حملة إخوانية ضد قانون معاداة السامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حملة إخوانية ضد قانون معاداة السامية


2005-09-01

القاهرة: عبد المعز محمد

مقدمة

- أول تقرير لمعاداة السامية انتقد الدول العربية وهددها بالعقاب

- حمدي حسن: أول تقرير عن القانون يتدخل في شئون مصر

- أكرم الشاعر: ما مصير الكتاب والصحفيين الذين انتقدهم التقرير..؟!

- عبد الله الأشعل: القانون ليس دوليًّا.. لكنَّ قوة أمريكا تدعمه

شنَّ نواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري هجومًا شديدًا على نتائج التقرير السنوي الأول، والذي يحمل عنوان (معاداة السامية العالمي)، والذي صدر بعد شهرين فقط من أول تطبيق عملي لقانون "تعقب الأعمال المعادية للسامية عالميًّا"، بعد أن وقَّعه الرئيس الأمريكي جورج بوش يوم 200414/10/م، والذي يلزم الخارجية الأمريكية بإحصاء الأعمال المعادية للسامية حول العالم وإجراء تصنيف سنوي للدول؛ وفقًا لمعاملتها لليهود.

وقال النواب إن القانون يعد ذريعةً صهيونيةً أمريكيةً للتدخل في الشأن المصري والعربي، وهو ما يفتح الباب أمام العدو الصهيوني للتهديد والوعيد لكل من تسوِّل له نفسه مجرد التفكير في نقد العدو الصهيوني، وطالب النواب بضرورة اتخاذ مواقف متشددة تجاه هذا القانون، من خلال توحيد الكلمة العربية والإسلامية برفضه ورفض ما ينتج عنه.

ومن جانبه فقد انتقد الدكتور حمدي حسن- عضو الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري- التقرير الذي صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية في الخامس من يناير الجاري، موضحًا أن التقرير انتقد مصر وانتقد صحافتها، وهو ما يعد تدخلاً مرفوضًا في الشأن الداخلي المصري ويتطلب الرد عليه بقوة من قبل وزارة الخارجية، وقال النائب- في طلب إحاطة قدمه لوزير الخارجية المصري- إن التقرير وجَّه انتقادات شديدة للصحافة المصرية التي وصفها التقرير بأنها حريصةٌ على انتقاد العدو الصهيوني والسياسة الخارجية الأمريكية، وقال النائب إن ذلك يعد تدخلاً مباشرًا في شئوننا الداخلية نرفضه بشدة، وهو أحد سياسات الكيل بمكيالين التي تتبعها الإدارة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين، بل يجب أن يتم استدعاء السفير الأمريكي لتوضيح ما جاء في هذا التقرير.

المنظمات الصهيونية

وقال النائب إنه من الغريب في التقرير أنه قد تكررت فيه اتهامات كانت قد وجهتها منظمات يهودية وصهيونية ضد صحافة مصر وحكومة سوريا وضد الأقلية المسلمة في أوروبا باستهداف اليهود؛ مما يعني أن اليهود هم الذين حرروه، وأضاف النائب أنه قد سبق وأن حذر النواب من هذا القانون ومدى تأثيره على بلادنا، خاصةً الصحفيين والمفكرين والسياسيين والأدباء وكل من له عقل ولسان؛ حيث سبق اتهام عدد من الصحفيين المصريين- ومنهم الكاتب الكبير إبراهيم نافع- بمعاداة السامية؛ نتيجة كتاباتهم عن العدوان الصهيوني على أشقائنا في فلسطين أو على حدودنا الغربية وأيضًا تأثيره على السياسيين والخطباء بل وعلماء الدين، وأي مواطن عربي سينتقد الصهاينة وتصرفاتهم في المستقبل القريب.

وأضاف النائب أنه قد جاء في التقرير "أن كراهية اليهود في أوروبا وأنحاء أخرى من العالم في تصاعد مستمر منذ عام 2000م؛ نتيجة أربع سنوات من الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني"، كما زعم التقرير أن تزايد أعداد المسلمين في أوروبا يقف وراء معاداة السامية في هذه القارة بشكل عام، وأن مسلمي أوروبا يكنُّون مشاعر عداء لليهود، ملفتًا النظر إلى أن الحكومات الأوربية تعمل الآن على وضع قوانين واتخاذ إجراءات للحد من هذه الظاهرة وخصوصًا بين أفرادها من المسلمين، وهو ما اعتبره النائب استعداءً واضحًا للشعوب الأوروبية تجاه مواطنيها من المسلمين لصالح اليهود.

وأشار النائب إلى أن التقرير اتهم سوريا أيضًا بأنها "تدعم برامج تليفزيونية تنتقد اليهود والكيان الصهيوني والسياسة الخارجية الأمريكية"، وتحدث عن الحكومة السورية نفسها كمحرك للتحيز ضد اليهود، وأن هذا سيعتبر ذريعةً أخرى لمحاولة الاعتداء على سوريا قريبًا جدًّا، وهو نفس ما تكرر في باكستان؛ حيث تحدث التقرير عن تزايد العداء ضد اليهود الذين لا يتجاوز عددهم- وفقًا لبعض التقديرات- بضع مئات، وهو ما يشير إلى نية أمريكا في محاسبة كل الدول العربية والإسلامية على سياساتها تجاه الكيان الصهيوني؛ مما يتطلب وقفةً واحدةً حازمةً تجاه هذه السياسة العدوانية الأمريكية التي تريد فرض رأيها ورؤيتها وتوجهات بعينها على البلاد العربية والإسلامية.

تأييد صهيوني

وأضاف النائب أن الأوساط اليهودية في الولايات المتحدة امتدحت التقرير واعتبرته جزءًا من مجهوداتها لتركيز الاهتمام العالمي على التحيز ضد اليهود في العالم، والعمل على الضغط على الحكومات الأجنبية؛ من أجل إيقاف معاداة اليهود؛ حيث اعتبرت منظمة "رابطة مكافحة التشهير" اليهودية- التي تتخذ من نيويورك مقرًّا لها، وعرف عنها غلوها في استثارة المشاعر الأمريكية ضد الدول العربية- أن "إصدار الخارجية الأمريكية قائمةً بالأعمال التي تستهدف اليهود سيكون له ثقل أكبر كثيرًا عما إذا صدرت القائمة نفسها من منظمات يهودية غير حكومية".

وأوضح النائب أن هذا الرأي حقيقيٌّ، ويبين مدى استخدام اليهود للإدارة الأمريكية لتحقيق أهدافهم الخبيثة، وهو ما أكدته تصريحات "توم لانتوس"- العضو اليهودي بالكونجرس عن ولاية كاليفورنيا والمعروف بعدائه للعرب وتصريحاته المطالبة بالهيمنة على الدول العربية- حيث اعتبر صدور التقرير مجرد بداية للمزيد من الجهود لدفع أمريكا لاتخاذ إجراءات عملية، وقال حمدي حسن: تُرى ما هي إذن الإجراءات العملية التي يريدها هؤلاء الصهاينة من الإدارة الأمريكية؟!

وأضاف: لقد أصبح مصطلح (العداء للسامية) يعني في وسائل الإعلام الغربية في الفترة الأخيرة العداءَ لليهود؛ حيث رُصدت في الأعوام القليلة الماضية عدة شواهد تؤكد على أن هذا المفهوم أو هذه التهمة أصبحت تطال أيضًا المنتقدين للصهيونية أو حتى للسياسات الرسمية الصهيونية التي تنتهك حقوق الفلسطينيين.

وأشار النائب إلى أن "دان وولش"- المستشار السياسي للجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز- قد كشف في أبريل 2004م خطأً بمعجم "وبستر" الأمريكي يعرِّف معادي السامية بأنه "المعارض للصهيونية، والمتعاطف مع أعداء دولة الكيان الصهيوني، ووصفه بأنه غير منطقي؛ نظرًا لوجود عدد كبير من الساميين (يهودا وعربا) الرافضين للسياسة الصهيونية، وهذا يبين مدى تغلغل هؤلاء القوم في غالبية المؤسسات الغربية، ومحاولة طمس الحقيقة من خلال كل الوسائل المتاحة لهم، حتى وإن كانت وسائل لا أخلاقية ولا علمية.

وطالب النائب وزير الخارجية المصري بضرورة التصدي لهذا القانون، وأن يعمل الجميع على تقديم تعريف دقيق لمفهوم معاداة السامية لتجريده من أبعاده السياسية؛ حتى لا يُستخدم المفهوم كسلاح لإرهاب وسائل الإعلام العربية من قبل "الخارجية الأمريكية" وأتباعها، مطالبًا أن تُدعى الدول العربية ثم الدول الإسلامية للوقوف وقفةَ رجل واحد تجاه ما يراد لهذه الأمة، مؤكدًا علي أهمية تفعيل دور المجتمع المدني ومؤسساته، باعتباره القادر في الأغلب على التصدي لهذه الهجمة الشرسة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لهذا المجتمع أن يؤديَ واجبَه ويحققَ أهدافَه دون حرية والتي يعوقها بالتأكيد قوانين كثيرة.. منها قانون الطوارئ!!

مصير غامض

ومن جانبه قال النائب الإخواني الدكتور أكرم الشاعر- عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري- إن صدور التقرير الأول لمعاداة السامية يحمل كثيرًا من الدلالات، وخاصةً للدول والشعوب التي تعادي الدولة الصهيونية، مثل مصر وباقي الدول العربية، مؤكدًا أن ما شمله التقرير من نقد للصحافة المصرية يعد نذيرًا بضرورة التصدي لهذا القانون، مؤكدًا أن التقرير الذي صدر بعد شهرين فقط من القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي ظهر وكأنه تقرير رقابي على كافة الأعمال الفنية والإبداعية وغير الإبداعية وكافة التصريحات والتقييمات الواردة ضد سياسة العدو الصهيوني باعتبارها دولة اليهود في العالم.

وتساءل النائب ما هو مصير الصحفيين والكتَّاب والنوَّاب بل ورؤساء الدول الذين انتقدوا العدو الصهيوني، وذكرهم التقرير.. فهل ستطبق عليهم العقوبات الواردة في القانون باعتباره الصادر عن القوة الأعظم في العالم..؟! مشيرًا أنه رغم أن القانون لا يستند إلي أي أساس قانوني ملزِم لدول العالم- باعتباره قانونًا أمريكيًّا صادرًا عن الكونجرس- إلا أنه يتشابه مع قوانين أمريكية أخرى أصبح لها تأثير لا يمكن إنكاره لتقرير الحريات الدينية في العالم الصادر عن الخارجية الأمريكية، كما أنه سينتقل من إدانة الأفراد والمؤسسات داخل الدول ذاتها عبر توجيه طلبات لهذه الدول في البداية لاتخاذ مواقف من هذه التجاوزات، وإذا لم يحدث تصبح الإدانة للدولة، وهو ما يعني فرض عقوبات أو على أقل تقديرات الإدانة سجل الدولة وممارستها والمطالبة بوقف المعونات الأمريكية أو الاستثمارات أو غيرها من سبل العقاب.

سيف مسلط

وهو ما أكده أيضًا الدكتور عبد الله الأشعل- أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري السابق للشئون القانونية- مؤكدًا أنه وفي ظل صياغة القانون بعبارات فضفاضة وعدم تحديد الإجراءات الممكن اتخاذها تصبح كافةُ الاحتمالات واردةً، فكل عمل يمكن في سياق معين اتهامه بمعاداة السامية، كما يمكن فرض عقوبات مختلفة حسب الرغبة، وما يتشابه بدوره مع الصياغات العامة عن الإرهاب بعد أحداث سبتمبر.

وقال الأشعل إنه يجب التصدي لسياسة توسيع مفهوم العداء للسامية، خاصةً وأنه ومع أول تقرير لهذا القانون تبين أن مقدمة ضحاياه محجوزةٌ للعرب والمسلمين، وهو ما يتطلَّب اتخاذ عدة خطوات، أبرزها التحرك الجاد على الصعيد الدولي والقانوني لوقف عالمية هذا القانون، مع ضرورة تحرك هيئات المجتمع المدني العربي له، من خلال عقد مؤتمر حول هذا الموضوع يضم المتخصصين، وتكون مهمة هذا المؤتمر رصد واقع الرسالة الإعلامية العربية وبيان ما بها من كتابات يمكن أن تندرج بالفعل ضمن (معاداة السامية)، والتوصل إلى (وثيقة مصطلحات) يتم الاتفاق على اعتبارها تمثل بالفعل ما يمكن اعتباره (عداءً للسامية) وتُقدَّم بعد ذلك لوسائل الإعلام العربية حتى يمكن تجفيف المنبع الذي تنهل منه المنظمات الصهيونيةي المتربصة.

وأشار الأشعل إلى أن القانون يرتب نوعًا جديدًا من الواجب على الإدارة الأمريكية؛ بحيث تعد تقاريرها بصفة دورية سنوية عن حالة كل دولة وموقفها من السامية، وكذلك حالة الأشخاص والمنظمات والجهات المعادية للسامية، وهو ما يجعل القانون سيفًا مسلطًا لرفع الدعاوى القضائية، وهذا هو الأخطر ضد شخص ما أو صحيفة أو محطة فضائية أو إذاعية، وبالتالي ستقوم المنظمات الصهيونية واليهودية برفع دعاوى تعويض وتطالب بمبالغ طائلة، وقد تمنع هذه الضغوط أشخاصًا معينين من التجوال أو حرية السفر، وقد يكون المتهم عرضةً للمطالبة بالتنفيذ، وقد يُمنع من دخول الولايات المتحدة الأمريكية أو ربما يتعرضون للحجز لحين دفع التعويضات أو تقديمهم للمحاكمة؛ لأن القانون الأمريكي قد يحكم بالتجريم وإن لم يشتمل النص على عقوبات جنائية، وإن كانت نادرًا ما تحدث الآن فقد يستخدمها بعض القضاة.

المصدر