الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حول القضية الفلسطينية (2)»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ١٨١: سطر ١٨١:


• وهكذا مع كل جولة وضربة توجه للجماعة نجد نشاطًا متزايدًا للعدو الصهيوني وحملة جديدة ضد [[الإخوان]] تبدأ بنشر الأكاذيب لتضليل الرأي العام ثم الاعتقالات.
• وهكذا مع كل جولة وضربة توجه للجماعة نجد نشاطًا متزايدًا للعدو الصهيوني وحملة جديدة ضد [[الإخوان]] تبدأ بنشر الأكاذيب لتضليل الرأي العام ثم الاعتقالات.
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:روابط محمد عبدالرحمن]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٩:٤٢، ٢١ فبراير ٢٠١٢

حول قضية فلسطين (2)
مع مشروع الإخوان بشأن قضية فلسطين

بقلم: د. محمد عبدالرحمن ...عضو مكتب الإرشاد


مقدمة

الإمام حسن البنا فى غزة أثناء زيارته لفسطين

لم يتناول الإمام الشهيد مشروعه الإستراتيجي بشأن القضية الفلسطينية كمشروعٍ منفصل، وإنما جعله ضمن المشروع الإسلامي المتكامل الذي يعمل له، وأعطى فيه للقضية وضعها المناسب وثقلها المهم.

وقد وضع له أهدافًا واضحةً ومساراتٍ محددة، كذلك كانت قراءته للواقع دقيقة ومبكرة وإجراءاته لمواجهة هذا الواقع عملية ومكافئة، واستشرافه للمستقبل وقراءة ما يحمله غير غائبة.

وكان رحمه الله يُدرك مراحل القضية وتطوراتها المستقبلية وحجم التضحيات المطلوبة، وكيف تواجه الجماعة ذلك، كان يدرك بوضوح أن الجماعة كلها مستهدفة، وأن رأسه على الأخص مستهدف كمحاولةٍ من قبل القوى المعادية لإيقاف الجماعة وإبعادها عن القضية، وقد نال رحمه الله الشهادة في سبيل ذلك.

وفي السطور القادمة نحاول أن نلقي نظرةً إجماليةً موجزة فيها بعض التحليل والدراسة عن دور الإخوان الذي سبق أن أشرنا إليه بإيجاز ...


الأسس التي تقوم عليها الرؤية الإستراتيجية للمشروع الإسلامي

حدد الإمام الشهيد أسس ومنطلقات دائمة ومستمرة يقوم عليها المشروع الإسلامي في التعامل مع القضية الفلسطينية، نشير بإيجاز إليها:

1. وضع القضية الفلسطينية في وضعها الصحيح ضمن المشروع الإسلامي المتكامل الذي تحمله وتعمل له الجماعة، فهي قضية محورية ومعركة الإسلام الأولى في ذلك العصر.. وهي في نفس الوقت ضمن المحاور الأساسية لهذا المشروع، والذي يجب أن يسير متوازيًا في جميع محاوره.

2. أن العمل على هذه القضية طوال مسيرة الجماعة سيحتاج إلى تضحيات كثيرة يجب أن تعد الجماعة نفسها لها، ولا توزن هذه التضحيات بحجم الفائدة منها، وإنما بأهمية الحدث والموقف ومسئولية الجماعة في المواجهة.

3. أن تحرص الجماعة على استمرار مشروعها في المواجهة مهما قلَّت الإمكانيات، وألا تُستدرج من قبل الأعداء فيتمكنوا من إنهاء حركتها أو إشغالها بعيدًا عن أصل القضية.

4. الحرص على الثوابت والمبادئ في هذه القضية والثبات عليها مهما كانت الضغوط ومهما ضعفت الإمكانيات.

5. أن المعركة طويلة جدًّا، وستشمل أجيالاً عدة، وأن الأمر يحتاج إلى النفس الطويل وإلى خطوات متدرجة.

6. أهمية بقاء روح المقاومة والجهاد مشتعلة في النفوس حتى وإن سُجن أفراد الجماعة أو مُنعوا من التحرك العملي للتعبير عن ذلك.

7. أهمية إيقاظ الأمة وإشراكها وحشدها في هذه القضية والتركيز على المنطلق الإسلامي ومساندتها لهذا المشروع مشروع المقاومة والجهاد لهذا العدو المغتصب.

8. أهمية وضوح الثوابت الإسلامية في هذا الأمر مهما علا صخب المشروعات الأخرى وما تحمله من شعارات براقة تبتعد بها عن هذا الأصل، وتلك الرؤية الإسلامية.

9. إخراج القضية عن مجرد حصرها في الفلسطينيين والأمة تساعدهم، إلى الرؤية الإسلامية أنها قضية كل مسلم، فهي قضية الأمة الإسلامية جمعاء لا يملك أحد أن يُفرِّط فيها حتى ولو تخلَّى عن هذه الثوابت أهلها.

10. أن تكون الرؤية الإستراتيجية في المشروع الإسلامي هي الحاكمة والموجهة لأي عمل أو تكتيك أو سياسة متبعة.

11. عدم الانخداع بالمؤسسات الدولية والتلويح بسياسة المفاوضات والحلول الجزئية أو القبول بأن ذلك هو البديل المتاح.

12. اليقين والأمل في نصر الله مهما أحرز الأعداء من نجاح أو طال الزمن.


منهجية الإمام الشهيد وما تميز به

تميَّز الإمام الشهيد بمنهجية واضحة محددة سواء في تعامله مع الآخرين، أو في تعامله مع الأحداث والمواقف أو في تناوله للأمور بصفةٍ كلية.

فنرى في تعامله مع الآخرين الحرص على التواصل مع كل القوى السياسية والوطنية والمؤسسات والحكومات العربية... إلخ.

وإيجاد مساحة مشتركة للتعاون مع توضيح أبعاد هذه القضية لهم ومساحة الخطر التي تشمل الجميع، وكذلك استخدام وسائل النضال السلمي والشعبي لدفع الحكومات إلى اتخاذ مواقف إيجابية وتقوية ظهرها أمام الضغوط الأجنبية مع الحرص على احترام القانون والدستور، وعدم الوصول إلى حالة الفوضى أو الصراع.

الحرص على دعوة الإخوة المسيحيين وإشراكهم كأبناء وطن واحد في هذه القضية المهمة، وكان الإمام الشهيد في أكثر من بيان يوجه ندائه "إلى الإخوة المسيحيين الأعزاء.."، وقد شاركوا الإخوان في المؤتمرات والمظاهرات، وألقوا الكلمات،

ومن المميزات التي ظهرت في أسلوب تعامل الإمام الشهيد مع الموقف نذكر:

1. الإدراك العميق لأبعاد هذه القضية:

أ‌- كان هذا الإدراك مبكرًا ومستوعبًا لمدى خطورة هذا المشروع الصهيوني وأهدافه، ولم يتعامل مع الاحتلال الإنجليزي لفلسطين كمجرد استعمار لبلد إسلامي.

ب‌- الإدراك العميق لمَن يقف وراء هذا المشروع ويسانده بقوة من اليهودية العالمية والقوى الكبرى.

ت‌- الإدراك العميق لواقع الأمة الإسلامية حكامًا ومحكومين.

ث‌- الإدراك العميق لطول المواجهة واتساعها واستمرارها أجيالاً متتابعة.


2. القدرة على تحويل الرؤية الإستراتيجية إلى منهجية وإجراءات عملية في الواقع:

أ‌- بناء جيل رباني قوي يفهم القضية بعمق ويحافظ على ثوابتها ويجعلها في أهدافه الرئيسية، ويعمل لها في كل الظروف والأحوال، ويتواصل في ذلك جيلاً بعد جيل.

ب‌- التركيز على الشعوب العربية والإسلامية بكل طوائفها وإيقاظها وتوعيتها وإشراكها في العمل لهذه القضية، وعدم الاعتماد على الحكام في ذلك، وإنما محاولة التأثير عليهم لتحقيق بعض الاستفادات.

ت‌- إرساء معالم المقاومة بكل أبعادها وتأكيد استمرارها رغم كل الظروف حتى وإن ضعفت الإمكانيات.

ث‌- القدرة على التصدي لكل محاولات الخديعة أو المساومة أو الاستدراج للانحراف عن الأهداف أو الثوابت والمنطلقات الإسلامية لهذه القضية، مهما كان الإغراء أو اشتد الضغط والإيذاء.


3. إتباع سياسة شاملة في الحركة والمواجهة:

أ‌- جعل القضية محورًا أساسيًّا ضمن مشروع إسلامي متكامل.

ب‌- الاهتمام بالبناء الفكري والرؤية الإسلامية لتأكيد الوعي وتحصين الأمة.

ت‌- عدم اقتصار المقاومة على مجال أو شكل واحد، وإنما بكل أبعادها وجوانبها.

ث‌- الحرص على شمول ذلك للأمة الإسلامية وشعوبها وأجيالها.

ج‌- الاهتمام بالبنية التحتية للمقاومة.

ح‌- الاهتمام بالأمل وترسيخه لدى الأمة مهما طال زمن المعركة أو تأخَّرت النتائج.

خ‌- العمل على كل المحاور والأصعدة المحلية والدولية.


رؤية الإمام الشهيد وتطور الأحداث في القضية

الإمام حسن البنا يستعرض كتائب الإخوان في حرب فلسطين

كان للإمام الشهيد رؤيته الثاقبة التي لا تخدعها الشعارات الحماسية أو ضجيج الأحداث، فمع كل المجهودات التي بذلها والمئات من شباب الإخوان الذين زحفوا إلى فلسطين رغم كل المعوقات التي واجهتهم، إلا أنه أدرك أن هؤلاء الصهاينة اليهود سيتمكنون من الاستيلاء على فلسطين في تلك المرحلة، بل أدرك ذلك مبكرًا عندما عاد رسله من فلسطين بتقرير يؤكد أن الدولة اليهودية قائمة لا ينقصها إلا الإعلان عنها.

لكن بفضل الله نجح في وضع الأمة الإسلامية على الطريق الصحيح للمقاومة، ورسَّخ فيها الرؤية السليمة للمواجهة، وأعدَّ جماعته ومشروعه الإسلامي لمعركةٍ طويلةٍ تمتد أجيالاً لتحسم فيها تلك القضية المهمة وتُبطل المشروع الصهيوني.

يقول رحمه في عام 1948م عندما كانت تأتيه أبناء المعارك، ومَن استشهد فيها:

"إن إسرائيل ستقوم لأن حركتها حركة عقيدة، إن الطريق طويل.. طويل رهيب وهذا الدم العزيز المسفوح (أي يقصد دماء الشهداء) لا يعوض والمعركة الكبرى معركة الإسلام التي ربينا لها هذا الشباب لا تزال أمامه، أما إسرائيل ستقوم وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام كما أبطل غيرها؛ وذلك طريقنا الذي لا يجوز أن تفتنا عنه وجوه المعارك والبطولات، إننا أصحاب رسالة ترفض الأمل الكاذب في سياسة لا يحكمها الإسلام، وفي كل جهاد لا تحكمه كلمة الله وإن على شعوبنا أن تميز بين ذوي العقيدة المجاهدين وبين عبث المتحللين من ساسة وعسكريين، وإننا إنما نحتسب هذا الدم العزيز المسفوح إعذارًا إلى الله.. وتذكيرًا لهذه الأمة إن كانت تنفع الذكرى".

ولقد كان الإمام الشهيد يعلم جيدًا ما سيترتب على ظهور الإخوان بإمكانياتهم داخل المجتمع، وفي ساحة القتال وقدرتهم على مواجهة اليهود، وكان يدرك حجم الضربة التي ستوجه للدعوة والجماعة وهو على رأسها، ولكن الأمر يمثل مبدأً وعقيدةً لا يجوز التراجع فيها أو السكوت عنها.


هل تراجع المشروع الإسلامي بعد استشهاد حسن البنا ؟

بالنظر إلى حجم الفعاليات التي تحرك بها الإخوان في حياة الإمام، وحجمها بعد استشهاده قد يُظن بأن المشروع الإسلامي قد تراجع، لكن هذه الرؤية السطحية لا تضع الواقع الخارجي والضغوط التي كانت تمر بها الجماعة فى الاعتبار، وكذلك لا يوجد تحت يديه الكثير من الأعمال والأنشطة التي كانت تتم في هدوء دون إعلان ظاهر لدور الجماعة فيها.

إن المقياس هنا في هذه الظروف لا يكون بحجم الأعمال وقتها، وإنما بمدى التمسك بالثوابت والعمل وفق المشروع الإسلامي وإكسابه الروح التي يحتاجها والعزيمة التي يتطلبها والإعداد الجيد المستمر. فمع تصاعد الأحداث في بداية عام 1949م وتوجيه ضربة أمنية قوية للإخوان في مصر أرسل الإمام الشهيد للمجاهدين في فلسطين ألا يشغلهم ما يحدث في مصر، وأن مهمتهم هناك لم تنتهِ بعد ثم تصاعدت الضربات باغتيال الإمام الشهيد والزج بآلاف الإخوان في السجون بل واعتقال المجاهدين، ولم تمض مدة قليلة حتى جاءت محنة 1954م عنيفة متصاعدة تستهدف إقصاء الجماعة والقضاء عليها تمامًا مستخدمة القتل والتعذيب والتشريد والسجن الطويل الذي امتدَّ حوالي ربع قرن.

لكنَّ أفراد الإخوان ومجموعاتهم الصغيرة الذين نجوا من محرقة الاعتقالات واصلوا حمل السلاح ومقاومة اليهود بعمليات فدائية في صحراء النقب، وانطلاقًا من غزة رغم توجيه النظام الناصري أكثر من ضربة لقيادتهم في غزة فاعتقل الشيخ أحمد ياسين، وكذلك هاني بسيسو الذي توفي في السجن، وكانت هذه العمليات تسبب إزعاجًا للعدو الصهيوني، والذي اشتكى من ذلك مرارًا قبل حرب 1967م، وفي منتصف الخمسينيات تعرَّض الإخوان في غزة لاختبار شديد بانفصال مجموعة من شباب الإخوان هناك تحت اسم مشروع "فتح" منهم (خليل الوزير- صلاح خلف- ياسر عرفات.. إلخ).

وعقب حرب 1967م والهزيمة التي حدثت خفت القبضة الحكومية على نشاط الإخوان وحركتهم قليلاً فتحرك الإخوان، وأقاموا معسكرات لهم في الأردن تحت اسم "فتح" مستفيدين من شرعية هذه اللافتة، وعُرفت هذه المعسكرات بمعسكرات الشيوخ، وكانت تتكون من سبع سرايا، وشارك فيها إخوان من مختلف الأقطار.

وكانت لهم عمليات متميزة داخل الأرض المحتلة، وخاضوا معارك مهمة من أهمها معركة "الكرامة"، معركة "المشروع" أو الحزام الأخضر عام 69، معركة 5 يونيو 1970م، وعملية سيد قطب عام 1970م، وبلغ شهداء الحركة الإسلامية في هذه المعارك ثلاثة عشر شهيدًا منهم الأخ صلاح حسن من إخوان السيدة زينب بمصر.

ومع مناخ الانفتاح الذي حدث في عام 1973م ازداد نشاط الإخوان في مصر وفلسطين، وأسس الشيخ أحمد ياسين المجمع الإسلامي عام 1973م في غزة، وفي أوائل الثمانينيات تم تحديد الرؤية العملية لتفعيل المقاومة ضمن مشروع جهادي متكامل متعدد المراحل.

ففي عام 1982م في إحدى الدول العربية تم عقد مؤتمر لرجال الحركة الإسلامية في الضفة وغزة والمهجر، وتم وضع الخطوات اللازمة لذلك وتنشيط استكمال بناء البنية التحتية والقاعدة الشعبية التي تحتاجها، مع تصعيد في العمل الجهادي الذي سبب للعدو داخل فلسطين الكثير من الإزعاج، وفي عام 1984م اعتقلت السلطات الصهيونية الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من القيادات بتهمة المقاومة المسلحة، وحُكم عليه بالسجن 13 عامًا أمضى منها 11 شهرًا ثم خرج ضمن صفقة تبادل للأسرى، لكنه في أثناء السجن عام 1984م مع قيادات الحركة اتخذت القيادة قرارها بمشروع الانتفاضة والمقاومة الشعبية، وبدءوا في الخطوات والإجراءات التمهيدية.

وفي ديسمبر 1987م إثر حادث جباليا وتظاهر الفلسطينيون بالمخيم بشأنه، في مساء ذلك اليوم التقت قيادات الحركة بغزة في منزل الشيخ أحمد ياسين، وأصدروا قرار إشعال الانتفاضة والبدء بالتصادم مع قوات الاحتلال، وتصعيد ذلك وحشد الشعب في هذا الاتجاه، وبعد أسبوع من الفعاليات الناجحة تم إعلان البيان الأول للانتفاضة وإشهار حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ثم تطوير الانتفاضة إلى انتفاضة مسلحة والدخول في المواجهة العسكرية مع العدو الصهيوني وإرباكه وتكبيده الخسائر رغم التضحيات الضخمة التي استشهد فيها أجيال من قيادات الإخوان هناك.

وفي مصر انطلق الإخوان يعيدون تعبئة الشعب المصري وتوعيته بهذه القضية، والدور المطلوب منه، ومنذ عام 1977م وما بعده وهم يتعرضون للتهديد والإغراء بالسكوت على كامب ديفيد أو اتفاقية السلام مقابل عدم التضييق عليهم، لكن رفض الإخوان ذلك، واستمروا في مشروعهم؛ مما عرضهم للاعتقالات والتضييق، واستشهد داخل السجن كمال السنانيري، وغيره من الإخوان .

ورغم استمرار أسلوب التضييق والحصار وتصاعد الضربات الأمنية لهم إلا أنهم استمروا في التحرك الواعي لدعم القضية ومساندتها بكل الوسائل رغم الآلاف الذين تم اعتقالهم وحبسهم أكثر من مرة ورغم المحاكمات العسكرية المتكررة لقياداتهم.

وأصبح اليوم المشروع الإسلامي الذي يقوده الإخوان هو الذي يواجه العدو الصهيوني ومشروعه التوسعي، وكذلك يواجه المشروع الأمريكي ويعرقل الكثير من فعالياته.


ضغوط ومنزلقات واجهت الإخوان

Ikhwan-logo1.jpg

لقد واجه الإخوان ضغوطًا ومنزلقات كثيرة ثبتوا أمامها كانت كفيلة بجعلهم ينصرفون عن مشروعهم أو على الأقل يؤجلونه، ومن ذلك:

1. أول هذه الأمور كجزء من واقع الأمة، هو انصراف الشعب والحكومة عن تلك القضية فكان على الجماعة أن تبذل جهودًا مضاعفةً لتوعية الأمة وإرغام المسئولين على الاستجابة لشعوبها فانتشروا في المساجد، وجابوا البلاد طولها وعرضها، وأخرجوا المظاهرات، وأقاموا المؤتمرات حتى تحرَّك الشعب واستجابت الحكومة لضغوطه إلى حدٍّ ما.

2. أنه مع معرفة نتيجة المعركة وقدرة العدو على النجاح في الاستيلاء على فلسطين ووضوح حجم التضحية التي ستقدمها الجماعة وما يترتب على ذلك من مواجهة إلا أن قرار القيادة بالدخول العسكري المباشر في المعركة كان قرارًا وفق إستراتيجيتها ووفق أهدافها ورؤيتها الإسلامية.

3. عندما تم شن حملة الإبادة والإقصاء للجماعة وأفرادها، خاصةً في مصر وغزة حرصت الجماعة على استمرار رؤيتها الإسلامية، وعلى استمرار روح المقاومة والجهاد وتربية أفرادها عليها، بل والمشاركة العملية حتى ولو كانت فردية أو صغيرة إذا أتيحت لها فرصة في ذلك.. وإن الراصد لهذه المرحلة ليندهش كيف تحرص الجماعة على ذلك رغم الحرب الضروس عليها وتغييب أغلب أفرادها وقيادتها داخل السجون ومطاردة الباقين خارجه.

4. طول الوقت الذي كان لازمًا لإرساء البنية التحتية لمشروع المقاومة، والذي يجب أن يستمر رغم الفرقعات الإعلامية من المشاريع الأخرى والضغوط على الجماعة لاستعجالها أو اتهامها بالتقصير والخوف.

5. عندما تم اختبار مدى تمسكها بإستراتيجيتها وثوابتها الإسلامية في الحركة؛ وذلك عند انشقاق المجموعة التي أسست "فتح".

وقد تقدَّم به مجموعة من شباب الإخوان في 1957 على رأسهم خليل الوزير، وهو يستهدف التركيز على الجانب العسكري للمقاومة، ولا يشترط الأهداف والمنطلقات الإسلامية أو البرنامج التربوي الإسلامي، وعندما رفضت القيادة في غزة تأسست عام 1958 حركة "فتح"، واستثمروا المساحة المشتركة وغموض العلاقة في استنزاف وضم أعداد غير قليلة من الإخوان، لكن في عام 1960م تم عقد لقاء بين ممثلي الإخوان الفلسطينيين في غزة وفي المهجر العربي لتحديد العلاقة مع "فتح" والفصل التام بينها وبين الإخوان، وتحديد قيادة مشتركة للإخوة الفلسطينيين داخل وخارج الأرض المحتلة.

وفي عام 1966م تم تمثيل الإخوان الفلسطينيين في المكتب التنفيذي للإخوان في الدول العربية.

6. تعرضت الجماعة للمساومة على مشروع المقاومة بمكاسب سياسية مقابل التنازل عن بعض الثوابت واستخدام الحصار وشتى الضغوط لتحقيق ذلك، لكن فشلت كل تلك المحاولات أمام صمودها وثباتها.

7. الزخم الإعلامي الذي حظيت به المشاريع الأخرى التي لا تتبنى الرؤية الإسلامية وتأثير ذلك على أفراد الصف وعلى القيادة التي كانت تُعطي أولوية للبنية التحتية وتجهيز الأرض لمقاومة فعَّالة مستمرة.

كان الإخوان أيضًا يُحذِّرون من أمرين في طريق تناول القضية على مستوى حكام الأمة العربية:

أ‌- إخراج أهل فلسطين من معادلة المواجهة والصراع وإهمالهم بحجة تولي الحكومات العربية هذا الملف، وكان هذا في الفترة الأولى.

ب‌- والطريقة الأخرى وإن كانت عكس ذلك، وهي حصر القضية في أهل فلسطين، وإلغاء البعد العربي الإسلامي وتضييق دوره إلى مجرد مساعدة معنوية، وكان هذا هو السائد حتى عصرنا الحالي، بل تم حصر تمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني في فصيل واحد تفاهموا معه على كيفية إنهاء القضية وتهدئة الأحوال وتقديم التنازلات.


ظاهرة متلازمة في مسار الأحداث

في حياة جماعة الإخوان المسلمين السياسية ظاهرة متلازمة، وإن كان ليس لدينا الآن وثائق لكشفها، لكن تكرارها يؤدي إلى تأكيدها، وهي:

• التلازم بين التضييق والمحن التي تمر بها الجماعة، مع توسع نشاط الكيان الصهيوني.

• ففي عام 1949 تم توجيه ضربة قوية للجماعة واغتيال قائدها الإمام الشهيد، ليتمكن الكيان الصهيوني من فرض سيطرته على أرض فلسطين.

• وفي عام 1954 دخل الإخوان المسلمون في مصر في محنة شديدة، وتم حل الجماعة وطورد أفرادها وبعدها في عام 1956 تم احتلال سيناء وانتزاع قرية أم الرشراش منها ميناء "إيلات" الآن، وفتح خليج العقبة أمام الكيان الصهيوني.

• وفي عام 1965م أعيد نفس السيناريو وبنفس الضراوة، ثم حدثت هزيمة 1967م، وضاعت غزة والضفة والقدس والجولان وباقي سيناء.

• وكذلك في عام 1981م في عقد معاهدة السلام وفرضها على الشعب المصري كانت الاعتقالات للإخوان، وفي عام 1995م سلسة المحاكمات العسكرية في وقتٍ قام العدو بتوسيع حدود مدينة القدس وأعلنها عاصمة أبدية له.

• وهكذا مع كل جولة وضربة توجه للجماعة نجد نشاطًا متزايدًا للعدو الصهيوني وحملة جديدة ضد الإخوان تبدأ بنشر الأكاذيب لتضليل الرأي العام ثم الاعتقالات.