برلمان 2007.. إرهاب وانبطاح وسحل ورشاوى وفضائح

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
برلمان 2007.. إرهاب وانبطاح وسحل ورشاوى وفضائح

تقرير- علاء عياد

29-12-2007

مقدمة

مجلس الشعب المصري

شهد العام البرلماني لـ2007 العديد من القضايا الساخنة التي أثارت الرأي العام، وكانت مثارَ حديثِ وكلامِ المواطن البسيط قبل النخبة السياسية وصناع القرار، والتي كشفت عجز السلطة التشريعية وتغوُّل السلطة التنفيذية على مقتضيات الأحداث في مصر، كما شهد العام استمرار مهزلة سيطرة الحزب الحاكم على مجريات الأمور داخل أروقة المجلس، بدايةً من الدور الرقابي إلى الدور التشريعي.

وبرزت خلال هذا العام الكثير من القضايا، كان أهمها: "التعديلات الدستورية وقانون مباشرة الحقوق السياسية- أكياس الدم الملوث وقضية شركة "هايدلينا" التي يملكها النائب هاني سرور- القبض على النائبَين صبري عامر ورجب أبو زيد- الاعتداء على النائب ياسر حمود- إسقاط عضوية النائب محمد أنور عصمت السادات- حرمان النائب علم الدين السخاوي من حضور 10 جلسات بعد وصفه للمجلس بالمنبطح- عودة النائب طلعت السادات بعد السجن والحرمان من عشر جلسات- إقرار قانون الكادر الخاص بالمعلمين- فضيحة النائب حيدر بغدادي وقضية الـcd - رشاوَى الوطني، إضافةً إلى التعديلات الدستورية وتعديلات قانون مدِّ سنِّ المعاش للقضاة إلى 70 عامًا.

إرهاب النواب

وقد عجَّل النظام بالتصعيد مع نواب الإخوان خلال عام 2007 بشكل يمكن أن نصفه بأنه "غير المتوقع"، بدأ ذلك باعتقال النائبَين رجب أبو زيد وصبري عامر أثناء وجودهما في ضيافة أحد أبناء دائرتهما دون مراعاة لحصانة النائبَين، وهو الأمر الذي تم تصعيده وتكراره بعد رفع الحصانة عن النائبَين في جلسة ساخنة وافق فيها 181 من الأغلبية مقابل رفض 111 من بينهم 19 نائبًا من رموز الحزب الوطني.

وكان الصدام الثاني مع نواب الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بعد اعتقال نائبي المنوفية صبري عامر ورجب أبو زيد هو الاعتداء على النائب الدكتور ياسر حمود بالضرب وتمزيق ملابسه والاستيلاء على تليفونه المحمول وكسر نظارته، بعد انتهائه من تقديم واجب العزاء في أحد أبناء دائرته، وهو ما أدَّى إلى دخول نواب الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بالمنوفية في اعتصامٍ مفتوحٍ بمجلس الشعب؛ تضامنًا مع النائب، فضّوه بعد أن اتصل الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس بالدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة، مؤكدًا أن مسئولاً كبيرًا من وزارة الداخلية سيحضر إلى مكتبه في مجلس الشعب، وسيقدِّم اعتذارًا رسميًّا للنائب أمام وسائل الإعلام.

السيناريو الثالث للصراع مع الإخوان كان بإحالة النائب علم الدين السخاوي عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين إلى لجنة القيم وحرمانه من حضور 10 جلسات؛ بسبب الرسالة التي نشرتها إحدى الصحف، وكان النائب قد قدمها لرئيس المجلس وانتقد فيها تراجع أداء ودور مجلس الشعب وتسلُّط الأغلبية، مستشهدًا بوصف "المنبطح" الذي أطلقه المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية.

فضائح!!

ومن الفضائح التي شهدها البرلمان خلال هذا العام واقعة cd نائب الحزب الوطني حيدر بغدادي، الذي يظهر فيه في إحدى الملاهي الليلية وهو يقوم بتقبيل إحدى الراقصات.

والغريب أن الذي قام بتفجير هذه الفضيحة نائبان من الحزب الوطني قاما بتوزيع الـcd، الذي أصبح في أيدي عدد كبير من أعضاء المجلس والصحفيين، وتعتبر فضيحة الـCD هي الأولى من نوعها التي يتم فيها تصفية حسابات بين أعضاء في الحزب الحاكم بتوزيع أسطوانات فضائحية، وهو الأمر الذي تم تحويله إلى لجنة القيم التي اكتفت بتوجيه عقوبة اللوم للنائب!!.

على الوجه الآخر فضح النائب حسين محمد إبراهيم- نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، في مذكرة تقدم بها إلى الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس- أحداث جامعة عين شمس، من خلال أسطوانة (CD) عليها أحداث مجزرة جامعة عين شمس، التي تم فيها استدعاء بلطجية من خارج الجامعة مسلَّحين بالشوم والسنج وقنابل المولوتوف؛ للاعتداء على الطلبة الذين خرجوا في مظاهرة سلمية، محتجِّين على تزوير انتخاباتهم الطلابية، مستخدمين حقَّهم الدستوري.

مشاهد هزلية

وفي مسرحيةٍ هزليةٍ شهدها البرلمان الحالي لأول مرة تم إسقاط عضوية النائب المستقل محمد أنور عصمت السادات نجل شقيق الرئيس الراحل أنور السادات بموافقة 316 نائبًا ورفض 80 نائبًا ، بالرغم من أن هناك حالاتٍ في البرلمان لشيكات بدون رصيد وتزوير وقتل مع سبق الإصرار والترصد، بالإضافة إلى أن هناك ملف ازدواج الجنسية الذي لم ينفَّذ أيُّ حكمٍ منه حتى الآن، بل إن صاحب العبَّارة (السلام 98) الغارقة لم تسقط عضويته حتى الآن.

وفي مخالفة صريحة للدستور باعتراف د. سرور رئيس مجلس الشعب، وافَقَ المجلس على طلب مقدَّم من النائب عماد الجلدة (وطني) بقبول استقالته دون إسقاط عضويته، بالرغم من أن حريته مقيدة ولا يحق له تقديم طلب الاستقالة بعد القبض عليه بتهمة الرشوة بهيئة البترول.

كما تقدمت نائبة المنيل شاهيناز النجار- أمين سر لجنة الثقافة والإعلام والسياحة السابقة- خلال هذا العام باستقالتها، بعد أن تأكَّد زواجُها من رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب أحمد عز.

كادر المعلمين

وعن أهم القوانين التي شكَّلت حولها رأيًا عامًّا، وثار حولها الكثير من اللغط والكلام، وأقرها المجلس خلال هذا العام.. كان مشروع قانون تعديل أحكام قانون التعليم الذي يتضمَّن معاملةً خاصةً للمعلمين، تعمل على تحسين أجورهم وعلاواتهم مع منحهم البدلات والحوافز التي ترتبط بمدى أدائهم وتأهيلهم وتدريبهم وحصولهم على ترخيص مزاولة المهنة، بما يضمن المساواة بين جميع المعلمين، وهو القانون الذي انتقدته كتلة الإخوان بعد إفراغه من محتواه؛ حيث رأوا أنه لم يعُد يمثل كادرًا خاصًّا للمعلمين.

تمثيلية التعديلات

في مارس 2007 بدأ مجلس الشعب تمثيلية تعديل 34 مادة من مواد الدستور، وبالرغم من استبشار الشعب خيرًا من اقتراح الرئيس، إلا أن الصيغة التي انتهت إليها التعديلات كشفت أن الهدف العام من تلك التعديلات ليس كما يقول زعماء الحزب الوطني تعميق الممارسة الديموقراطية في مصر، وإنما تكريس هيمنة الحزب الوطني علي مقاليد ومقدَّرات الشعب المصري لأطول فترة ممكنة، أو- لنَقُلْ بصراحة- توريث السلطة في مصر بسلاسة ودون أية منغِّصات قد تفرضها القوى المعارضة في مصر.

وقد استبعد مجلس الشعب كافة الآراء التي قدمها نواب الإخوان وقدمتها المعارضة، بل إنه استبعد ما توصلت إليه لجان الاستماع التي عقدتها اللجنة التشريعية والدستورية، ولم يلتفت المجلس لتحذيراتِ نواب الإخوان والمستقلِّين بإعلان مقاطعة جلسات التعديلات، وهو ما تم بالفعل؛ حيث اعتصم النوَّاب في ساحة المجلس اعتراضًا على تمرير هذه التعديلات، في حادثة تحدث لأول مرة.

الدم الملوث

كان الدم الملوَّث أحد أهم قضايا الرأي خلال عام 2007 على الإطلاق؛ لكونها مسَّت صحةَ وحياةَ المواطنين من ناحية، ولارتباطها في نفس التوقيت بأحد أعضاء المجلس والحزب الوطني د. هاني سرور وكيل لجنة الصناعة بالمجلس.

الغريب في هذه القضية أن تفجيرها كان على يد أحد نواب الحزب الوطني، وهو النائب حيدر بغدادي، الذي رأى البعض فيها شكلاً من أشكال تصفية الحسابات بين نواب الحزب الواحد، وانتهت هذه القضية برفع الحصانة عن النائب ليكون آخر مشاهدها حبس سرور على ذمة القضية بقرار من محكمة الجنايات.

يُذكر أن اللجنة التشريعية بمجلس الشعب كانت قد رفضت في البداية رفْعَ الحصانة البرلمانية عن النائب واكتفت بالإذن بسماع أقواله أمام نيابة الأموال العامة، إلى أن أدان تقرير لجنة تقصِّي الحقائق الذي شكَّله المجلس من لجنتي الإسكان والصحة كلاًّ من وزارة الصحة وشركة "هايدلينا".

رشاوى الوطني

كما أُثيرت خلال هذا العام البرلماني فضيحة رشاوى الحكومة التي قُدِّمت إلى نواب الحزب الوطني لطاعتهم العمياء للحكومة، وقد أثار الموضوع في نهاية الدورة الثانية للمجلس وبعد التعديلات الدستورية الدكتور حمدي حسن، ثم أعاد الدكتور جمال زهران إثارتها مرةً أخرى مع بداية هذا الفصل التشريعي، وقد قدم 71 نائبًا طلبًا لإحالة الموضوع إلى الجهاز المركزي للمحاسبات، وبعد شدٍّ وجذبٍ تَمَّ طرْحُ الموضوع للتصويت على المجلس بعد أن استوفى شكله القانوني، وهو ما رفضته الأغلبية (المتهمة)، ثم فتح الموضوع مرةً ثالثةً النائب حمدي حسن بعد أن وصلت قيمة الرشاوى إلى 250 ألف جنيه، تم صرفها على محاسيب وأنصار نواب الأغلبية لتجميل صورهم في دوائرهم، وخرجت تحت عشرات المسميات، من بينها إعانة مالية لمواطن- إقامة رحلة اليوم الواحد- إقامة دورات رياضية- شراء أجهزة كمبيوتر- إعانات زواج- المساهمة في دفع المصروفات المدرسية- إنارة مدخل قرية- شراء أدوات حياكة- استكمال الصرف الصحي- شراء مبردات مياه.

نيران صديقة

كما شهد هذا العام خلافاتٍ حادَّةً داخل نواب الوطني بدأت بقضية قِرَب الدم الملوَّثة؛ حيث شهد المجلس خناقات بين النائب حيدر بغدادي ود. هاني سرور، وبغدادي ود. حمدي السيد رئيس لجنة الصحة، الذي وصفه بأنه عميل ومستفيد من وراء شركة "هايدلينا"، كما حدثت مشادةٌ كلاميةٌ بين أحمد عز ونائب أسيوط أحمد أبو عقرب خلال أحد الجلسات، إثر قيام الأخير بانتقاد خروجه عن الالتزام الحزبي.

كما حدث تراشقٌ بالألفاظ بين عبد الرحيم الغول وفتحي قنديل نائبي نجع حمادي، في حين دخل النائبان د. شيرين أحمد فؤاد وفارس الجعفري في مشادَّة كلامية عنيفة بسبب انتقاد شيرين للجعفري لصعوده فوق مقاعد مجلس الشعب، وتطور الأمر حتى بكى الجعفري.

بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى فتح تحقيق برلماني كما حدث في شكوى نائب الوطني طلعت مطاوع ضد زميله مجدي عرفة، الذي اتهمه بسبِّه وقذفه والتعدي عليه، كما قام الحزب الوطني بفصل النائب محمد حسين بعد رفض الأخير للتعديلات الدستورية واعتبره الحزب خارجًا عن الالتزام الحزبي.

مواقف وطرائف

ومن المواقف التي شهدها مجلس الشعب وتثير الضحك خلال هذا العام مطالبة نائب الحزب الوطني محمد دويدار أثناء مناقشة استيلاء قوات الأمن على مدرسة خاصة بالبحيرة بأن الأمن كان يجب عليه اعتقال تلاميذ المدرسة وكذلك أمهاتهم.

كما شهد هذا العام قرارًا هو الأغرب من نوعه؛ حيث أصدر الدكتور أحمد فتحي سرور- رئيس مجلس الشعب- قرارًا بمنع دخول مصوِّري الصحف القومية والحزبية والمستقلة قاعةَ المجلس في بعض الجلسات بعد الصور التي نشرتها الصحف للدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وهو يقوم بـ"قزقزة اللب والسوداني"، وهو ما تسبَّب في إحراجه.

المجلس الهش

من ناحيته يرى د. حسنين توفيق إبراهيم- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن السلطات والصلاحيات التشريعية والرقابية التي تمتَّع بها مجلس الشعب خلال هذا العام ودوره في الحياة السياسية اتَّسمت بالضعف والهشاشة، مشيرًا إلى أنه على صعيد عملية التشريع أكدت الممارسة العملية أن الحكومة هي التي تقدم الغالبية العظمى من مشروعات القوانين، ويقوم مجلس الشعب بمناقشتها وإقرارها بدون تعديل، أو بعد إدخال تعديلات طفيفة على بعضها، وعلى الرغم من أن بعض مشروعات القوانين التي قدمتها الحكومة قد جرت بشأنها مناقشاتٌ حادَّةٌ تحت قبة البرلمان مثلما حدث في التعديلات الدستورية وفي مناقشة قانون مباشرة الحقوق السياسية ورغم اعتراض نواب المعارضة، إلا أن ذلك لم يغيِّر من واقع الأمر شيئًا؛ حيث إن الأغلبية التي يتمتع بها الحزب الوطني الديمقراطي سمحت للحكومة بتمرير القوانين التي تريدها.

وأشار إبراهيم أن بعض القوانين لم تأخذ حظَّها الكافي من الدراسة والبحث والمناقشة؛ حيث تم إعدادها على عجل من قبل الحكومة، وجرى تمريرها بسرعة من قبل مجلس الشعب؛ لذلك فإن بعضها خرج معيبًا دستوريًّا، ويصبح عرضةً للطعن في دستوريته.

وعن السلطات الرقابية خلال هذا العام قال إبراهيم: بالرغم من أن مجلس الشعب له أدوار رقابية، إلا أنه لم يمارس هذه السلطات كما يجب، وبما يعزِّز من دوره في مراقبة أعمال الحكومة؛ حيث لم يتم استخدام الأساليب الأقل رقابةً وتأثيرًا (مثل الأسئلة والمشاركات في المناقشات)؛ بحيث طغت هذه الأساليب على النشاط الرقابي للمجلس، مقارنةً بأساليب الرقابة الأكثر فاعليةً، مثل (الاستجوابات وتشكيل لجان لتقصي الحقائق)؛ حيث إنها أقل استخدامًا من قِبَل المجلس، بل إن الأساليب الإجرائية لعمل المجلس كثيرًا ما فرغت الاستجواب من محتواه، وذلك بعدم مناقشة بعض الاستجوابات لتأخير مواعيد مناقشتها إلى قرب نهاية الدورة البرلمانية؛ بحيث تنفض الدورة دون مناقشة هذه الاستجوابات، موضحًا أن كل الاستجوابات التي تمت مناقشتها تحت قبة مجلس الشعب منذ الفصل التشريعي الأول عام 1971حتى الآن انتهى الأمر بشأنها إلى موافقة المجلس على إغلاق باب المناقشة، والانتقال إلى جدول الأعمال، ولذلك لم يحدث أن قام المجلس بسحب الثقة من وزير، بل إنه لم يحدث في تاريخ مصر أن سقطت حكومةٌ بسبب فقد الثقة من خلال البرلمان منذ نشأته عام 1866.

المصدر