تاريخ حركة الإخوان المسلمين في السودان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

تاريخ حركة الإخوان المسلمين في السودان (1945 ــ 2009م)


مقدمة

خريطة-السودان.jpg

التاريخ هو سجل الأحداث الواقعة في مسيرة الحياة لأمة من الأمم أو جماعة من الجماعات أو فرد من الأفراد المؤثرين في حركة الحياة والأحداث.


والتاريخ لا يسجله أحد؛ وإنما يسجل نفسه، ودور الناس هو تسجيل الملاحظات وتحليل الأحداث والربط بين بعضها البعض، أخذا للعظة والاعتبار (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).


ولأن للتاريخ ودراسته والوقوف عند العبرة في أحداثه أهمية كبيرة في تثبيت القيم وأخذ العبرة؛ اهتم القرآن بقصص الأمم الماضية، والنبوات السابقة لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم، والأحداث العظيمة التي مرت عبر مسيرة البشرية الطويلة من لدن آدم عليه السلام، وحتى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. (نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون..) ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين).


ولكثرة القصص في القرآن وارتباطها ببيان العقيدة ووحدانية الله تعالى وذكر الأنبياء الكرام وما حدث لهم مع أقوامهم، وذكر عاقبة الخير والشر والشكر و البطر والصبر و الجزع في كل قصة وذكر ماتضمنته بعد الأحداث من بيان أساليب الدعوة، وعاقبة الكفار المعاندين والمؤمنين الصادقين، وبيان نعم الله تعالى على عباده؛ نجد أن مفسري القرآن الكبار من أئمة التفسير كالإمام الطبري والإمام ابن كثير وغيرهم اهتموا بدراسة التاريخ وبرعوا فيه، وصنفوا فيه المصنفات حتى يتمكنوا من معرفة معاني القرآن وتأويل آياته تأويلا صحيحا موافقا للواقع، ثم ضمّنوا ما صح لديهم في مصنفاتهم في التفسير.


وحركة الدعوة وما تواجهه من خصومها الألداء من عداوة تحملهم على محاولة القضاء عليها في مهدها والعمل على إضعافها حتى لا تبلغ غاياتها وتحقق أهدافها؛ هي أولى بدراسة التاريخ وتوثيقه وتحليله وضبطه لأن في ذلك فوائد جمة يحتاجها الدعاة في كل عصر وزمان منها:


1ـ حفظ جهود العاملين المخلصين وتوثيقها لتكون دافعا للأجيال اللاحقة من الدعاة.


2ـ التعرف على فضل الله تعالى في نصر الدعوة والدعاة وتوفيقهم للمواقف الصحيحة، وحمايته للدعوة من كيد الأعداء، ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).


3ـ اكتشاف الأخطاء ومكامن الضعف وأسباب الانحراف؛ حيث لا يدرك ذلك بدون الوقوف على مسيرة الأحداث وتحليلها.


4ـ التعرف على الظروف الواقعية التي أحاطت بالأحداث حتى يحكم عليها وعلى صانعيها حكما عادلا لا يمكن بغير النظر في الظرف الموضوعي للحدث.


ومسيرة الإخوان المسلمين بالسودان مرت بظروف وأوضاع أثرت في مواقفها ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها، ولست أدعي أنني عشت هذه الأحداث منذ الأربعينيات وحتى اليوم، ولكن اهتمامي بتأريخها وقراءة ما كُتب فيه ومجالستي لبعض الرواد الأوائل من عاش هذه الأحداث والمواقف ومشاركتي الفاعلة في مرحلة هامة من مراحل تاريخ هذه الجماعة بالسودان (أوائل السبعينيات من القرن الماضي وحتى مطلع هذا القرن) ومعرفتي اللصيقة بالتطورات التي شكلت الجماعة وأجنحتها المختلفة خلال هذه الحقبة المذكورة والتي هي أهم مراحل مسيرتها؛ فإنني أحاول أن أكتب هذه المقالات في (تاريخ حركة الإخوان المسلمين في السودان 1945 ـ 2009م) إسهاما مني في التعريف بهذه الجماعة ومراحل مسيرتها طيلة هذه المدة وأهم التطورات والأوضاع التي حدثت لها، وأقدم رؤيتي وتحليلي لهذه الأحداث بما يخدم إبراز تاريخها مبرأً من التعصب لجناح أو الانحياز لفريق دون الآخر، ولأنصف بعض من ظُلموا بغمض حقهم وإغفال دورهم، وللانتصاف ممن مارسوا التضليل ومحاولة اعتساف التاريخ بمنهج انتقائي موجه لجعل بعض الشخصيات هي التي صنعت الأحداث والتأريخ في الجماعة.


واعتقد أن هذا من حق الأجيال المسلمة بصفة عامة، وأجيال الإخوان في السودان والعالم الإسلامي خاصة مركز الجماعة الذي نشأت فيه في مصر الحبيبة.


وقد أحسنت قيادة الإخوان ممثلة في المرشد العام الأستاذ مهدي عاكف ومكتب الإرشاد بمصر حينما كون لجنة تهتم بكتابة تاريخ الإخوان في جميع أنحاء العالم، و قامت هذه اللجنة بجهد مقدر، أسأل الله تعالى أن يجزل لهم الثواب ويتقبله منهم، وإني لأرجو أن تكون هذه المقالات عونا لهم في هذه المهمة.


والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم.


النشأة و التكوين

اختلفت أقوال المؤرخين حول نشأة حركة الإخوان المسلمين بالسودان و الكيفية التي تكونت بها، وتبعا لهذا الاختلاف تباينت أقوالهم حول متى كانت النشأة؟ فبعضهم يقول كانت نشأة حركة الإخوان المسلميب بالسودان في العام 1945م، وبعضهم يقول في العام 1954م.


والسبب في هذا التباين في نظري يرجع إلى أن البدايات كانت متعددة قبل 1954م، ولكنها في المؤتمر الأول للجماعة عام 1954م تم جمع كل هذه التكوينات والاتفاق على الاجتماع على اسم الإخوان المسلمين.


ومن الحقائق التاريخية الهامة التي لا يجوز لأحد تجاوزها أن الإمام حسن البنا أوفد وفدا إلى السودان في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، وعمل هذا الوفد على تكوين شعبة للإخوان بالسودان، وأوكل إلى الشيخ الأستاذ على طالب الله قيادة هذه المجموعة والعمل عبر مكونات الشعب السوداني الدينية والاجتماعية لبناء جماعة الإخوان المسلمين، وبالفعل تم في عام 1945م العمل باسم جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الشيخ على طالب الله ومركزها في أمدرمان، وركزت على التجمعات الدينية الصوفية التي تشكل خارطة العمل الإسلامي بالسودان في تلك الحقبة، وتكثف التواصل مع القيادات الروحية والاجتماعية حيث كانت الفكرة بناء قاعدة شعبية للجماعة على نمط حركة الإخوان الأم بمصر.


وفي نفس هذه الفترة في نهاية الأربعينيات تكونت في مدرسة حنتوب الثانوية حركة من الطلاب أسموها (حركة التحرير الإسلامي) على رأسها الأستاذ بابكر كرار وآخرين سيأتي ذكرهم بإذن الله، وكانت تهدف إلى مقاومة حركة التغريب التي يقودها الاستعمار الإنجليزي، والتصدي للحركة الشيوعية التي ازدهرت في الوسط الطلابي السوداني، وقد تواصل جهدها وتنامت حركتها بجامعة الخرطوم التي أُعدت لتكون قلعة التغريب، وبالتالي فإن هذه الحركة ركزت على التجمعات الطلابية في المدراس الثانوية والجامعة والمعاهد في تلك الحقبة مما جعل النمط الغالب عليها هو المثقفون.


ومن الحقائق التاريخية التي لا يجوز إغفالها هو أن كلا من التكوينين لم يكونا على علم ببعضهما البعض عند النشأة و التكوين، وإن التكوين الأول بقيادة على طالب الله كان في محيط ومجال واسع وبرعاية مصرية كاملة من قيادة الإخوان في مصر، أما التكوين الآخر (حركة التحرير الإسلامي) فقد كان في محيط محدود، وليست له أي صلة بقيادة خارجية.


غير أن مجموعة حركة التحرير الإسلامي وبعد انتقالها إلى جامعة الخرطوم وتناميها في الجامعة، ودخولها في صراع قوي مع الحركة الشيوعية أبرزها للرأي العام؛ فبادر الشيوعيون بنسبتها إلى جماعة الإخوان المسلمين المصرية واعتبروها جزءا منها، الأمر الذي دفع كثيرا من الشباب المنتمي إليها الى الاقتناع بأنهم جزء من حركة الإخوان المسلمين وتعمق ذلك الإحساس عندهم، وساعد على ذلك تطور الأحداث في العالم الإسلامي عامة وفي فلسطين خاصة، حيث أعلن اليهود في العام 1948م عن قيام دولتهم ووطنهم القومي (إسرائيل) بالقوة والمذابح للشعب الفلسطيني، مما حرك مشاعر المسلمين في العالم الإسلامي عامة وفي مصر على وجه الخصوص، وقامت حركة الإخوان في مصر بقيادة تيار الجهاد لتحرير فلسطين وطرد اليهود، مما عمق ارتباط الأمة وجدانيا بهذه الحركة الإسلامية القوية، وزاد هذا الارتباط والتعاطف حين حُلت الجماعة واغتيل مؤسسها الأستاذ الإمام الشهيد حسن البنا، وهاجر عدد كبير من الإخوان المصريين إلى السودان من مختلف التخصصات، وأسهم ذلك في تركيز الجهود لبناء حركة إخوانية شاملة لكل قطاعات لكل قطاعات المجتمع، وأدى ذلك إلى أول تميز تنظيمي قياده رموز حركة التحرير الإسلامي بقيادة بابكر كرار وميرغني النصري. وتسمت تلك المجموعة باسم الحزب الاشتراكي الإسلامي، وذلك حفاظا على استقلاليتها عن جماعة الإخوان المسلمين.


وفي أطار عملية الدمج بين الحركتين: الحركة الإخوانية الشعبية، والحركة الإخوانية الطلابية، ليكونا حركة الإخوان المسلمين، وقع أول خلاف حول اسم الحركة وتبعيتها لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والقيادة المناسبة لذلك العمل الكبير، والتحديات الكبيرة التي تقف أمامه ( الوجود الاستعماري، والحركة الشيوعية، و النشاط المأسوني المحموم، حركة وحدة وادي النيل، والحركة الاستقلالية والصراع السياسي بينهما، وبروز الكيان الصهيوني، و الضغوط على الحركة الإسلامية في مصر).


وقد حسم هذا الخلاف في مؤتمر الجماعة الأول في العام 1954م، والذي اعتبر ان اسم الحركة هو الإخوان المسلمين، واعتبرها امتدادا للحركة الإخوانية في مصر مع الاستقلال التنظيمي كتنظيم قطري


بؤر الخلاف وبوادر الانحراف

لابد لأي باحث أو مؤرخ أن يقف عند بؤر الخلاف المبكر منذ فترة النشأة الأولى والتكوين لعمل الإخوان المسلمين في السودان، والتي تطورت مع مرور الزمن لتشق صف الجماعة إلى حوالي أربع مدارس كما هو واقع الجماعة اليوم في السودان.


كذلك يلزم الباحث والمؤرخ أن يتلمس بوادر الانحراف عن منهج الجماعة في الإصلاح والتغيير وبناء المجتمع المسلم، وأدبياتها في مراحل العمل الإصلاحي وخطواته العملية حتى يستطيع تقييم مسيرة الجماعة وماوصلت إليه بعض فصائلها التي انحرفت عن منهاجها ونظامها الحركي من أوضاع جعلتها لا تعتبر من جماعة الإخوان المسلمين العاملة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي كما جاء في نهاية عام 1986م في تقرير من جهات غربية معادية لحركة الإخوان المسلمين العالمية، وزع على السفارات العربية بالخرطوم مفاده إن حركة (.....) لاتعتبر من حركات الإخوان المسلمين المحظورة في مصر والعاملة في كثير من الدول العربية، ووصفها التقرير بأنها حركة عصرية برجماتية لاتصنف في خانة الحركات المعادية للغرب ونظامه السياسي ومصالحه الاقتصادية. (انظر صحيفة الأضواء السودانية إرشيف العام 1986م).


وإذا كان البعض يرى أنهم كإسلاميين في العالم الإسلامي لا يرون في عدم التزامها بمنهج الإخوان المسلمين الحركي غبار لوجود حركات أخرى اختلفت مع الجماعة الأم وقيادتها الأمر الذي جعلهم يضعون كثيرا من الآمال والتطلعات لنجاحها سياسيا واجتماعيا، ودعموهم كل دعم سخي، ولكن سرعان ما أثبتت لهم الأيام الجزء الثاني من التقرير الغربي، وهو برغماتية هذه الحركة (.....) وعدم اختلافها مع النظام الغربي السياسي و الاقتصادي، ورأوا حجم الانحراف الكبير في سياسة أمر العباد و البلاد، وما أفرزه التفكير البرغماتي من أوضاع خطيرة ومدمرة، فأدركوا مدى خطئهم الفادح في مساندة هذه الحركة بعد فوات الأوان.


إن بؤر الخلاف يمكن إجمالها فيما يلي :


أولا: الخلاف حول الاسم والانتماء الحركي لجماعة الإخوان المسلمين والذي وإن أخرج باكرا من صف الجماعة من رفضوا الاسم والانتماء مثل بابكر كرار وميرغني النصري وغيرهم، إلا أن هناك من بقي داخل صف الجماعة وآثر الاستمرار حركيا في صف الجماعة مع قناعته بشئ خطير وهو سودانية الحركة وعدم خضوعها أو ارتباطها بأي ولاء أو قيادة خارجية، وهؤلاء ظلوا يحملون هذا المفهوم، وتعمق أكثر بعد محنة الإخوان المسلمين في مصر (1956 ـ 1973م) وعدم وجود قيادة مركزية معلنة، لكن مع مرور الزمن وجد هؤلاء أنهم كانوا مخطئين في تقديرهم وفهمهم خاصة بعد أن ظهرت لهم الانحرافات في مسيرة الجماعة وتحولها إلى حزب سياسي مجرد عن الارتباط الفكري والدعوي بثوابت الجماعة وأصول منهاجها.


ثانيا: الخلاف حول المرحلية والتدرج في العمل الدعوي والسياسي، ومن ثم البداية الخاطئة للعمل، حيث تم التركيز على العمل السياسي بالكيفية التي تعمل بها الأحزاب السياسية حتى تحولت الجماعة شيئا فشيئا إلى حزب سياسي، والسبب الأساسي في تلكم البداية هو أن الحركة السودانية بدأت من حيث الوضع الذي انتهت إليه جماعة الإخوان المسلمين في مصر، فلم تبدأ البداية الطبيعية بخلايا تربوية منظمة وعمل داخلي مركز، و التركيز على نشر الدعوة في قرى ونجوع السودان المختلفة، كما فعلت حركة الإخوان المسلمين في مصر (1928م ـ 1949م) والتي لما ولجت ميدان العمل السياسي كانت لها قواعد في كل مكونات المجتمع المصرى رجالا ونساءا شيبا وشبابا طلابا وفلاحين وعمال وأطباء ومهندسين، وصار للجماعة في مصر وزن قوي يؤهلها لقيادة عمل سياسي متكامل وصل حد المواجهة العسكرية مع الاستعمار ثم مع العصابات اليهودية في فلسطين، فضلا عن الوزن السياسي الذي جعلها تفوق كل الأحزاب السياسية وعلى رأسها الوفد.


والخلاف حول أمر البداية وكيفياتها قاد في نهاية الأمر إلى التنكر للعمل التربوي والنشاط الداخلي لبناء الشخصية الإسلامية، وجعل الجماعة تقدم نماذج ظاهرها إسلامي وباطنها بعضه رأسمالي ديمقراطي، وبعضه اشتراكي، وفتح الباب لاختراق حركات هدامة صف الجماعة، مثل التيار العصري الذي قلب الأمر كله في النهاية رأسا على عقب، حيث جعل إطار التغيير هو المنهج والعقيدة وثوابت الدين لتوافق العصر و تلحق بالحضارة الغربية الزائفة، وقد برزت في أبريل 1969م في المؤتمر الشهير الدعوة إلى التخلي عن جماعة الإخوان المسلمين، والاكتفاء بجبهة الميثاق الإسلامي التي كانت واجهة العمل السياسي، والتبرؤ صراحة من منهج الإخوان المسلمين القائم على التربية والتدرج في الخطوات وبناء الشخصية الإسلامية على ثوابت الدين وقواعده المتينة لتغيير الواقع القائم وصد تيار التغريب المنهزم أمام بريق الحضارة الغربية الزائفة.


وسنورد مكانه أهم مداولات هذا المؤتمر الخطير والذي نجم عنه الانقسام الكبير بين حركة الإخوان بقيادة د. محمد صالح عمر ود. جعفر ميرغني ود. جعفر شيخ إدريس ود. مالك بدري.. وغيرهم، وجبهة الميثاق الإسلامي بقيادة د. حسن الترابي ويسن عمر الإمام وعبد الرحيم حمدي.. وآخرين. ولولا الانقلاب الشيوعي الذي وقع بعد شهر من المؤتمر في مايو 1969م والذي أجل إعلان هذا الانقسام والتمايز عشر سنوات أخرى حتى عام 1979م؛ لكانت الأمور قد حسمت مبكرا، والتمايز كان شاملا ولله في هذا الأمر حكم نقف عندها في محلها بإذن الله تعالى.


ثالثا: الخلاف حول العمل بطريقة صفوية انتقائية تركز على المثقفين من طلاب ومعلمين وأساتذة جامعات والذين كانوا يدور حولهم صراع القوى السياسية خاصة تيار اليسار. أم العمل بطريقة شاملة انفتاحية تتوازن في بناء الجماعة من كل مكونات المجتمع. واشتد الخلاف مطلع الخمسينيات بين تيار طلاب الجامعة الذين بدأوا في إطار حركة التحرير الإسلامي، ثم التحقوا كما أسلفت بحركة الإخوان المسلمين، وبين تيار الحركة الشعبية الواسعة بقيادة الشيخ علي طالب الله رحمه الله.


وفي رأيي أن تيار الشيخ علي طالب الله الذي رعاه الإخوان المسلمين في مصر كان ضعيفا أمام المد الوطني والسياسي العام ونشاط التيار اليساري في الجامعات مما جعل التيار الصفوي يقضي عليه ويبعد الشيخ علي طالب الله بل يقطع صلته بالجماعة. والحقيقة أن هذا الخلاف المبكر هو الذي قاد في نهاية الأمر إلى الخلاف حول الاسم والارتباط بقيادة الجماعة في مصر والتوسع في العمل السياسي وإضعاف خط البناء المتوازن مما عمق الخلاف لاحقا بين تيار الإخوان وتيار جبهة الميثاق الإسلامي فيما بعد.


والأهم أن بؤر الخلاف شكلت بوادر الانحراف التي كان الناس لا يدركونها إلا بعد فوات الأوان، ومن ثم يصبح التمايز والانشقاق ضرورة من الضرورات حتى تكونت المدارس والكيانات الحالية التي لا يجمع بينها إلا كونها تيارات مسلمين لاغير.


روابط ذات صلة