خطة السيسي لتدمير التعليم الجامعي بمصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
خطة السيسي لتدمير التعليم الجامعي بمصر


خطة السيسي لتدمير التعليم الجامعي بمصر.jpg

كتب:مجدي عزت

(24 ديسمبر 2017)

مقدمة

في الوقت الذي تحذر المؤشرات العالمية لجودة التعليم من تراجع ترتيب مصر، وبدلا من أن توجه حكومة الانقلاب مخصصات أكبر للعملية التعليمية لتطوير الجامعات والنظام التعليمي ترفع حكومة الانقلاب العسكري -التي لا تهتم إلا بالبزنس وتنفيذ أوامر الصهاينة- يدها عن التعليم الجامعي لمستثمرين بالمخالفة للدستور والقوانين المعمول بها من سنوات

في مقامرة لا تقل خطورة عن قانون السكك الحديدية الجديدة الذي سمح لشركات القطاع الخاص إقامة خطوط سكك حديدية لأول مرة، وهو ما يخالف الدساتير المصرية التي تحمي القطاعات الحكومية من تغول المستثمرين، وبمقتضاها ينسحب دور الدولة عن تحمل مسئولياتها، خاصة في القطاعات التي تمس حياة الشعب.

وبطريقة صهيونية، بدأت الدوائر الجهنمية المحيطة بالسيسي تحركاتها غير القانونية والمنافية لدستور العسكر نفسه، عبر اتصالات بالجهات القضائية التي تنظر قانون الجامعات الجديد، لتمريره رغم مؤشرات تؤكد عدم دستوريته.

وحسب مصادر سياسية تركزت اتصالات السيسي ومجلس الوزراء من جهة، وبين مجلس الدولة ومجلس القضاء الأعلى من جهة أخرى، لمنع اعتراض أي من الأخيرين على مشروع تعديل قانون الجامعات الذي يسمح للمرة الأولى للجامعات الحكومية بممارسة أنشطة هادفة للربح أو المساهمة في ذلك مع مستثمرين آخرين، وهو ما يعتبر تغييرًا مبدئيًا في سياسة التعامل الحكومي مع التعليم العالي، في سبيل تخفيف أعباء الإنفاق على هذا البند من الموازنة العامة للدولة.

وقالت المصادر إن الحكومة علمت بوجود معارضة قضائية لتمرير هذا المشروع الذي ما زال يراجع في مجلس الدولة وفقًا للمادة 190 من الدستور، كما سيعرض على مجلس القضاء الأعلى لأخذ رأيه في بعض بنوده المتعلقة بالإجراءات القضائية، لشبهة تعارضه الصريحة مع المادة 21 من الدستور الحالي

التي تنص على أن "تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعي وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعي وتكفل مجانيته في جامعات الدولة ومعاهدها.. وتعمل على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية (أي الخاصة التي لا تبتغي الربح)، وتلتزم بضمان جودة التعليم في الجامعات الخاصة والأهلية".

خطط اللواءات

وحسب مصادر؛ فقد انتبهت حكومة الانقلاب لهذه الممانعة بعدما وجّهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في شهر يونيو الماضي، ضربة غير مباشرة لمخطط خصخصة التعليم العالي والجامعات، حسمًا لمسألة كانت قد أثارت خلافًا داخل الحكومة، وعرضها وزير التعليم العالي السابق على مجلس الدولة

وتتعلّق بمدى جواز مساهمة شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا (التي يرأسها حاليًا وزير التعليم السابق أحمد زكي بدر وتملك أسهمها مجموعة من البنوك وشركات التأمين)، في رأس مال جامعة 6 أكتوبر الخاصة، إحدى أبرز الجامعات الخاصة في مصر، ومدى جواز مشاركة الشركة مع الجامعة في تأسيس شركات تجارية مساهمة للمرة الأولى.

ورفضت "الفتوى" في يوليو الماضي تلك المشاركة، مؤكدة عدم دستورية ممارسة أي جامعة سواء كانت خاصة أو حكومية للأنشطة الهادفة للربح، استنادًا إلى أن الدساتير المتعاقبة منذ 1971 ومواكبة منها لزيادة نسبة التعليم وتلبية احتياجات المجتمع من التخصصات العلمية الحديثة، ألزمت الدولة بالإشراف على التعليم كله وكفالة استقلال الجامعات والبحث العلمي

باعتباره من المقومات الأساسية للمجتمع، وحرصت على تكريس دور الدولة في هذا المجال، فألقي على عاتقها كفالة استقلال المؤسسات التعليمية وتوفير التعليم الجامعي وفقًا لمعايير الجودة التعليمية، وتطويره بالتعاون مع القطاعين الخاص والأهلي ومساهمة المصريين بالخارج.

مشددة على أنه

"لا يجوز لأية جامعة حكومية أو خاصة إنشاء شركات مساهمة أو المشاركة فيها مع مستثمرين، لأن هذه الشركات يكون غرضها الأساسي أو الوحيد تحقيق الربح".

خصخصة تدريجية

وكانت حكومة الانقلاب ترغب في أن تصدر الفتوى بإجازة هذه الشراكة بين الجامعات الخاصة والشركات المساهمة لتحقيق أهداف عدة، أبرزها السماح للمستثمرين بمضاعفة رأس مال الجامعات والمعاهد الخاصة، وجذب قطاعات أكبر من المستثمرين للعمل في مجال التعليم العالي لسد احتياجات السوق

والتمهيد لإجراء الشراكة ذاتها بين الجامعات الحكومية والشركات المساهمة، والترويج لفكرة الاستثمار في مجال التعليم العالي كنشاط هادف ومحقق للربح حتى يستعد السوق لتطبيق فكرة تحويل الجامعات الحكومية إلى أهلية والسماح بتأسيسها لشركات مساهمة.

تمويل البحث العلمي.. أزمة تقود لكارثة

وتتركز الاتصالات السرية بين النظام والقضاء على إضفاء الدستورية على المشروع قبل عرضه على البرلمان، لتغطيته قانونيًا وتقليل المعارضة المنتظرة له، بزعم أن "ممارسة الأنشطة الهادفة للربح أو المساهمة مع مستثمرين آخرين، تهدف فقط إلى تمويل أنشطة البحث العلمي بالجامعات والمعاهد الحكومية التابعة لها"

على الرغم من أن الحكومة لا تهتم في حقيقة الأمر بمسألة تمويل البحث العلمي، بل إن هذه الشراكة تستهدف في الأساس أن تتحمل كل جامعة نسبة محددة من نفقاتها، مع تخفيض المخصصات الأساسية لها من الخزانة العامة، وهو ما سيجبر الجامعات على عدم الاكتفاء بممارسة الأنشطة العلمية الهادفة للربح كإنشاء معاهد تقدم خدمات مدفوعة، بل سيمتد الأمر إلى المشاركة مع المستثمرين في تقديم خدمات مدفوعة لطلاب الجامعات ذاتها.

ودعت الاتصالات القضاة إلى

"التخفيف من القيود الدستورية بشأن أنشطة الجامعات، أسوة بالموافقة التي منحها مجلس الدولة -على خلاف المتوقع- لمشروع قانون السكك الحديدية الشهر الماضي، للسماح لهيئة السكك الحديدية بمنح المستثمرين وحدهم أو بالاشتراك مع الحكومة، مشاريع إنشاء خطوط وشبكات السكك الحديدية الجديدة، للمرة الأولى في تاريخ مصر

استثناءً من أحكام قانون التزامات المرافق العامة الصادر عام 1947، وقانون منح امتيازات استثمار موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة الصادر عام 1958، واللذين كانا لا يسمحان بمثل هذه الشراكة في المرافق الحيوية والمشاريع القومية التي تتولى الدولة إدارتها حصرياً".

ويتكامل هذا الاتجاه الحكومي الذي يترجمه مشروع القانون المذكور مع خطة لتحويل الخدمات الجامعية الحكومية إلى خدمات مدفوعة بنسبة لا تقلّ عن 75% تدريجياً، والتدرّج في تحويل بعض الجامعات الإقليمية إلى جامعات أهلية، فيتشارك القطاع الخاص مع الدولة في إدارتها، ليتحمّل المستثمرون جزءًا من الأعباء التي تتحملها الدولة حاليًا، على أن تكون الأولوية للمستثمرين المتخصصين في مجال التعليم والثقافة، أي بمعنى أدق إدارات الجامعات والمدارس والأكاديميات والمعاهد الخاصة الهادفة أصلاً إلى الربح.

كوارث مستقبلية

وبمقتضى التعديلات المزمع اجرائها بقانون الجامعات نحو الخصخصة والبزنس وتخلي الدولة عن دورها ، ينفتح الباب على مصراعية أمام تحول التعليم لخدمة مدفوعة الأجر، ما يحرم ملايين النوابغ والمتميزين من حقهم الدستوري لإكمال تعليمهم الجامعي، وهجرة العقول لخارج مصر، حيث فرص استكمال التعليم وتلقي خدمات علمية فائقة سيكون أقل تكلفة مما هو في مصر.

ويفضح التعديلات المقررة حقيقة نظام السيسي الانقلابي، الذي تعهد منذ اللحظات الأولى لانقلابه العسكري بأن الشعب سيدفع كثيرا "هتدفع يعني هتدفع"، وهو الأمر الذي يعايشه المصريون ليل نهار، في أسعار الاتصالات والوقود والمواصلات والصحة والعلاج وغيرها من الخدمات التي تتخلى عن تمويلها ودعمها الدولة عبر قوانين وقرارات انقلابية يغطيها برلمان العسكر، الذي يوافق على كل ما يقدم اليه من مقترحات!!

دولة الاحتلال الإسرائيلي

وبمقارنة بسيطة.. يتضح الفرق بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث يمتلك الاحتلال 55 مؤسسة للتعليم العالي منها 8 جامعات و23 مؤسسة لتأهيل المعلمين، و24 كلية أكاديمية وتدرس هذه المؤسسات أكثر من 500 تخصص، وعدد طلاب مؤسسات التعليم العالي يزيد عن 270 ألفا، يتعلم 37% منهم في الجامعات، و44% فى الكليات، ويشارك 19% بدورات مختلفة في إطار الجامعات المفتوحة.

وتحتل دولة الاحتلال المرتبة الـ15 على العالم من جهة أبحاثها المنشورة في العلوم البحتة والتطبيقية، وتحتل جامعاتتها مراكز متقدمة في أبرز التصنيفات العالمية للجامعات كتصنيف معهد شنغهاي، وتصنيف كيو إس، وتصنيف ويبوماتركس، وتنفق ما مقداره 4.7% من دخلها القومي على البحث العلمي. أما مصر فلا يزيد الإنفاق عن 05,% من دخلها، وهو ما يوضح تدمير السيسي ونظامه للتعليم في مصر، لصالح الصهاينة.

المصدر