التشريعات المنظمة للعمل الأهلي في مصر وتكوين جماعة الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
التشريعات المنظمة للعمل الأهلي في مصر وتكوين جماعة الإخوان

مركز الدراسات التاريخية

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مقدمة

إن التشريع أمر لازم لتنظيم الممارسة وحماية الحقوق والوفاء بالالتزامات والواجبات، ويمتد التشريع إلى كافة قطاعات النشاط في المجتمع ومنها مجال العمل الأهلي، ولما كان العمل الأهلي له سمات وخصائص متمايزة نظرًا لطبيعته، فقد تم سن تشريعات خاصة به.

كان من الضروري أن تتلاءم التشريعات المنظمة للعمل الأهلي مع التطورات التي لحقت به وأدت إلى تغييرات متعددة في المجتمع المصري، وأن تتواءم مع التغيرات والتحولات العالمية.

مرحلة البدايات (القانون المدني 1885)

بالنظر إلى القوانين والتشريعات المنظمة للعمل الأهلي، خلال الفترة من عام 1821 حتى عام 1945، من الناحية القانونية، لم يكن هناك أي تشريع ينظم عمل الجمعيات سوى المواد من (54 إلى 80) من القانون المدني الصادر عام 1885، وقد عرف هذا القانون الجمعية (المادة 54) بأنها كل جماعة ذات صفة دائمة مكونة من عدة أشخاص طبيعية واعتبارية لغرض غير الحصول على ربح مادي.

صدر القانون المدني في صورته الأولى في يونيه 1875، بينما أنشئت أولى الجمعيات الأهلية وهي الجمعية اليونانية بالإسكندرية عام 1828، والجمعية اليونانية بالقاهرة عام 1856 أي قبل صدور القانون، وأنشئت الجمعية الخيرية الإسلامية عام 1878، وجمعية المساعي الخيرية القبطية عام 1881.

توالت بعد ذلك الجمعيات المختلفة لتبدأ رحلة المجتمع المدني في مرحلة التحديث والتحرر للحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في النصف الأول من القرن العشرين؛ حيث شهد هذا القرن دخول الجمعيات مجال السياسة وتحولها إلى قوة سياسية ذات نفوذ واسع، ولم يتواجد قبل عام 1925 أي تنظيم قانوني خاص بالجمعيات، حيث كانت تخضع للقانون المدني الصادر في عام 1885.

كانت مجموعة المواد القانونية (المواد من 54 إلى 80)، الخاصة بالقانون المدني، لها خاصية تختلف اختلافًا كبيرًا عن جميع التشريعات اللاحقة التي نظمت عمل الجمعيات الأهلية، وتتضح في:

الاهتمام بالعلاقة بين الجمعيات والمجتمع أكثر من الاهتمام بالعلاقة بين الجمعيات والدولة.
الطابع الليبرالي (الحر) لتنظيم الجمعيات سواء من ناحية إشهار الجمعيات أو تنظيمها الداخلي، فقد نصت المادة (58) على "أن تثبت الشخصية الاعتبارية للجمعية بمجرد إنشائها".
تنص المادة (59) على أن كل جمعية غير مشهرة أو غير منشأة إنشاءً صحيحًا أو مكونة بطريقة سرية تتحمل مسئولية التزاماتها المادية.
تنص المادة (62) على أن قرارات الجمعية العمومية تتخذ بالأغلبية النسبية للأعضاء الحاضرين إلا في حالة نص اللائحة الداخلية على غير ذلك، أما فيما يتعلق بالقرارات الهامة مثل تعديل اللائحة الداخلية للجمعية أو حلها أو تغيير أهدافها، فتفرض نفس المادة أن تتخذ القرارات بالأغلبية المطلقة وبثلثي الأعضاء.
تنص المادة (63) على أن قرارات الجمعية العمومية المخالفة لمواد القانون المدني أو للنظام الداخلي للجمعية تلغى بحكم من "المحكمة الابتدائية" على أساس شكوى من أحد أعضاء الجمعية أو من شخص ذي مصلحة أو من النيابة العامة، كما أنه لا يجوز حل أو دمج الجمعية إلا بنفس ما ورد في المادة (63) فتكون ملغاة بحكم من "المحكمة الابتدائية" على أساس شكوى من أحد أعضاء الجمعية أو من شخص ذي مصلحة أو من النيابة العامة (المادة 66).
كان القانون المدني الصادر عام 1885 بمواده من (54 إلى 80) هو المنظم لعمل الجمعيات حتى صدور المرسوم الملكي في (8 مارس 1938) والذي نص على:
"نحن فاروق الأول ملك مصر، بعد الاطلاع على المادة (41) من الدستور، وبناء على ما عرضه علينا وزير الداخلية، وموافقة مجلس الوزراء، رسمنا بما هو آت: تحظر الجمعيات أو الجماعات دائمة أو مؤقتة يكون نظامها العام مخالف للآداب أو لسبب أو لغرض غير مشروع أو يكون الغرض منها المساس بسلامة الوطن أو بشكل الحكومة أو بالنظام الاجتماعي، وعلى وزيري الداخلية والحقانية تنفيذ هذا المرسوم بقانون كل منهما فيما يخصه"
يعتبر صدور هذا المرسوم بداية هيمنة الدولة على الجمعيات الأهلية من حيث الشهر والرقابة والإشراف والدمج.

ملحوظة

(مع صدور هذا القانون لم يصدر شئ تجاه الإخوان المسلمين، ولم يرصد عنها مخالفات للقانون، واستمرت تعمل وفق القانون مما يؤكد شرعية جماعة الإخوان المسلمين، حتى حينما حاول الإنجليز حل الإخوان أكثر من مرة، لم يوافق رؤساء الوزراء لأنه لم تأتى بشئ مخالف للقانون)
وفي عام 1938، صدر مرسوم ملكي بالقانون رقم 17 لسنة 1938 في مواجهة بعض التنظيمات المتطرفة، ولكنه لم يمس الجوهر الديمقراطي لتنظيم الجمعيات الأهلية.

تعقيب

(صدر هذا القانون في أثناء وزارة محمد محمود باشا بعدما نمى لعلمه ما تقوم به مجموعة القمصان الزرقاء التابعة لحزب الوفد ومجموعة القمصان الخضراء التابعة لمصر الفتاة من تناحر وصل لدرجة الاقتتال فيما بينهما مما دفعه بإصدار قانون لحل هذه التشكيلات العسكرية.وقد ورد في المذكرة التفسيرية للمرسوم صرَّاحة بأنه لا يندرج تحت هذا الوصف الجمعيات الرياضية، وجمعيات التربية البدنية، وهيئات الكشافة، بالرغم من ارتداء أعضائها لزي خاص أو حملهم لشعار معين). (1)
وبالتالى لم ينطبق هذا الأمر على تشكيلات جوالة الإخوان لأن الأستاذ البنا كان قد سجل هذه التشكيلات وفق قانون الكشافة، والتي كانت منتشرة في مصر بقانون حتى أن الملك فاروق كان القائد الأعلى للكشافة في مصر.
بدأ ظهور بوادر الإشراف على العمل الأهلي من خلال إنشاء وزارة الشئون الاجتماعية عام 1939، وفي نفس العام صدر مرسوم بإنشاء مجلس أعلى للشئون الاجتماعية، والذي نص على أن يضم في عضويته اثنا عشر عضوًا من المهتمين بحركة الإصلاح الاجتماعي، وأن تكون مهمة المجلس تحري كل ما من شأنه أن يعين بأي وجه من الوجوه، وأن يقوم بمباشرة ودراسة أية مسألة اجتماعية، ويقوم من تلقاء نفسه باقتراح إصدار قانون أو اتخاذ تصرف إداري معين.

مرحلة صدور القانون 49 لسنة 1945

في عام 1945، صدر قانون وزارة الشئون الاجتماعية رقم 49 لسنة 1945 لتنظيم الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية وذلك في وزارة النقراشي باشا الأولى، فكان هذا القانون أول تشريع خاص في هذا الميدان، واحتوى على ٢٠ مادة.

اختلف هذا القانون عن القانون المدني، فقد اهتم بتنظيم العلاقة بين الجمعيات والدولة وبالتحديد مع وزارة الشئون الاجتماعية.

كانت مواد القانون الجديد (3، 4، 5، 6، 7) لا تمنحها إلا بعد موافقة الوزارة على تسجيل الجمعية، وفي حالة رفض طلب التسجيل بإمكان الأشخاص طالبي التسجيل اللجوء للمحكمة الابتدائية.

أعطي القانون الحق لوزارة الشئون الاجتماعية في الإشراف والتفتيش على أموال ومصروفات الجمعية، والموافقة على الترخيص لجمع التبرعات أو رفضه، كما يخول لها حق طلب حل الجمعية.

كان قرار الحل لا يتخذ مباشرة من قبل الوزارة، وإنما يطلب منها إلى المحكمة الابتدائية.

تعقيب

(وهذا ما خالفه النقراشي باشا في القرار رقم 63 لسنة 1948م بإصدار قرار الحل لكونه رئيس الوزراء والحاكم العسكري في ذلك التوقيت، وهو ما رفضته المحكمة فألغت قرار الحل عام 1951م)

ولكن يبدو أن وضع هذه الرقابة على الجمعيات لم يكن كافيًا، فبعد ست سنوات صدرت قوانين جديدة منها قانون يخص الجمعيات الدينية والثقافية والعلمية، وهو القانون رقم 66 لعام 1951، وجاء فيه أن يكون نقل اختصاص الرقابة والوصاية على هذه الجمعيات إلى وزارة الداخلية والمحافظين بدلاً من وزارة الشئون الاجتماعية.

كان هناك نوعيات من الأشخاص، وفقًا لقانون عام 1951، لا يجوز لهم إنشاء هذه الجمعيات أو حتى يمنحوا العضوية بها، وبصفة خاصة القصر والمحكوم عليهم بأحكام في حالات مختلفة، وكان طلب تسجيل الجمعية يتم لدى المحافظة ويجوز للمحافظ الاعتراض على الطلب.

منح قانون عام 1951 وضع استثنائي للجمعيات الدينية؛ حيث منع هذه الجمعيات العمل من أجل تحقيق أهداف تختلف عن الأهداف التي أسست من أجلها، كما يحظر وجود تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، وبالتالي زاد هذا القانون من رقابة جهاز الشرطة على الجمعيات الدينية، مما يعكس أهميتها في بعض الحالات بسبب تجاوز بعضها لدورها الاجتماعي والديني وممارستها النشاط السياسي.

تعقيب

(صدر هذا القانون في عهد وزارة الوفد، ومع ذلك رفضت المحكمة تطبيق هذا القانون على الإخوان وحكمت بتمكينهم من مركزهم العام وإلغاء ما أصدره سراج باشا وزير الداخلية في السيطرة على المركز العام وتحويله لقسم شرطة الدرب الأحمر، بل أصدرت المحكمة قرارا بعودة جماعة الإخوان المسلمين للعمل)

القانون 357 لسنة 1952

قامت الوزارة بتعديل القانون رقم 49 لسنة 1945 بمرسوم قانون رقم 357 لسنة 1952، حيث أضيفت مادة جديدة تقضي بأن لوزير الشئون الاجتماعية أن يعين بقرار من مجلس إدارة مؤقت للجمعية الخيرية أو المؤسسة الاجتماعية، وأن يتولى الاختصاصات المخولة لمجلس إدارتها؛

وذلك إذا أصبح عدد أعضاء مجلس الإدارة لا يكفي لانعقاده انعقادًا صحيحًا بسبب الاستقالة أو الوفاة أو الاعتقال أو التخلف عن حضور ٣ جلسات متوالية بدون عذر، أو إذا خالف مجلس الإدارة أحكام النظام الأساسي الخاصة بتحديد انتخاب أعضائه أو بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد أو بقبول الاشتراكات ولم يقم بإزالة أسباب المخالفة خلال شهر من تاريخ إنذار الوزارة له.

يشكل مجلس الإدارة المؤقت من خمسة أعضاء على الأقل، ويجب أن ينص في قرارات تشكيله على رئيس وأمين الصندوق والسكرتير.

يقوم مجلس الإدارة المؤقت بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد في ظرف 60 يومًا من تاريخ نشر تشكيله، وأن يعرض تقريرًا مفصلاً عن حالة الجمعية أو المؤسسة وتنتخب الجمعية العمومية في هذه الجلسة مجلس الإدارة الجديد، وتكون قرارات مجلس الإدارة ملزمة للجمعية أو المؤسسة ما دامت لا تخالف أحكام النظام الأساسي.

القانون رقم 384 لسنة 1956

أصبحت الجمعيات مع انتشارها وتعدد مجالات عملها تواجه الكثير من الصعوبات في تنظيم جهودها، وأصبحت تواجه مشاكل متعددة لتعدد القوانين التي تنظمها، وأصبح من الضروري توحيد أسلوب الإشراف عليها؛

ومن أجل ذلك رأت وزارة الشئون الاجتماعية ضرورة إصدار تشريع جديد موحد يعالج أوجه القصور، ويسد نواحي النقص التي ظهرت خلال السنوات الماضية، وبالفعل صدر قانون رقم ٣٨٤ لسنة 1956.

نص هذا القانون على "إلغاء المواد من 54 إلى 80 من القانون المدني" والقانون رقم "49 لسنة 1945" بشأن الجمعيات الخيرية.

يتضمن القانون الجديد (75) مادة، ويتضح من ذلك دقة التشريع الجديد في تقنين نشاط هذه الجمعيات، فترتيب مواد هذا القانون منقسم إلى أبواب وفصول بالعناوين التالية: القواعد العامة، مجلس الإدارة، الجمعية العمومية، حل الجمعية، الجمعيات ذات المنفعة العامة، نظم خاصة لبعض الجمعيات، المؤسسات الخاصة، العقوبات.

من أهم الأحكام التنظيمية الجديدة للقانون:

إعادة تحديد مفهوم الجمعية بأنها كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعية أو اعتبارية لغرض غير الحصول على ربح مادي.
النص على إنشاء اتحادات تقوم بتنسيق الخدمات التي تؤديها الجمعيات حسب احتياجات البيئة أو حسب توزيع الجمعيات على مختلف أنواع الرعاية الاجتماعية.
التوفيق بين مبدأ الرقابة على أعمال الجمعيات بما يحقق توجيها وفقا لسياسة الوزارة والسياسة العامة للدولة ومبدأ حرية العمل بهذه الجمعيات بوسائلها الخاصة.
قصر جمع التبرعات من الجمهور على الجمعيات والاتحادات المشهورة بشروط خاصة مع استثناء دور العبادة التي تجمع المال عن طريق صناديق في مناسبات دينية.
العناية بالجمعيات ذات النفع العام، والتي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة بالنظر إلى طبيعة الخدمة التي تؤديها ونوعها، والفائدة التي تعود على المجتمع من تحقيقها، ويعين بقرار من رئيس الجمهورية ما تتمتع به هذه الجمعيات من اختصاصات
وضع شروط معينة لعضوية مجالس إدارة الجمعيات ذات المسئوليات الهامة في العمل الاجتماعي؛ للارتفاع بمستوى قيادتها وإدارتها، كان يكون العضو على درجة معينة من التعليم أو الثقافة.
وضعت وزارة الشئون الاجتماعية نظامًا لمجالس الهيئات الاجتماعية، نص فيه على أغراض هذه المجالس التي تنحصر في تنسيق الخدمات التي تؤديها الهيئات الأهلية والحكومية المعنية بخدمة المجتمع وتنظيمها، حتى تتمكن من تأدية خدماتها وتنفيذ برامجها بشكل يحقق الأهداف المطلوبة من برامجها في الرعاية والتنمية، ويقوم على أساس تحديد لاحتياجات ووضع الخطط وتنفيذ البرامج، مع إيقاظ الوعي الاجتماعي العام.
نص القرار الجمهوري لأول مرة في التشريعات المصرية على إجماع أنشطة الجمعيات الأهلية لنوع من التجريم العقابي، واعتبار مخالفات الجمعيات لأحكامه جرائم جنائية مقررًا لها عقوبة الحبس المشددة توقع على أعضائها.
أضحى القرار الجمهوري رقم 384 سنة 1956 هو البداية الحقيقية لفقدان الثقة المتبادلة بين الدولة من جهة والجمعيات الأهلية من جهة أخرى، وفيه بادرت الدولة إلى إخضاع كافة الجمعيات الأهلية للرقابة والإشراف وأحكام قبضة البيروقراطية على النشاط الأهلي المشارك في الحياة العامة، وهو ما قابله المجتمع المدني من جانبه بالعزوف والتراجع عن تلك المشاركة والإحجام عن العمل التطوعي الأهلي من خلال الجمعيات الأهلية.

تعقيب

(وهذا يوضح حقيقة السبب التي دفعت عبد الناصر لتحجيم دور الجمعيات الأهلية، بل وتدهور العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين)

القانون رقم 32 لسنة 1964

أصدرت الدولة القانون رقم 32 لسنة 1964 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة ليؤكد سيطرة الدولة على العمل الأهلي ويحكم قبضتها عليه.

صدر هذا القانون في ضوء مبادئ الميثاق الوطني والنظام الاشتراكي الذي اتخذته البلاد، حيث تظهر أهمية الجمعيات والمؤسسات الخاصة في ضوء هذا الميثاق بخصوص الحقوق الأساسية التي ينبغي تحقيقها وخاصة الاجتماعية منها؛

وهذه الحقوق الاجتماعية لا تعتبر أعمالاً خيرية وامتيازات خاصة في ظل مجتمعنا الاشتراكي المبني على الاكتفاء الذاتي والعدل وتكافؤ الفرص، وبناء على ذلك فمن الضروري أن تخضع الجهود المبذولة في مجال العمل الاجتماعي لتخطيط سليم في إطار سياسة عامة شاملة تحت رعاية الدولة إشرافها على التنفيذ.

كانت المبررات الرسمية للإصلاح الجديد للجمعيات الأهلية وهيمنة الدولة عليها ليست كافية أو منطقية لتبرير قرار حل (4000) جمعية مشهرة بموجب القانون رقم 32 لسنة 1964، وإجبارها على تقديم طلب جديد لإشهارها في خلال ستة أشهر.

زعمت وزارة الشئون الاجتماعية من قرار الحل التخلص من الجمعيات الضعيفة أو التي لا تحتاج إليها البيئة، وذلك برفض إشهارها، إلا أننا نقول أن قرار الحل استهدف تقليص قوة ودور العمل الأهلي خلال تلك الفترة.

استحدث هذا القانون أحكامًا جديدة تلتقي مع اتجاهات التطور الاشتراكي، من بينها:

إضافة قيد جديد لمفهوم الجمعية وهو ألا يقل عدد الأشخاص الطبيعيين الذين تتألف منهم الجمعية عن عشرة أشخاص.
توسيع سلطة الرقابة على الجمعيات من جانب الجهة الإدارية المختصة لضمان سيرها في طريق تحقيق أهدافها.
توثيق علاقة هذه الجمعيات والمؤسسات بأجهزة الإدارة المحلية.
تقييد قيامها بمباشرة الخدمات الإيوائية لبعض الفئات الخاصة كالأحداث والمسنين والناقهين، إذ يجب الحصول على ترخيص من مجلس المحافظة بعد التأكد من استيفاء المواصفات.
فصل الروابط العمالية عن الجمعيات والروابط الاجتماعية وحظر شهر الروابط العمالية طبقًا لهذا القانون باعتبارها هيئات نقابية أو منظمات عالمية.
إعطاء الفرصة المتجددة لتكوين صفوف جديدة من القيادات بالجمعيات بصفة مستمرة، بألا تزيد مدة العضوية عن خمس سنوات، ولا يجوز إعادة انتخاب من انتهت عضويته بمضي هذه المدة.
إحلال الجمعيات ذات الصفة العامة محل الجمعيات ذات النفع العام، والجمعية ذات الصفة العامة هي كل جمعية يقصد بها تحقيق مصلحة عامة ويصدر قرار من رئيس الجمهورية بسحب الصفة العامة من هذه الجمعيات، وهي تتمتع بقرار من رئيس الجمهورية باختصاصات السلطة العامة كعدم جواز الحجر على أموالها وعدم تملك هذه الأموال بمضي المدة؛
وجواز قيام الإدارة المختصة بنزع الملكية للمنفعة العامة التي تقوم بها الجمعية، كما أن هذا القانون وضع هذه الجمعيات وضعًا خاصًا فأجاز لوزير الشئون الاجتماعية أن يعهد إليها بإدارة المؤسسات التابعة للوزارة أو تنفيذ بعض مشروعاتها، وذلك انتفاعًا بجهودها كهيئات رائدة في قطاعات العمل الأهلي.
توثيق وتأكيد وسائل الربط بين الجمعيات والاتحادات الإقليمية والنوعية، وتمكين هذه الاتحادات من القيام بوظائفها التخطيطية والتنسيقية والتوجيهية في جميع مجالات العمل الأهلي.
عام 1967، صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2340 لسنة 1967 بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 932 لسنة 1966 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون 32 لسنة 1964، فأجاز لوزير الأوقاف والشئون الاجتماعية أن يضيف بقرار منه ميادين عمل جديدة للجمعيات والمؤسسات الخاصة.
أكد هذا القانون على أهمية أن تختص كل جمعية بميدان واحد من ميادين العمل حتى يرتفع مستوى الخدمات الموجودة، وضرورة أخذ رأى الاتحاد المختص وموافقة مجلس المحافظة عند قيام الجمعية بالعمل في أكثر من ميدان.

هناك مجموعة من الملامح الأساسية التي اتسم بها القانون، والتي شكلت قيودًا على حركة الجمعيات وهي:

  1. رقابة الدولة المسبقة على تكوين الجمعيات:فالشخصية الاعتبارية وفقًا لهذا القانون لا تثبت إلا إذا أشهر نظامها وفقًا لأحكام هذا القانون، وقد حدد القانون إجراءات عديدة ومعقدة للإشهار وأجاز للجهة الإدارية رفض الإشهار والتظلم من القرار بقدم إلى نفس الجهة الإدارية.
  2. الرقابة على النشاط:ولها صور متعددة، بعضها رقابة سابقة والآخر رقابة لاحقة، فمن نماذج الرقابة السابقة حق الحكومة في الاطلاع على الوثائق والمكاتبات والسجلات الخاصة بالجمعية ورقابة الميزانيات حق تعيين المفتشين، أما الرقابة اللاحقة فتعني سلطة الإدارة في التدخل في قرارات الجمعيات بعد صدورها سواء بإلغاء أو إبطال أو وقف التنفيذ.
  3. سلطة الحكومة في حل الجمعيات ودمجها:وهي أخطر صور التدخل لأنها تعني إنهاء الوجود القانوني والمادي للجمعية بواسطة قرار إداري وليس عن طريق المحكمة.

القانون رقم 8 لسنة 1972

صدر هذا القانون بغرض تعديل أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964، متضمنًا منح بعض المزايا للجمعيات المشهرة خاصة بتخفيض قيمة استهلاك المياه والكهرباء، أجور نقل المعدات والآلات على السكك الحديدية، الإعفاء من رسوم التسجيل ورسوم الدمغة، والرسوم الجمركية المفروضة على الهيئات والمعونات، مما تستورده الجمعية من معدات وأدوات لازمة لنشاطها. (2)

المراجع

  1. مجلة الحقوق، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، السنة الخامسة، العدد الأول والثاني، بحث مقارن للدكتور: سعد عصفور، مارس 1951م.
  2. ذاكرة مصر المعاصرة:قانون الجمعيات الأهلية في مصر.