عاكف: أفكارنا عن الإصلاح تستهدف مصلحة الأمة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عاكف: أفكارنا عن الإصلاح تستهدف مصلحة الأمة

(03-06-2004)

حوار- عبد الله الطحاوي، حسام العطيفي

مقدمة

- ليس منطقيًا أن يواجهوا حرصنا على الديمقراطية بالعقاب

- سيظل المنتفعون حجر عثرة على طريق الإصلاحيين

"الحريات أصبحت قدرًا كونيًا يجب أن تستجيب له حكومات المنطقة"، بهذه الجملة لخص الأستاذ محمد مهدي عاكف- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- رؤية الجماعة للأوضاع الراهنة، ضمن حديثنا معه الذي تشعب إلى قضايا الإصلاح والتعددية، وتفسير الجماعة لأسباب الهجمة الأخيرة على بعض رموزها، وهو ما جعل لهذا الحديث مع المرشد العام طباعًا خاصًا.

نص الحوار

  • بماذا تفسر الاستنفار الأمني الأخير الموجه ضد الإخوان؟ وهل هذا يتماشى مع نغمات التفاؤل التي ترددت مؤخرًا حول الإصلاح؟
بدايةً هذا التصعيد غير مبرر إطلاقًا، ومن ثم فالمُطالَب بالتفسير هو النظام وليس الإخوان، لاسيما أن واقع الأمة والظروف المحرجة التي تمر بها المنطقة لا يحتملان هذا التصعيد، ولا أيضًا واقع الإخوان الذين يجندون أنفسهم لصالح الأمة وحركتهم وسط هذه الضغوط مسئولة وراشدة ومحل تقدير من الكافة، وكنا نتوقع أن تترجم أحاديث الإصلاح إلى فعل إيجابي يشعر به الجميع لا العكس، ونحن نحرص على أن تكون مصر نموذجًا ديمقراطيًا يقتدي به في المنطقة، ويقود حركة الإصلاح، فهل هذا يستدعي العقاب.
  • هل تتهم أحدًا أو جهة بالتحريض ضد الإخوان؟
ربما يكون هناك أشخاص يمثل الإصلاح لهم تهديدًا يمس مصالحهم، يريدون إجهاض أي تطور ديمقراطي؛ لأن من مقررات الحكم الديمقراطي سيادة القانون وهيمنة الدستور، وأن تقوم الجهات التشريعية بدورها الرقابي، وهذا معناه انتهاء نفوذهم، لذلك يجب أن يتوقع المنادون بالإصلاح مثل هذه المقاومة الشديدة، وأنا أضع الحملة الأخيرة ضد الإخوان داخل هذا السياق.
  • تحدثتم عن حركتكم المسئولة داخل هذه الظروف الملتهبة.. لكن الحكومة لا تقدر هذا للإخوان، بل تمارس هجومًا عنيفًا عليهم؟
نحن مؤسسة عريقة لها أدبيات مؤسسية في صنع القرار عماده الشورى التي نعتبرها فريضة وخلقًا، وبالتالي كل قرار نتخذه مبني على دراسة وافية ونقاش جاد، ويخدم في المقام الأول مصلحة الأمة، والتي ندور معها بصرف النظر عما يريد ويخطط له الآخرون.

المبادرة

  • هل تعتقد أن المبادرة الأخيرة لها علاقة بالاعتقالات؟
أولاً مبادرة الإخوان الأخيرة أدارت نقاشًا وطنيًا وفكريًا بين العديد من الأطياف الفكرية والسياسية، وهذا أمر قلما تحظى به وثيقة شعبية لاسيما في مثل أجواء السلبية الحالية، ويستوي هنا من أيَّد أو عارض أو كانت له ملاحظة، وقد فتحنا صدورنا وعقولنا لكل الآراء بناءً على قاعدتنا الركيزة: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، وثانيًا بالنسبة للربط بين الحملة الأمنية والمبادرة، فدعني أنا أيضًا أسأل هل ما قدمناه من أفكار وآراء في المبادرة يمثل تهديدًا لأحد أو خروجًا على القانون؟
  • لكن لماذا تمَّ طرح المبادرة بعيدًا عن الأحزاب؟
الأحزاب هي التي ابتعدت عن الإخوان، وأنا لا أحب أن أحرج أحدًا، ولكن ما يقلقني بالفعل هو هذا الخوف المسيطر على بعض القوى السياسية والأحزاب، وحرصهم على عدم خروجهم على ما تُريده الحكومة وما يرسمه النظام، وأعتقد أن من صميم عمليات الإصلاح أن يكون للجماعة الوطنية أجندتها الخاصة والمستقلة التي تتحاور مع الجميع ولا تقصي أحدًا، وأحيانًا قد يكون من مصلحة الوطن والنظام أن نغرد بعض الوقت خارج السرب الرسمي.
  • إذا صحَّ الربط بين المبادرة وحملات القبض على الإخوان فهذا معناه أنه كلما زاد إيمانكم بالديمقراطية والتعددية ازدادت الضربات؛ لأن هذه الأفكار تحرج النظام؟
يجب أن تعلم أنه عندما أطرح أفكاري عن الإصلاح لا يكون في ذهني سوى مصلحة الأمة، وهي حركة ذاتية تعبر عن قناعاتي. وبالتالي لستُ معنيًا بمن يرضى أو يسخط؛ لأنني لا أقول إلا الخير، ولا تنسَ أن الله غايتنا، وهو الذي أمرنا بقول الحق والنصح، وحسب ما هو مؤسس في ثقافتنا الإسلامية في واجب النصح: "لا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيهم إن لم يسمعوها"، فمبادرتنا هي سعيٌ منزهٌ عن المصالح الشخصية والأهواء الذاتية لا تزاحم بها أحدًا، ولا نطلب كرسيًا، ولسنا مسئولين عن أي تفسير غير هذا.

حديث الضمانات

  • طُرحت أفكار حول دمج القوى الإسلامية في النظام السياسي المصري.. هل تعتقد أن هذا الملف قد أغلق؟
بدايةً ليس من طبعي اليأس، والإخوان يستمدون تفاؤلهم من عقيدتهم، وبالتالي يجب أن تتوقع أنهم خارج أجواء الإحباط العام التي تسود قطاعات كبيرة من أبناء الأمة، وإذا كان الجميع يائسًا فلدينا أمل، وإذا كان الكل يراها قد تعقدت، فإننا نرى فُرجة تطل من بعيد، فالله قادر على أن يرشد ولاة أمورنا إلى ما فيه صلاح الأمة، والإسلاميون من حقهم أن يمارسوا دورهم، واضطهادهم ليس من مصلحة الأمة.
  • ولكن يسود حديث ابتزازي عن ضمانات يجب أن يقدمها الإسلاميون.. قبل أن يتم إدماجهم؛ خوفًا من انقلابهم على الديمقراطية؟
بدايةً الديمقراطية انقلب عليها الجميع، وخانها معظم التيارات، وراجِع تاريخنا المعاصر، ومن ثم ليس الإخوان وحدهم المطالبين بالضمانات بل الجميع، ونحن نطرح أنفسنا بخبراتنا وبشورتنا التي نفخر بها، والتي عصمت الجماعة من أي اختلال داخلي، كما سائر في التيارات السياسية، ومن ثم فنحن لا نؤمن فقط بالديمقراطية، بل نمارسها داخل جماعتنا، ونحن لم نطلب حكمًا، كل ما نرجو هو حق الممارسة والوجود.
  • ما رأيكم في الخطوات التي اتخذها النظام للإصلاح مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان؟
وما فائدة إنشاء مؤسسة لحقوق الإنسان والثقافة السائدة هي قهر الإنسان؟.. القضية ثقافة وسياسة، وليست إجراء أو مؤسسة تنشأ، فضلاً عن أن بشائر المجلس واضحة، ولك أن تعلم أن هناك منعًا قسريًا لوصول الشكاوى للمجلس.
  • أوضح بعض الكتاب أن هناك سكوتًا مريبًا يسود النخب حول اعتقال الإخوان بماذا تفسر ذلك؟
لا أعول كثيرًا على أحد، وأعذر الناس، فمَن استطاع أن يقول كلمة الحق فليقلها، ومن لم يستطع فهو حر، فضلاً عن أن الحكومة لها عقل، وعليها أن تزن الأمور بالحكمة، وأن تراجع نفسها، فالحريات قدر كوني قادم لا محالة، ويجب أن تستجيب له، وأنا أعجب كيف تستمر هذه السياسة وهذا السلوك الحكومي غير المبرر تجاه الإخوان، والذي ترتب عليه إغلاق أكثر من ثلاثين شركة وصيدلية وعيادة، أليست هذه أملاكًا مصونة دستوريًا، ألا يمثل هذا عدوانًا على التنمية، ألا يمثل القبض على رجال الأعمال تشويهًا لمناخ الاستثمار في مصر؟ اعتقد أن هناك رجالاً كثيرين في النظام يفهمون هذا الأمر، ولكن للأسف الصوت الغالب هو القهر.

نحو العلنية

  • بعد أن أصبحت مرشدًا للإخوان زاد حضور الجماعة، فأعلنتم المبادرة وأقمتم سرادقات للعزاء، مثلاً عزاء الشيخ ياسين الذي زاد الحضور فيه على ثلاثين ألفًا.. فهل هذا أغضب النظام؟
ليس عندنا ما نخجل منه فنواريه.. أو باطن نحرص على عدم إظهاره، وبطبيعتي أنفر من السرية، فالإخوان واضحون ليس لديهم أسرار، بالإضافة إلى أنهم حملة رسالة ودعاة.. فكيف نخاف أن نجهر به، كما أن العلانية معناها أننا نفتح عقولنا لأي رأي أو تصويب، فضلاً عن أننا واقع له حضوره الفاعل في المجتمع وله أجندته الوطنية والحضارية، كما أن العلانية معناها أننا لسنا على استعداد لأن نفرط في حقوق المواطنة كمصريين يريدون خدمة وطنهم.
  • تحرص الحكومة على أن توجه رسالتها في شكل ضربات أمنية، فهل الرسالة الأخيرة تختلف عن سابقتها؟
ولماذا تراسلنا الحكومة عن طريق زوار الليل؟ هل نحن مغيبون؟‍‍ ألسنا موجودين ويعرفوننا؟!، وإذا كان النظام يرى أننا تخطينا الخطوط الحمراء، فلماذا لا يناقشوننا ويتحاورون معنا، ألسنا مصريين؟‍ ولمصلحة مَن يستمر هذا النهج المشين الذي لا يليق بمصر تاريخًا وحضارةً ودورًا يجب أن يكون نموذجًا للاقتداء في تقدير المواطن واحترام الإنسان.

دعم المقاومة

  • يقال إن دوركم في مناصرة القضية الفلسطينية ليس على المستوى المطلوب والبعض فسره بأنه مغازلة للحكومة فماذا تقول؟
أقول: إن المقبوض عليهم من الإخوان كان بسبب دورهم ومناصرتهم للقضية الفلسطينية، ولعلك سمعت عما حدث في جامعة أسيوط من فصلٍ للطلبة بتهمة مناصرة قضيتي فلسطين والعراق، نحن قمنا بدورنا قدر استطاعتنا وبقدر ما تسمح به الظروف، وقد تصرفنا بمسئولية ورشد وتجنبنا إحراج النظام، ولا ينبغي لأحد أن يزايد على الدور الوطني للإخوان في دعم إخواننا الفلسطينيين وهو دور بدأ من أولى مراحل القضية من قبل 1948م ومستمر حتى نطرد المحتل، ففلسطين للإخوان هي قضية مركزية، والاتهام بالتقصير يجب أن يوجه للنظام الرسمي العربي.
  • طُرحت في الآونة الأخيرة دعوات للانغلاق القطري وإحياء النعرات الشعوبية القديمة كالفرعونية والفينيقية وتفكيك جامعة الدول العربية.. ما رؤيتكم لهذا الأمر؟
أعلن الإخوان أكثر من مرة أننا ندعم جامعة الدول العربية بكل قوة، وأن في دعمها وقوتها خيرًا كثيرًا للعرب والمسلمين لاسيما أن العالم يتوسع في التكتلات، وليس من العقل أن نتفرق، وأيضًا يجب أن نحذر من المحاولات التي توجه ضد الهوية العربية والإسلامية، وتغليب المصالح القطرية على الهمِّ العام.
  • ولماذا لا يقدم الإخوان مبادرة دولية، كما طالب البعض,, أليس الإسلام رسالة عالمية؟
نحن نعمل في هذا المجال بقدر المسموح به لنا، فالإسلام دين عالمي والله بعث محمدًا- صلى الله عليه وسلم- للعالمين بشيرًا ونذيرًا، وليس للمنطقة العربية وحدها، وبالفعل طالبنا بعض الكتاب المحترمين بدور عالمي، وأن يقدم الإخوان رؤية لإصلاح هذا الاعوجاج العالمي والتحامل على المسلمين وتشويه رسالة الإسلام.
  • لكن ألا تخشى أن يفسر هذا على أنه مغازلة لأمريكا أو طلب للحوار مع الحكومة الأمريكية؟
من ثوابتنا أنه لا حوار مع الحكومة الأمريكية، فضلاً عن أننا حركة شعبية تبني جسورها مع الشعوب والثقافات، ولسنا زعماء أو صناع قرار، فالأمم والشعوب هي مجال حركتنا ودعوتنا، وهذا معروف عنا وثابت في فكرتنا ولن نحيد عنه.

الصبر

  • حدثتنا عن الأمل، ولكن الأحزاب والقوى السياسية يائسة من الإصلاح.. الكل يجلس تحت حوائط الإحباط؟
لابد أن نقوي ثقتنا بالله، وأن يتواصى الجميع بالصبر، وأن نعطي الإرادة الآلهية قدرها، فكيف نيأس والله سبحانه وتعالى موجود؟ والقنوط ليس من شعائر الإسلام، وعلينا أن نتعامل مع هذه اللحظات العصيبة على أنها أجور تضاعف من حسناتنا، وعلينا أن نؤدي واجبنا نحو الله، وننصح الآخرين بصدق وأمانة، وهذا وقت الصبر على البلاء والضراء والاحتساب، وعلينا أن نتقدم، فالأمة في حاجة للبناء، وعلى الجميع أن يتفانى في خدمة المجتمع وهم يترقبون لحظات الصبح.. أليس الصبح بقريب.

.......

المصدر