الداعية عبد الرحمن سليمان بشير:مشروع الإقناع والإصلاح والحوار هو الذي يصنع مستقبل القرن الإفريقي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الداعية الكبير الشيخ عبد الرحمن سليمان بشير: مشروع الإقناع والإصلاح والحوار هو الذي يصنع مستقبل القرن الإفريقي


تشعبت قضايا الأمة ... وصارت لكل منطقة مشاكل تشغلها وتؤرق تفكيرها وتعرقل سيرها نحو مستقبل أفضل ... ومن أجل إيجاد حلول تُعقد اجتماعات ومؤتمرات تلو أخرى، لعل أحدها تنجح في وصف المرض أو مداواة الجرح... ولم يدخر أحد جهداً بدءا بالسياسيين و انتهاءً بعلماء الدين لعلهم يصلحون ما لم يستطع عليه السياسيون حتى ولو كانت بجهود غير حكومية ، وآخر هذه المؤتمرات مؤتمر عُقد مؤخراً في بروكسل لمناقشة ما يجري في القرن الإفريقي بعنوان (الإسلام وإصلاح المجتمع ) من منطلق كونه للبشرية جمعاء ، وقد شارك في هذا المؤتمر الداعية الكبير الشيخ عبد الرحمن سليمان بشير بأوراق عديدة ، وبفضيلته إلتقت القرن وطرحت عليه تساؤلات عدة حول المؤتمر ومسلمي أوروبا ووضع المجتمع الغربي وما عاشه خلال وجوده هناك وكان حوارنا معه كالتالي : -

  • القرن: قمتم مؤخراً بزيارة إلى بعض دول اسكندنافيا وأوروبا الغربية ، على ماذا انبنت هذه الزيارات ؟
  • الداعية: لقد شملت زيارتي على ثلاثة من دول اسكندنافيا ودولتين في أوروبا الغربية، وجاءت الزيارة استجابة لدعوة تلقيتها من إتحاد المنظمات الإسلامية ومركز التعاون الصومالي في بروكسل وهما اللذان تعاونا في عقد المؤتمر بعنوان ( الإسلام وإصلاح المجتمع ) لمناقشة قضايا القرن الإفريقي وشارك فيه علماء منطقة القرن الإفريقي ، وقد ساهمت في المؤتمر بأربعة أوراق حملن العناوين التالية ( الدين والسياسة خصام أم وفاق ) ، ( السياسة الشرعية بين المضيقين والموسعين ) ، وتحدثت فيها عن ماهية السياسة الشرعية ، علماً أن السياسة تنقسم إلى سياسة دينية بحتة أو علمانية مخاصمة للدين أو سياسة إسلامية تجمع بين النص والعقل و هذه كانت سياسة الرسول ( ص)، وفي الورقة الثالثة تحدثت عن الصحوة وشباب القرن الإفريقي من منطلق ما يجري في الصومال من الحروب الدامية ، أما الورقة الأخيرة كانت تناقش الإسلام وإيجاد الحلول للمشاكل العالمية، بمعنى الحل الإسلامي للكون ، بهذه الأوراق شاركت في المؤتمر الذي عقد في أوسلو (نرويج ) وقد استمر لأربعة أيام ، أما الهدف الثاني من الزيارة كان من أجل القيام بجولة في أوساط الجاليات المسلمة وجاليات القرن الإفريقي وخاصة الجيبوتية منها .
  • القرن: كيف وجدتم المجتمع الأوروبي ؟ وكيف تصفهم أو تقيمهم ؟
  • الداعية: هم شعب يتمتع بمزيج من الإيجابيات المهمة وسلبيات غير طبيعية ' فمن إيجابياتهم، أنهم شعب قانوني بلا استثناء بدءا من أعلى رجل في السلطة إلى كنّاس الشوارع ، الكل يحترم القانون ويتساوون في الإنسانية.
رأيت أنهم شعب منظم يعرف متى يستيقظ ومتى يأوي إلى فراشه وما يجب عليه إنجازه خلال النهار، حياتهم منظمة من الدولة مروراً بالمؤسسات والشركات إنتهاءاً بالفرد .
هم شعب عملي وليس كلامي ، ترى أحدهم يعمل لثمانية ساعات أو أكثر ثم يعود إلى البيت ليعمل أيضاً وليس ليستريح وكأنه في فندق ليخدمه الآخرون ، بل يقوم ليساعد زوجته وأولاده في العمل المنزلي بكامله من الطبخ ، إعداد السفرة ، غسل الصحون ، وتنظيف البيت .. إلى أن تأتي ساعة مشاهدة التلفزيون ، ثم يخلد الجميع إلى النوم .
حياتهم مخططة وبدقة ، الكل يعرف ماذا يريد وكيف يصل إلى أهدافه ومن سيساعده على ذلك ، لقد خططت حكوماتهم للسياسات العامة والمؤسسات تقوم بتفاصيلها أما الفرد يخطط لحياته .
وآخر ايجابياتهم أن المجتمع الأوروبي مجتمع متعايش لا يجبر أحداً على فعل شئ لا يرغبه ، ولذلك تعيش في أوروبا قوميات وأفكار وأديان مختلفة ، فحكوماتهم تقدم الدعم حتى للمساجد ليشاركوا في خدمة المجتمع .
أما سلبياتهم أولها التفسخ الاجتماعي لا فرق لديهم بين الحلال والحرام ، الكل حر في نفسه ويفعل ما يريد غير الاعتداء على حقوق الآخرين .
مجتمع يعيش عصر نهاية الأسرة، وأطلقوا عليها النظام التقليدي حيث بدأت تنتشر الأسر المثلية أو الفردية وذلك بقيام أحدهم بتبني طفل ويعلن أنه كوّن أسرة وعلى الدولة الاعتراف بذلك ، ولهذا كتب بعض عقلاء الغرب عن خطورة هذه القضايا وكتبوا عن الموت الغربي، وأن ما يحدث هناك سيؤدي إلى الإنقراض النوعي للإنسان .
لا مكان للدّين في حياتهم وأثبتت دراسة أجريت في الدنمارك لمعرفة عدد المؤمنين بوجود الله أن 80% لا يؤمنون به و45% منهم لم يفكروا أصلا في وجوده أو عدمه ، لأن النظام التعليمي هناك مبني على الشك وعلى العدمية، ويعني ذلك أنه لا إله وثانيا بدء الحياة بالمجهول وليس بالمعروف كما هو حالنا .
لا لذة ولا طعم لحياتهم ، لأن ليس لديهم هدف من هذه الحياة التي نعيشها ، الفقير المسلم يستمتع بهذه الحياة لأنه مرتبط بربه وبذكره يطمئن قلبه مهما قست عليه الحياة ، أما هم يعيشون كفاحاً لا نهاية له ، هناك الجمال يكسو كل شئ إلا وجوههم التي تعكس القلق وفقدان الأمن واستقرار النفس ، لأنهم غير مرتبطين بالقوة الأكبر .. ( قوة الله ) ولهذا تجد الجزع يلتهم قلوبهم .
والسلبية الأخيرة هي معاناتهم من الفوضي الجنسية التي لا جدار أمامها.
في هذا الزخم كله نرى الإسلام يسطع بنوره ، ففي بروكسل أجريت دراسة علمية كانت نتيجتها أن بلجيكا ستصبح دولة إسلامية بعد عشرين عاماً لأسباب ثلاث أولها كثرة المهاجرين من المغرب العربي وتركيا إلى أوروبا ، ثانيا التوالد ألا حدودي للمسلمين حيث أصبح متوسط الولادة لدى الغرب واحد أو اثنان بينما لدى المسلمين 6 أطفال ، والسبب الأخير هو دخول الكثيرين من المجتمع الغربي إلى الإسلام، وخلال وجودي هناك شاهدت ثلاثة أو أربعة ينطقون بالشهادتين يومياً وذلك للجوع الروحي الذي أصابهم، وهذا ما يحدث أيضاً في هولندا وألمانيا ودول اسكندنافيا، وكما هو معروف الإسلام هو الديانة الأولى في الغرب من حيث التطبيق على أرض الواقع، وهذا يدل على ظهور الإسلام بكل جلاء ووضوح وأدى ذلك إلى تخوف بعض من كبار الغرب من الإسلام وخصوصاً أن مسلمة محجبة دخلت البرلمان في بلجيكا، ولهذا أعتقد أن الإسلام على موعد مع مستقبل أوروبا.
  • القرن: هل يمكن أن تلقي الضوء على وضع المسلمين هناك من وجهة نظرك؟
  • الداعية: ينقسم المسلمون في أوروبا إلى صنف ذاب ذوباناً كاملاً في المشروع الأوروبي، وآخر يتمسك بهويته وثوابته الإسلامية ويريد توظيف الدعوة في تلك الدول، وأستطيع القول أن الإسلام تجاوز مرحلة الغربة ودخل طور المواطنة، وأصبح للمسلمين حقوق وواجبات... واتحاد للمنظمات الإسلامية.
  • القرن: وما عمل اتحاد المنظمات الإسلامية ؟
  • الداعية: هو يسعى لتحقيق هدفين، أولها يقوم بتجميل وتحسين صورة الإسلام التي شوهت لدى الغرب من قبل بعض المتطرفين من خلال وسائل الإعلام المغرضة، والهدف الثاني هو توطين الدعوة الإسلامية في الغرب لكي لا يكون الإسلام هو الذي يأتي من الشرق الأوسط فقط، لأن الإسلام للبشرية جمعاء، ولهذا يسعى مسلمو الغرب تحويل الإسلام إلى جزء لا يتجزأ من مجتمع الغرب تماماً كالمسيحية واليهودية والعلمانية، وهذا ما يعمل عليه اتحاد المنظمات الإسلامية الذي اتخذ من بروكسل مقراً له.
  • القرن: وكيف تقارن بين مسلمي الغرب والذين يعيشون في وطن الأم؟
  • الداعية: الفرق بينهم فرق الدول التي يعيشون فيها، فالذين يعيشون في الغرب يشعرون بغربة وبالتالي يتمسكون بالدين تمسك الأم بوليدها الوحيد، ولذلك تجدهم يحبون العلماء ويجيئون إلى المحاضرات دون أن يتبقى أحد بالبيت.
ثانياً: بما أنهم يعيشون في دول متقدمة فحياتهم راقية' وحتى إمام المسجد عندهم يعيش حياة الرفاهية، ومساجدهم هي أفضل ما يجب أن تكون عليها المساجد، أما المسلمون الذين يعيشون، في أوطانهم يتميزون بأنهم في دولة إسلامية ويسمعون النداء إلى الصلاة من كثرة المساجد ، ولكن نحن صرنا كشجرة جفت وهي تعيش في بحيرة أو كمن يعطش وهو في نهر ،
  • القرن: كيف تنظرون الى مستقبل منطقة القرن الإفريقي والتي من أجلها عقد المؤتمر في بروكسل ؟
  • الداعية: نتحدث عن مستقبل المنطقة من محاور ثلاث ، المحورالسياسي، الدّيني والاجتماعي ، وكما هو معروف القرن الإفريقي مكوَن من دول مسيحية كإثيوبيا و كينيا وأخرى مسلمة كالسودان والصومال وجيبوتي وبالتالي هناك صراع ديني قديم ضارب جذوره في التاريخ ، ومن المتوقع استمرار ذلك ، كما استجد في الساحة صراع ديني من نوع آخر وهو الذي يجري بين المسلمين كما هو الحال في الصومال ، ونقطة الخلاف بينهما تتمركز حول الاعتقاد كل طرف أفضليته على الطرف الآخر ، وفي الواقع البقاء سيكون للأنفع لمن يسعى لإحياء الناس ويحافظ على دمائهم والفناء لمن يسعى للعكس ، ولهذا لدي مشروع أسميته علماء الدين من أجل الحياة ، صحيح أن الموت في سبيل الله شرف ولكن العيش في سبيل الله أشرف منه ،ولكي لا يقتل بعضنا بعض لم لا نتناقش ونتحاور ويقنع الآخر؟، و أقول تعالوا يا علماء لنحيى في سبيل الله ، لنزرع الحب والأمل في قلوب الناس ليكونوا عبادا لرب العالمين بدلاً من اللجوء إلى العنف ، لهذا أرى أن مشروع الإقناع والإصلاح والحوار هو الذي سينجح في النهاية ، لأن انتهاج أسلوب القتل الذي يجرى في الصومال لن يفيد أحداً ،إن قضية الصومال كانت سياسية ثم تحولت إلى قبلية والآن صارت دينية ، يقول مثل صومالي إذا افترق العوام من الناس بسبب عداوة يجمع بينهم العلماء وإذا افترق العلماء على خليفة عداوة بينهم تجمعهم النار والعياذ بالله.
أما المستقبل السياسي أقول أن منطقة القرن الإفريقي غنية بكل أنواع المعادن ولديها مميزات اقتصادية و إن ما يجري في السودان ليس بين الحكومة وجبهات المعارضة والمتمردين كما يعتقده البعض وإنما الصراع الحقيقي هو بين الصين وولايات المتحدة الأمريكية ، لقد اكتشف مؤخرا بترول في حدود إثيوبيا مع جيبوتي ، وفي جيبوتي إكتشف معدن الذهب و غازاً في الصومال ، ويطلق على إفريقيا القارة البكر ويعتبرونها بديل شرق الأوسط ،علما أن الصراع الدائر في القرن الإفريقي وفي القارة السمراء عموما هو صراع المستقبل بين الدول الكبرى، ونحن لا ندرك حقيقة ذلك ، ولهذا يجب ألا نكون وقود حروب تلك الدول
أما المستقبل الاجتماعي ، نحن مجتمع واحد لا يستغني عن بعضه، فلم لا نتعايش ؟ إن هذا الحدود الذي يفصل بيننا مصطنع ،و أوروبا تجاوزت على مشكلة الحدود بعد أن صنعته لنا ، لا حدود بينهم ، لا جوازات سفر ولا تأشيرات، فلم لا نكون مثلهم ؟ ونفكر لمستقبل مجتمعنا من كل النواحي ، وإذا فقد التعايش السلمي ، والأمن الاجتماعي فلن يكون لنا مستقبل والمنطقة ستبقي متوترة ، و أنا أؤمن بأن لا هناك قومية أو قبيلة أكثر أو أفضل من قومية أخرى ولا دولة أقوى من أخرى ، الجميع متساوون يجب أن ندرك ذلك لنصنع مستقبلنا .


للمزيد عن الإخوان في جيبوتي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة