ذكاء وعزة الملك فيصل نحو قضية فلسطين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
ذكاء وعزة الملك فيصل نحو قضية فلسطين


  • بقلم / الدكتور معروف الدواليبي
الملك فيصل والجنرال ديجول

روي الدكتور معروف الدواليبي يرحمه الله هذا اللقاء الهام بين الجنرال ديجول والملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله قبيل حرب يونيو 67 ، يقول الدكتور الدواليبي ( ص 201) من مذكراته:

أنا لي تجربة مع الجنرال ديجول من يوم قضية استقلال سوريا، فمع أنه كان محاطاً بعناصر يهودية (صهيونية) فديجول عندما يعرف الحقيقة يغيــّر مواقفـه، ولذلك كنت حريصاً على لقاء الملك فيصل بـه، وألححت في ذلك وأصررت. وكانت هناك رواسب قديمة لدى الملك فيصل وولي العهد الأمير خالد، وموقف سلبي من ديجول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية -وتابع الدكتور الدواليبي- إصراره على اللقاء حتى كان الملك فيصل في زيارة لانجلترا، ومنها إلى بروكسل، وكان ديجول يرى نتيجة لمساعي الدكتور الدواليبي ألا تكون دعوة رسمية لفيصل، وإنما يخرج من بروكسل، ويمر في طريقه بديجول، فرفض الملك فيصل وأصر أن تكون دعوة رسمية، لذلك تجاوز الملك فيصل باريس إلى جنيف ثم عاد منها إلى باريس، وفي اليوم الأول أو الثاني من حزيران (1967) كان لقاؤه مع الجنرال ديجول، ومعه الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون حيث جلسا مع رئيس وزرائه السيد جورج بومبيدو، وبدأ الاجتماع بين الرجلين فيصل وديجول ومترجم :

قال ديجول : يتحدث الناس أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع..

أجاب الملك فيصل: يا فخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا، إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا ( أنت ) انسحبت مع الجيش الانجليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه، فلا أنت رضخت للأمر الواقع، ولا شعبك رضخ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع، والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً.

دهـش ديجول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل، فغير لهجته وقال: يا جلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى إسرائيل ولد هناك.

أجاب الملك فيصل: فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك، وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر !!؟ غـزاة فاتحيـن حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، فكيف تقول أن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون، وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة، فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط!! ؟ أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود، ولا نصلحها لمصلحة روما!!؟ ونحن العرب أمضينا مائتي سنة في جنوب فرنسا، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها.

الملك-فيصل.png

قال ديجول: ولكنهم يقولون أن أباهم ولد فيها!!!

أجاب الفيصل: غريب!!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس، وأكثر السفراء يولد لهم أطفال في باريس، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس !! فمسكينة باريس !! لا أدري لمن ســـتكون !!؟

سكت ديجول ، وضرب الجرس مستدعياً (بومبيدو) وكان جالساً مع الأمير سلطان ورشاد فرعون في الخارج، وقال ديجول: الآن فهمت القضية الفلسطينية، أوقفوا السـلاح المصدر لإسرائيل وكانت إسرائيل يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست أمريكية.

يقول الدواليبي: واستقبلنا الملك فيصل في الظهران عند رجوعه من هذه المقابلة،وفي صباح اليوم التالي ونحن في الظهران استدعى الملك فيصل رئيس شركة التابلاين الأمريكية،وكنت حاضراً ( الكلام للدواليبي ) وقال له : إن أي نقطة بترول تذهب إلى إسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم، ولما علم بعد ذلك أن أمريكا أرسلت مساعدة لإسرائيل قطع عنها البترول، وقامت المظاهرات في أمريكا، ووقف الناس مصطفين أمام محطات الوقود،وهتف المتظاهرون: نريد البترول ولا نريد إسرائيل، وهكذا استطاع هذا الرجل (الملك فيصل يرحمه الله) بنتيجة حديثه مع ديجول، وبموقفه البطولي في قطع النفط أن يقلب الموازين كلها.

انتهى كلام الدواليبي … وهو كاتب سوري في المنفى