المقاومة العراقية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


المقاومة العراقية

المقاومة

أكَّد سياسيون وإعلاميون أن المقاومة العراقية، وبعد مرور خمس سنوات على بدايتها في العراق، نجحت في إفشال وإجهاض المشروع الأمريكي في المنطقة، مشدِّدين على أن العمود الفقري للمقاومة من الإسلاميين حقَّق خلال سنوات الاحتلال الخمس انتصاراتٍ رائعةً ضد أمريكا وحطَّت من قوتها ونالت من مكانتها بين دول العالم وشعوبه، بل إنها أجبرتها على التفكير في الانسحاب من العراق .

مؤكِّدين أن يوم التاسع من أبريل يُمثِّل الميلاد الحقيقي للمقاومة العراقية، وهو اليوم الذي وطأت فيه قوات الاحتلال الأمريكي أرض العراق وعاصمتها بغداد.

محاولة إغراق الساحة

في البداية يؤكِّد د. عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن الحالة العراقية بحاجةٍ إلى دراسة عميقة بعد مرور 5 سنوات على سقوط بغداد. وهناك العديد من الملاحظات منها أن سقوط عاصمة الرشيد والتجرؤ على احتلالها يعطي درسين في آنٍ واحد: الدرس الأول هو أن الحداثة التي تمثِّلها واشنطن بلا عمق تاريخي تتحدَّى التاريخ العربي والإسلامي، ومن خلال ذلك التمكين للكيان الصهيوني لسرقة الذاكرة والانتقام لما فعله نبوخذ نصر ببني إسرائيل في القدس منذ آلاف السنين، والدرس الثاني هو أن قِدَم العواصم لا يعطيها قدسيةً إذا كان نظامها السياسي لا يحظى بالاحترام والقبول في الداخل والخارج.

أما الملاحظة الثانية فهي أن الأكراداعتبروا يوم سقوط بغداد سقوطًا للنظام والدولة وعاصمتها التي كانت دائمًا في شقاق معها بالحق وبالباطل، ولن تجد اثنين في العراق يتفقان على موقف بالنسبة للأكراد؛ فهناك مَن يرى أن بطش النظام بهم هو الذي تسبَّب في دعمهم للغزو الأمريكي واحتفالهم بسقوط النظام والدولة، كما أن هناك مَن يرى أن النظام كان رقيقًا مع الأكراد، ومع ذلك فإن الأكراد كانوا يُستَخدمون من جانب إيران ضد الحكومة العراقية, مثلما كانت الحكومة العراقية تسمح ل تركيا بالقيام بعمليات توغُّل ضد الأكراد في شمال العراق ، ثم إنَّ الولايات المتحدة تلعب بالورقة الكردية منذ عام 1991 م، كما أن واشنطن قد أصرَّت على تفسيرها الخاص لقرار مجلس الأمن رقم 688 الصادر في 3 أبريل عام 1991 م حول ما سُمِّي بمناطق حظر الطيران، وهو القرار الذي يعبِّر بحق عن النية في تفكيك الدولة العراقية في وقت مبكِّر، وبطريقة عملية.

موضحًا أنه إذا كان الشيعة يعتقدون بشكلٍ عام أن صدام حسين كان يضطهدهم، وهذا غير صحيح؛ لأن صدام كان علمانيًّا لا يحفل بالأديان والمذاهب والطوائف، وإذا كان صدام قد اتهم بقهرهم حين زجَّ بهم في الحرب ضد إيران، فدفع الشيعي إلى محاربة الشيعي، وإذا كان صدام العلماني لا يحفل بأنه سني أو شيعي، فمن الواضح أن هذا التقسيم الثلاثي للعراق إلى سني وشيعي وكردي هو تقسيم أمريكي، وأن المؤامرة كانت على العراق نفسه وليس على النظام الذي نشكُّ كثيرًا في صلاته الأمريكية.

ويضيف الأشعل أن الملاحظة الثالثة هي أن النظام كان أحد أسباب الإضرار بالوطن العراقي، سواءٌ بممارساته في الداخل أو الخارج حتى ضاق به الجميع، وسلمَّ الكثيرون بأن قهر الداخل والعدوان على الجيران وتوظيف قوة الدولة وأموال الشعب في أعمال شجَّعتها واشنطن صارت حيثيات للعدوان على العراق ، ولكن التبس على الكثيرين داخل العراق وخارجه تلك العلاقة بين النظام والوطن، وهم معذورون؛ لأنه في العالم العربي يصعب التمييز بينهما؛ مما يدفعنا بهذه المناسبة إلى استخلاص الدروس المفيدة في هذا المقام.

أما الملاحظة الرابعة كما يراها الأشعل فهي أن واشنطن تحاول أن تضِّيع معالم المقاومة، فأغرقت الساحة العراقية بكل الأطياف التي يدفع المواطن العراقي ثمنها من أمنه وحياته.

وتقول واشنطن على لسان سفيرها في بغداد وقائد قواتها في العراق خلال جلسة الكونجرس يوم 8/4/2008م إن العراق بعد خمس سنوات من الاحتلال أصبح أفضل من قبل بكثير, وهو قول يناقض الواقع تمامًا.

ويرى الأشعل أن العراق محتلٌّ وأن للاحتلال نهايةً, ولم يحدث في التاريخ أن أحسن احتلال إلى أهل البلد المحتل، وإنما فرَّقهم شيعًا وطوائف، وخلق جماعات تتغذَّى على جثة العراق الواحد، ولا إنقاذ للعراقيين إلا ب عراق واحد عربي واضح المعالم، وقد تحرَّر جسده من ماضٍ أليم واستبشر بمستقبلٍ أفضل.

ويقول الأشعل إنه: "لا يسعني في هذه الذكرى إلا أن أوقظ العالم العربي حتى لا يترك العراق ساحةً للصراع أو التسوية بين إيران والولايات المتحدة.. عاش العراق ، وعاشت بغداد، أما الذي سقط فهو النظام، والنظم أردية؛ بعضها يتحلَّى به جِيدُ الوطن، وبعضها يجلب له الخراب".

نجاح المقاومة

ويرى طلعت رميح الكاتب السياسي والمحلل الإستراتيجي أن الاندلاع المفاجئ والمباغت والمباشر للمقاومة العراقية في صورتها الشعبية في اليوم الثاني لدخول قوات الاحتلال الأمريكي لبغداد بمثابة الصدمة المفاجأة والمضادة للترويع الأمريكي، مضيفًا أن أول نجاح للمقاومة العراقية كان في اندلاعها ذاته؛ باعتبار أنها أزالت الهزيمة النفسية التي روَّجت لها قوات الاحتلال الأمريكي من أجل تمكين فعل الصدمة والترويع في نفوس العراقيين.

وأكَّد رميح أن المقاومة العراقية حقَّقت نصرًا معنويًّا في بدايتها، بل الأهم أنها حقَّقت نصرًا إستراتيجيًّا باستمرارها، خاصةً بعد أن توصَّلت قوات الاحتلال إلى نتيجةٍ مؤداها أنه لا يمكن القضاء على المقاومة باستخدام القوة العسكرية التي تمثِّل العمود الفقري للاحتلال الأمريكي.

وأضاف أن المقاومة العراقية خلال السنوات الماضية واصلت نجاحاتها من خلال نقل المعركة من أرض العراق وأراضي الأمة الإسلامية إلى أرض المحتل نفسه؛ حيث إن المقاومة نجحت في تغيير الرأي العام الأمريكي في انتخابات الكونجرس، والتي هي عملية تطورية تمثِّل الأساس الحقيقي الآن في معركة الانتخابات الأمريكية؛ باعتبار أن هذه المعركة تدور الآن حول بقاء القوات أو انسحابها، وحول خسائر الاحتلال ونتائج عملية العدوان اقتصاديًّا؛ حيث وصل الاقتصاد الأمريكي إلى حالة كساد حقيقي.

ولفت رميح إلى أن المقاومة العراقية غيَّرت من الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية والإسلامية وهزمت بالفعل مشروع الشرق الأوسط الكبير، بل إنها نجحت في إنقاذ كثيرٍ من رءوس الأنظمة العربية دون أن تتلقَّى ردًّا إيجابيًّا من هذه النظم من خلال الاعتراف بالمقاومة كممثل شرعي ووحيد للشعب العراقي.

ويرى رميح أن وصول قتلى الأمريكيين إلى الرقم 4000 قتيل هو مؤشر على هزيمة الولايات المتحدة، وأن القرار الإستراتيجي لها سيكون بالانسحاب، مشيرًا إلى أنه في بداية الاحتلال الأمريكي للعراق كانت التقديرات الإستراتيجية ترى أنه في حالة وصول عدد القتلى في الأمريكان إلى رقم 4000 فإن القوات الأمريكية ستنسحب.

وشدَّد على أن كل المؤسسات الحيادية تؤكِّد أن قتلى الأمريكيين في العراق أعلى من الرقم المعلن بكثير، مؤكدًا أن ذلك له دلالات كثيرة، وهي أن مشروع الاحتلال الأمريكي في العراق قد انتهى وتبدَّد وأصبح لا بديل إلا الانسحاب، سواءٌ جاء الديمقراطيون أو الجمهوريون، مشيرًا إلى أنه إذا ما جاء الديمقراطيون فهو اعتراف بالهزيمة يتبعه انسحاب سريع، أما إذا ما وصل الجمهوريون مجدَّدًا إلى سدة الرئاسة فإن المكابدة الأمريكية، وإن تواصلت بعض الوقت، فإن الخسائر ستكون أكبر بكثير.

مقاومة إسلامية

وبشأن توصيف المقاومة في العراق وهل هي إسلامية أو بعثية أو خليط من العراقيين، قال رميح: "إن المقاومة في العراق إسلامية في المقام الأول"، مشيرًا إلى أن ذلك جعل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفاءهما يلجئون إلى الهجوم السافر ضد العقيدة الإسلامية؛ نتيجة أن كل فعل عدواني أمريكي أو غربي ضد أي بلد أو مجتمع مسلم لا ينتج عنه إلا جماعات مقاومة إسلامية.

وأضاف أنه إذا أردنا أن نفهم المغزى الحقيقي من هذا الهجوم الضاري على العقيدة الإسلامية، فإنه علينا أيضًا أن ننظر إلى القدرة التي أثبتتها المجتمعات الإسلامية على إظهار مكنونها الداخلي وقدرتها على التحدي بالعودة إلى الإسلام كجوهرٍ للمواجهة الشاملة في العراق و الصومال والشيشان و أفغانستان؛ حيث ظهرت المقاومة- دون التقليل من شأن أية جماعات أخرى- مقاومةً إسلاميةً، وهذا هو المأزق الإستراتيجي الذي يعيشه الغرب في هذه المواجهة.

إحباط المشروع الأمريكي

ويتبنَّى أحمد الهواس الكاتب والإعلامي السوري المقيم في القاهرة رأيًا مماثلاً للرأي السابق؛ حيث يرى أن المقاومة انطلقت بشكلٍ سريعٍ ومباغتٍ لقوات الاحتلال الأمريكي التي سَوَّقت أن العراقيين سيستقبلون الجنود الأمريكيين بالورود، ولكنها فوجئت في اليوم الذي سقطت فيه بغداد بانطلاق المقاومة.

وأكد الهواس أن المقاومة العراقية نجحت في إحباط المشروع الأمريكي؛ ليس في العراق وحدها، ولكن في المنطقة ككل؛ حيث تمكَّنت المقاومة العراقية من إجهاض المشروع الأمريكي المتمثِّل في إعادة صياغة المنطقة الجديدة والسيطرة على النفط والسماح للصهاينة بتنفيذ مشروعها الاستعماري.

وأضاف أن المقاومة العراقية أعادت الروح لكل العرب والمسلمين، وكانت مفاجأةً ليست لقوات الاحتلال فحسب بل للعالم أجمع، مشيرًا إلى أنه بعد مرور خمس سنوات من بدء المقاومة تبيَّن أن المحتل هو من أنهُك وليست المقاومة، وأن أمريكا باتت تفكِّر في الخروج والانسحاب السريع من العراق .

ورأى الهواس أن العمود الفقري لفصائل المقاومة العراقية هو من العناصر الإسلامية، مشيرًا إلى أن العراق يضم نحو 20 فصيلاً مقاومًا؛ أغلبهم إسلامي والباقي فصائل وطنية أخرى، بينما يقابل فصائل المقاومة عناصر طائفية تحاول تنفيذ أجندات خارجية في العراق .

أهداف جديدة

ويرى الإعلامي السوري أن أهدافًا جديدةً إلى جانب إخراج قوات الاحتلال أصبحت على أجندة المقاومة العراقية في ظل تغيُّر الظروف في العراق ، وهي إبقاء العراق موحَّدًا وإفشال مخططات التقسيم، وإبقاؤه على عروبته وإسلامه وإعادته للصف العربي من جديد، متوقِّعًا أن تشهد المقاومة مواجهةً شرسةً من أجل منعها من تحقيق هذه الأهداف.

تغيير الخريطة

من جانبه أكَّد الدكتور فهمي القيسي سفير العراق السابق لدى سلطنة عمان والمقيم حاليًّا بالقاهرة ، أن المقاومة العراقية خلال الخمسة أعوام الماضية استطاعت أن تغيِّر في خارطة الأحداث بشكلٍ كامل؛ حيث كبَّدت الاحتلال الأمريكي المزيد من الخسائر في الأرواح والأموال.

نجاح المقاومة بالعراق

مقاومون يعبرون عن فرحتهم عقب إحدى العمليات ضد الاحتلال

وأضاف أن الخسائر في صفوف الجانب الأمريكي لم تتوقَّف عند القتلى والجرحى في الجيش، بل إن مئات الآلاف من الجنود العائدين زادت فيما بينهم معدلات الاكتئاب والإصابة بالأمراض النفسية جرَّاء ما لاقَوه على أرض العراق من جانب المجاهدين؛ وهو الأمر الذي يكبِّد الإدارة الأمريكية المزيد من النفقات من أجل تغطية نفقات الجنود المرضى.

ويوضح الدبلوماسي العراقي السابق أن مدير أكبر مستشفى عسكري أمريكي في أوروبا بمدينة فرانكفورت بألمانيا أشار إلى أن المستشفى استقبلت نحو 80 ألف جندي أمريكي بسبب جحيم المقاومة العراقية، وبعضهم فقد ساقًا أو ذراعًا.

ولفت القيسي إلى أن الجيش الأمريكي أصبح يواجه مزيدًا من المآزق بسبب عزوف الأمريكيين عن التطوع للعمل في الجيش؛ بسبب صور النعوش العائدة من العراق ، مشيرًا إلى أنه رأى ذلك واضحًا على إحدى محطات التلفزة الأمريكية حينما أعلن الجيش عن حاجته لنحو 20 ألفًا من المتطوعين لم يتقدَّم سوى نحو مائتي شاب أمريكي بدافع الحصول على المال.

وأكَّد السفير العراقي السابق أن وتيرة المقاومة تزداد يومًا بعد الآخر، وأن الشعب العراقي بكل طوائفه أصبح حاضنًا لهذه المقاومة ومدافعًا عنها؛ بسبب ما تعرَّض له من ظلمٍ وقتلٍ وتشريدٍ على أيدي قوات الاحتلال الأمريكي، مشيرًا إلى أنه لا يوجد بيت عراقي إلا وبه مقاوم أو أكثر.

وأشار القيسي إلى أن هناك العديد من العوامل التي تدفع العراقيين إلى الانضمام والانخراط في صفوف المقاومة؛ منها تنفيذ الأوامر الإلهية والدينية التي تحثُّ على الجهاد والمحافظة على وحدته، لافتًا إلى أن الأعداد الضخمة للمعتقلين في مختلف أرجاء العراق هي خير دليل على تزايد عناصر المقاومة وقوة شوكتها.

تخبط واضح

أما العقيد الركن عبد الحكيم العبيدي قائد أركان فرقة عدنان بالحرس الجمهوري العراقي إبَّان عهد الرئيس الراحل صدام حسين ، فقال لـ"إخوان أون لاين[١]" إنه خلال الخمس سنوات الماضية تبيَّن أن الوجود الأمريكي في العراق يزداد سوءًا يومًا بعد الآخر، وبدأ التخبُّط الواضح في كل تصرفاتهم.

وأكد العبيدي أن كل الأحداث والحشود الإضافية أو ما يعرف بزيادة عدد القوات في العراق دليل فشل جديد، وبدا الأمريكان متخبطين، وأصبحوا يعيشون في مستنقعٍ بشكل واضح لن يخرجوا منه بسهولة.

وأشار إلى أن القوات الأمريكية عندما فشلت في مواجهة عناصر المقاومة لجأت إلى محاولات استمالة بعض جماعات المقاومة المسلَّحة من خلال ما يُعرف باسم مجالس الصحوات، ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها.

وبالرغم من أن العبيدي أكَّد صعوبة تقدير أعداد المجاهدين في فصائل المقاومة، إلا أنه شدَّد على أن عناصر المقاومة موجودة في جميع أنحاء العراق، مشيرًا إلى أن 75% من عناصر الجيش العراقي الذي كان يضم نحو مليون عنصرًا انضمت إلى صفوف المقاومة، بالإضافة إلى عناصر إسلامية ووطنية أخرى.