حماس وأسرار التكالب عليها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


حماس.. وأسرار التكالب عليها...محاولة للفهم

طارق حسن السقا

وأسرار التكالب عليها...محاولة للفهم

إذا أردت أن تفهم سر هذه الحرب الشعواء على حركة حماس , وسر هذا الحصار الخانق على شعب غزة , فلا بد وأن تضع يدك على مجموعة من الحقائق لعلك بها تدرك سر كل هذا التكالب الدولي والمحلي على هذه الحركة , وتعي أبعاد هذا التقارب بين الدولة الصهيونية من ناحية وبين كل القوى الإقليمية المحيطة بحركة حماس من ناحية أخرى . لعلك بهذه الحقائق تعرف سر هذه الحرب اللاأخلاقية , لتحدد موقفك منها وهذا هو أضعف الإيمان .

'أولاً :' لابد أن نتفق مقدماً على أن الصراع الدائر بين حركة حماس وبين دولة إسرائيل ليس صراعاً محلياً أو صراعاً محدوداً , لكنه صراع كبير بين مشروعين كبيرين :

أ‌- المشروع الأول : مشروع الحركة الصهيونية والذي يهدف إلى حشد اليهود في جميع أنحاء العالم بشتى السبل , وذلك من أجل توطينهم على أرض فلسطين , بعد تهجير أبناء البلد الأصليين من ديارهم , ليسهل عليهم تمزيق وحدة العالم العربي و تحجيم انطلاقة الإسلام والمسلمين . ب‌- المشروع الثاني : مشروع حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) والتي يهدف إلي الوقوف ضد هذا المد الصهيوني , والعمل على منازلة هذا الباطل وقهره ودحره ، ليسود الحق ، وتعود الأوطان المسلوبة إلى أصحابها الأصليين ، وينطلق من فوق مساجدها الأذان معلنًا قيام دولة الإسلام ، ليعود الناس والأشياء كلٌ إلى مكانه الصحيح.

ثانياً : كل الدلائل تشير إلى أن المشروع الصهيوني يحظى بدعم كل القوى العظمى في العالم , بدءا من الدول الكبرى , مروراً بالعديد المنظمات الدولية الفاعلة , وصولاً إلى كثير من الشركات المتعددة الجنسيات في العالم , وذلك ليس إلا بسبب التقاء مصالح هذه الجهات المتنافرة مع أهداف الحركة الصهيونية , ولا غرابة في هذا فهذا شيء يتفهمه المراقب , ففي عالم المصالح كل شيء مباح .

ثالثاً : نفس هذه الدلائل تشير إلى أن مشروع حركة المقاومة الإسلامية محروم كل الحرمان من التمتع بمثل هذا الدعم الرسمي حتى من أقرب المقربين من الحركة . فكثير من أشقاء الحركة أو جيرانها من العرب والمسلمين يعملون على إضعاف مشروع حركة حماس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة , بعمدٍ أو بغير عمد , بعلمٍ أو بغير علم , المهم أن العديد من مواقف "حكومات " هذه الدول تعمل على إضعاف مشروع المقاومة الإسلامية وتقوية المشروع الصهيوني وهذا ما لا يتفهمه أي عقل على الإطلاق .

رابعاً : كل المعطيات على الأرض تقول إن حماس العارية من كل دعم , والمكبلة بكمٍ هائلٍ من أغلال العديد من الدول الصديقة هي رقم صعب في معادلة هذا الصراع بين الطرفين , ولا يمكن تجاهله ولا تخطيه , وذلك باعتراف قادة المشروع الصهيوني أنفسهم . أولئك القادة الذين عجزوا جيلاً بعد جيل عن ترويض , أو هزيمة , أو اقتلاع حركةٍ لها من الثوابت والأدبيات ما جعلها نموذجا مختلفا من وجهة نظرهم عن تلك الجيوش العربية الضخمة والمهترئة والتي كانوا يواجهونها وهم يحتسون أكواب الشاي .

خامساً : أدركت إسرائيل - كرأس حربة للمشروع الصهيوني العالمي - قدرة وقوة وصلابة حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) , فلجأت إلى حصار وخنق وتجويع شعب غزة بالكامل ( مليون ونصف المليون ) عقاباً له وتأديباً على احتضانه وتأييده وتقديمه الدعم اللوجستي المؤيد والمشجع للحركة .

سادساً : أدرك قادة المشروع الصهيوني عدداً من الحقائق جعلتهم لا يتورعون عن فعل أي شيء ( حتى لو وصل الأمر إلى إبادة شعب بأكمله ) من أجل تجفيف منابع المقاومة ليس على أرض فلسطين فحسب , إنما في أي مكان آخر فيه بؤر صراع ملتهبة من هذه الحقائق :

ا-أن ثقافة المقاومة أصبحت روحاً تسري في بدن الأمة رغماً عن أنف النظم الرسمية , والقوى الاستعمارية الكبرى في العالم .

ب‌- ارتفاع تكاليف المواجهات مع " فكر المقاومة " في أي مكان في العالم . فمن المعروف أن مواجهة فكر المقاومة يختلف تماماً عن مواجهة الجيوش النظامية . فعلى الرغم من أن الجيش الأمريكي العملاق - مثلاً - كان يواجه فرق مقاومة بدائية في العراق و أفغانستان إلا أن تكاليف الحرب فاقت الـ 15 مليار دولار شهرياً على الجبهتين العراقية والأفغانية , وهذه أرقامٌ ضخمةٌ إذا ما قورنت بتكاليف الحروب النظامية التقليدية .

ت‌- أن المقاومة ليس لها ميدان محدد تعمل فيه , ولا أرضٌ معينة تتحرك فيها , باستطاعتها الوصول إلى أي مكان حتى إلى داخل الغرفات الآمنة .

ث‌-[/color] نجاح حركات المقاومة الإسلامية في كل مكان في تحقيق العديد من الأهداف الكبرى والتي لا تتناسب مع إمكاناتها بأي حال من الأحوال .

كل هذه الحقائق - وغيرها - جعلت القادة الصهيونيين لا يكلون ولا يملون في العمل الدؤوب ليس فقط من أجل تجفيف منابع المقاومة الإسلامية ومحاربتها , بل والعمل على حذف مصطلح المقاومة من قاموس شعوبنا العربية والإسلامية في كل مكان , وبكل الوسائل .

سابعاً : أدرك قادة المشروع الصهيوني أن استمرار تنامي ثقافة المقاومة الإسلامية هو أخطر ما يهدد بقاء هذا المشروع الصهيوني الغاصب خاصة بعد نجاح المقاومة الإسلامية في هزيمة المشروع الأمريكي . فلا أحد ينكر أن المقاومة الإسلامية على أرض العراق و أفغانستان نجحتا في هزيمة المشروع الأمريكي ، من خلال حرب استنزاف طاحنة أدت إلى خسائر مادية فاقت الثلاثة تريليونات دولار أدت إلى إفلاس العالم الغربي بالكامل . ومما يؤكد هذا اقتناع الشعب الأمريكي بهذه الحقيقة , والتي ظهر مردودها بجلاء في نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة ( نوفمبر 2008 م ) . فلا احد ينكر أن هزيمة الجمهوريين المشينة في هذه الانتخابات بدأت من شوارع بغداد , وحواري الموصل وأربيل , وأسطح منازل الفلوجة , وجبال وزيراستان و تورا بورا .

لعل هذه الشواهد - وغيرها - تفسر لنا حقيقة هذه الحرب المفتوحة مع حركة حماس , و سر هذا التقارب بين الدولة الصهيونية وكل القوى الإقليمية المحيطة بحماس , ولعله يفسر سر هذا التكالب الدولي على هذه الحركة , ولعله يبين جهل الكثيرين منا بحقيقة وطبيعة الصراع الدائر على أرض فلسطين , ولعل هذا الطرح يعيدنا إلى جادة الصواب , يجعلنا نعمل على إعادة تحديد مواقفنا من هذا الصراع دولاً وأفراداً , أمماً وجماعات .