بذور التغيير - مصحف وسيف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

فهرس الكتاب

إن السلطة لم تقتل ولم تحاكم ولم تعتقل أى ضابط من الضباط الاحرار . لكنها سجنت الإخوان واعتقلتهم واغتالت مرشدهم لأنه كان يعمل ظاهرا وهم يعملون فى ا لخفاء إن الامام الشهيد حرث أرض العقول والنفوس بتوجيهاته وألقى بذور التغيير فى أذهان الشعب مما جعل الشعب فى لهفة الى التغيير فلما تحرك الضباط الاحرار بالاتفاق مع الاخوان المسلمين وجدوا شعبا متلهفا الى حركتهم مهيأ لا نقلابهم فاستقبلهم بالدعاء وقام الإخوان المسلمون بحراسة كل المنشآت الأساسية فى البلد خوفا من أن تتعرض للتخريب ممن كانوا يكرهون هذا التغيير ثم لا يجد خصوم الإخوان تهمة يوجهونها إلا أنهم أعداء ذلك الانقلاب .


وكــم ذا بمصـــر من المضحكـــا ت ولكنــه ضحك كالبكـــــاء


ثم أنتقل “ حسن البنا “ الى مدرسة المعلمين فى دمنهور عام 1920 ليتخرج فيها مدرسا إلزاميا . لكن همته ومشاعره الفياضة وآماله العراض كانت فوق هذا المستوى بكثير فما أن تخرج فى هذه المدرسة حتى التحق بمدرسة دار العلوم عام 1923 فى القاهرة حيث تخرج فيها عام 1927 وكان ترتيبه الأول . ومن المفارقات اللطيفة أن ناظر مدرسة المعلمين . كان المربى الفاضل المرحوم عبد العزيز عطية ثم تتلمذ هذاالناظر على يد طالبه فى دعوة الاخوان المسلمين .

وتميزت دعوة الاخوان المسلمين عن كل الدعوات الاسلامية ببعدها عن الخلافات الفرعية والمنازعات الجانبية وترك خصومة ينالون منه كما يشاءون دون أن يدخل معهم فى عراك . فالدعوة التى أقامها فى ذى القعدة عام 1347 الهجرى ـ مارس 1928 الميلادى بدأت دعوة الاخوان المسلمين فى ا لاسماعيلية على ضفاف القنال مكونة من ست رجال : الامام الشهيد ، الأخ الصولى ، والأخ حسب الله وغابت عن ذاكرتى بقية الاسماء ولعلى أتذكرها أو أعثر عليها فأضيفها الى هذه المذكرات .



مصحف وسيف

كانت جهوده مركزة على تنشئة جيل يعتنق دينه على أنه دين ودولة ومصحف وسيف وعبادات ومعاملات وتربية وأخلاق سياسة واقتصاد اجتماع وقضاء وكل شىء فى هذه الحياة . نظام شامل وقانون كامل ينظم الحياة فى أسمى مراقيها الى اخرمطالبها حتى الدخول فى دورة المياة وبدأت دعوة الاخوان المسلمين تصل الى قلوب الشباب والعمال والفلاحين وسائر طبقات الأمة .. بل ومن بعض أبناء الأثرياء من عائلات عبد النبى وعبد الرازق والدلة ورأى منها المسلمون شيئا جديدا لم يألفوه فيما كان مطروحا على الساحة الاسلامية من مذاهب وآراء .

إذ جمعت الدعوة كما يقول فضيلته كل المذاهب والتيارات ( دعوة إسلامية شاملة ) وفى العام 1932 انتقل حسن البنا الىا لقاهرة ولم يغفل عن المديريات أو المحافظات بل كان دائم التنقل بين قراها ودساكرها شارحا لهم أن دعوة الاخوان المسلمين ليست دعوة مقصورة على مصر ولكنها دعوة للناس جميعا فبدأ يتصل بالبلاد الاسلامية ولو طالت به الحياه لأقام فى العالم كله شعبا للإخوان لأن هذا هو الاسلام { يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا } فالاسلام دعوة عالمية ليست مقصورة على جنس دون جنس ولا لغة ولا لون دون غيرهما . ومن كانت هذه همته فلا عجب أن يصل الى بغيته . لقد توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمل أبو بكر الراية ثم عمر وعثمان وعلى . ووصلوا بالاسلام الى ما وصل اليه وقد ارتد ضعاف الايمان وتنبأ من تنبأ وظنوا بالاسلام الظنون . وعلى قدم هؤلاء الأبرار اغتيل حسن البنا فحمل الراية حسن الهضيبى ولقى ربه فتعاون الإخوان على حملها لأننا لم نقدس حسن البنا وما كان هذا هدفنا ةلكن كان الله غايتنا وما كان حسن البنا إلا إنسانا يموت كما يموت أى إنسان . ولكن دعوة الله التى أنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم وتكفل بحفظها .. فليس الشأن شأن حسن البنا أو أى مرشد ولكن الشأن دين تكالب عليه خصومه ويخشى الاخوان عليه فهم يحمونه بأرواحهم سواء أكان هناك مرشد أو لم يكن . فالذين يتهمون الاخوان بتقديس حسن البنا قلوبهم منكرة وأفهامهم معوجة وعقولهم ليست على سنن رتيب .

ومما يقطع بعالمية دعوة الاخوان المسلمين أن مرشدهم دعاهم للجهاد كى ينقذوا بلدا إسلاميا من أيدى أشد الناس عداوة للمسلمين ولبى الاخوان النداء فكانت دماؤهم الطاهرة أول دماء روت أرض فلسطين الشهيدة ولولا أنالمسئولين فى هذه المنطقة تقاعدوا وتكاسلوا واكتفوا بالتصريحات النارية والأحاديث الملتهبة لكان الحال غير الحال فى فلسطين لم يكتفوا بالقعود عن نصرة فلسطين عمليا بل حاربوا الاخوان المسلمين فى كل مكان وكأنما الإخوان أجرموا فى نظر هؤلاء المسلمين يوم أن تصدوا لليهود تصديا كان من الممكن أن يقتلعهم من المنطقة اقتلاعا .

ولكن ماذا عسى لمثلى أن يقول إلا ترديد قول الشاعر :


مـن غص دأوى بشرب المــاء غصته فكيف يفعـــل من قد غص بالمـــاء


والأمر لله من قبل ومن بعد وسيرون من ربهم حسابا لا يخطر لهم على بال .

وكان بودى أن أتحدث عن كيف بدأت الدعوة وكيف كانت تتم ولكنى أترك هذا لما وقر فى نفسى من تعاليم الامام الشهيد ولا أزال أذكره حتى اليوم . فقد صارح فضيلته الناس بدعوته على أنها كما يقول :

أضوأ من الشمس وأوضح من فلق الصبح وأبين من غرة النهار وأنها دعوة بريئة نزيهه لا ترقى اليها الشبهات بعيدة عن الاغراض والاهواء فلا يريد الأخوان من الناس أجرا ولا ثناء ولا حمدا ولا طبلا ولا زمرا وكانوا يحبون من كل قلوبهم أن يكونوا التقياء الأخفياء الذين لا يعرفون إذا حضروا ولا يفتقدون إذا غابوا . وحسبهم أن يعلمهم الله ويراهم حيث يحب ويرضى كان حسن البنا يحرص على ان يخاطب الناس بعواطفه ا لرقيقة بعيدا عن التعقيدات اللفظية أو الأساليب الأفلاطونية .

هكذا علمنا أن نفنى فى هذه الدعوة لنكوننحن هى ولتكون هى نحن . وليس معنى هذا أن نتمنع عن هذه الدنيا فلا نأبه بها .. أبدا فالاخوان يمشون فى مناكب الأرض ويأكلون من رزق الله أطيب ما يفيضه عليهم ولكن إذا تعارض أى شىء من مطالب الدنيا مع ما نحب للدعوة غبنا عن هذه الدنيا وعشنا فيما يطلبه الله منا وما أظن بعد منهج الكتاب والسنة من وضوح ويتجنى بعض الناس عن عمد أو غفلة فيتهمون الإخوان بأنهم يعتبرون من ليس منهم غير مسلم ! .


فهرس الكتاب