الحركة الإسلامية في الأردن والانتخابات النيابية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحركة الإسلامية في الأردن والانتخابات النيابية

إبراهيم غرايبة

مقدمة

كانت جماعة (الإخوان المسلمين) -منذ قيامها عام 1945م وحتى عام 1956 م- يغلب عليها العمل الاجتماعي والعام، وكانت تتجنب المشاركة في العمل السياسي المباشر، مثل الوزارة والنواب، وربما كان من أهم أعمالها في هذه الفترة المشاركة في حرب عام 1948، وإقامة مدراس للاجئين الفلسطينيين, والكلية العلمية الإسلامية، والتي تعد -منذ تأسيسها في عام 1947 وحتى اليوم- أهم مدرسة في الأردن.

وفي عام 1956 -بعد تغييرات قيادية كبيرة جرت داخل الجماعة- شارك الإخوان في الانتخابات النيابية، ونجح منهم أربعة نواب من بين أربعين نائباً، وهم: محمد عبد الرحمن خليفة، وعبد الباقي جمو، وعبد القادر العمري، وحافظ النتشة. وشكلت حكومة حزبية برئاسة (سليمان النابلسي) قائمة على الحزب الوطني الاشتراكي، والحزب الشيوعي، وحزب البعث، وقد منح نواب الإخوان الثقة لتلك الحكومة.

وبعد ذلك المجلس -الذي انتهت ولايته عام 1961 - تراجع تمثيل الإخوان في المجلس إلى نائبين، هما (يوسف العظم)، -الذي ظل يعاد انتخابه حتى نهاية المجلس الحادي عشر في عام 1993، فتوقف عن ترشيح نفسه-، والنائب الثاني هو (مشهور الضامن).

وفي عام 1967م انتخب أيضاً (حافظ النتشة)، الذي كان نائباً عام 1956م، وتعطلت الانتخابات بعد عام 1967، ثم حلَّ المجلس عام 1974، واستدعي مرة أخرى عام 1984، وأجريت انتخابات تكميلية لملء ثمانية مقاعد، كانت شاغرة بسبب وفاة بعض النواب، وقد نجح للحركة الإسلامية في تلك الانتخابات ثلاثة نواب، هم: أحمد الكوفحي، وعبد الله العكايلة، وليث شبيلات.

وفي عام 1989 أجريت انتخابات نيابية لأول مرة منذ عام 1967، وقد نجح من مرشحي الإخوان في تلك الانتخابات اثنان وعشرون نائباً، من بين ثمانين نائباً، هم: أحمد الأزايدة، وعبد الحفيظ علاوي، وعبد العزيز جبر، وماجد خليفة، وعبد المنعم أبو زنط، وعلي الحوامدة، وحمزة منصور، وهمام سعيد، ومحمد أبو فارس، وداود قوجق، وعبد اللطيف عربيات، وإبراهيم خريسات، وأحمد الكوفحي، وعبد الرحيم العكور، ويوسف الخصاونة، وكامل العمري، وأحمد الكفاوين، ويوسف العظم، وعبد الله العكايلة، وفؤاد الخلفات، وذيب أنيس، ومحمد الحاج، وتوفي (أحمد الأزايدة) النائب عن (مادبا) عام 1992، ثم أجريت انتخابات تكميلية، فاز فيها ابن عمه (محمد الأزايدة).

ونجح في ذلك العام مجموعة من الإسلاميين المستقلين، مثل ليث شبيلات، ومحمد العلاونة، وعاطف البطوش، وعلي الفقير، ويعقوب قرش، وكانت الحركة الإسلامية عام 1989م قد تحالفت مع حكومة (مضر بدران)، وشاركت عام 1991 في الحكومة بخمسة وزراء، إضافة إلى مجموعة أخرى من الإسلاميين المستقلين.

وفي عام 1993 تقدمت الحركة الإسلامية للانتخابات باسم (حزب جبهة العمل الإسلامي)، وقد نجح منها سبعة عشر نائباً، هم: عبد المجيد الأقطش، وحمزة منصور، وعبد المنعم أبو زنط، وإبراهيم زيد الكيلاني، وهمام سعيد، وذيب أنيس، وبسام العموش، ومحمد الحاج، ومحمد عويضة، وعبد الرحيم العكور، وأحمد الكوفحي، وضيف الله المومني، وسليمان السعد، وعبد الله العكايلة، وذيب خطاب، وبدر الرياطي، وأحمد الكساسبة. ونجح من الإسلاميين المستقلين عبد الرزاق طبيشات وزير البلديات، ثم انسحب من الحركة الإسلامية ثلاثة نواب هم: الأقطش، وخطاب، والكساسبة.

وفي عام 1997 قاطعت الحركة الإسلامية الانتخابات، وتقدم للانتخابات -بصفة مستقلة- مجموعة من الإسلاميين، نجح منهم عبد الله العكايلة، ومحمد الأزايدة، ومن الإسلاميين المستقلين: سلامة الحياري، ومحمد رأفت.

وفي هذه الانتخابات التي -ستُجرى في منتصف حزيران القادم- قدم حزب جبهة العمل الإسلامي قائمة مرشحيه للانتخابات النيابية، وتتكون من تسعة وعشرين مرشحاً، مقابل ستة وثلاثين مرشحاً لعام 1993، بالرغم من أن عدد المقاعد النيابية قد زيد إلى 110 مقاعد.

وكان من بين المرشحين سيدة واحدة في (الزرقاء) بالرغم من إمكانية فرص نجاح مرشحات أخريات على قائمة العمل الإسلامي، ولكن قيادة الحزب آثرت الاكتفاء بالمشاركة الرمزية للمرأة، والواقع أن الحركة الإسلامية كانت تستطيع -أيضاً- إيصال سيدة أو اثنتين عام 1993، ولكنها لم تبادر إلى ذلك حتى فرضت مقاعد مخصصة للنساء في المجلس، وكان يمكن تحقيق مكسب معنوي وإعلامي، وريادة في العمل النسائي العام، واستجابة لموجة عالمية لا يستهان بها جعلت مشاركة المرأة في العمل العام والوظائف معياراً للتنمية والديمقراطية، وتقلل كثيراً من انتقادات إعلامية وسياسية هي كثيرة جداً في الأصل.

وتضم قائمة العمل الإسلامي تسعة وعشرين مرشحاً، ربما يزيدون قليلاً في الأيام القادمة، من بينهم ثلاثة فقط سبق أن تقدموا للانتخابات النيابية، أحدهم نجح عام 1989 ولم ينجح عام 1993، وهو (محمد أبو فارس)، والثاني نجح عام 1993 وهو (بدر الرياطي) في العقبة، والثالث تقدَّم للانتخابات عام 1989، ولم ينجح وهو (إبراهيم العرعراوي).

يمكن تمييز عدد غير قليل من المرشحين، وإن كانوا يتقدمون للمرة الأولى للانتخابات، فإنهم يمتلكون رصيداً كبيراً في العمل التنظيمي والعام، مثل (زهير أبو الراغب) عضو المكتب التنفيذي للعمل الإسلامي منذ تأسيس الحزب عام 1992 وحتى اليوم، وزميله في المهنة والمكتب التنفيذي (زياد خليفة)، و(سالم الفلاحات) عضو المكتب التنفيذي لجماعة (الإخوان المسلمين) وحزب العمل الإسلامي لفترة طويلة، وعزام هنيدي النقيب السابق للمهندسين، وعلي أبو السكر الأمين العام السابق لنقابة المهندسين، ونبيل الكوفحي رئيس بلدية إربد، وعبد المجيد ذنيبات القيادي الإخواني، ومحمود أبو قدورة الرئيس السابق لبلدية (مادبا).

وقد خسر العمل النيابي للحركة الإسلامية عدداً من قادته المهمين؛ بسبب استبعاد أعضاء المكتب التنفيذي للإخون والعمل، وبسبب خروج بعض النواب من الحركة الإسلامية، وقد اعتذر البعض؛ ربما لأسباب شخصية أو صحية.

فتوى المشاركة في الانتخابات

وهناك ترشيحات تبدو غير مفهومة، لأسباب فكرية أو فنية انتخابية، فقد قدم من لا يؤمن بالمشاركة السياسية، ولا الانتخابات النيابية، ويتبنى فكراً هو أقرب إلى التكفير والهجرة، ولا يمت إلى فكر الإخوان المسلمين بصلة، ويعتبر الأنظمة السياسية القائمة جاهلية يجب -حسب فتاواه- ألا يعمل معها المسلم حتى ولو إمام مسجد، وقد سألت أحد هؤلاء المرشحين من هذه الفئة: ما الفرق بين المشاركة في مجلس النواب والوزارة ؟ فقال: المشاركة في النيابة جائزة، فقد أفتيت بجواز ذلك، ولكن لا يوجد فتوى تجيز المشاركة في الوزارة، فالحلال عند هذا المرشح -الذي صوت لمقاطعة الانتخابات في اجتماع مجلس الشورى، ولكنه تصويت محسوب بيقين مسبق أن الحركة ستشارك- هو ما يفتي هو بجوازه، والحرام هو ما يفتي هو بحرمته، والفتوى لا تصح إلا من عالم مثله، تخرج من جامعات (الجاهلية) بالانتساب في كل مراحل الدراسة، ومَن عداه فإنه غير مؤهل، ولا يصح أن يعرف حتى اسمه، وهذه عبارته حرفياً.

تجارب مؤلمة

وهناك مرشحون في غير دوائرهم المفترضة، وقد أقحموا فيها وليس مناسباً أن يمثلوا دوائر لها خصوصيات لا تحتمل نجاحهم، وقد جربت هذه الفكرة من قبل وكانت مؤلمة لأصحابها، وبعضهم فرض في غير مكانه وغير فرصته، وربما يكون سبباً في فشل زملائه، وهناك دوائر -أيضاً- حجب عنها مرشحون يمثلون شريحة كبيرة ومهمة من أهلها، ولم تحترم تركيبتها السكانية، أو تؤخذ بالاعتبار.

وبالرغم من أن عدم ترشيح أعضاء المكتب التنفيذي يعني خسارة لبعض الكفاءات القيادية، والفرص المهمة في النجاح، وقد يؤدي إلى خلافات ومشكلات مستقبلية بين قيادة الحزب ومجموعة النواب، فإنه كان علاجاً مراً لظاهرة التكالب على المناصب والمغانم التي أصابت الكثير من قادة الحركة الإسلامية، وبعضهم جعل مواقعه القيادية والتنظيمية فرصة للكسب والظهور، وأكل أموال التبرعات بالسحت والفساد، وقد يكون كثير من قادة الحزب لا ينطبق عليهم هذا الوصف، وليس لهم مواقع غير قيادة الحزب، ولا يستفيدون من ذلك شيئاً، ولكنهم ذهبوا بجريرة جماعة تيار (المولينكس)، التي تلتهم كل شيء في طريقها.

ويمكن التقدير لنجاح المرشحين في دوائر عرفت بتأييدها للحركة الإسلامية، وأما الدوائر الأخرى فيعتمد نجاح مرشحيها على وضعهم الشخصي، والتنافس القائم في دوائرهم، فثمة دوائر تستطيع الحركة الإسلامية أن تنجح مرشحيها فيها، وبعضها يمكن أن تساعدهم على النجاح إذا كان لهم قاعدة صلبة لا تنشئها الحركة لهم، ويمكن القول - بناء على ذلك - إن عدد النواب المتوقع للعمل الإسلامي لن يقل عن اثني عشر نائباً، وربما يصل إلى خمسة عشر، وقد تبدي الترشيحات الأخرى للمستقلين والأحزاب معطيات أخرى، تقلل أو تزيد من فرص مرشحي العمل الإسلامي.

ويبدو -بالطبع- من نافلة القول أن مشاركة العمل الإسلامي- وإن كانت ستزيد من حيوية العملية السياسية وعدالتها- فإنها لن تكون مؤثرة إلى درجة التغيير في الحياة السياسية، لتكون قائمة على حكومة أغلبية حزبية ائتلافية أو لحزب واحد، وهذا ليس مسؤولية العمل الإسلامي وحده، ولكنه يحتاج إلى بيئة تنافس حزبي لم يتوفر بعد، ويبدو أن العمل الإسلامي لا يريد أو لا يستطيع أن يكون اللاعب الوحيد.

المصدر