تحديث السلطوية في العالم العربي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تحديث السلطوية في العالم العربي

بقلم/ ستيفين هايدمان

إقرار

أود أن أشيد بجهود مؤسسة سميث ريتشاردسون الجليلة من أجل المشروع الأكبر والذي يعد تقريرنا جزءا منه. وقدم أريال أهرام مساعدة بحثية جيدة في تجهيز هذا التقرير. أما الرؤى المطروحة في هذا التقرير فهي نتاج المؤلف وحده.


ملخص تنفيذي

بالرغم من جهود الولايات المتحدة وشركائها في الاتحاد الأوروبي والبلاد العربية الديمقراطية لمساندة شكل النظام السياسي في العقدين الماضيين، فإن السلطوية في العالم العربي ليست كما اعتدناها، بل هي في الحقيقة أكثر قوة ومرونة من ذي قبل.

وبينما لم تتغير مفاهيم الولايات المتحدة عن السلطوية العربية واستراتيجياتها من أجل تعزيز الإصلاح الديمقراطي في هذه الفترة ، فإن الأنظمة العربية بقيت علي ما هي عليه.

وقد تبنوا استراتيجيات إعادة تنظيم الحكم للتآلف مع الظروف العالمية والإقليمية والداخلية. ولا يلجأ الطغاة إلي الإكراه لتفادي الضغوط من أجل التغيير، وفي نفس الوقت فإن القمع ما زال عنصرا واضحا وفعالا في يد الحكومات العربية.وقد تحولت الأنظمة إلي ما يمكن وصفه بالتحديث السلطوي.

كما أن ظهور هذه الاستراتيجيات قد أضاع المكاسب التي حققتها برامج تعزيز الديمقراطية، وسوف يستمرون في ذلك لجعلها عديمة الفائدة في المستقبل.

هل تعزيز الديمقراطية في شكله الحالي يسير مساره الطبيعي؟ هل يمكن أن يمتد لفترة أطول؟ ويجب أن تطرح هذه الإمكانية للمناقشة.

وإن كان تعزيز الديمقراطية قد أمد الأنظمة العربية بسبل جديدة لحماية حكوماتهم الديكتاتورية، من غير قصد؛ فهل يجب أن يستمر ذلك؟ وإن كان كذلك ففي أي شكل يجب استمراره؟

وعلي الأقل، فإن تحديث السلطوية يؤكد علي ضرورة إعادة التفكير في كيفية مواصلة الولايات المتحدة لتعزيز الديمقراطية وكذلك تدارك أن الأنظمة العربية تلتف حول سياسات تدعم استقرار وحماية الحكم الديكتاتوري بوضوح، في سياق دعم مطالب التغير السياسي.

وفي نفس الوقت، فإن تحديث السلطوية يمثل حل اللغز للتغيرات الديمقراطية، المتوقعة في العالم العربي وكيف يمكن التفرقة بينها وبين ما حدث أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا والتي تمثل تطلعات سياسات تعزيز الديمقراطية للولايات المتحدة.وللتواصل بفاعلية مع هذا المفهوم، فيجب التكيف مع جهود تعزيز الديمقراطية.

وبعد عشرين عاما،أصبحت الأنظمة العربية تحترف كبح تعزيز الديمقراطية وانتزاع سلاحها، هذا إن لم تقم باستغلالها من أجل أهدافها الخاصة.

فضلا عن أن الاستراتيجيات التي تستغل الفرص التي يطرحها تحديث السلطوية يمكنها أن تدعم تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط أكثر من استمرار السياسات التي لا تأخذ في الحسبان كيفية تغيير الحكم في العالم العربي. كما أن هناك فرصتان قد قدمتا لنا وعدا محددا:

الأول: تبني سياسات تعزيز الديمقراطية لاستغلال الفرص التي ترتقي بنتاجها.

الثاني: اتخاذ خطوات لإضعاف التحالفات التي تزيد من فرص تزايد الثقة.

وكلاهما يتطلب من الولايات المتحدة تنظيم حقيقي لسياسات تعزيز الديمقراطية.


المؤلف

ستيفن هايدمان: نائب رئيس المعهد الأمريكي للسلام. وقد كان عميدا في السابق لمركز سابان لسياسة الشرق الأوسط.

وقد عمل مديرا لمركز الديمقراطية والمجتمع المدني في جامعة جورج تاون منذ عام 2003 وحتى العام 2007،حيث عمل أستاذا مساعدا في قسم الحكومة. وقد كتب مقدمات للعديد من الكتب مثل السلطوية في سوريا:

المؤسسات والصراعات الاجتماعية؛ 1946ـ1970؛الحرب، المؤسسات والتغير الاجتماعي في الشرق الأوسط؛ وكذلك شبكة الامتيازات في الشرق الأوسط:وإعادة النظر في سياسات الإصلاح الاقتصادي.


تحديث السلطوية

"نموذجنا هو تونس،دعونا نلقي نظرة عليها ! فهم الأكثر قمعا، كما أن الغرب يحبهم. ونحن في حاجة لفهم كيفية قيامهم بتحديث السلطوية."

مقابلة شخصية لمحلل سياسي سوري، في مايو 2006.

في السنوات الأخيرة، ظهرت عدة نماذج من الحكومات السلطوية في عدد من البلدان العربية الرئيسية. ويهد تقديم مزيدا من التجربة والخطأ أكثر من مجرد خطة محددة، فالأنظمة العربية قد تآلفت مع ضغوط التغيير السياسي من خلال تطوير استراتيجيات لاحتواء مطالب الديمقراطية والاتصال معها.

كما أنهم وسعوا مساحات السياسة والدوائر الانتخابية تحديدا، حيث يمكن إيجاد أشكال للتنافس السياسي.

كما خففوا معارضتهم للمشاركة السياسية الإسلامية، وهناك بعض الشواهد مثل مصروالأردن والمغربحيث كان للإسلاميين ممثلون في البرلمان.

وقد خضعت الأنظمة لمطالب بحرية الاقتصاد وتضامن الاقتصاد العربي في أسواق عالمية، وتوسعة فرص من أجل الازدهار الاقتصادي والاجتماعي.

كما أن لديهم تقنيات متطورة من أجل التواصل وتسهيل إتاحة المعلومات للعامة من خلال الإنترنت ووسائل الاتصالات التكنولوجية الجديدة والتي قاموا بالتصدي لها في الآونة الأخيرة لكونها ناقلا فعالا للأفكار الديمقراطية.

كما اعترفوا أيضا بأن الحكومة السلطوية لا تتعارض وأن استمرارها يعتمد علي تقوية قدرات الدولة والخدمات العامة من خلال برامج مثل إصلاح الخدمات المدنية والتعليم وسوق العمل.

إضافة إلي ذلك، فقد زادت تحولات الأنظمة العربية تجاه السياسات الخارجية، وزادت كذلك مطالب التجارة الخارجية والاستثمار والروابط السياسية مع البلاد التي تربطها اهتمامات سياسية للديكتاتوريين في دول شرق وشمال أفريقيا، مثل الإمارات العربية في الخليج العربي.

وقد أقاموا علاقات مع بلدان مثل الصين والتي تختلف معهم في قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، ولا يعد ذلك تعادلا بالنسبة لهذه الأنظمة العربية.

كما واصلوا توطيد علاقاتهم التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.وبعد، فإن التنوع في علاقاتهم الاقتصادية والسياسية يخلق مصادر جديدة للفعالية في الأنظمة العربية في النظام العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، بعد تقلص السيطرة الاقتصادية والدبلوماسية للغرب.

وبشكل آخر، لا يعد تحديث السلطوية بمثابة إغلاق للمجتمعات العربية في وجه العولمة وقوي أخري تهدف للتغير السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولا ترغب في قمع الحكومات العربية لمنافسيها.

وفي المقابل، فإن تزايد السلطوية يؤدي إلي إعادة تشكيل حكومة ديكتاتورية تحكم وتدير تغيرات الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وعلي كل حال، ففي السنوات الأخيرة زاد تحديث السلطوية، حيث استفادت من فشل أمريكا في العراق ،وربطها تعزيز الديمقراطية بتغيير النظام وإيجاد حالة من العنف الاجتماعي والفوضى السياسية.

وبعد، فقد تألف الشكل الحقيقي لتحديث السلطوية بمؤازرة الحكومة الديكتاتورية في زمن الدمقرطة العالمية.

وقد اتخذت السلطوية العديد من الأشكال التي سيطرت عليها الاهتمامات المحددة التي تواجه الأنظمة المستقلة.

وفي أعقاب ذلك، ربما يكون من الخطأ التهويل في حجم ترابطها. كما أنه ليس هناك أسلوب محدد للسلطوية تتبعه الأنظمة العربية.ولا يجب أن نهول من قدرة الأنظمة العربية لتنفيذ سياسة التجديد.

وعلي كل حال، فمن الواضح أن السلطوية قد تشكلت بما يمكن تسميته "تعليم السلطوية". فالتعاليم والاستراتيجيات التي نشأت داخل وخارج الشرق الأوسط قد انتشرت عبر المنطقة وجري تعديلها من خلال العملية.

وقد أخذت الأنظمة عن بعضها البعض. كما تعلموا كذلك من مراقبة بعض التجارب في أماكن أخري. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت الصين كنموذج محدد لاهتمامات الحكومات العربية والتي توجد طرق لتحسين الأداء الاقتصادي بدون التخلي عن السيطرة السياسية.لذلك فإن المستقبل يتجه للنموذج الصيني الرائع.

وبما أن الهتمام كان منصبا علي بوادر الدمقرطة العالمية في عام 1990 ، فما ظهر في غالبية العالم النامي كان بديلا عن عولمة الأشكال الجديدة من الحكومة السلطوية، ومن ضمنها السلطوية الانتخابية والسلطوية التنافسية وأشكال أخري من الأنظمة التي استغلت عناصر الانفتاح والمنافسة لتعزيز أنظمة الحكم السلطوي.

كما أن العالم العربي قد كانت له معاملة استثنائية لمقاومته الديمقراطية لكونها تمنع ما يسمي بالموجة الثالثة للديمقراطية.

وبعد، فإن خبرتها تكمن في تحديث السلطوية وبروز النماذج الجديدة للحكومة السلطوية في منطقة العالم العربي خلال العقد الماضي. ونتيجة لذلك، فإن تحديث السلطوية في بلاد مختلفة قد عكس ملاحظات مشتركة بين الحكام الطغاة العرب ونظرائهم خارج الشرق الأوسط حول أفضل وضع يبقي علي أنظمتهم.

وبالرغم من تحديث السلطوية قدم إطارات عمل للحكومة السلطوية في العالم العربي الذي يعد أكثر مرونة وانفتاحا وله خبرة بمواجهة مطالب العولمة والديمقراطية وعمل إصلاحات للسوق اقتصادية، فالحكومات أجبرت علي أن تظل جزءا مهما.

وقد خضعت الأنظمة العربية للحكم السلطوي وأتاحت مساحة كبيرة للجمعيات المدنية كما أتاحت العمل بحرية لأحزاب المعارضة كما وسعت حرية الصحافة وعرفت بشرعية حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإنهم واصلوا ممارساتهم القمعية ضد الممارسة السياسية.

وكما لاحظ جوشوا ستاكر الحملة التي قامت بها السلطات المصرية في 2006 ضد ناشطى الجمعيات المدنية، كما أن قانون الطوارئ قد أعطي قوة إضافية للأمن ضد معارضة أمريكا.

وقامت مصر بتأجيل الانتخابات المحلية واعتقلت المئات من أعضاء الإخوان المسلمين ومنعت المرشد العام للجماعة من السفر، كما منعت مرشحي الإخوان من تحقيق مكاسب إضافية في كل من انتخابات الطلاب واتحاد العمال.

ومثل هذه الانتهاك والقمع لأعضاء المعارضة وخاصة أعضاء الإخوان المسلمين الذين تعرضوا لذلك عام 2007.

أماسوريا فقد شهدت تصاعدا لقمع الناشطين المتضامنين مع التصريح الذي أصدرته كلا من بيروت ودمشق في ربيع 2006،ومثل هذه الأعمال القمعية قد وقعت في ربيع وصيف 2007.فضلا عن أنه قد اعتقل 12 صحفيا ومثقفا وناشطا عقب هذه الحملات كما فرض قرارا بمنع السفر لعدد من الشخصيات المعارضة البارزة.

أما فيتونس،فقد صاحب اجتماع القمة الدولية لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005 تزايدا للقمع والمضايقات ضد المنظمين للجمعية المدنية والمراسلين والناشطين العاملين في شبكة الإنترنت.

أما في المغرب،والتي تعد مثالا للإصلاح العربي، والانفتاح السياسي الذي يقوده الملك محمد السادس، وهي تعد خطوة إعادة لتشكيل السلطوية فضلا عن كونها عملية ديمقراطية يمكنها كبح سلطة الملكية،فقد أصبح القمع وانتهاك حقوق الإنسان شيئا معتادا في المغرب،وإن كان أقل وطأة وانتشارا من غيره في البلاد العربية.

ولذلك فإن ما بدأ في الظهور في العالم العربي هو شكل من أشكال السلطوية، مصحوبا باستراتيجيات وخبرات الماضي والإكراه والمراقبة والمناصرة والارتباك والخصوصية وكذلك ابتكارات تعكس الحكم علي النخبة السلطوية لكي ترد بعنف علي التهديد الثلاثي للعولمة والأسواق والدمقرطة.

هذه الجهود تهدف إلي خلق ومؤازرة وجود التحالف السلطوي والذي يعتمد علي الحفاظ علي وجود قواعد لدعم المجتمع والمؤسسات بينما تقوي العلاقات أو علي الأقل تقوم باستقطاب الجماعات التي تقدرها الأنظمة بأنها غير جديرة بالثقة.

المميزات الأساسية لتحديث السلطوية

هناك خمسة عناصر تقف في وجه تعريف عناصر تحديث السلطوية، وكل هذه العناصر إنما هي دليل علي تفاوت التحالفات في البلدان العربية مثل الجزائرومصروالأردن والمغرب وسوريا وتونس واليمن.وفي الحقيقة فإن هذه العناصر واسعة الانتشار داخل العالم العربي بالرغم من اختلاف قضاياهم.أما العناصر الخمسة فهي:

  1. الاحتواء علي المجتمع المدني والاستيلاء عليه.
  2. تنظيم المنافسة السياسية.
  3. السيطرة علي عوائد الإصلاح الاقتصادي" الانتقائي".
  4. السيطرة علي وسائل الاتصالات الحديثة.
  5. تنويع الارتباطات الدولية.


1. الاحتواء والاستيلاء علي المجتمع المدني

يتمثل شعار تحديث السلطوية في قدرة الأنظمة العربية علي استغلال ومقاومة الاتجاهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ كي يقلل من التحديات التي يمكن استيعابها لإيجاد موارد سياسية موالية للأنظمة والتخلي عن القوة.

وقد أجدت هذه الممارسات في العديد من المناطق وانتشرت بنجاح ولكنها لم تلق ترحيبا من قبل من يقومون علي تعزيز الديمقراطية في الغرب.

وفي بداية الثمانينيات انتشرت منظمات المجتمع المدني في العالم العربي، وكان التوسع في انتشار المنظمات العربية غير الحكومية كان أبلغ رد.

وخلال العقد التالي كان هناك وضعا متذبذبا جديدا في القطاعات المدنية والمؤسساتية في الجزائر ومصر والكويتوالأردن والمغرب وتونس واليمن .

وفي أوائل التسعينيات أصبح للمنظمات العربية غير الحكومية تواجد في الحياة السياسية في المنطقة والعمل علي تقديم جداول أعمال بخصوص حقوق الإنسان والإصلاح السياسي والقضايا المتعلقة بالحكومة والشفافية والبيئة وحقوق المرأة وغير ذلك.

أما الأنظمة العربية فقد رأت هذا الانفتاح مناسبا لتحسين موقفها مع الدول الغربية المانحة ومع المؤسسات المالية الدولية في فترة الأزمة المالية.

وفضلا عن إغلاق المؤسسات المدنية تماما، فإن الأنظمة قد تبنت استراتيجيات معقدة لإعادة السيطرة علي القطاعات المدنية الناشئة.

كما مزجت الأنظمة العربية بين القمع والتنظيم والاختيار والاقتطاع لوظائف المنظمات العربية غير الحكومية من قبل الدولة لاستيعاب المؤسسات المدنية ولتقليل قدرتها علي تحدي السلطة السياسية.

اتضحت هذه الاتجاهات في شكل ديمقراطية العالم العربي. كما تعكس البيانات المقدمة من بيت الحرية حول المتغيرات المتعلقة بمدي الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الاتجاه الأكثر اعتدالا خلال أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات في الدول العربية.

وهذه الفترة القصيرة من الانفتاح أعقبت بفترة من التشديد علي السيطرة ومنها تزايد القيود علي نشاطات المجتمع المدني وتقليص مستويات الديمقراطية التي بدأت في أواخر التسعينيات واستمرت كذلك في العقد الأخير.

كما ظهرت استراتيجيات النظام لتواجه تزايد نشاط الجمعيات المدنية، ومن هذه الاستراتيجيات قمع المنظمات،والتي طالما تقوم بالتهديد وخاصة تلك التي تركز علي حقوق الإنسان ومسئوليات الحكومة والإصلاح الانتخابي.

ثم بعد ذلك أبرزوا عناصر أخري، ومنها إصلاح إطار العمل الشرعي الذي يحكم المنظمات العربية غير الحكومية لتعزيز قدرة الحكومات علي تنظيم منظمات المجتمع المدني المستقلة ومراقبتها، إضافة إلي الإجراءات القانونية التي لا تهدف إلي المجتمع المدني في حد ذاته، والتي اعتبرتها المنظمات غير الحكومية من ضمن آليات النظام للتدخل وإفساد عملها.

ومنها قوانين تتعلق بالسيطرة علي الإعلام، وتشريعات جديدة مضادة للإرهاب وقد نفذت في كل من الأردن والمغرب في 2005.

أما أكثر النماذج صخبا فهو استخدام الإصلاح القانوني لاستيعاب الجمعيات المدنية ومنها تعديل قانون المؤسسات في مصر.

فالقانون الجديد والذي حل محل قانون عام 1999 قد قام بضرب المحكمة العليا وفرض قيود جديدة علي نشاطات المنظمات غير الحكومية وأموالها وخفض السماح لهم باستغلال مواردهم الخارجية.

كما طلب من حوالي 16.000 منظمة غير حكومية مصرية أن تعيد تسجيل نفسها في وزارة الشئون الاجتماعية.

وخلال هذه العملية رفضت الوزارة طلبات عدد من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان المعروفة، ومن ضمنها مركز أبحاث المرأة الجديد.كما منع القانون المنظمات غير الحكومية من المشاركة في النشاطات السياسية، وقد شكل هذا قيودا علي عمل أي منظمة دفاع جديدة.

كما أن مصر ليست هي البلد الوحيد في استخدام هذا الأسلوب. فقد قامت تونس بإعادة صياغة قانون الجمعيات في عام 1992 فارضة قيودا جديدة علي المنظمات غير الحكومية، وقد أجبر هذا القانون الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بوقف نشاطاتها.

ثم إن الرابطة قد افتتحت من جديد عام 1993،وتقلصت مواقفها في مواجهة الحكومة، ولكنها أغلقت قسرا في عام 2000؛تحت ضغط النظام.

وفي أكتوبر 2002 أغلقت الجمعية الأردنية لحقوق المواطن من قبل وزير الداخلية في خطوة توضح الاضطهاد تجاه الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية.

كما شهدت المغرب مثل هذه الممارسات، حيث ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في 2005، أنه في ظل هذه الموافقة علي قمع منظمات المجتمع المدني، فإن الأفراد الذين يرغبون في إنشاء منظمة مطالبون بموافقة من وزير الداخلية لعقد اجتماعاتهم.

كما وضعت القيود علي المشاركة السياسية للأحزاب غير الحكومية في الأردن من خلال قانون الجمعيات والمؤسسات والذي تم تعديله علي غرار القانون الجزائري الذي يحكم الأحزاب السياسية والذي تم تعديله في مارس 1997،وكذلك علي غرار الدستور المغربي للحريات العامة.

كما أن القمع الذي واجهته المنظمات غير الحكومية والجمعيات المدنية من قبل الحكومة قد أضعف استقلالها وحدد قدرتها لتحدي سياسات الحكومة وممارساتها.

كما يساهموا كذلك في الأوساط القانونية والمؤسساتية التي تعزز التنافس بين الأحزاب غير الحكومية والتي تعتمد علي مصادر محلية ضئيلة.

إضافة إلي ذلك، فإن تعقيد وعدم شفافية الأنظمة قد أوجدت أجواء قانونية غير واضحة تاركة مجموعات المجتمع المدني في شك من شرعية نشاطاتها اليومية( فعلي سبيل المثال،ما الذي يشكل المشاركة السياسية؟ ).

كما أن الإصلاحات القانونية يراها ناشطو المجتمع المدني إجبارا للمنظمات غير الحكومية علي خرق القانون،باتصالهم بنشاطات تعد غير شرعية إلا أنهم يرونها مباحة، كما يعدونهم تهديدا للحكومة الاستبدادية.وقد ذكرت لجنة مراقبة حقوق الإنسان في تونس:

رفضت السلطات الاعتراف الشرعي بمنظمات حقوق الإنسان المستقلة والتي أنشأت في العقد الماضي. كما استخدموا بعد ذلك ذريعة عدم شرعية المنظمة لإعاقة نشاطاتها. وفي 3 سبتمبر 2005 أحاطت الشرطة بالمكتب القومي غير المعتمد لحريات التونسيين وقد منعوا أعضاءه من الاجتماع كالعادة.

وعلي كل حال، فقد بلغ القمع ذروته وعرض القمع الموجه إلي المنظمات غير الحكومية الأنظمة العربية للنقد الحاد وأساء لسمعتهم بالداخل والخارج.

وللرد علي ذلك استعانت الحكومة باستراتيجيات جديدة بجانب القمع استطاعت الأنظمة من خلالها استغلال إطارات العمل التنظيمية للمجتمع المدني لخلق موارد سياسية يمكنهم التعامل معها واستخدامها لصالحهم.

وعلي سبيل المثال، ففي مصر والأردن وسورياأصبحت الأنظمة راعية للمنظمات غير الحكومية شبه الرسمية والتي تتمتع بشيء من الحماية والانتفاع من علاقاتها المتميزة مع ممثلي القوي السياسية ولكنها تفتقد للاستقلالية.

وهذه المنظمات تخدم في كل من مجالات التعليم والتدريب والرياضة وتنمية الشباب وفي مناطق أخري تري أنها سياسية ولا تمثل أي تهديد.

كما تعد أسماءالأسد زوجة الرئيس السوري بشار الأسد أول السيدات البارزات في العالم العربي اللائي أسسن ورعين المنظمات غير الحكومية، شبه الرسمية، كما أنها الراعي الرسمي لسبع منظمات غير حكومية تتضمن منظمة للشباب؛ وكذلك تحديث وتفعيل دور المرأة في تنمية الاقتصاد، والتي تركز علي مشاركة المرأة في الاقتصاد وتنمية التمويل للريف في سوريا،وكذلك تنشط كل من مجالات الحوار الثقافي والتعليم ورئاسة المرأة والسياحة والبيئة.

كما أنشأت رانيا ملكة الأردن مؤسسة نهرالأردنوالتي تنشط في كل من مجالات التمويل البسيط والحوار الثقافي والتعليم ورئاسة المرأة والسياحة والبيئة.

ونشطت سوزان مبارك عقيلة الرئيس المصري حسني مبارك، كراعية وداعمة للمنظمات غير الحكومية، فضلا عن أنها رئيسة المجلس القومي المصري للمرأة، كما أنها مؤسسة ورئيسة جمعية تنمية خدمات هليوبوليس.

وتعد سوزان مبارك مؤسسة للجمعية المصرية للطفولة والتنمية وهناك العديد من المنظمات غير الحكومية.

وتخدم قطاعات المنظمات غير الحكومية وشبه الرسمية عددا من المهام الجليلة، ويقومون بخدمات للمواطنين ويجذبون الانتباه المحلي والدولي لأسوأ القضايا ويجذبون التمويل المحلي والدولي (بقيود أقل من تلك التي كانت تفرض علي منظمات المجتمع المدني المستقلة)،ولها القدرة بموجب رعاتهم البارزين أن يتصرفوا بجرأة أكثر من نظرائهم المستقلين.

وبالرغم من هذه المزايا، فإن من ترعاهم الدولة وكذلك الجمعيات المدنية المستقلة غير قادرين علي القيام بدور سياسي مستقل. كما أنهم غير قادرين علي تنفيذ آليات المسئولية والشفافية ومراجعة الحكومة.

إلا أنهم قدموا فرص النظام كي يظهروا في مظهر الداعمين للمجتمع المدني ويتنصلوا عن أي مسئولية تجاه الشعب.

وفي النهاية، فالأنظمة العربية لا ترعي قطاعات الجمعيات المدنية غير الرسمية، بل أنهم رأوا أنفسهم منسجمين ويركزون علي وظائف مختصة، ويقومون بأدوار دفاعية ورقابية، كما يرون لأنفسهم الحق في التواجد في إطارات عمل التواصل المدني والتجمع، ويأملون في تعزيز شرعيتهم بداخل العملية.

وبذلك أقحمت الأنظمة نفسها مباشرة في المناظرات السياسية المؤثرة، وتجبر علي التواصل في القضايا الشائكة بصفة رسمية، وعن طريق القنوات الرسمية، وهذه من أكثر النقاط التي يمكن أن تعرض الأنظمة للنقد:"حقوق الإنسان".

وتقوم العديد من حكومات الدول بتبني دور المراقب والمدافع عن حقوق الإنسان بينما في نفس الوقت تقوم بقمع منظمات حقوق الإنسان المستقلة.

وخلال عقدي السبعينيات والثمانينيات ظهرت حقوق الإنسان لتركز علي الحشود المدنية في العالم العربي؛ وكانت سوريا نموذجا لتطور المنظمات غير الحكومية لرعاية حقوق الإنسان.

كما تشكلت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في عام1975،أي قبل ثلاثة أيام من إنشاء مراقبة هيلسنكي، وهي تعد أول منظمة عربية غير حكومية لحقوق الإنسان.

كما تأسست الجمعية التونسية لحقوق الإنسان بعد العام 1977 بقليل.وفي بداية التسعينيات، تخلت الحكومة التونسية عن الحرية السياسية واتجهت لقمع المنظمات المدنية وحركات المعارض، في الوقت الذي وسعت فيه دورها كمدافع عن حقوق الإنسان.

وفي عام1991أنشأت الحكومة مكتبين جديدين مكتب المستشار الخاص للمسئول عن حقوق الإنسان وآخر للسلطة العليا لحقوق الإنسان.

وفي أقل من عام أغلقت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.وبنهاية عقد التسعينيات صرحت هيئة مراقبة حقوق الإنسان:

"لا تري الحكومة التونسية أن توحد رؤيتها حول حقوق الإنسان والديمقراطية فقط، بل أنها وظفت القمع والأعمال الوحشية أيضا؛ لكبت ناشطي حقوق الإنسان التونسيين الذين يحاولون أن يقدموا صورة أقرب للحقيقة."

كما أن الأنظمة في كل البلدان العربية لها نفس الانطباع. ففي الجزائر نشأت منظمات حقوق الإنسان المستقلة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات وتبعتها في عقد التسعينيات وخلال فترة الانغلاق السياسي وتزايد العنف الاجتماعي، إنشاء جمعيات الدولة والتي تهدف إلي مراقبة ممارسات حقوق الإنسان.

أما الأردن فقد أنشأت المركز القومي الحكومي لحقوق الإنسان في العام 2002.وفي مصر، فليس من الغريب أن تسطو الدولة علي منظمات حقوق الإنسان، هذه السطوة التي أدت إلي تزايد المكاتب والوكالات التي يربطها دور واحد ومنها الإدارة العامة لحقوق الإنسان التي أنشأت في 2001،وإدارة حقوق الإنسان في وزارة الداخلية،وكذلك الوكالة التي تراقب بعض القوي الأمنية المصرية والتي أنشأت في العام 2005.

إلا أن الحكومة اليمنية بحدث عالمي في يونيو 2006وهو ما يسمي"مؤتمر صنعاء الدولي حول الإصلاحات الديمقراطية والسياسية وحرية التعبير."

ومع ذلك، فقد رعي المؤتمر بشكل جزئي منظمة إيطالية غير حكومية وكذلك الاتحاد الأوروبي ويضم عددا من ممثلي المجتمع المدني وقد جاء البيان الرسمي الأخير للاجتماع من قبل المنظمات غير الحكومية عاكسا رؤية الحكومة أكثر من رؤى المنظمات غير الحكومية.

وفي المغرب،ظهرت منظمات حقوق الإنسان المستقلة لأول مرة في أواخر السبعينيات، إلا أن الملكية بدأت تقحم نفسها في قضايا حقوق الإنسان في بداية التسعينيات.

وقد أنشأ الملك حسن المكتب الاستشاري الرسمي لحقوق الإنسان عام 1990.وأنشئت وزارة عالية المستوي لحقوق الإنسان عام 1993.

وبالرغم من أن المغرب تقدمت أكثر من الأنظمة العربية في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنها قامت بالسطو علي مراقبة حقوق الإنسان وجعلتها وظيفة للحكومة، كما فرضت قيودا علي الجماعات المستقلة، حتى وإن كان المجلس الاستشاري ومثله من المؤسسات المتواجدة في الدول العربية تضم ممثلين من منظمات المجتمع المدني.

كما أن استراتيجية الازدواجية للاستحواذ علي المجتمع المدني وفرض القيود علي المنظمات المدنية المستقلة، قد قدمت رؤية مدنية مميزة في العالم العربي.

وقد تخلت الأنظمة عن الأوامر السلطوية وعن القمع واحتضنت خطابات حقوق الإنسان والدمقرطة أكثر من الماضي.

وفي بعض الحالات مثل المغرب والأردن واليمن كانت هناك مكاسب حقيقية للمجتمع واحتمالات جديدة لعمل حكومة يمكن للمواطنين محاسبتها.

وفي نفس الوقت تم استيعاب وتنظيم واحتواء المجتمع المدني من قبل الأنظمة التي تجمع بين الشرعية والإجبار والاختيار واستيعاب أدوار المجتمع المدني من قبل الحكومة لتقليل النشاط المدني وفض قطاعات المنظمات غير الحكومية وإضعاف منظمات المجتمع المدني.

2. تنظيم المنافسة السياسية

شهد العالم العربي نموا في مستويات المنافسة السياسية في السنوات الأخيرة، واهتماما متزايدا من الأنظمة تجاه قضايا الإصلاح الانتخابي وموجة من ازدهار الحرية.

وقد عدلت مصر والجزائر واليمن والأردن والمغرب قوانينها الانتخابية لتحسين مشاركة المصوتين، وخفض معوقات المنافسة السياسية وتقوية المراقبة علي إدارة الانتخابات.

وقد حققت هذه الإصلاحات نجاحات في بعض الحالات.أما نتيجة الانتخابات البرلمانية في مصر عام 2005 فكانت غير متوقعة، حيث فاز مرشحي الإخوان بثمانية وثمانين مقعدا وكان ذلك أكبر تمثيل للإسلام المعتدل في العالم العربي.

وفي سبتمبر 2007 فازت الحركة الإسلامية الرئيسية في المغرب" حزب العدالة والتنمية " بسبعة وأربعين مقعدا في الانتخابات البرلمانية.وفي بداية 2007،أنهي الملك عبد الله شهور التأمل بتأجيل الانتخابات البرلمانية وعقدها في نهاية عام 2007 .

وقد أثني المسئولون بالخارج علي الأنظمة لسماحها بهذه التغييرات. ففي أكتوبر 2006 هنأت كونداليزا رايس الأردن علي خطوتها الواسعة نحو التحول السياسي،وصنفت لجنة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي الانتخابات اليمنية في 2006 علي أنها خطوة في طريق تنمية الديمقراطية في اليمن .

بينما لم يدرك المراقبين للسياسات العربية هذه التغييرات. أما الإصلاحات الانتخابية في البلدان العربية فليس لديها الكثير من أجل الديمقراطية غير عمل انتخابات تؤمن السلطوية.كما أن إدارة النظام للمنافسة الانتخابية عكست منطقا ذو وجهين لتحديث السلطوية.

كما أن الإصلاحات زادت من مستويات التنافس السياسي. وبعد ذلك يضمنون أن الانتخابات ما زالت تدار بقوة وواقعية وتزور نتائجها لمصلحة الأنظمة.

وقد أوضحت الانتخابات الأخيرة في مصر واليمن تسامح السلطة الشديد في مجال التنافس الانتخابي، كما أقرت مشاركة الإسلاميين في الانتخابات مع الحفاظ علي نسبة الحزب الحاكم في الصدارة.

وتشبه الوسائل التي تبناها النظام لدعم هذه الأهداف، تلك التي استخدمها لإدارة الجمعيات المدنية واحتواءها.

أما نشاطات قادة المعارضة الذين يمثلون تهديدا فقد أصبحوا أهدافا لقمع النظام، وقد ظهر هذا في قضايا أيمن نور وسعد الدين إبراهيم ؛ حيث اتهموا باتهامات مثيرة للشك.

وفي بلدان مثل الجزائر ومصروسوريا فقد استمرت الحكومات هناك بالعمل تحت مظلة قانون الطوارئ والتي تم العمل بها لعقود.

إضافة إلي ذلك، فهناك تفكيك لإطارات العمل القانونية وإفساد نظام المعارضة السياسية. كما أنهم يضعون عقبات أمام تشكيل الحزب السياسي ويقيدون ظهور المعارضة في الإعلام بينما يقوم إعلام النظام بمهاجمة رموز المعارضة.

وقد صاحب هذه الإجراءات تضييق من قبل السلطة خلال الانتخابات لوقف مشاركة المصوتين-محاصرة مراكز الاقتراع بالجنود والشرطة،موجدين عقبات أمام المصوتين أو يهاجمونهم بقوات رسمية-كما تم شراء المصوتين من أكثر الحيل التي استخدمها النظام.

ومن أهم المزايا التي استغلتها الأنظمة أن الدول والأحزاب الحاكمة في العالم العربي قد أصبحت متميزة.

وقد أصبحت هذه الظاهرة دارجة إلا أنه من الصعب كشفها، كما أن عندهم القدرة لاستغلال موارد الدولة وموظفيها لصالحهم وليس فقط بتوزيع اللحوم والرشاوى، ولكن بتولي عقد ومراقبة الانتخابات أيضا.

وقد رأينا في انتخابات 2006فياليمن أسلوبا أفضل من ذلك، فقد لصق الجنود صورا للرئيس علي أسلحتهم وعرباتهم وملابسهم، بينما كانوا يحرسون مراكز الاقتراع.

وقد تكاثر مؤيدو النظام أمام لجان الانتخاب كما أن القضاة والمراقبين أغلبهم كانوا من المؤيدين، ولم تتعامل الحكومة مع شكاوي المضايقات بالإنصاف.

فضلا عن أن من راقب عملية الفرز كانوا من مسئولي الحكومة وفي الحزب الحاكم. كما أن المحافظات والأقاليم التي تفضل مرشحي الإسلاميين قد تعرضت لضغوط أكبر من غيرها من قبل الشرطة.

وبذلك فإن الأنظمة الحاكمة، صغيرة كانت أم كبيرة، تستغل سيطرتها ضد الأحزاب المعارضة.

وقد اعتنقت الأحزاب الحاكمة أساليب فنية تتفق مع إقامة الديمقراطيات بعناية. ومن الكلمات التي جاءت إلينا من اللغة الانجليزية لتصبح مصطلحا سياسيا دارجا في أماكن مثل مصر "غرف العمليات"،وقد أنشأت من الأجهزة التكنوقراطية للأحزاب الحاكمة في كل من مصرواليمن.

أما بالنسبة للقضية المصرية، فإن غرفة العمليات أصبحت قاعدة لجهود عريضة لجذب المصوتين والتحرك خلال دوائر الانتخاب،وهي مكلفة بعمل نظرة شاملة والتركيز علي المجموعات ومراكز الاقتراع في جميع البلاد،وأعمال أخري اتفقت مع إدارة الانتخابات في الوقت الحالي.

وباتضاح هذه الأمثلةفيالجزائرومصروالأردن والمغرب واليمن،فقد تحركت الأنظمة تدريجيا لعمل تسويات محددة بشكل مقصود، لإيجاد ضغط خارجي وداخلي تجاه استراتيجيات السلطة من أجل إدارة التنافس السياسي.

وقد أدي ذلك لتقليل وتحديد استخدام القمع وإيجاد أنظمة تستجيب نسبيا لمطالب المشاركة السياسية العريضة وتنتقد انتشار الازدهار البسيط في الإصلاح السياسي.ومثل هذه التغييرات تصون، إن لم تكن تدعم قدرة الأنظمة في السيطرة علي القوة السياسية.

علاوة علي ذلك، فقد أوجدت هذه المواقف التنافسية مأزقا لأحزاب المعارضة ونشطائها. وبالنسبة للعديد من ناشطي المعارضة فإن حملات الانتخاب بالنسبة إليهم تعد فرصة لإبراز القضية وعمل سمعة حسنة لها-بالداخل وليس لمجتمع تعزيز الديمقراطية بالخارج- تبرر مشاركتهم، بالرغم من حدودها الضيقة ومخاطرها.

وتعد مشاركة الإسلاميين في الانتخابات تبين رغبتهم في أن يلعبوا بمبادئ لعبة الانتخابات بنفس الطريقة.وإذا ما استمر ذلك أم لم يستمر فإنه سيظل سؤالا مطروحا.كما أن فشل الانتخابات في تقديم تنوع للقوي السياسية قد زعزع الثقة الشعبية في دعم السياسات الانتخابية.

وباتساع المنافسة، فإن النتائج الانتخابية تقاوم الوضع الراهن. ففي اليمن ، يقول المراقبون من قبل الاتحاد الأوروبي علي الانتخابات "لم يكن هناك إنصاف في الحملة الانتخابية، فمؤسسات الدولة وخاصة العسكرية والشرطة قد أظهرت دعما كبيرا للرئيس صالح وحزبه الحاكم.

كما أن المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاءات لم تقم من جهتها بأي دور لفرض الاحتياطات القانونية لمنع مثل هذه الأعمال."

وفي مصر،ووفقا لما ذكرته مجموعة الأزمات الدولية،" فإن الانتخابات الرئاسية عام 2005 تحت الضغط الأمريكي كانت خطوة فاشلة نحو الإصلاح. كما لم تكن هناك روحا للمنافسة الحقيقية علي الرئاسة."أما بالنسبة للمغرب، يذكر التقرير الدولي حول الديمقراطية أن:

قام النظام الانتخابي بتحطيم الانفراجة السياسية والتمثيل البرلماني، مانعة ظهور أي قوة سياسية جديدة يمكنها أن تستغل الامتيازات البرلمانية أو تقوم باستغلال أفضل للقوة الموجودة علي الساحة.

كما أن الدور المحدود للبرلمانيين في بناءالدستور والسياسة المغربية قد قلل من أهمية الانتخابات من أجل الديمقراطية.

ولم تتبني جميع الأنظمة هذه الاستراتيجيات وفي أغلب الأنظمة القمعية مثل سوريا وتونس فإن النزاعات الانتخابية استمرت كأمثلة هشة للنموذج السياسي.

وفي 2004، قام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بتوضيح أن ممارسات القادة العرب في الانتصارات الانتخابية مضحكة وقد اتضح ذلك عندما ادعي أنه فاز بنسبة 94.5%. وقد انخفضت هذه النسبة عن عام 1999 حيث فاز بنسبة 99%.

كما كانت أقل من 98% وهي النسبة التي حاز عليها الرئيس بشار الأسد في استفتاء عام 2000 عندما خلف والده كرئيس لسوريا،ثم بعد ذلك حصل علي 97.6% من الأصوات في الاستفتاء الأخير عام 2007 .

وفي أغلب الأحيان، وأغلب استراتيجيات الدول العربية الجديدة لإدارة التنافس السياسي، تتيح مساحة لنشاط المعارضة.وهكذا، فإن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مصرواليمن لم تحرز 99% من عدد الأصوات.

ففي اليمن حاز الرئيس علي عبد الله صالح علي 77% والتي كانت كفيلة ببقائه وحزبه في الحكم. أما خصوم النظام فقد اعتبروا أن 77% ما هي إلا 99% جديدة،ومازال الارتقاء بالديمقراطية بعيدا عن العالم العربي في الوقت الحالي كما كانوا منذ عقدين.

3. السيطرة علي عوائد الإصلاح الاقتصادي" الانتقائي"

وخلال العقدين الماضيين غزت الأسواق منطقة الشرق الأوسط بشكل أسرع من الإصلاح السياسي. وما زالت هناك دول متميزة اقتصاديا، ينال القطاع العام رعاية النظام فيها وكذلك دعما سياسيا، كما يتلقي القطاع العام تشجيعا من الحكومة لتحسين الأداء الاقتصادي وإيجاد وظائف جديدة.

وما زالت الشعوب في أغلب الدول العربية موجودة وفعالة وقد فتحت الإصلاحات الاقتصادية الباب للاستثمار الخارجي والتجارة، علي الأقل.

كما عرضت الحكومات تسهيلات للمصدرين وخطت نحو أسواق عمل أكثر مرونة. كما استفادوا من عضويتهم في المؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية ومشاركتهم في جهود مدعمة من قبل المؤسسات المالية الدولية لتقوية أنظمة الحكم الاقتصادي.

وتتزايد هذه التغيرات في السياسة العامة في الحياة اليومية للمواطنين العرب وخاصة ذوي الموارد التي تؤهلهم لاستغلال مزايا الانفتاح الاقتصادي.

أما في العالم العربي، فقد اتسعت منذ انتقال العامة لمناطق الأسواق العالمية من خلال وسائل الاتصال، فهناك عشرات من مكاتب شبكة الإنترنت المجانية انتشرت في أنحاء القاهرة لخدمات الإنترنت لمن يملكون كمبيوتر محمول (لاب توب) من الطلاب ورجال الأعمال.

كما أن هناك توسع في شكل السوق الأمريكي ومراكز التسوق والعديد من السينمات والعديد من الضائع عالية التقنية.

وهذه الاتجاهات موجودة حتى داخل الدول المتقاعسة عن الإصلاح الاقتصادي مثل سوريا.كما أنك تجد في الشوارع التجارية محلات أبو رمانه السورية مجاورة لمطاعم كنتاكى الأمريكية ويعرض كل منهما وجبات للعشاء.

وتعرض استراتيجيات النظام في هذا المجال منطق سياسي واضح وتتخذ شكلا عاما غير محدود بالشرق الأوسط. وتدعم عمليات التحرر الاقتصادي في المنطقة فرص تقوية الاقتصاد لمؤيدي النظام وإعادة تقوية القاعدة الاجتماعية للنظم السلطوية وتخفيف الضغط علي الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الشاملة.

وبجانب التحسينات المحدودة في بعض المؤشرات الاقتصادية فإن الإصلاحات النسبية قد دعمت الحكومات في الجزائر ومصروالأردن والمغرب وسورياوتونس،بالموارد المطلوبة لمؤازرة أنظمة الحكم.

كما أن هذه التغييرات تؤمن المكانة المميزة للإنشاءات الصناعية العسكرية والتي أصبح لها تأثيرا كبيرا علي الاقتصاد.كما أن الإصلاحات المحدودة تمثل جزءا مهما من القطاع الخاص والذي يدعم عمليات التحرر الاقتصادي.

وهذه الاستراتيجيات تتيح لرجال الأعمال السياسيين مع نظرائهم السياسيين في الحكومة دعم أنفسهم مع عدم وجود شفافية أو مسئولية أو حتى شيء من الديمقراطية الحقيقية.

ويمكن أن نجد هذه الاستراتيجيات في كل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد بدأت هناك سياسة الخصخصة للمؤسسات المملوكة للدولة وقاموا ببيع مؤسسات الدولة المربحة وكذلك شركات الاتصالات.

وعلي سبيل المثال،ففي سوريا صدر قرار منح الترخيص بتخصيص شركة الاتصالات الأولي في سوريا "سوريا تل"وأنهيت ممارسة رعاية السياسات بوضوح. كما أن أكثر من 55% من أسهم الشركة امتلكها رامي مخلوف ابن عم الرئيس بشار الأسد.

وصرح مخلوف في يونيو 2006 في إشارة لحجم أعماله أن ضرائبه التي يدفعها تمثل 1.7% من الدخل القومي السوري.أما عن الأردن، فإن قرار خصخصة قطاع الاتصالات قد أشعل المنافسة بين شبكات العمل التنافسية من نخبة رجال الأعمال والنخبة السياسية والشركاء الدوليين.

وفي النهاية، فإن الرخصة الأولي قد تضمنت كلا من " رئيس أركان الحرب السابق ورئيس الشرطة عبد الهادي المجالي وولده صهيل، ورجل الأعمال العراقي المقيم في لندن " نظمي أوجي " وأسرة أبو جابر أما الشركة المشاركة في الخارج فهي شركة "موتورولا" الأمريكية."

أما مصر-من أول الدول التي بدأت الخصخصة-فقد قامت ببيع شركة لتصنيع زجاجة كوكاكولا لمحمد نصير وهو حليف مخلص للنخبة السياسية ومنها رئيس الوزراء في ذلك الوقت "عاطف عبيد ".

وبعد كل ذلك، يقول سفاكياناكس: "يجب أن يقوم نصير وكل نخبة رجال الأعمال بما عليهم فعله : وهو تقديم الخدمات السياسية للنظام."

وبعد هذه الأمثلة من الخصخصة، فإن الأنظمة قادرة علي استغلال التحرر الاقتصادي عن طريق الإصلاحات التنظيمية المهمة مثل تحرر العملة وفرض الضرائب وإصلاح القطاع المصرفي.

أما النموذج العام للتغيرات المنتظمة مثل الإصلاحات الضريبية والمالية والتجارية فلتوفير فرص لمسئولي النظام ونخبة رجال الأعمال لإعادة التفاوض من أجل التوصل لتسوية من أجل مصالحهم.

فضلا عن أن لهم القدرة علي العمل من خلال العروض الحكومية مثل الإعفاء الضريبي والإعفاء من الرسوم الجمركية وصور أخري من صور امتيازات معاملة مسئولو النظام.

كما أن هذه الإصلاحات تشير إلي التحالف القديم بين طبقة رجال الأعمال والأنظمة.ومع وجود شعبية أقل إلا أنها مهمة في نفس الوقت لمصالح تدعم الأنظمة في أغلب مجتمعات الأقطار العربية.

فضلا عن أنهم يستغلون مثل هذه الفرص الإصلاحية لدعم شبكة أكبر من رجال الأعمال تنتشر بين العائلات المالكة والقائدة وحلفائهم السياسيين. كما لا يمكن تجاهل الأهمية السياسية لمثل هذه الشبكات الرأسمالية.

ومن هذا المنطلق فإن التحررية النسبية تعكس الديناميكيات العريضة لتحديث السلطوية: تستولي الأنظمة العربية وتستغل السياسات الاقتصادية والتي دائما ما تري أنها معادية للسلطوية لأنهم قادرون علي استخدام هذه الوسائل للسيطرة علي القوة السياسية.

أما بالنسبة للحكومات، فإن المصالح السياسية للحرية مهمة أيضا. ويستغل رجال النظام وحلفائهم امتيازاتهم السياسية لاحتكار الموارد التي يولدها الانفتاح الاقتصادي.

وتخلق الإصلاحات الاقتصادية النسبية موارد اقتصادية أساسية تعتمد عليها عمليات تحديث السلطوية.

كما أنهم يدعمون قاعدة التوسع في التحالفات الاجتماعية والتي تساعد علي الاستقرار السياسي للأنظمة، كما تعزز تحفيز الترابط بين ممثلي القطاع الخاص ونظرائهم من نخبة الحكومة وأصحاب السلطة.

وعلاوة علي ذلك، فإن برامج الإصلاح الاقتصادي والعلاقات الدولية التي تنمي اتصالاتهم وتعرض ميادين إضافية تمكن نخبة النظام من استغلال مزايا امتيازات المؤسسات والخبرات والموارد الدولية.

وبذلك يمكنهم تعزيز موقفهم الداخلي، واستخدام علاقاتهم الدولية لإقحام عملائهم وحلفائهم في مواضع السيطرة الدولية.

وفي بعض الأحوال، تتعرض مئات الملايين للضياع.كما أن المشاريع المنتشرة هنا وهناك تهدف إلي إصلاح قطاعات التعليم العالي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلا عن أن تطوير البني التحتية مثل مطار القاهرة وبعض النشاطات الأخرى في المرافق العامة والرعاية الصحية ومجالات أخري يعتبرها النظام أصولا سياسية.

ولا تمثل هذه النشاطات هدفا للتنافس السياسي أو النفوذ السياسي. ومع ذلك، فكما يعتبرون أن الشخصية المزدوجة للحكم السلطوي في عمليات مثل تنمية القروض والمراقبة والمسئولية النوعية لها، فهي الآن لا تمثل تهديدا يذكر لاستقلال الأنظمة العربية أكثر من توسيع وترسيخ السلطة.

ومع ذلك، فلبرامج الإصلاح لها مخاطرها السياسية. فهي التي ساعدت الأنظمة علي مؤازرة البرامج المساهمة والمساعدات المادية وخاصة للعمال.

كما أن الروابط الاجتماعية في العالم العربي قد تقلصت فعليا في العقود الأخيرة، وهناك ما يواجهها من تزايد للسكان في المناطق الفقيرة وارتفاع البطالة وسط الشباب وزيادة الشباب يصلون مرحلة التعليم الجامعي من الطبقة الوسطي.

كما أن التحسينات الشاملة في معدلات النمو الاقتصادي مرتفعة ارتفاعا متفاوتا ومتقلبا. ومنذ عام 2003، أعادت مصر والمغربوتونس صياغة قوانين أساسية لتنظيم أسواق العمل، وزيادة مرونة تعيين وتسريح الموظفين، وانخفضت معدلات البطالة في ثلاث دول كما في سوريا،فضلا عن أن القطاعات الخاصة تسبق القطاعات العامة كمصادر لإيجاد وظائف.

وتتمثل الأغلبية العظمي من الوظائف الجديدة في القطاع غير الرسمي حيث يسمح لعدد قليل من العمال بالتأمين الاجتماعي،ومكافئات وبعض الرعاية الاجتماعية.

وأدي انخفاض التوظيف في القطاع العام ببعض الأشخاص لأن يطلبوا العمل ليس فقط في القطاع الخاص، بل خارج القوي العاملة أيضا.

وينتشر هذا الاتجاه بين الفتيات المتخرجات من الجامعة علي وجه الخصوص، حيث تنتشر معدلات البطالة بينهم في كل من الجزائرومصروالمغرب وتونس.وبعد كل ذلك، فإن التفاوت الاقتصادي يتزايد في منطقة لها قيمة اقتصادية وتكامل شامل.

ويعد القطاع العام محببا وخاصة لخريجين الجامعات إلا انه قد فقد مزاياه السابقة.وفي الحقيقة، فإن القطاع العام لم يزل مهما لدعم النظام ويواصل مهمته في خلق فرص عمل جديدة.

وبالرغم من قطع العلاقات بين الأنظمة والعمال وسيطرة العالم العربي الصارمة علي حقوق الإضراب فإن الانتفاضات الشعبية الأخيرة في العديد من قطاعات مصر وخاصة السياسية قد تزامنت مع التحرر الاقتصادي ووجود التفاوت الكبير بين الطبقات.

وبالنسبة لمؤسسات مثل البنك الدولي فإن مثل هذه الظروف توضح الحاجة إلي الخروج من استراتيجيات الإصلاح النسبي إلي استراتيجيات الإصلاح الشامل، مؤكدة علي المسئولية والسلطة وتضع عقود اجتماعية جديدة للتواصل مع حالات العمال.

كما أنهم يدركون مدي قوة البواعث السياسية في الحفاظ علي الإصلاحات النسبية والمحافظة علي قدرتها في السيطرة علي الأسواق وتنظيمها، وكذلك مواصلة توافر الإصلاحات الاقتصادية في العالم العربي.

ولمدة عقدين قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، توصل صانعو السياسة الأمريكية إلي أن الطريق للديمقراطية في العالم العربي يأتي من خلال الإصلاحات الاقتصادية، والتي تهدف للزيادة وإيجاد الوظائف وتخفيف الظروف الاجتماعية التي يمكن أن تدعم التطرف وإيجاد الظروف التي تتطلبها الحرية السياسية.

ولذلك فإن الأسواق أولا ومن بعدها تأتي الديمقراطية، ويعد هذا حجر الزاوية للسياسات الأمريكية تجاه العالم العربي في بداية التسعينيات.

إلا أن التجارب أثبتت أن الإصلاح المزدوج قد انتهي بثورة للإسلاميين في الجزائر ومصر والأردن والمغرب وتونس .

كما أن خبراء تعزيز الديمقراطية يواصلون تأييد الإصلاحات الاقتصادية مثل الخصخصة كطريق لإعادة التشكيل في المجتمع والسيطرة علي القوي السياسية.

وعلي كل حال، فقد أصبحت الأنظمة العربية خبيرة في استغلال عمليات الإصلاح الاقتصادي والتواصل مع الأسواق العالمية والمؤسسات المالية الدولية من خلال استراتيجيات سلطوية للحكم.

وفي الحقيقة، فإن النتائج قد خففت الضغط من أجل التغير السياسي وخاصة بين هذه الطبقات في المجتمع العربي مثل الشباب في القاهرة وعمان أو كاسابلانس.

وبذلك فقد حاز النظام علي المصالح الاجتماعية والسياسية من خلال الإصلاح الاقتصادي، كما حافظ علي سيطرته السياسية في القطاعات السياسية الحساسة، كما وعد بإصلاحات سياسية في أجل غير مسمي.

ولا يمكن لهذه التغير الديناميكي أن تستحسنهالسياسةالأمريكية ومواقفها بعد عام 2003 ،عندما أكدت إدارة بوش التركيز علي الديمقراطية في العالم العربي.

واليوم،وبفشل السياسة الأمريكية في العراق،وتشكيل قضايا الاستقرار للتواصل الأمريكي مع الحكومات العربية؛فإن قدرة الأنظمة علي مؤازرة استراتيجيات الإصلاح الاقتصادي النسبي أصبحت كعنصر أساسي لتحديث السلطوية التي تواجه العديد من التحديات.


4. السيطرة علي وسائل الاتصالات الحديثة

تتجاور مقاهي شبكة الإنترنت في سوريا وتقدم خدمة الإنترنت المجاني مقابل تناول الكابتشينو. وبجوار جامعة اليرموك في الأردن هناك أكثر من 130 مكان يقدم خدمات الإنترنت،وبالقرب من شارع شفيق هناك محال للإنترنت أكثر منها في أي شارع في الشرق الأوسط.

وفي القاهرة،هناك العديد من مقاهي الإنترنت مثل بينو وسيلانترو والتي تقدم خدمة الإنترنت (وايرلس) للطلبة المواكبين للتكنولوجيا كما تقوم بذلك فروع ماكدونالد.

وتتزايد أعداد المواقع باللغة العربية بشكل مذهل،فقد سجلت المغرب وحدها 10.000 موقعا في العام 2006.

وهناك من المعارضين،من أمثال نادية ياسين ابنة مؤسس الحزب الإسلامي العدالة والإحسان، من يستخدمون الإنترنت لإجراء مداولات رسمية،وهي متوفرة للقراء بأربع من اللغات (العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية).

ووفقا لمبادرة فتح شبكة إنترنت عربية لبث معلومات عن حقوق الإنسان من قبل شبكة عربية،فإن مصر تتباهى بوجود 1.293 ناديا لتكنولوجيا المعلومات العامة ينتجون تكنولوجيا اتصالات جديدة متقنة.

وبالرغم من أن الأعضاء الأساسيين المستخدمين لشبكة الإنترنت العربية قليلين بالنسبة للمعايير الدولية إلا أن أعدادهم تتزايد بشكل كبير.كما أن التدوين تتزايد شعبيته ويزود الناشطين السياسيين بإمكانيات جديدة للوصول لقاعدة أعرض من العامة.

إضافة إلي تزايد استخدام الإنترنت،جاء ذلك مصاحبا لأشكال أخري من الإعلام والاتصالات في المنطقة.فمن المغرب لحضر اليمن هناك آفاق تنشرها أطباق الأقمار الاصطناعية.كما أصبح التليفون المحمول " الجوال " متداولا في أيدي عشرات الملايين من المواطنين العرب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الخمس سنوات الماضية.

وهذا التطور التدريجي في وسائل الإعلام والاتصالات والتكنولوجيا والإنترنت،يعد من التغيرات الملموسة في العقود الأخيرة.

وبدون أي سؤال،فإن المواطنين العرب المتعلمين اليوم يتواصلون بشكل أكبر مع سيل الإعلام الدولي وأصبح له فرصة لتلقي المعلومات عن بلادهم والبلدان الأخرى أكثر من الجيل الذي سبقه.

أما بالنسبة للأنظمة فإن هذه التغيرات تمثل له تحديات كبيرة.فمن ناحية،توجد هذه التغيرات مصالح اجتماعية وسياسية أساسية.كما أن مشاريع التحديث التكنولوجي توجد إدراكا بين الشعوب العربية وازدهارا لها وخروجا لمجتمعاتها من الحصار القمعي.

كما أنها تسمح للأنظمة أن يمثلوا أنفسهم محليا ودوليا كرعاة لتعزيز الانفتاح التكنولوجي وابتكاراته ويتخلوا عن الأساليب الدفاعية والصارمة التي كان يتبناها من كانوا قبلهم،وهذه الأساليب الجديدة مناسبة للتغيرات السياسية والاجتماعية،والتي يرمز إليها الإنترنت.

وتخجل النخب السياسية من استغلال هذه الانطباعات،وظهر جيل جديد من الرؤساء والملوك في المنطقة العربية يؤكدون انفتاحهم للإعلام الجديد وتأييدهم لشبكة الإنترنت.

وكثيرا ما أكد الملك عبد الله الثاني ملك الأردن علي التزامه بحرية التعبير،وفعل ذلك خلال زيارته لواشنطن في 2005.

فضلا عن أن السيرة الذاتية للرئيس السوري بشار الأسد تعكس لنا دوره السابق كرئيس للجمعية السورية للحاسب الآلي.كما أن جمال مبارك ( نجل الرئيس حسني مبارك والوريث المحتمل للرئاسة )، كان مواكبا لتحديث وسائل الاتصال المصرية لنشر تكنولوجيا المعلومات الجديدة.

ومن ناحية أخري، فإن تكنولوجيا الاتصالات الجديدة تمثل مخاطر واضحة،فلها القدرة علي إضعاف الرقابة علي المعلومات وتقليل قدرة الأنظمة في السيطرة علي الإعلام.

كما تتيح شبكات الإنترنت مساحات لحشد المعارضة،ولذلك قامت جميع حكومات المنطقة باعتبار أن الإنترنت يستغل من قبل الإسلاميين العسكريين وهذا ما دعاهم إلي تبرير رقابتهم علي الإنترنت.كما تدفع النصوص الإعلامية السياسيين العرب تجاه منطقة غير مألوفة تجبرهم علي تبرير السياسات والدفاع عن أعمال الحكومة والاستجابة للمطالب العامة.

ولموازنة هذه الضغوط،فإن الحكومات تميل إلي استراتيجيات لمراقبة وإدارة التواصل العام لتكنولوجيا الاتصالات الجديدة وهو ما يعكس الضوء علي تحديث السلطوية.

وتقبل الحكومات الآن انتشار وسائل الاتصال الجديدة وتكنولوجيا الإعلام علي مضض،فالقادة العرب يقدرون المكاسب السياسية والسمعة الحسنة ويطالبون الآن بأدوار المنافسة والابتكار.وهذا يخفف الضغوط الاجتماعية التي يمكن أن تصبح ضغوطا سياسية.

وفي نفس الوقت،تقوم الأنظمة العربية ببناء أنظمة عريضة للتنظيم والإشراف والمراقبة والتضييق الذي يحد من الاستقلالية وخصوصية المستخدمين.

وتقوم هذه الأنظمة علي تركيز المراقبة علي مواقع الإنترنت،وتبالغ في اهتمامها بالمواقع ذات المحتوي السياسي والمواقع الإباحية والمواقع التي تعارض مبادئ الأخلاق والدين والثقافة والسياسة في البلاد.

ومن وسائل الرقابة أن محال الإنترنت لا تفتح إلا بموافقة وزارية،كما أن عليها التعاون مع الحكومة في مراقبة الزبائن وأعمالهم وتحمل أصحاب المواقع مسئولية محتواها.لذلك فالمراقبة علي استخدام الإنترنت أصبح من قبل موظفو الوزارة والأمن الداخلي والشرطة وكذلك الأنظمة التي تفرض علي المستخدمين تصريحا لاستخدام الإنترنت من منازلهم.

وفي الأردن،يشترط عمال التنظيم أن تكون مواقع الإنترنت مفتوحة أمام العامة وليست معتمة.وفي تونس،تراقب كلا من وزارة تكنولوجيا الاتصالات مع وكالة شبكة الإنترنت التونسية محلات الإنترنت وعلي كل من يعملون في هذا المجال تقديم قوائم للوكالة بأسماء المشتركين شهريا.

وعلي ملاك المحال أن يقوموا بالتزام النظام الحكومي المعلق في محالهم.وقد سجلت لجنة مراقبة حقوق الإنسان البيان المعلق في محلات الإنترنت وينص علي: " ممنوع منعا بتا فتح اسطوانات لا تقم بعمل أي شيء في إعدادات الأجهزة.ممنوع منعا بتا الدخول علي المواقع المنصوص علي تحريمها،وشكرا."

وهناك تقرير من قبل مبادرة الإنترنت المفتوح حول تنقية الإنترنت تري فيه أن دولة تونس تعد شبكة الإنترنت شبكة لها قوة اجتماعية واقتصادية كما تقوم بالاستثمار في شركات الاتصالات.ومع ذلك فقد لاحظ هذا التقرير الآتي:

تسخر الدولة برامج الحماية الأمريكية لمنع الوصول لأربعة أنواع من المعلومات وبالتحديد: المعارضة السياسية للحكومة ومواقع حقوق الإنسان التونسية والسبل التي تمكن المستخدم من التحايل علي هذه الإجراءات وكذلك المواقع الإباحية والجنسية.

كما أن جميع من يريد شبكة الإنترنت يقوم بشرائها من الوكالة التونسية للإنترنت والتي تقوم بعمل التنقية للشبكة الأم،وهذه الضمانات تقوم بتقوية الرقابة علي المواقع.

إضافة إلي ذلك،فإن الوسيلة الرئيسية لتواصل التونسيين هي الشبكة العامة من محلات الإنترنت والتي طلبت منها الدولة مراقبة منع الدخول علي المواقع الإباحية.

وتبنت عددا من الدول العربية الأخرى مثل هذه النظم.أماعن تزايد استخدام الإنترنت من داخل البيوت وضعت الحكومة وسائل لمراقبة الأفراد.

ففي سوريا،من يريد الاشتراك في خدمات الإنترنت-التي تراقبها الدولة بالطبع-لا يطالب بملء قائمة تشمل اسمه وبياناته الشخصية كاملة فحسب،ولكن اسم المستخدم والرقم السري أيضا.

أما عن الرسائل القصيرة عبر المحمول فإن الحكومة تسعي للسيطرة علي مراقبة مثل هذه الوسائل من الاتصالات أيضا.وفي السنوات القادمة لن يكون متاحا استخدام الرسائل المكتوبة عن طريق الجوال كما كانت تفعل كفاية في الحشد للمشاركة السياسية.

ليس الكمين بعيدا عن الأنظار،فهو يتمثل في مواصلة القمع والعنف من قبل الأنظمة العربية لفرض القيود علي استخدام شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى.

وقد اعتقلت مصر والأردنوالمغرب وسورياأفرادا خرقوا قوانين الحكومة الخاصة باستخدام الإنترنت وقاموا بسجنهم.وفي العديد من الحالات كانت الاتهامات تتضمن خرقا لقوانين أمن الدولة.

وقد فصل في هذه القضايا كما في سوريا من خلال قوانين الطوارئ التي بدأ الأخذ بها منذ عقود مضت.

أما عند تشعر الأنظمة بالتهديد،فإنها لا تتورع عن اللجوء للعنف ضد هؤلاء الذين يستخدمون تكنولوجيا الاتصالات الجديدة.وفي نوفمبر 2005،استضافت تونسالقمة العالمية الثانية حول مجتمع المعلومات.

وقد اختارت الأمم المتحدة تونس لاستضافة مثل هذه القمة بالرغم من أنها قد سجلت تعديا علي حقوق التعبير في الإنترنت ووسائل الإعلام.

ووفقا لما ذكره مجلس الأمن الدولي فإن قرار الانعقاد جاء ليحفز الحكومة التونسية علي اتباع الحرية وتخفيف حدة رقابتها علي الخطاب الحر والمؤسسات السلمية.

وعلي كل حال،فلم يحقق مجلس الأمن غرضه، فقبل انعقاد القمة قامت منظمات حقوق الإنسان الدولية بنشر تقارير حول رقابة الإنترنت في تونسوعدد المواقع المحظورة والاعتقالات غير القانونية وحالات التعذيب واعتقال أفرادا ممن يستخدمون الإنترنت.

وتعد تونسمن أشد عشر دول في العالم في الرقابة القمعية علي الإنترنت.وخلال القمة نفسها،منع نشطاء تونسيين من حضور الجلسات مع نظرائهم الغربيين،كما كان هناك تواجد كبير لعناصر الأمن الداخلي.ولم يكن متوقعا ألا يوجد علي موقع القمة العالمية للأمم المتحدة أي إشارة لمثل هذه الأحداث.

وبذلك فإن ما ظهر في العالم العربي إنما هو اقتراب من ترابط شبكة الإنترنت مع تكنولوجيا الاتصالات والإعلام الجديدة التي تشخص التحديث السلطوي.ويبدوا أن الأنظمة قد أصبحت متوائمة ومتقبلة لهذه التكنولوجيا،فهم أدري بمصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

كما أنهم يسخرون هذه التكنولوجيا طوع الاستراتيجيات السلطوية للحكم،مستغلين إياها في دعم وزيادة قدرتهم علي مراقبة مواطنيهم وجعلهم تحت السيطرة.

إضافة إلي ذلك،وبالحفاظ علي تحديث السلطوية كظاهرة في المنطقة فإن التواصل مع تكنولوجيا الاتصالات الجديدة يعد منطقة تتعلم فيها الأنظمة من بعضها البعض.

كما أن تبادل التعليم وتبادل التقنيات والاستراتيجيات بين الحكومات العربية في المنطقة يعد شيئا مهما.

كما أن الاجتماعات الإقليمية والدولية التي تجمع المسئولين العرب سويا،وبعضها يكون تحت رعاية منظمات تعزيز الديمقراطية الأمريكية،والتي تدعم فرص تبادل الأفكار والخبرات حول استراتيجيات أكثر فعالية لتواصل تكنولوجي جديد.كما أن هناك دليل علي بعد التبادلات الثنائية بين الحكومات العربية لمثل هذه الأغراض.

5. تنوع الارتباطات الدولية

لا تتضح السلطوية في إعادة تنظيم السياسات الداخلية فقط،ولكن في الجهود العربية لتنوع من علاقاتها الدولية.وقد أنشأت الحكومات العربية علاقات دبلوماسية وتجارية واستثمارية؛ ليخرجوا أنفسهم من دائرة ضغوط الدول الغربية والمؤسسات الغربية التي تقوم بتعزيز الإصلاح السياسي والاقتصادي، وأوضحوا عدم رغبتهم في التعامل مع أجندة إصلاح مشروطة.

وعلي سبيل المثال،توطد الأنظمة العربية في بلاد الشام وشمال أفريقيا علاقاتها مع دول أسيا وإمارات الخليج العربي وأماكن أخري لا تهتم بقضايا الإصلاح الحكومي والسياسي.فضلا عن أنهم يستغلون زيادة الأسواق التنافسية المتمثلة في المساعدات الخارجية وقروض التنمية والتي تحط من سيطرة البنك الدولي علي قضايا الاقتصاد.

وتستخدم الأنظمة هذه العلاقات لحشد التحالفات الدولية لتجاهل الدبلوماسية الغربية كما فعلت سوريا بتجاهلها الجهود الأمريكية الفرنسية لعزلها بعد مقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق في فبراير 2005.

كما أنهم يتوسعون الآن ليصبحوا عناصر أساسية في الاستراتيجيات التي تبنتها الأنظمة العربية لضمان تواجدهم الشخصي في النظام الدولي والذي يسعي جاهدا للسلطوية.

كما أننا نشهد هذه التغيرات وسط إمارات الخليج العربي،حيث يوجد البترول استراتيجيات تحفز كلا من المصدرين العرب وغير المستوردين الغربيين أن يقووا علاقاتهم.

ومن الدول التي زارها الملك عبد الله،عقب توليه عرش المملكة السعودية كانت الصين والهند وماليزيا.

وشهدت دول الشام مثل هذا التغيير وشمال أفريقيا،حيث تبحث عن علاقات دبلوماسية تجارية استثمارية مع دول مهمة غير غربية مثل الصين.وقد حرص القادة الصينيين علي توطيد هذه العلاقات.

كما قام الرئيس الصيني هو جين تاو بزيارة المنطقة عدة مرات وزار علي رأسها دول الخليج واليمن وعمان، كما زار كذلك الجزائرومصر،واللتان تعدهما الصين دولتان عربيتان لهما أهمية خاصة في دعمهما الدبلوماسي للحكومة الصينية الشيوعية.

وقد نتج عن هذه الزيارات الدبلوماسة عالية المستوي توسع إطار العمل التنظيمي بين الصين والدول العربية والتي تولد التعاون الصيني العربي في العديد من المستويات.

وفي ديسمبر 2001،عقدت مراسم في بكين من قبل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي ومسئولون سياسيون بارزون؛ لافتتاح جمعية الصداقة العربية الصينية والتي تؤكد علي عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الاعضاء،كأحد المبادئ الأساسية للجمعية.

وتبع ذلك في سبتمبر 2004 توقيع اتفاقيات تعاون؛لإيجاد تعاون عربي صيني،يؤكد علي مبدأ العلاقات بدون تدخل في الشئون.

كما أن الاتفاقيات المشتركة جرت سريعا بالتوسع في الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية بين الصين وكل من مصروسورياوتونس،وغيرهم من البلاد العربية.

كما تزايدت العلاقات التجارية الثنائية بين كل من الصين وسوريا من 100 مليون دولار إلي 1.5 مليار دولار بين عامي 2000و2006،ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة إلي الضعف بحلول العام 2011.

وفي صيف 2007،وقعت سورياوالصين آخر اتفاقيات التجارة المتعددة التي توسع الاستثمار الصيني داخل الاقتصاد السوري، مع علم الجهات الرسمية السورية أن الاقتصاد الصيني يتفق الآن مع معايير منظمة التجارة الدولية.

كما ازداد نشاط الصين في قروض التنمية وتعزيز دور مؤسساتها المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل البنك الصيني للاستيراد والتصدير.

وقد جعلت الصين من نفسها مانحا رئيسا في شمال أفريقيا وتفوقت علي المانحين الغربيين التي تتطلب منحهم من المستعيرين أن يتفقوا معهم في معايير المسئولية والشفافية والأداء.

وهناك العديد من الدول غير الصين ممن أقاموا علاقات مع الدول العربية،مثل الهند وماليزيا وروسيا والسنغافور وفيتنام.وفي عام 2006أصبحت الهند ثاني أكبر الدول الاستثمارية في سوريا بعد إيران.

وبحلول عام 2007،وافقت حكومة السعودية علي إرسال أكثر من 200 طالب جامعي للسنغافور. وعلقت وزارة خارجية السنغافور علي تحسين علاقات الدولة مع مصر والأردن وشمال أفريقيا؛وقد قامت مؤخرا بعلاقات دبلوماسية مع ليبيا.كما أعلنت السنغافور إنشائها لمركز أبحاث رئيسي للتركيز علي شئون غرب أسيا وشمال أفريقيا.

إضافة إلي ذلك،فإن دولا مثل مصر والأردن وسوريا جعلت من إمارات الخليج العربي أساسا لدبلوماسية المنطقة،كواحدة من وسائل تطوير مصادر الاستثمار والتجارة والدعم السياسي البديلة. وقد عكست هذه النشاطات اهتمام الدول العربية الأفقر في أخذ نصيبها من الدعم المالي الكبير من دول الخليج العربي منذ عام 2003.

كما وجهت أنظار الحكام العرب الاستبداديين لبناء علاقات في المنطقة تزيد من استقلالهم وتقوية قدرتهم علي مقاومة المطالب الغربية من أجل الإصلاح.أما سوريا فقد جاءها المستثمرون من دول الخليج العربي،وخاصة بعد اغتيال الحريري؛والذي أدي إلي ازدهار الإصلاح الاقتصادي وأصبح مؤشرا مهما علي أن الضغط الغربي لم ينجح في إرباك قدرة سورياعلي إدارة أعمالها كالعادة.

كما أن الاختلاف يعكس الاهتمام بين الأنظمة العربية في الدول التي لها أساليب محتملة للتحدث عن مشاكل التنمية الاقتصادية والاجتماعية،وتبرز الصين في هذا الصدد.وعلي العكس من روسيا،فلما أرادت أن تقوم بالإصلاح السياسي والاقتصادي معا انهارت في التسعينيات،أما الصين فقد توجهت لحرية الإصلاح الاقتصادي بصرف النظر عن الإصلاح السياسي.

كما أنها صبت جهودها علي وجود الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي وطورت قدرتها من التواصل من تكنولوجيا الاتصالات وكذلك الإعلان بدون قتل للابتكارات.

الأشكال المستحدثة في نظام الحكم العربي

تطبيع السلطوية العربية

تعكس هذه الاتجاهات العملية الواسعة للتكيف والتغير بين الأنظمة العربية.كما أنهم يعدون ظهور أشكال جديدة من الحكم السلطوي بمثابة تخفيض لضغوط الإصلاح الاقتصادي والسياسي علي الحكومات العربية وحثه لاستغلال مكاسب الانفتاح الاقتصادي والابتكارات التكنولوجية.

وعلي الأقل، فقد جعلت هذه الاتجاهات الأنظمة العربية قادرة علي تقليل بعض الضغوط السياسية والاجتماعية المتزامنة مع الركود والانحصار والذي يعد دليلا علي الإدراك العربي لأحوالهم.

كما أن تحديث السلطوية كان مؤثرا إلي حد ما؛ لأنه يعود بالنفع علي المجتمعات العربية، والتي تؤيد وجود مثل هذه الأنظمة.

وكما لاحظنا مبكرا أن هذه الأشكال لم تكن وليدة التخطيط أو عن بصيرة القادة العرب؛ولكنها كانت نتاجا لمطالب خاصة ودفاعية لتحويل البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العقدين الماضيين. وتختلف الأنظمة في سرعة التحديث وتبني الاستراتيجيات الجديدة للسيطرة الجبرية علي المجتمع والاقتصاد والسياسة.

كما أن لتحديث السلطوية مشاكله الخاصة والتي تتمثل في إيجاد فرص جديدة للفساد وظهور الفجوة الاجتماعية وزيادة التفاوت الاقتصادي.كما أنه يعزز الطرح السياسي والاجتماعي في عدد من المجتمعات العربية التي يلاحظ فيها غياب السلطة.

ويعد ما شهدناه من موجات الإضراب الأخيرة بين عمال الضرائب المصريين دليلا علي السلطوية،والتي كشفت عن صراعات اجتماعية كبيرة حول أزمات الرفاهية الاجتماعية.

أما الأنظمة فهي ضليعة في اقتناص واستغلال ممارسات وخطابات الديمقراطية والمجتمع المدني من أجل أهدافهم الشخصية،كما أنها تعزز تزايد عدم الثقة بين العرب وخاصة الشباب حول مبدأ المشاركة السياسية واحتمالات التغيير السياسي.

هناك تحديات محددة،ولكنها لم تتضح كلية وهي أن السلطوية تعرض أساليب تحتاجها الحكومات العربية. كما أن الدول لا ترغب في إعادة العمل بمواثيق الشعبية الاجتماعية،ما بين الستينيات والثمانينيات في العالم العربي.

وبهذا الصدد فإن القادة العرب يراهنون علي أن العوائد الاقتصادية والاجتماعية لتحديث السلطوية لبعض المناطق العربية ستتعدي التكاليف التي فرضت علي ما تم استثنائه وإهماله.

كما أن هناك سؤال حول هذه القضايا-قضايا اجتماعية واقتصادية والتي لم تذكر في البرنامج الأمريكي لتعزبز الديمقراطية-التي تتعلق بالإصلاح السياسي الأمريكي.

ومع ذلك فإن تحديث السلطوية قد يحول الرؤية السياسية في العالم العربي. كما أنه لا يعكس قدرة الحكومات العربية علي الإبتكار والتكيف فقط،بل يؤكد علي توسعها للمشاركة في الانتفاع من استراتيجيات حكم السلطوية والعولمة أيضا.

كما أن الحكومات العربية تتعلم من بعضها البعض،وتتبادل المعلومات والأساليب ويأخذون العبر من خبرات الدول السلطوية خارج المنطقة.

ونتيجة لذلك فلم يكن تزايد التوافق بين الأنظمة العربية في استراتيجيات الحكم فقط،بل أن هناك عملية أوسع من الحكم تحت أهداف السلطوية في العالم العربي أيضا، كما أن المنطقة تتكاتف في مقاومتها لموجة الدمقرطة الثالثة.

وتزامن الممارسات مع تحديث السلطوية قد قلص الاختلاف بين الأنظمة العربية وعشرات من الأشكال السلطوية في مناطق أخري.

ويعكس التحديث السلطوي تطبيع السلطوية العربية ووضع حد لاستثنائية الشرق الأوسط مع التغير الديمقراطي والسياسي.

كما أن هذه الاتجاخات لها مقتضيات شائكة للعمل علي التغيير الديمقراطي في العالم العربي. وبالنسبة لعديد من المحللين في المنطقة، فإن فشل الدمقرطة يعتمد علي الرؤية الراكدة للأنظمة العربية ومقاومة التغييرات التي تهدد سيطرتهم.

وبالمقارنة فإن تحديث السلطوية يقترح أن فشل الدمقرطة ليس نتاجا للمقاومة العربية من أجل التغير بل بتأثير الأنظمة في التكيف والاتصال مع ضغوط التغيير الناتجة من تعزيز الديمقراطية.

وقد استنتج الإصلاحيين الديمقراطيين في العالم العربي ومحالفيهم من الأنظمة الاستراتيجية أن الاستراتيجية الأكثر تأثيرا لحل المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تههد استقرارهم ليست هي الديمقراطية، وإنما هي تحديث الاستراتيجيات السلطوية للحكم.


تصدعات في الجدار؟

تحديث السلطوية والمشروع الأمريكي لتعزيز الديموقراطية

يقوم تحديث السلطوية بتحويل السياسات والاقتصاديات السياسية في العالم العربي بأساليب لم تتطرق إليها مناظرات تعزيز الديمقراطية الحالية.

وفي الوقت الحالي، فإن مفهوم التحديث قد غيم عليه باعتبارات أخري، فمن فشل السياسة الأمريكية في العراق للطموحات النووية الإيرانية إلي التوتر في لبنان وصولا إلي الأزمة القائمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

كما أن التجربة العراقية بالتحديد قد أضعفت الثقة في رغبة الولايات المتحدة لتغيير النظام وإحلال آخر جديد يناسب صناع القرار من أجل الاستقرار السياسي في العالم العربي.

وكما لاحظ المحللون العرب والدبلوماسيون الأمريكيون ومن بينهم وزيرة الخارجية رايس، فإن هذه الأيام تدور حول موضوع الديمقراطية.

ولم تكن النتائج ذات قيمة بالنسبة لؤلئك الذين يسعون من أجل إيجاد طريق لحفظ تعزيز الديمقراطية كأولوية للحكومة الأمريكية ولتطوير الاستراتيجيات البديلة من أجل تواصل الأنظمة العربية حول قضايا الإصلاح السياسي.

ولو أن هذا التشخيص الذي قدم هنا كان صحيحا، فإن المشاكل التي تواجهها الولايات المتحدة في العالم العربي ستوسع هذه القضايا وتعمقها أكثر في العراق و إيران و سوريا و حماس و حزب الله.

كما أن تحديث السلطوية له مقتضيات أساسية من أجل كيفية تعزيز الولايات المتحدة للإصلاح الديمقراطي في العالم العربي.

كما أن الأنظمة السلطوية تقوم باستغلال استراتيجيات تعزيز الديمقراطية من أجل أهدافها السلطوية، وهذه الاستراتيجيات التي تفضلها الولايات المتحدة منها، تقوية المنظمات المدنية وتعزيز الإصلاح الانتخابي وتحسين المشاركة السياسية والمقدرة علي بناء التشريعات ومواضع الحكم الأخري وإجراءات التحرر الاقتصادي التي تهدف إلي زيادة الشفافية وتطوير الأحزاب السياسية وفتح المنطقة أمام الثورة المعلوماتية.

ليس الأمر هو فشل الاستراتيجيات الأمريكية. كما أنهم أجبروا الأنظمة السلطوية لمتاخمة ومواكبة وإعادة تشكيل أنفسهم من أجل الرد علي الولايات المتحدة والضغوط الداخلية من أجل الإصلاحات الديمقراطية.

ونتيجة لذلك، فإن السياسات الأمريكية لتعزيز الديمقراطية في العالم العربي قد فقدت قيمتها. كما يمكنهم مواصلة مكاسبهم في العديد من المناطق في كل من الحياة السياسية والمدنية والاجتماعية.

ولزيادة الناشطين الديمقراطيين داخل العالم العربي والانتفاع من تعزيز الإصلاح الأمريكي للديمقراطية، فإن مثل هذه الاستراتيجيات يمكن أن يكون لها تأثير.

فضلا عن أنهم يحققون تقدما ملحوظا تجاه تغيير النظام الديمقراطي في العالم العربي. وحيث أن الولايات المتحدة تتوائم تماما مع عملية تحديث السلطوية فإنه يمكنهم أن يهملوا مظاهر التغيير السياسي.

ومن ناحية أخري، فإن ما حدث هو سعي نحو قطع العلاقة بين مفاهيم السلطوية التي تسوق السياسية الأمريكية واستراتيجيات الحكم السلطوي والتي تسطع الآن علي العالم العربي.

ومنذ الثمانينيات، فإن الولايات المتحدة قامت بالعديد من الاستثمارات في المؤسسات المدنية في العالم العربي.وبإعادة النظر في رؤية طوكيو للمجتمعات المدنية كملتزمون بالديمقراطية والمؤسسات المدنية والمنظمات الخيرية فإنه يتم مساعدتها علي أنها تحتضن أصل الديمقراطية كما أنه قد وجدت أشكال من الرأس ماليه الاجتماعية الفعالة.

وتواصل السياسة الأمريكية حتي يومنا هذا تصوراتها حول الدمقرطة والتي توافق تماما ما حدث في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، ومنها الثورة الحمراء الأخيرة في الاتحاد السوفيتي السابق من خلال منظمات المجتمع المدني والتي مول العديد منها برامج الولايات المتحدة لتعزيز الديمقراطية والتي لعبت أدورا بارزة.

وعلي أي حال، فهذه المفاهيم تعرض نقاط بداية ضعيفة بالتوافق مع مفهوم تحديث السلطوية، حيث قامت الأنظمة العربية بتكريس إمكانيتها لاقتناص ومواكبة واستغلال عمليات العولمة والتحول التكنولوجي والتحرر الاقتصادي لإعادة البناء وإحكام قبضتها علي القوة السياسية.

أما ما نحتاجه في المقابل فهو جيل ثان من سياسات تعزيز الديمقراطية: استراتيجيات الجيل الثاني تشارك بشكل فعال في الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي.

أولا، يعرض تحديث السلطوية فرصا للولايات المتحدة لجعل الأنظمة العربية تلتزم بعمليات مثل الإصلاح الانتخابي والحكم الجيد.

ويمكن للولايات المتحدة استغلال سياسات استراتيجيات النظام التي وجدت لمواصلة المشاركة كطرق لتوسيع الممارسة الديمقراطية ويمكنها تحويل الاستخدام الهزلي للديمقراطية من قبل الأنظمة العربية لتطوير هذه التقديرات التي سوف تحدد كفاءة علاقات الولايات المتحدة مع هذه الحكومات.

أما إجراءات استغلال الانفتاح من قبل تحديث السلطوية فيتطلب ضوابط حول كيفية نشر الولايات المتحدة للإصلاح السياسي في العالم العربي. أما المطلب الرئيسي فهو:

أن الولايات المتحدة يجب أن تفيق نظاميا مع التزاماتها بدعم الإصلاح السياسي في العالم العربي وتشمل تفويض صريح لتضامن تعزيز الديمقراطية مع علاقات أوسع للولايات المتحدة مع الحكومات العربية. كما أنها يجب أن تستخدم العديد من الإجراءات التي تقيس مستوي التحسن في الإصلاح السياسي.

وربما يتطلب هذا التحول استخداما أشمل لشروط العلاقات الأمريكية مع الحكومات العربية آخذة في الحسبان القيود التي يفرضونها علي النشاطات واستقلال منظمات المجتمع المدني ومنها السيطرة علي الدعم الخارجي ونشاطات النشطاء الديمقراطيين وأحزاب المعارضة المعتدلة.

كما يؤكد تزايد إجراءات القمع الأخيرة ضد الإصلاحيين العرب ونشطاء حقوق الإنسان في مصر وسوريا علي الحاجة إلي استجابة أمريكية لما يمكن أن يوصف بحملة القمع ضد تعزيز الديمقراطية في العالم العربي منذ عام 2003.

ويعد تزايد استخدام التوافق خطوة مهمة في هذا الاتجاه. كما أن هذه التوصية ليست قائمة علي توقع بسيط عن تأثيرات التوافق بل عن قيمته بالنسبة للولايات المتحدة والإصلاحيين العرب في المنطقة وتوقعات بأن يلعب دورا مهما في تشكيل كفاءة العلاقات الأمريكية مع الحكومات العربية.

وتعد الجهود الأخيرة للكونجرس الأمريكي بقطع المساعدات الخارجية عن مصر، ردا علي قمعها للنشطاء الديمقراطيين خطوة فعالة في هذا الاتجاه. أما التحدي الأكبر فهو تحديد إجراءات محددة واحتوائهم ضمنيا داخل السياسات الأمريكية من خلال الوكالات الحكومية.

كما أن الجهود الأمريكية لتعزيز الديمقراطية في العالم العربي أيضا قد أفسدت من قبل التنافس بين الوكالات وتنافس أولويات السياسة ومهارة الحكومات العربية في استغلال التوترات الداخلية في الحكومة الأمريكية لإضعاف برامجها للدمقرطة.

وتحتاج البعثات الدبلوماسية الأمريكية لتحسين تفاعلها مع أهمية برنامج تعزيز الديمقراطية للحكومات المحلية والأساليب التي يمكن من خلالها أن يدعموا جهود تعزيز الديمقراطية.

كما أن السفارات الأمريكية يجب أن توضح العلاقات بين التقدم نحو إنشاء إجراءات وكفاءة العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة. كما تتطلب جهودهم دعما أكبر من الوكالات الحكومية وتضامنا أكثر معها.

إضافة إلي ذلك، فإن الولايات المتحدة تحتاج لإدراك إمكانية تحديث السلطوية لأن الأنظمة العربية تتلقي الدعم من علاقات العمل مع الولايات المتحدة وأسيا ودول أوروبا. ومن خلال البرامج الإلكترونية التي تتيح للحكومات السيطرة علي استخدام الإنترنت لعمل الاتصالات مع شركائهم بالخارج، تحمي الحكومات العربية نفسها من خارج المنطقة.

كما يمكن أن تتطلب الاستراتيجية التضامنية لتعزيز الديمقراطية عملية واسعة للصادرات التكنولوجية للعالم العربي مثل هؤلاء الذين يتحكمون في التجارة الدولية في العديد من المجالات.

كما أن تطبيق الاتفاقات الأخيرة التي تمنع إساءة استخدام التكنولوجية الأمريكية من قبل الحكومات السلطوية، تعد خطوة مهمة في إطار جهود تطبيق السياسة الأمريكية والتزامات الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي.

ثانيا، يجب أن تتلاءم البرامج الأمريكية لتعزيز الديمقراطية مع الاستراتيجيات المتغيرة للحكم السلطوي، فليست هناك كرات سحرية تحقق هذا التحول بسهولة وسرعة.

ولا يمكن لتعزيز الديمقراطية أن تنفصل عن أحداث المنطقة كتلك التي في العراقوالمناطق الفلسطينية علي وجه الخصوص. فضلا عن أن هذه التطورات تؤثر في كل من مفاهيم المنطقة والولايات المتحدة حول ،علي أي نحو يجب أن تستمر سياسات تعزيز الديمقراطية.

ومع ذلك، لم تقم السلطوية بالتخلي عن تحصين الأنظمة العربية بالسياسات التي تهدف غلي تحقيق إصلاحات ديمقراطية. ويستحق أحد الاحتمالات أن نأخذه في الاعتبار:

استغلال الأخطاء المحتملة داخل التحالفات التي ظهرت كنتيجة لتحديث السلطوية وإيجاد محفزات لمستغلي السلطوية لدعم عمليات الإصلاح السياسي.

ومع هذا الدعم المتماسك والمترابط للتغير الديمقراطي من قبل الولايات المتحدة فإن هذه المواقف تمثل أملا ملموسا لتقدم الإصلاح السياسي.

إن مشروع تحديث السلطوية مشروط بقدرة الأنظمة العربية علي بناء ومؤازرة تحالفات سلطوية جديدة تشارك في اهتمامها بالجماعات الاجتماعية التي تساعد في إبقاء النظام.كما أنها عرضة للتغيرات في التحالفات الاقتصادية التي تضعف النخب الاجتماعية والاقتصادية الجديدة.

وبتوسع التحالفات الحاكمة فإن هناك احتمالات جديدة برزت من التوترات والاحتكاكات بين أعضائها. وعكست موجة الإضرابات في قطاع النسيج المصري والتي بدأت في نهاية العام 2006،التحديات التي تواجهها الأنظمة في التواصل مع التحالفات الاجتماعية والتي تشمل الآن كلا من رجال الأعمال والعمال.

كما أن هذه التوترات تمثل أخطاء متوقعة داخل ظهور التحالفات السلطوية وتعرض أهدافا محتملة لاستراتيجية بديلة لتعزيز الديمقراطية.

ومثل هذه الاستراتيجية ربما لم تكن قد صممت للتمييز بين المعتدلين وأصحاب الخط المتطرف بغرض تعجيل سقوط السلطوية.

ولكن من الواضح أن احتمال مثل هذا السقوط ضعيف جدا في العالم العربي. فضلا عن أن المقصد هو إيجاد بواعث لتلك الجماعات داخل التحالفات السلطوية ينتفعون من الإصلاح الداخلي للأنظمة التي يدعمونها.

أما أكثر الطرق تأثيرا للوصول لمثل هذه الأهداف فهو من خلال السياسات التي تضعف الروابط بين مؤيدي النظام. وليس هذا الهدف الذي يمكن لجهود تعزيز الديمقراطية الحالية أن تمثله.

وفي المقابل فإن ما نحتاجه هو البرامج التي تجعل من الممكن لمناطق أوسع من القطاع الخاص أن تستفيد من الإصلاح الاقتصادي أو أن تتواصل مع الأنظمة العربية لتواكب عملية إصلاح السياسة الاجتماعية ومنها برامج الإصلاح السياسي.

وهناك العديد من الخطوات المحددة للوصول لهذه الأهداف، وهي ليست عملية إلا أنها أكثر تماسكا وترابطا مع السياسة الأمريكية لتعزيز الديمقراطية. ومنها:

•أن الدمقرطة تتيح فرصا اقتصادية.كما يعتمد تحديث السلطوية علي قدرة الأنظمة في مراقبة الأسواق والاتصال بتقسيم المصالح المتزامنة مع التحرر الاقتصادي.كما أن الجهود التي تضعف هذه القدرة يمكنها أن تخدم كمصدر قوي للتغيير السياسي والاجتماعي.

أما الإجراءات التي تضمن العدالة والشفافية والمسئولية للسماح بالفرص الاقتصادية في العديد من المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، فإن لها القدرة علي إضعاف واحد من العناصر المركزية لتحديث السلطوية.

وبمرور الوقت، فإن هذه الإجراءات سوف تقوي الحكم بالقانون. كما أنهم سوف يساهمون في تقوية الاقتصاد من خلال القطاع الخاص والتي لا تعتمد كثيرا علي الأنظمة من أجل مصالحها، فضلا عن أن لها محفزات لدعم الإصلاحات السياسية التي تعزز من وضع أنظمة الحكم الاقتصادية.

•الروابط الوثيقة بين الإصلاح الاجتماعي والإصلاح السياسي. وبانسحاب الحكومات العربية من الشمولية وإعادة تقسيم السياسات الاجتماعية فإنهم يواصلو الكفاح من أجل مشاكل التوظيف وإيجاد وظائف جديدة ودعم الخدمات العامة والرعاية الصحية والإسكان والتعليم.

أما المستفيدون من هذه السياسات-فقراء العشوائيات والطبقات الوسطي والعمال والطلاب والشباب -فهم بالطبع مؤيدون للأنظمة العربية.وعلي كل حال، فإنهم أصبحو في شك من رؤيتهم اليوم لأمنهم الاقتصادي والرؤي المستقبلية.

أما الجماعات الاجتماعية التي أصبحت مهمشة داخل المجتمعات العربية فهي من أكبر التحديات التي تواجه الحكومات العربية في القرن الحادي والعشرين. كما أصبح الرابط بين هذه القضايا والأسئلة عن الحكم أكثر وضوحا في السنوات الأخيرة، مرتبطا بمنظمات مثل البنك الدولي و الأمم المتحدة.

ومن ثم فإن وكالات تعزيز الديمقراطية الأمريكية لم تقم بتطوير استراتيجيات للتواصل مع الحكومات العربية ببرامج للضغط علي الاعتبارات الاجتماعية من خلال رؤي الإصلاح السياسي وإصلاح الحكم.

ومثل هذه المواقف المتناظرة تعني إعادة توظيف موارد تعزيز الديمقراطية الأمريكية وتغيير أولويات البرنامج.وربما تضطر الولايات المتحدة لإعادة تشكيل تعزيز الديمقراطية علي نحو أوسع من السياسات التي تعزز كفاءة الحكم وتطور التدخلات التي تهدف إلي نطاق أوسع من المؤسسات والفعاليات، وصياغة استراتيجيات تهدف إلي تقليل الروابط الاقتصادية والتي تمنع استحواز الأنظمة علي الجماعات الاجتماعية.

وعلي ذلك، فإن نجاح مثل هذه الجهود مرتبط تماما بفاعلية احتضان الولايات المتحدة لسياسة شاملة وتنظيمية في دعم الإصلاح السياسي في العالم العربي والتضامن مع حلفائها والمؤسسات الدولية التي تنشط في هذه المناطق بالفعل.

وبتحديد هذه الخيارات، فإن التحولات السياسية لن تكون مثل هذه التي شهدناها في أوروبا الشرقية أو أمريكا اللاتينية.

كما أن صلابة المؤسسات والفشل الاقتصادي والتوتر الأيديولوجي قد أوجد حالة من تحقيق المؤسسات المدنية المحلية والمعارضات السياسة لعمليات دمقرطة سريعة وحاسمة في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية.كما أن عدم صناعة السلطوية في العالم العربي-حتي إن وجدت-سوف يتبع بموقف مختلف.

وعلي أي حال، فما يبدوا واضحا أن ما يواجه تحديث السلطوية والسياسات الحالية التي تؤكد علي العمل من الخارج، بتعزيز الديمقراطية وإدراك المؤسسات العربية المعارضة.

وبتحسين التماسك والترابط لتنفيذ السياسة الأمريكية والعمل في نفس الوقت من الداخل وإتاحة الفرص والحد من التحالفات التي تعول عليها الأنظمة السلطوية، وإضعافها، والعمل علي تثبيت احتمالات أقوي لدعم عملية الإصلاح السياسي والدمقرطة في العالم العربي، وبمؤازرة المواقف الجارية لتعزيز الديمقراطية،وغياب التماسك والترابط للسياسة؛ فلن يتم تحقيق الأهداف التي صرحت بها السياسة الأمريكية، فضلا عن أنها ستساعد في ضمان إبقاء السلطوية في العالم العربي علي مدار القرن الحادي والعشرون.

مشروع التنمية والديمقراطية في الشرق الأوسط

هذه الورقة مقدمة كجزء من مركز سابان للسياسة المتعلقة بمشروع التنمية والديمقراطية في الشرق الأوسط. هذا المشروع الذي يهدف إلي تشكيل إجماع جديد من أجل تواصل بناء للولايات المتحدة للتغيير في الشرق الأوسط.

كما يهدف المشروع لدراسة التحديات، ويترأسه "تمارا كوفمان ويتس" مدير المشروع وعضو بارز في مركز سابان بالمشاركة مع "سوزان مالوني" عضوة بارزة في المركز ومتخصصة في الاقتصاد السياسي في منطقة الخليج.

وقد قام المشروع علي افتراض أنه يجب مناقشة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ودعمهم جملة واحدة.

كما يجمع بين التحليل السياسي والاقتصادي، متناولا كلا من الناشطين والمحللين في المنطقة وكذلك الأمريكيين والأوروبيين، كما يساعد المشروع علي بناء تفاهم حول الاستراتيجيات العملية لدعم التنمية السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.

وتعزز هذه الرؤي جهود الإصلاحيين في المنطقة؛ حيث يرمون إلي تقديم برنامج أكثر فعالية للتغيير. كما تستفيد الحكومات المانحة وآخرون ممن يدعمون الإصلاح من خلال فهم أفضل لكيفية استغلال مواردهم والتواصل مع التحولات المعقدة في الشرق الأوسط.

والنتيجة أن أصبح هناك استراتيجيات تنمية أكثر فعالية وإيجاد مساحة أكبر للأصوات السياسية المعتدلة لمواجهة التطرف الإسلامي.

وما تتضمنه منشورات المركز حول التنمية والديمقراطية في الشرق الأوسط هو:

  1. تمارا كوفمان وايتس وأندري ماسلوسكي،" الانتخابات في العالم العربي : تقدم أم خطر؟" مذكرة المركز# 11 ، في 12 فبراير 2007 .
  2. تمارا كوفمان وايتس وسارة أي أريكس، " ما ثمن الحرية؟ تقييم أجندة إدارة بوش للحرية"، تحليل المركز رقم 10، في سبتمبر 2006 .
  3. عبد المنعم سيد علي، " تحالف متناقض: مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية "، تحليل المركز رقم 6، في يناير 2006 .
  4. تمارا كوفمان وايتس، " الانتخابات المصرية عام 2005: كم كانت حرة؟ وكم كانت مهمة؟"، مذكرة المركز # 8 ، في 24 أغسطس 2005.
  5. بول سالم، " لبنان في مفترق الطرق: إعادة بناء الديمقراطية العربية، " مذكرة المركز # 7، في 31 مايو 2005.
  6. تمارا كوفمان وايتس وسارة أي أريكس، " مبادرة الشرق الأوسط للمشاركة: إنجازاتها ومشاكلها ومؤشراتها"، مذكرة المركز # 5، في 29 نوفمبر 2004.
  7. تمارا كوفمان وايتس،" اقتراح الولايات المتحدة الجديد من أجل مبادرة أعظم للشرق الأوسط: تقييم للمركز مذكرة # 2، في 10 مايو 2004.

مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط

أنشئ مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط في 13 مايو 2002، وألقي الملك عبد الله الثاني ملك الأردن خطاب الافتتاح.

ويعكس إنشاء مركز سابان التزام المؤسسة بالتوسع التدريجي في بحثها وتحليلها حول قضايا سياسات الشرق الأوسط في الوقت الذي أصبحت فيه المنطقة علي رأس جدول أعمال السياسة الخارجية الأمريكية.

كما يزود المركز صناع القرار في واشنطن ببحث وتحليل سياسي متوازن وموضوعي متعمق من قبل باحثين يمكنهم أن يأتوا برؤي جديدة للتعامل مع المشكلات المتأزمة في الشرق الأوسط.

كما أن الهدف الرئيسي لهذا المركز هو دعم إدراك التطورات في الشرق الأوسط من خلال المنح السياسية والتناظر.

كما أن تأسيس المركز يمكن أن يكون عن طريق المنح العملاقة من قبل هيم وتشيري في مركز سابان في لوس أنجلوس. ويدير مركز سابان السفير مارتين إس إينديك، بارز في دراسات السياسة الخارجية. ومدير الأبحاث في المركز هو السيد كينيث إم بولاك.

وينضم إليهم نخبة من خبراء الشرق الأوسط الذين يقدمون أبحاثا ويطورون برامج الابتكار لتعزيز الإدراك لاختيارات السياسة التي تواجه صناع القرار الأمريكي في الشرق الأوسط.

ومن بينهم تامارا كوفمان وايتس المتخصص في الإصلاح السياسي في العالم العربي ومدير مشروع التنمية والديمقراطية في الشرق الأوسط.

ويضم كذلك بروس ريديل الذي عمل كمستشار لثلاثة رؤساء في الشرق الأوسط وجنوب أسيا من خلال مجلس الأمن القومي وعمل 29 عاما كموظف في وكالة الاستخبارات الأمريكية.

وهناك خبيرة مكافحة الإرهاب سوزان مالوني المسئولة البارزة في وزارة الخارجيةالأمريكية سابقا، والتي ركزت علي إيران والتطور الاقتصادي.

وهناك أيضا دانيال بايمان خبير الإرهاب في الشرق الأوسط من جامعة جورج تاون. ويتخصص المركز في برنامج دراسات السياسة الخارجية والذي يترأسه نائب الرئيس كارلوس باسكول.

ويحمل المركز علي عاتقه مهمة البحث في خمس مناطق: مقتضيات تغيير النظام في العراق،ومن ضمنها بناء أمة ما بعد الحرب وأمن الخليج العربي،وآليات السياسات الإيرانية الداخلية وتهديد أسلحة الدمار الشامل وكذلك ميكانيكيات وآليات طرح حل الدولتين في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وسياسة الحرب علي الإرهاب ومنها مواصلة تحدي الدول الراعية للإرهاب، وكذلك التغيير السياسي والاقتصادي في العالم العربي والطرق المطلوبة لتعزيز الدمقرطة.

كما يتناول مركز سابان مشروع العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي والذي يديره ستيفين جراند والذي يعمل في برنامج دراسات السياسة الخارجية. ويركز المشروع علي تحليل المشكلات التي تعتري العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية والمجتمعات حول العالم؛ بهدف تطوير الانفتاح السياسي الفعال. وتضم نشاطات المشروع:

منتدي الدوحة،وهو المؤتمر السنوي العالمي والذي يجمع الامريكيين وقادة العالم الإسلامي؛ وكذلك مبادرات في العلوم والفنون؛ ودراسة لسلسلة من الكتب.

ويفتح مركز سابان مركزا في الدوحة في قطر تحت إدارة هادي عمرو والذي يعمل في برنامج دراسات السياسة الخارجية، وسوف يتطرق هذا المركز للاستقلالية، وأبحاث متعمقة وتصنيف برامج السياسة العامة في الدوحة والعالم الإسلامي كافة.