ردًا على السفيه.. دراسة أمريكية: هذه المخاطر تحاصر النيل من شماله وجنوبه

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ردًا على السفيه.. دراسة أمريكية: هذه المخاطر تحاصر النيل من شماله وجنوبه


هذه المخاطر تحاصر النيل من شماله وجنوبه.jpg

كتبه:Omar Omar

(31 يناير 2018)

مقدمة

يحذر تقرير حديث أصدرته جامعة "ييل" الأمريكية بعنوان "النيل الذى يتلاشى: نهر عظيم يواجه تهديدات كثيرة"، من تعرض نهر النيل لخطرين: الأول من جنوبه ويتعلق بإصرار إثيوبيا على إقامة سد النهضة، والخطر الثاني من شماله ويتعلق بارتفاع منسوب مياه البحر، نتيجة التغير المناخى الذى يؤدى إلى تسرب المياه المالحة إلى الدلتا.

من جانبنا ننشر مقتطفات من هذه الدراسة؛ ردا على تصريحات سفيه العسكر وزعيم عصابات الانقلاب عبد الفتاح السيسي أمس في إثيوبيا، والذي لا يرى في سد النهضة خطرا على الوجود المصري، وليس الأمن القومي للبلاد فحسب. وتمخضت تصريحات السفيه عن جولات جديدة من المفاوضات خلال شهر فبراير، والتي تأكد فشلها مرارا وتكرارا خلال 17 جولة سابقة على مدار سنوات مضت، ما يعني أن السيسي لا خيار له سوى التفاوض ومزيد من التفاوض، حتى لو لم نصل إلى حل.

مخاطر التغير المناخي

تقرير الجامعة الأمريكية استند إلى عدد كبير من المصادر والدراسات السابقة، لافتاً إلى أن النيل يتعرض لمشاكل خطيرة تهدد بدورها حياة المصريين الذين يعتمدون عليه بشكل كامل.

ويشير إلى أنه

"على الرغم من أن السياسيين والصحفيين يميلون إلى التقليل من خطورة التغير المناخى، فإن التدهور البيئى الناتج عنه غالباً ما يكون سببًا أساسيًا فى الأزمات الدولية، فالإبادة الجماعية فى رواندا فى التسعينات بدأت فى حقيقتها لانخفاض الإنتاج الزراعى الناتج عن اختفاء الغابات وعوامل التعرية والتصحر، وكذا الحرب الأهلية الحالية فى سوريا كان أحد عواملها الجفاف الطويل الذى دفع سكان الريف إلى المدن، وما ترتب على ذلك من اضطرابات اجتماعية وأزمات".

ويحذر التقرير:

"يمكن أن تصبح مصر أحدث مثال على الأزمات الدولية الناتجة عن التغير المناخى، حيث إن 95 مليون مصرى من المحتمل أن يكونوا ضحايا كارثة ناجمة عن سوء التعامل مع البيئة، وهو ما يحدث الآن فى دلتا نهر النيل التى تمثل 2.5٪ فقط من مساحة الأراضى المصرية، ويعيش عليها نحو 50 مليون شخص، والباقون يعيشون فى وادى نهر النيل نفسه الذى يمثل نسبة 1% أخرى من إجمالى مساحة الأراضى فى البلاد".

احذروا من السد والمناخ

وأكدت دراسة نُشرت فى مجلة الجيولوجيا الأمريكية، التى تسهب فى عرض الآثار المدمرة لسد النهضة على مصر، أنه "خلال فترة ملء الخزان" قد تنخفض حصتها من المياه العذبة بنسبة 25%، ما يعنى فقدان ثلث الكهرباء التى ينتجها السد العالى. انخفاض مياه النيل بنسبة 25٪ بسبب "النهضة"، يعنى فقدان ثلث الكهرباء التى ينتجها السد العالى.. وتسرب المياه المالحة من ارتفاع متر واحد فى مستوى سطح البحر يعرض أكثر من ثلث المياه العذبة فى الدلتا للخطر

وتستشهد جامعة "ييل" بدراسة نُشرت فى مجلة الجمعية الجيولوجية لأمريكا "GSA Today" عدد مايو الماضى، أن مصر ستواجه "نقصاً خطيراً فى المياه العذبة والطاقة فى جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2025"، ويمكن أن تعانى الزراعة فى الدلتا التى تُنتج ما يصل إلى 60% من الأغذية المصرية من نقص مياه الرى.

ورغم هذه النتائج الكارثية أوضحت دراسة "GSA Today" ، التى جاءت بعنوان "زيادة هبوط الأراضى وارتفاع مستوى سطح البحر تغمر الهامش الساحلى لدولة النيل فى مصر"، أن "السد الجديد هو واحد فقط من سلسلة من التهديدات البيئية التى تواجه مصر حالياً، وارتفاع مستويات سطح البحر، الناجم عن تغير المناخ

هو أكثر هذه التهديدات وضوحاً، فمعظم دلتا النيل يرتفع فقط متراً واحداً فوق مستوى سطح البحر، وارتفاع نصف متر فى مستوى سطح البحر سيقلص الدلتا بنسبة 19%، وإذا ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد خلال هذا القرن، كما يعتقد كثير من علماء المناخ على الأرجح، فإن ثلث الدلتا يمكن أن يختفى تحت البحر الأبيض المتوسط".

واستندت دراسة الجمعية الأمريكية التى أجراها العالمان "جان دانيال ستانلى" و"بابلو كليمنتى"، إلى دراسة سابقة أجراها باحثان مصريان من جامعة أسيوط فى العام 2014 هما "أحمد سيف النصر" و"محسن شريف"، وتتجاهل هذه الدراسة تقديرات أخرى أكثر تشاؤماً لدراسة أجرتها مجلة "نيتشر" العلمية الشهيرة فى 2016، كما تتجاهل الآثار المتراكمة لانخفاض الأراضى فى الدلتا، خصوصا على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط.

تأثيرات النشاط الزلزالي على الدلتا

وعزا الجيولوجى الأمريكى "جان دانيال ستانلى"، المشرف على الدراسة المنشورة بمجلة الجمعية الجيولوجية، هبوط الدلتا إلى استمرار الانضغاط بين الطبقات الجيولوجية الكامنة والنشاط الزلزالى، مشيرا إلى أن حركة الزلازل فى المنطقة تُعتبر مستقرة، ولكنها ليست خاملة، فزلزال بقوة 5 "ريختر" أو أكثر يحدث هناك بمعدل كل 23 سنة

فضلاً عن أن الزلازل الصغيرة متكررة، والدلتا تنحسر، وتصبح أقل خصوبة، لأنها لم تعد تتجدد سنوياً بـ100 مليون طن من رواسب الفيضانات التى كانت تأتيها من النيل سنوياً قبل السد العالى فى الستينات من القرن الماضى، بدلاً من ذلك، تسقط هذه الرواسب أمام السد العالى، وهناك دلتا جديدة تشكل الآن هناك، ولكن تحت الماء.

وعزت دراسات أخرى زيادة النشاط الزلزالى فى المنطقة إلى وزن السد والمياه المخزّنة وراءه، إضافة إلى الخسارة شبه المؤكدة فى مساحة الأراضى فى الدلتا، فإن الجمع بين ارتفاع مستوى سطح البحر وهبوط الأراضى سيزيد أيضا من تسرب المياه المالحة، ومصر هى بالفعل واحدة من أفقر الدول فى العالم من حيث توافر المياه للفرد الواحد، فإن لديها 660 مترا مكعبا من المياه العذبة سنويا للفرد، مقابل 9800 متر مكعب فى الولايات المتحدة، ولكن وفقا لدراسة "سيف النصر"، فإن تسرب المياه المالحة من ارتفاع متر واحد فى مستوى سطح البحر يمكن أن يعرض للخطر أكثر من ثلث حجم المياه العذبة فى الدلتا.

وقال "ستانلى":

إنه "إذا تحدثت إلى المزارعين فى شمال الدلتا فسوف يخبرونك بأنهم يفقدون مزيدا من المحصول نتيجة تدهور التربة باستمرار، وأن تيار المياه المالحة يتحرك نحو منتصف الدلتا، وهذا أمر خطير مع تضاعف عدد سكان مصر المتوقع خلال الخمسين عاماً المقبلة".

اقتصاد متعثر وأوضاع مضطربة

وعن سبل معالجة هذه التحديات الكبيرة، قال تقرير "جامعة ييل":

"كيف ينبغى لمصر، مع اقتصادها المتعثر والوضع الأمنى المضطرب أن تعالج هذه التحديات التى تهدد الحياة بشكل واضح؟ وعلى الرغم من الحديث المفرط عن تدمير السد الإثيوبى، يبدو أن الحرب خيار مستحيل، وأنه فى عام 2015، وقّعت مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقا مشتركا بشأن عدم الإضرار، وفقط فى يناير الماضى، اجتمع السيسى فى أديس أبابا، على ما يبدو وديا، مع رئيس الوزراء الإثيوبى هايلى ماريام ديسالين
لكن الاتفاق الرسمى حول كيفية تقاسم موارد النيل لم يتم التوصل إليه بعد ويمكن لإثيوبيا أن تقلل من الضرر المباشر فى المصب عن طريق إطالة زمن فترة ملء خزان السد، ولكن هذا يعنى تأخير الاستفادة من فوائد السد التى تبالغ أديس أبابا فيها على كل حال".

المصدر