قويةً ناهضةً واعِدَةً، ونحاول أن ننسِّق في هذا الصدَدِ مع الأحزاب والقُوى السياسية المختلفة، لابد من تكوين رأيٍ عامٍّ قويٍّ وضاغطٍ، ولا يجب أن ننسَى أن الحرية لا توهَب.
  • لكن الملاحظ غيابكم عن المنظَّمات المهتمَّة بحقوق الإنسان المحلِّية والعالَمية، وكأنَّها كانت خارج اهتماماتكم أو ضِمن تحفُّظَاتكم؟
نحن نسعى لأن نشارك بجهد في منظمات حقوق الإنسان العالمية، وأن يكون لنا دورٌ واضحٌ فيها، فالدفاع عن المظلومين- أيًّا كانت عقيدتهم أو جنسيتهم- من الواجبات التي يحضُّ عليها الإسلام، وأما المنظمات المحلية فلنا فيها بعض الإسهامات، وإن كانت دون المستوى المطلوب، ونحن بسبيلنا هذه الأيام لإنشاء مركز للدفاع عن حقوق الإنسان.
  • ماذا عن أولوياتكم على المستوى الداخلي داخل صفوف الإخوان، خاصةً أنه عُرِفَت عنك آراؤك التجديدية؟
الاهتمام بالصفِّ الداخلي من حيث قوة العقيدة والإيمان، وقوة الوحدة والارتباط، والقدرة على الحركة والانطلاق بحكمة واعتدال، وألا تكون هناك طاقة معطلة، وأن يتم توظيف أصحاب الطاقات والإمكانات فيما يناسبهم من أعمال، والمهمُّ أيضًا تفعيل مؤسساتنا حتى تستطيع أن تؤدي دورها على النحو المأمول.

الإخوان والسياسة

  • هل صحيح ما نقل عنكم من أنكم مستعدون لتغيير اسم الحركة وتحويلها لحزب سياسي؟
ليس لدينا مانع من التقدم بطلب لإنشاء حزبٍ يعبِّر عن وجهات نظرنا ورؤيتنا في شتى مجالات الحياة، وأن يكون هذا الحزب تحت أي مسمًّى، وأتصور أن الجماعة كهيئة شعبية دعوية يجب أن تظل تمارس عملها ودورها التربوي والدعوي في المجتمع، تمامًا مثلما يحدث مع إخواننا في الأردن، والمسألة أن المناخ العام والعقبات التي تضعها السلطة أمام الجميع- للأسف- لا تشجِّع حتى الأحزاب القانونية على أن تقوم بدورها في الحركة والاتصال بالجماهير.
  • لكن تغيير الاسمِ قد يؤدي إلى التخلِّي عن تراثِ الحركة، وما حقَّقتْه من رصيدٍ كبيرٍ ارتبط بالاسم خلال ستةٍ وسبعين سنةً من العمل؟!
سوف تبقى الجماعة- بإذن الله- مرتبطةً باسمها أيًّا كان الوضع، ولسْنا مستعدِّين للتنازُل عنه تحت أيِّ ظرف.
  • إنْ تحوَّلتم إلى حزب سياسي فسيكون لديكم برامج وحشد انتخابي للجماهير، بغضِّ النظر عن أفكارهم وأديانهم؛ وهو ما يعني بالضرورة تخلِّيكم عن المنهج الفكري والتربوي للحركة؛ فهل أنتم مستعدُّون لذلك؟
كما قلت: أتصور أن الحزب السياسي لن يكون بديلاً عن الجماعة؛ وإنما يمكن أن يكون أحدَ أنشطتها، وبالرغم من ذلك فسوف تكون برامجه متَّسِقةً مع قواعد ومبادئ وقيم الإسلام، ولا شكَّ أن المجتمع المصري هو مجتمع مسلم، محكوم بمعايير إسلامية في منظومته العقدية وفي نسقه القيَمي.
  • وماذا عن آلية الانتساب للإخوان ومستوياته.. أظنها تحول دون تحولكم لحزب شعبي جامع؟
الجماعة لها دورها، والحزب له دوره، ولا تناقُضَ بينهما.
  • هل ستكون الحركة تنظيمًا سريًّا داخلَ الحزبِ المعلَن؟
الحركة ذاتُها ليست تنظيمًا سريًّا، ولا تقوم بأعمال سريَّة؛ وإنما هي تعمل في النور وفي العلن، ورموزها وأفرادها معروفون، وتواجدهم في النقابات والجمعيات والمساجد، واشتراكهم في الانتخابات العامة ظاهرٌ لكل ذي عينين، والسبعة عشر نائبًا في مجلس الشعب المصري اختارتهم الجماهير على أنهم إخوان مسلمون.
  • ستقبلون مسيحيين وغير متدينين في الحزب؟
طالما أنهم سيلتزمون بفكر ومناهج وأهداف الحزب فلِمَ لا؟!
  • هل أفهم من هذا أنكم قد تقبلون أن يكون مسيحيٌّ رئيسًا للدولة؟
نحن قبلنا بالديمقراطية التي ترتكز أساسًا على الحريات العامة والتعدُّدية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وأودُّ أن أؤكد هنا أن أملنا هو أن نحكم بشريعة الله- عز وجل- كاملةً غير منقوصة، وأي حزب يَحكم بشريعة الله فنحن أعوانه وجنده وأنصاره، وإذا اختارنا الشعب عبر صناديق الانتخابات الحرَّة لتولي الحكم، فلن نتردد في قبول هذا التكليف.
أما فيما يخص قبول مسيحي رئيسًا للدولة، فأودُّ أن أقول: إن الدستور ينصُّ في مادته الثانية على أن دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، واللغة العربية لغتها الرسمية، ويشكِّل المسلمون الغالبية العظمى من الشعب المصري (94%)، ولأن رئاسة الدولة من الولايات العظمى، ولأن الشريعة الإسلامية تجعل من مهامِّ رئيس الدولة حماية وأمن واستقرار الوطن، وإقامة الشريعة والذودِ عنها، فإن من الظُّلم للمسيحي أن يكون رئيسًا للدولة؛ لأنه سيُكلَّف بمهامَّ تُخالف عقيدتَه.
  • ليس هناك وجود حقيقيّ ولا دور لكم في الساحة السياسية؛ تتحركون فقط عبر الهامش الذي تسمح لكم الحكومات به، لا دور لكم سوى إصدار البيانات الورقيَّة.. تهمة تحتاج إلى رد!ر
نحن لا نكتفي بهذا الأمر، فنحن لدينا نوابٌ في المجالس النيابية، وهؤلاء لهم دورهم الذي لا ينكره أحد، وتشاركنا الأحزاب والقوى السياسية المختلفة في الدفاع عن قضايانا القومية- العراق وفلسطين- وأيضًا في الدفاع عن الحريات العامة والإصلاح السياسي بشكلٍ عامٍّ، ولنا تواجدنا وتأثيرنا في الشارع السياسي.
  • ما علاقتكم بحزب الإصلاح؟ وما رأيُكم في تجربته وتحوله إلى حزب برامج، وفي تحالفاته مع الأحزاب القومية واليسارية؟
علاقتُنا بحزب الإصلاح علاقةٌ جيدة، ونحن نتابع نشاطه، ولا شكَّ أن تحولَه إلى حزب ذي برامج يضع حلولاً لإصلاح البناء المؤسسي للدولة والمجتمع، والخروج من الأزمة، والعمل على إصلاح الوضع الاقتصادي وتطوير التعليم، وتحسين وتطوير الخدمات الصحية، وما يخصُّ الأمن والدفاع، ووضع أسس وقواعد سليمة بخصوص السياسة الخارجية... إلخ، شيء طيب ويُحمد لحزب الإصلاح، وأما تحالفاته مع الأحزاب القومية واليسارية من أجل الحريات العامة، والارتقاء بمؤسسات المجتمع المدني، وانتخابات حرَّة ونزيهة فهي أمور مطلوبة من أجل النهوض بدولة اليمن وتقدمه ورقيِّه.
  • مبادرة الحوار مع السلطة، التي أطلقها المحامي "مختار نوح"- وهو من جيل الوسط- إثر خروجه من المعتقل.. ما مصيرها؟ وما رأيكم فيها؟
موضوع الحوار مع السلطة ليس جديدًا، فقد كانت هناك محاولات منَّا خلال العقود الثلاثة الأخيرة كان لها أثرها في خفض حِدَّة التوتر بيننا، ونحن حريصون- كما قال الأستاذ "مصطفى مشهور" المرشد العام الأسبق رحمه الله- أن يسمعوا منا لا أن يسمعوا عنَّا، فأيُّ توتُّرٍ أو احتقانٍ بيننا وبين السلطة ليس في مصلحة أحد، ثم إنَّ التحديات التي تواجهها أمتنا خطيرةٌ، ولها آثارها على المنطقة كلها، وتمس الأنظمة والشعوب دون استثناء، وتحتاج إلى تكاتف كل الجهود.. أما المبادرة التي دعا إليها الأخ الحبيب "مختار نوح" فلم تستمر، وعمومًا نحن مع (الحوار مع السلطة) في أي وقت.
  • ما رأيكم في المبادرات الأمريكية المتعاقبة للإصلاح (مبادرة الشرق الأوسط الكبير والشراكة الشرق أوسطية)؟
نحن رفضنا هذه المبادرة رفضًا قاطعًا، واعتبرناها نوعًا من التدخل في شئوننا، وفرضًا للوصاية علينا، وعودةً بنا إلى عهود الانتداب، ونحن نرى أن الإدارة الأمريكية تريد- تحت زعم إقامة الديمقراطية، وبناء المجتمع المعرفي، وتوسيع الفرص الاقتصادية، من خلال مبادرتها- ابتزاز الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية، والضغط عليها لحساب مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني.
  • ما رأيك في تأجيل قمة تونس؟
تأجيل القمة العربية كان متوقعًا، وحتى لو عقدت لم يكن هناك أمل في أن تناقِش قضايا جوهرية وحيوية، مثل: القضية الفلسطينية، وإجرام الكيان الصهيوني، خاصة بعد استشهاد الشيخ "أحمد ياسين"، وقضية العلاقات العربية الأمريكية في ظل الهيمنة الأمريكية، وقضية الإصلاح الداخلي.. ولاشك أن الإدارة الأمريكية لعبت دورًا بالضغط على بعض الأنظمة لإفشال انعقاد المؤتمر.

ونحن نرى في تصريح الرئيس "مبارك" لدعوته لعقد مؤتمر القمة في القاهرة خطوة إيجابية، وإن كنا نؤكد على ضرورة أن يتناول مؤتمر القمة القضايا التي ذكرناها، وأن يكون هناك من القرارات ما يلبي طموحات وآمال الأمة، وأن تُتَّخذ الإجراءات والآليات المناسبة لتنفيذها.

  • وماذا عن الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.. هل ما زال لهما دورٌ في القضايا العربية والإسلامية؟
الجامعة العربية لابد أن تتغير مواثيقها، وأن تكون لها آلياتللفعل والحركة، ولابد أيضًا أن تساندها وتدعمها إرادة سياسية قوية وفاعلة من الزعماء والحكام العرب حتى تستطيع الجامعة أن تقوم بدورها، ونفس الحال بالنسبة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

موقف الإخوان من المرأة

  • ما رأيكم في ترشيح النساء لعضوية المجالس النيابية؟
المجالس النيابية هي مجالس رقابية وتشريعية، يعني مجالس تمارس فيها ومن خلالها فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي- مِن ثمَّ- تحتاج إلى قدرات وإمكانات علمية وفنية عالية، ولا يقتصر هذا على الرجال دون النساء، والمسألة ليست محاولة إبراز دور النساء في هذا المجال مجاراةً للمنهج الغربي أو إرضاءً للغرب؛ ولكن المسألة تكمن في الاستفادة من طاقات ومواهب الإنسان، بصرف النظر عن كونه رجلاً أو امرأةً.
  • ما الذي تقترحونه على حزب الإصلاح بهذا الشأن؟
لا بأس من تقديم المرأة للترشيح لعضوية المجالس النيابية، طالما أنها قادرةٌ على ذلك، وتسدُّ ثغرةً لا يسدُّها غيرُها، ولا يؤثِّر ذلك سلبًا على بيتِها وأولادِها.
يعتبر هذا الأمر صعبًا في ظل الظروف السياسية الحالية، وعمومًا للمرأة دورُها العظيمُ في كثيرٍ من الأمور الدعوية.
  • كيف نفسِّر غيابَ الإخوان عن مؤتمرات المرأة المختلفة؟
الإخوان حريصون على حضور هذه النوعية من المؤتمرات؛ المحلية منها والعالمية، من منطلق عرض مفاهيمنا ورؤانا في القضايا المختلفة، ومحاولةً لمواجهة الآراء الأخرى التي تصطدم ومبادئ وقيم الإسلام.

.....

  • نقلاً عن صحيفة الصحوة اليمنية، العدد 918، 8/4/2004م.

المصدر