سيف الإسلام: الإخوان يخوضون معركةً لإصلاح المجتمعات

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سيف الإسلام: الإخوان يخوضون معركةً لإصلاح المجتمعات

[27-04-2004]

مقدمة

حوارات12.jpg

• الجماعة لم تشهد انحسارًا منذ نشأتها

• البرنامج التربوي وراء صمود الإخوان في حرب 1948م

أكد الأستاذ سيف الإسلام حسن البنا أن جماعة الإخوان المسلمين موجودة بقوة على الساحة المصرية منذ تأسيسها حتى الآن، ولم تعرف انحسارًا أو تراجعًا؛ بل إنها في تطور مستمر، وحتى في أيام جمال عبدالناصر- عندما اضطر أعضاء الجماعة إلى العمل في الخارج- كان الجناح النسائي- والذي تشكل في معظمه من نساء الإخوان المعتقلين- يعمل في المجال الدعوي بشكل جيد جدًّا، فقد عملن على تربية أولادهن على مبادئ الإخوان والدعوة.

ورغم المحن المتوالية فإن نشاط الإخوان لم يزدد إلا اتساعًا، والانتخابات في مصر تدل على ذلك، فالنقابات المهنية التي لا تزور انتخاباتها يكتسح فيها تيار الإخوان أكثر مقاعدها، نموذج ذلك انتخابات نقابة الأطباء والمهندسين والمحامين.

أما انتخابات مجلس الشعب، فالتيار الإسلامي غير المشروع- حكوميًّا- والذي يُعاني من التضييق والتزوير والمنع والاضطهاد، استطاع أن ينتزع من فم الأسد 17 مقعدًا، ويشهد على تجذر التيار الإسلامي في الواقع المصري قوة استقطابه في المسيرات، والمؤتمرات التي تعقدها الجماعة، والمسيرات تصل إلى الملايين.

كما تطرق سيف الإسلام إلى علاقة الإخوان المسلمين بالقضية الفلسطينية منذ بداياتها الأولى، عندما أعلن "عزالدين القسام" ثورته ضد الإنجليز، وكانت القضية لم تزل في بداياتها الأولى، وعن حرب 1948م، وتشكيل كتائب الإخوان لتحرير فلسطين وتحالف الجماعة مع الملك فاروق.


نص الحوار

حوارات13.jpg

وفيما يلي نص الحديث:

جماعة الإخوان المسلمين موجودة بقوة على الساحة المصرية منذ تأسيسها حتى الآن، ولم تعرف انحسارًا أو تراجعًا؛ بل إنها في تطور مستمر، وحتى في أيام جمال عبدالناصر، عندما اضطر أعضاء الجماعة إلى العمل في الخارج، كان الجناح النسائي، والذي تشكل في معظمه من نساء الإخوان المعتقلين يعمل في المجال الدعوي بشكل جيد جدًّا، فقد عملن على تربية أولادهن على مبادئ الإخوان والدعوة؛ لذا أقول: إن الدعوة سارت ولم توقفها المحن التي تعرضت لها؛ بل إن هذه المحن أكسبتها خبرة في التعامل مع واقعها.
ونشاط الإخوان لم يزدد إلا اتساعًا، والانتخابات في مصر تدل على ذلك، فالنقابات المهنية التي لا تزور انتخاباتها يكتسح فيها تيار الإخوان أكثر مقاعدها، نموذج ذلك انتخابات نقابة الأطباء والمهندسين والمحامين، أما انتخابات مجلس الشعب، فالتيار الإسلامي- الذي يُعاني من التضييق والتزوير والمنع والاضطهاد- استطاع أن ينتزع من فم الأسد 17 مقعدًا، ويشهد على تجذر التيار الإسلامي في الواقع المصري قوة استقطابه في المسيرات، والمؤتمرات التي تعقدها الجماعة، والمسيرات تصل إلى الملايين.


العلاقة مع الحكومة

  • ما طبيعة علاقتكم بالحكومة؟
الحكومة لا تريد أن تعترف بجماعة الإخوان المسلمين كجماعة شرعية، تحت زعم أنه حزب ديني، ونحن لا نريد غير تطبيق الدستور، خاصةً المادة الثانية منه التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وعلاقتنا بالحكومة فيها نوع من الإشكالية، فهم لا يعترفون بشرعية التيار؛ لكنهم في المقابل لا يقدرون على منعنا من ممارسة حقنا كأفراد في الترشيح للانتخابات.
  • الحكومة تحتج بنزوع الجماعة نحو العنف؟
هذا كلام أكل عليه الدهر وشرب، الجماعة لم تسلك مسلك العنف لا في الماضي ولا في الحاضر.


اغتيال عبد الناصر

الشهيد سيد قطب أثناء محاكمته
هذه محاولة كاذبة، وهذا سيناريو مرسوم للإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين، حتى يستطيع عبدالناصر أن يواجه الجيش؛ لأنه قبل ذلك كان يمتدح الجماعة، ولما اختلف معها حول المنهج أراد أن يقدم ذريعة للجيش المصري؛ لكي ينقلب على الجماعة.
ولذا أؤكد أن عبدالناصر أخلف وعده للإخوان المسلمين بعدما كان يعتبر نفسه واحدًا منهم، وأمينًا على أفكارهم، ومستعدًا لإقامة الدستور الإسلامي، فلمَّا اختلف معهم حاك ضدهم المؤامرات، فرأي الإخوان ومحمد نجيب وسليمان حافظ- الذي كان وزيرًا للداخلية- وعبدالرزاق السنهوري باشا كان أن يعود الجيش إلى الثكنات وألا يشارك في الحياة السياسية، وأنه إذا أراد المشاركة فعليه أن يخلع البزة العسكرية، ويؤسس حزبًا سياسيًّا، وأن يتم تنظيم استفتاء حر في البلاد حول الدستور، وكذا انتخابات حرة في البلاد، كان محمد نجيب وسليمان حافظ وعبدالرزاق السنهوري موافقين على ذلك أما عبدالناصر فلم يكن موافقًا، وكان مصممًا على أن ذلك يعني عدم تحقيق أهداف الثورة.
وعبدالناصر كان عميقًا في صراعه مع الإخوان المسلمين، وكان جبارًا عتيًّا، فلم يكن يطيق أن ينازعه أحد السلطة، ويوم أن تظاهر العمال في كفر الدوار للمطالبة بالزيادة في الأجور حوكموا بالإعدام، ونفذ الإعدام فيهم كي يكونوا عبرة لكل من يفكر في أن يرفع صوته بأي اعتراض، لكن في المقابل مسار الحركة لم يتغير.
فالذين أعدموا، والذين حوكموا على عهد عبدالناصر بـ20 سنة سجنًا، وقضوا المدة خرجوا من السجن فأخذت الجماعة دفعة قوية؛ إذ إن كل واحد عاد إلى بلده والتف حوله الشباب باعتباره رمزًا للبطولة والتضحية؛ خاصةً وأن جميع معتقلي الإخوان عرض عليهم كتابة خطاب اعتذار لعبدالناصر مقابل الإفراج عنهم فرفضوا وقالوا: نحن على حق وعبدالناصر على باطل.. فهذه الصورة لفتت انتباه الشباب وجمعتهم في مختلف الأقاليم حول الإخوان، وبدأت الجماعة في ممارسة نشاطها الدعوي وتقديم الخدمات الاجتماعية والمدرسية والصحية.. وهو ما جعل الإخوان على صلة وثيقة بمجتمعهم.


القضية الفلسطينية

كان الإخوان المسلمون أول مَن تظاهر في مصر سنة 1936م، بعدما قام القسام بثورته، ولم يكن حينها أحد يهتم بالقضية الفلسطينية، وأول كتاب طُبع في مصر حول القضية الفلسطينية هو كتاب (النار والدمار في فلسطين) طُبع في مطبعة الإخوان المسلمين، وهو الكتاب الذي كان سببًا لمحنة الإخوان المسلمين؛ إذ إن الشيخ "صبري عابدين" بعثه إلى مصر من أجل طباعته، فقيل له لن يطبع هذا الكتاب غير الإخوان المسلمين، فجاء به إلى جدِّي، فطبع له الكتاب، فجاءت الشرطة إلى المطبعة من أجل مصادرة الكتاب واعتقال المسئولين عن طباعته، فكان جدي يقول: أنا صاحب هذا الكتاب، والشيخ صبري يقول: لا، هذا كتاب خاص بفلسطين وأنا فلسطيني جئتُ أطبعه هنا في هذه المطبعة، وإذا كانت من مسئولية فخذوني، وجدي يؤكد: لا، هذا لا شأنَ له، نحن ندافع عن القضبية الفلسطينية ونطبع هذا الكتاب دفاعًا عنها، وأنا المسئول عن هذه المطبعة.
وتوالى دعم الإخوان المسلمين لإخواننا في فلسطين بشكل متواتر، وبفضل الله- تبارك وتعالى- عارض الإخوان المسلمون كل تنازل يخص القضية الفلسطينية، وكان رأيهم في البداية أن تستمر حرب العصابات التي يقوم بها الشعب نفسه دون الحاجة إلى الجيوش العربية المتخاذلة التي لم تكن تصنع شيئًا؛ إذ إن الأمة كانت كفيلة بالقضاء على العصابات الصهيونية سنة 1948م.
  • في سنة 1948 شكَّلتم كتائب عسكرية.. كيف تم الأمر؟
نعم، في 1948م شكَّل الإخوان المسلمون كتائب عسكرية، وهنا أشير أن البرنامج التربوي للإخوان كان يحث الشباب على أن يكون له حرص على النفسية العسكرية عن طريق الكشافة والرحلات والتنشئة على تحمل المشاق، وبالتالي فقد كان أعضاء الجماعة جاهزين، وكانوا يعتبرون أن تنفيذ حكم الجهاد يتم عن طريق الاستعداد للجهاد حتى إذا نادى المنادي يكون الفرد منهم مستعدًّا، في 1948م الإخوان في مصر زحفت كتائب الإخوان من مصر والسودان إلى فلسطين، وهزمت الأعداء هزيمة قاسية.
والملك فاروق من جهته، سمح لبعض ضباط الجيش بأن يستقيلوا، وأن ينضموا إلى هذه الكتائب، كما سمح لها أن تتدرب تحت سمع وبصر الدولة وبأن تجمع الأسلحة، وطبعًا في منطقة العلمين كانت توجد آلاف الأسلحة المدمرة منذ الحرب العالمية الأولى ولا تزال موجودة حتى الآن.
ويمكن القول: إن موقف الجماعة في 1948م كان أشبه بموقف حزب الله الآن، فالدولة كانت ترعى هذه المقاومة، والملك فاروق كان أحرص على فلسطين من أي حاكم عربي؛ بل كان يعتبر أن هذه الأرض عثمانية وتابعة للولاة العثمانيين، وكان يحسبها من أملاكه؛ لذا فقد فكان يسمح للكتائب بالتدرب ومنحها تصريحًا بنقل وحمل الأسلحة.
وقد كانت العملية ضخمة جدًّا، استنفر فيها ملايين الناس وشكلوا كتائب قامت بعمليات كبيرة جدًا، وإذا رجعت للصحف المصرية في ذلك الوقت ستجدها وقد نشرت شكرًا من القوات المسلحة لكتائب الإخوان المسلمين، خاصةً بعد أن قامت كتائب الإخوان بإنقاذ كتائب للجيش حوصرت في موقع من المواقع.
من الناحية السياسية عارض الإخوان كل تنازل عن شبر واحد من القضية من أول لحظة، فالكيان الصهيوني حينما حاق به الهزيمة طلب وقف إطلاق النار، وسانده في ذلك العالم الغربي، وهي أول مرة يتم فيها اتخاذ قرار من مجلس الأمن بوقف القتال في فلسطين لصالح الكيان الصهيوني؛ لأن الكتائب كانت أوشكت على أن تنهي الوجود الصهيوني؛ بل إنها كانت على بعد 13 كم من تل أبيب، وطبعًا مندوب الأردن في جلسة مجلس الأمن أكد أنه لا وقف للقتال إلا إذا ألقى اليهود أسلحتهم وسلموها للعرب، ورحل المهاجرون الذين جاءوا من أصل غير فلسطيني خارج فلسطين، وإلا إذا أقيمت دولة ديمقراطية في فلسطين يحكمها الفلسطينيون أيًّا كان دينهم: مسلمون أو مسيحيون أو يهود؛ لكن القرار اتخذ بوقف إطلاق النار رغم معارضة الإخوان؛ بل دعوا إلى عدم الاستجابة للضغوط الغربية في هذا الشأن ولو أدى ذلك إلى خروجهم من الأمم المتحدة.
لقد كنَّا على مرمى حجر من تل أبيب، فمصطفى السباعي دخل القدس وحررها وسلَّمها الأردن، ولكن الخيانة بدأت من اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية، التي قبلت وقف إطلاق النار، فأعطت طوق الإنقاذ لليهود ليعيدوا ترتيب أوراقهم ومنعت عنهم هزيمة ساحقة كانت ستحل بهم، وكانت هذه أول خطوة في طريق الاستسلام للحكومات العربية، مما أفسح المجال للعصابات التي لم تكن على استعداد كامل للحرب أو إنها كانت على استعداد؛ لكنها هزمت حتى تلم نفسها وتعيد الكرة، وكتب حسن البنا كتابات شددت جدًّا في هذا الموضوع.
وأصبح واضحًا أنه مادام الإخوان المسلمون موجودين على الساحة، ويستطيعون تحريك مليون فرد من المصريين، فلا وجود الكيان الصهيوني ولا وجود للاستعمار، لذلك تم اغتيال حسن البنا الذي استعصى على الاحتواء وعلى العمالة، ورفض أي منصب قُدِّم له، سنة 1949م، ليتم بعد ذلك تدبير موضوع انقلاب عبدالناصر من أجل مهاجمة الإخوان.
  • ما موقفكم الحالي من تطورات القضية؟
الآن، موقف الإخوان من القضية هو هو لم يتغير، فنحن ندين كل حل سلمي ولا نثق أدنى ثقة في السياسة العربية تجاه فلسطين، كنتُ في البرلمان عضوًا، وطالبتُ الحكومة فقط أن تسمح لنا بأن نشكل أنفسنا من أجل تحرير فلسطين، لا نريد منهم شيئًا، السلاح نحن نعرف طريقه، سنأخذه من أيدي أعدائنا؛ ولكن فقط دعونا نشكل كتائب لتحرير فلسطين.. فقط لا نريد من الحكومة المصرية أن تطعننا في ظهورنا.


المشروع السياسة

قدم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ "مهدي عاكف" في نقابة الصحفيين برنامج الإخوان الرسمي، وأوله الإصلاح السياسي في مصر والمتمثل في إطلاق الحريات وإلغاء القوانين المشبوهة، ورد الأمر إلى الشعب وتنظيم انتخابات نزيهة ورد السلطة إلى الشعب.
لا.. ليس عندنا هذه الإشكالية؛ لأن السعي للمنصب غير موجود عندنا، لقد حضرتم مؤتمر حزب العدالة والتنمية المغربي، ورأيتم كيف أن أحدًا لا يرشح نفسه، وأن القاعدة هي التي ترشح وهي التي تصوت، ورأيتم انتخابات حرة ونزيهة في منتهى الشفافية في صناديق زجاجية وبحضور الجميع، والانتخابات تمت على مراحل.. هذه هي ديمقراطية وشورى الإسلاميين، كما شهدها حزب العدالة والتنمية، وهكذا يتم في كل الأحزاب الإسلامية.
  • ما أولويات الجماعة في المستقبل؟
نخوض معركة في مصر لإصلاح المجتمع المصري، وهناك لجان للتنسيق مع الأحزاب المصرية الأخرى المعارضة، وكنت مندوبًا عن الإخوان المسلمين في هذه اللجان، والإصلاح السياسي في مصر هو خطوة أولي، حتى تستطيع الجماعة أن تأخذ وجودها على الساحة الشرعية، وتساهم مساهمة عملية في تغيير القرار السياسي.

• نقلاً عن جريدة القدس العربي اللندنية بتاريخ 26/4/2004م.

المصدر