شاهد.. «4» صور متشابهة بين جنازتي الشهيدين حسن البنا ومهدي عاكف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شاهد.. "4" صور متشابهة بين جنازتي الشهيدين حسن البنا ومهدي عاكف


صور متشابهة بين جنازتي الشهيدين.jpg

كتب: يونس حمزاوي

(23 سبتمبر 2017)

مقدمة

رغم طول السنوات بين جنازة الإمام الشهيد حسن البنا، صباح الأحد 13 فبراير 1949م، وجنازة المرشد الشهيد محمد مهدي عاكف، مساء الجمعة 22 سبتمبر 2017م، إلا أن المشهد يكاد يتطابق بين عَلَمين من أعلام العمل الإسلامي، كما تشاهبت جريمة العسكر مع جريمة المباحث الجنائية بحكومة السعديين في العهد الملكي.

استشهاد بالرصاص أو بالإهمال الطبي

الصورة الأولى هي استشهاد الرجلين في ظل تضييق نظام الحكم على الجماعة وتحركاتها، حيث استشهد البنا اغتيالا بالرصاص، واستشهد عاكف بالإهمال الطبي من جانب عصابات سجون العسكر.

فالإمام الشهيد حسن البنا تم اغتياله مساء السبت 12 فبراير 1949م، على يد عصابات الداخلية في العهد الملكي أمام جمعية الشبان المسلمين بشارع رمسيس حاليا، حيث تم إطلاق 7 رصاصات استقرت في جثمان الإمام الشهيد، ورغم ذلك تمكن البنا من تتبع السيارة التي ركبها المجرم ودوّن رقمها "9979"، والتي ثبت بعد ذلك أنها السيارة الرسمية للأميرالي محمود عبد المجيد، المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية.

كما استشهد عاكف عن عمر يناهز 89 عاما، قضى معظمها مجاهدا في سبيل الله، سواء في حرب فلسطين أو حرب الفدائيين بالقناة ضد عصابات الاحتلال الإنجليزي، عامي 50 و51 من القرن الماضي، أو قضاها في سجون الظالمين، بدءا من عهد الملك حتى عهد السفاح السيسي. حيث تم منع نقله إلى مستشفى خاص ليجد رعاية أفضل كما طلبت أسرته، كما لم يتم الإفراح عنه صحيا رغم أن القانون يقر ذلك، ليمضي في سبيل الله شهيدا ثابتا على الحق شامخا أمام الظالمين.

كلاهما استشهد في مستشفى "قصر العيني"

الصورة الثانية أن البنا- عليه رحمة الله- بعد إطلاق الرصاص عليه ظل منتبها، وتم نقله إلى مستشفى قصر العيني، ولكنه لم يجد رعاية طبية، وتركوه ينزف من الساعة 9 مساء السبت، حيث تم إطلاق الرصاص، حتى فاضت روحه حوالي الساعة 12,30" من صباح الأحد، أي حوالي ثلاث ساعات ونصف دون رعاية طبية.

وكذلك استشهد عاكف في مستشفى قصر العيني، بعد أن تم نقله من سجون طره إليها، بعد تراجع حالته الصحية بصورة كبيرة، حتى أشيع وفاته قبل ذلك، وتعرض عاكف لإهمال طبي متعمد، حتى فاضت روحه إلى بارئها.

الأمن يتحكم في صلاة الجنازة و"الدفنة"

الصورة الثالثة التي تتشابه بين الحالتين، هي تحكم الأجهزة الأمنية في صلاة الجنازة و"الدفنة" في كلتا الحالتين. يقول والد حسن البنا عن دفن ابنه:

"أبلغت نبأ موته في الساعة الواحدة، وقيل إنهم لن يسلموا لي جثته إلا إذا وعدتهم بأن تدفن في الساعة التاسعة صباحًا بدون أي احتفال، وإلا فإنهم سيضطرون إلى حمل الجثة من مستشفى قصر العيني إلى القبر، اضُطررت إزاء هذه الأوامر إلى أن أعدهم بتنفيذ كل ما تطلبه الحكومة، رغبة مني أن تصل جثة ولدي إلى بيته، فألقي عليه نظرة أخيرة، وقبيل الفجر حملوا الجثة إلى البيت متسللين، فلم يشهدها أحد من الجيران ولم يعلم بوصولها سواي".

ولم يشارك في "دفنة" البنا إلا والده والسياسي القبطي الشهير مكرم عبيد، وتم منع الجماهير من المشاركة في دفن البنا. وبحسب شهادة المحامي فيصل السيد، فإن العنبر الموجود فيه جثمان عاكف في مستشفى قصر العيني "تحول إلى ثكنة عسكرية، الحركة فيه تتم بأوامر من أمن الانقلاب، حتى إن زميلنا المحامي محمد سالم كان مقيد الحركة، وكان يقوم بإنهاء تصاريح الدفن".

وتابع

"ذهبت لفتح المقبرة بالتنسيق مع ابنة الأستاذ عاكف (كان قد أوصى أن يدفن بجوار عمر التلمساني والأستاذ مصطفي مشهور)، وفوجئت بأن المقبرة والمقابر كلها محاصرة بقيادات أمن الانقلاب، واصطحبوني حتى داخل المقبرة مع تنبيهي بعدم التصوير، كنت بمفردي وأعطيتهم التليفون ليتأكدوا".

منع المشاركة الشعبية في الصلاة و"الدفنة"

ويضيف والد البنا

"ظل حصار البوليس مضروبًا حول البيت وحده، بل حول الجثة نفسها، لا يسمحون لإنسان بالاقتراب منها مهما كانت صلته بالفقيد. وقمت بنفسي بإعداد جثة ولدي للدفن، فإن أحدًا من الرجال المختصين بهذا لم يسمح له بالدخول، ثم أنزلت الجثة حيث وضعت في النعش، وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير.
وطلبت من رجال البوليس أن يحضروا رجالًا يحملوا النعش فرفضوا، فقلت لهم: ليس في البيت رجال، فأجابوا: فليحمله النساء!، وخرج نعش الفقيد محمولا على أكتاف النساء.

ومضت الجنازة الفريدة في الطريق، فإذا بالشارع كله رصف برجال البوليس، وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تصرخ ببريق الحزن والألم والسخط على الظلم الذي احتل جانبي الطريق!، وعندما وصلنا إلى جامع "قيسون" للصلاة على جثمان الفقيد، كان المسجد خاليًا حتى من الخدم، وفهمت بعد ذلك أن رجال البوليس قدموا إلى بيت الله، وأمروا من فيه بالانصراف، ريثما تتم الصلاة على جثمان ولدي.

ووقفت أمام النعش أصلي فانهمرت دموعي، ولم تكن دموعًا؛ بل كانت ابتهالات إلى السماء أن يدرك الله الناس برحمته. ومضى النعش إلى مدافن الإمام، فوارينا التراب هذا الأمل الغالي، وعندما عدنا إلى البيت الباكي الحزين، ومضى النهار وجاء الليل لم يحضر أحد من المعزين؛ لأن الجنود منعوا الناس من الدخول، أما الذين استطاعوا الوصول إلينا للعزاء، فلم يستطيعوا العودة إلى بيوتهم، فقد قبض عليهم إلا مكرم عبيد باشا".

وفي حالة عاكف، يضيف المحامي فيصل السيد:

"قام الطاهر، زوج ابنة أخت فقيدنا الغالي، بتغسيل الجثمان، ولم يسمح الأمن لغيره بحضور الغسل. وقام بالصلاة (داخل مصلى المستشفى)، على فقيدنا خمسة أشخاص (زوج بنت أخته، والمحامي، وثلاثة عناصر من الداخلية)، وأربع سيدات".

ونقل المحامي فيصل السيد عن زوجة عاكف، وفاء عزت، رثاءها له:

"مت يا حبيبي كما كانت وفاة أستاذك البنا، وتشيع كما شيع معلمك البنا.. رحمة الله عليك". ولفت إلى أن "قوات أمن الانقلاب لم تسمح لأحد من الاقتراب من الجثمان، ومنعت حمله ومصاحبته للمقابر".

المصدر