الاشتراك المالي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإشتراك المالي


يتساءل البعض عن الإشتراك المالي زمن الأستاذ البنا وتأصيله شرعاً. والحقيقة أن للإشتراكات المالية هدفين هما:

إشتراك مالي.jpg

1 -هدف تربوي: وهو تعويد النفس على البذل والتضحية في سبيل الله وعلى نبذ الشح والبخل، ووقاية النفوس من ذلك هدف ساع، لأن الله رتب على وقاية النفوس من الشح الفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: " وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (الحشر: 9)، وقد أثنى الله تعالى على الأنصار بهذا الوصف الحميد، فقال:" وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الحشر: 9)

فإن هذه النفوس مولعة ومجبولة على حب المال فإذا وكل صرفه إلى هوى النفوس فإنها ستبخل به مهما كانت، وإن كثيرا من الناس لا يشعر ببخله إذا فرض عليه شيء معين، ولذلك فإنه لو وكل إلى نفسه قد لا يشعر بأنه قد أنفق هذا المال في أوجه معينة، وقد لا يحاسب نفسه على ما أنفقه، ولذلك إذا عد مصروفه الشهري فسيجد كثيرا منه في غير طائل وهو لا يدري، ولكنه إذا فرض عليه قدر معين وكان يعلم بأنه لن يفقده وأنه في ميزان حسناته، مع ذلك تجد نفسه تتبعه وتتعلق به، والله تعالى يقول: " وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) " (محمد: 36 -38).

وإن مما أثبتته التجربة أن هذه الاشتراكات تؤدي بأصحابها إلى أن يعتقدوا أن في أموالهم حقا معلوما يجب عليهم إخراجه وأداؤه، وبذلك تنقاد أنفسهم إلى بذله ويكون في ميزانيتهم دائما من جزءا مما يصل إليهم من مال الله تعالى ومما استخلفهم فيه يصرفونه قرضا لله عن طواعية منهم وبذلا في سبيل نصرة دينه وإعلاء كلمته، وأن هذا المال يجب أن ينظر إليه صاحبه على أنه أمانة عنده وهو يتصرف فيه تصرف الوكيل ينتظر العزل في كل حين، ولا يدري متى يعزل؛

وعزله إنما يكون بموته أو بسجنه أو بمرضه مرضا يمنعه من التصرف في ماله، أو بزوالى ماله، فكل هذه وسائل من وسائل العزل التي يعزل الله تعالى بها من شاء من عباده عن التصرف فيما جعلهم مستخلفين فيه من المال، وإن الله عز وجل قد حض على الإنفاق من المال الذي جعله تحت أيدينا فقال تعالى في سورة الحديد: "آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ " (الحديد: 7)، إلى أن قال: " وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " (الحديد: 9)، إلى أن قال: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة "(البقرة: 245).

وهذا الهدف السامي قد جرب في عصرنا أنه لا يتحقق إلا بهذه المشاركات المحددة، وقد كانت في بداية الإسلام موكولة إلى إيمان أصحابها وما جعل الله من الإيمان في قلوبهم عندما كان النبي ب لمج!ذ هو المشرف على تربية الناس وكان مؤيدا بالوحي فيعلم درجاتهم في الإيمان، فيفاضل بينهم في التكاليف وفي العطاء في المقابل على قدر ما أوتوا من التشريف في الإيمان؛

ولذلك قال في عمرو بن تغلب رضي الله عنه : " إني لأعطي أقواما وأمنع آخرين وأكلهم إلى ما جعل الله في قلوبهم من الإيمان منهم عمرو بن تغلب ، قال عمرو:"فقال كلمة ما أود أن لي بها حمر النعم "، فإنه وكل عمر بن ثعلب رضي الله عنه إلي ما جعل الله في قلبه من الإيمان، وكذلك فإن الذين كانوا يبذلون هذا البذل في بداية الإسلام كانوا يتفاوتون فيه بحسب تفاوتهم في الإيمان.

فمثلا أخرج أبو بكر رضي الله عنه جميع ماله فلم يبق منه صفراء ولا بيضاء، وكان ذلك ثلاث مرات في حياته، وأخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصف ماله حتى كان يأخذ إحدى النعلين ويترك الأخرى، وجهز عثمان ثلاثة آلاف مقاتل من جيش العسرة، وهكذا.. بحسب قوة الإيمان والطاقة كان أولئك النفر الأولون يتفاضلون فيما يقدمونه لله تعالى، وما يربون به أنفسهم، ويقرضون الله قرضا حسنا.

2. والهدف الثاني: هو تمويل هذا العمل لإعلاء كلمة الله تعالى، فإن إقامة دواء الإسلام وإعادة المسلمين إلى المحجة البيضاء والتمكين لدين الله تعالى، ومكافحة التيارات المضادة لهذا الدين والدول القائمة على خلافة كل هذه تتطلب مبالغ طائلة، وإن هذه المبالغ قد يشق على كثير من المسلمين النظر فيها، فإذا سمع مثلا الميزانية التي تخرجها الكنيسة لتنصير المسلمين ذهل لها؛

وقال: لا يمكن آن نقارن هذا بما يستطيع المسلمون تقديمه وبذله، ولكنه إذا فكر في قول الله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" (الأنفال: 36)، فإنه حينئذ سيهون عليه هذا، وسيعلم أن إنفاق المال إنما هو امتحان، فمن نجح فيه نال رضى الله تعالى، ومن لم ينجح فجه فإنه لا يضر الله ورسوله شيئا.

وهذا العمل يقتضي كثيرا من البذل، وأوجه صرفه مختلفة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف ما وجد منه وما أخذ في إعلاء كلمة الله تعالى وتجهيز الجيوش واغناء الفقراء من المسلمين، وتفريغ المفارغين منهم لأعمال خاصة، ونحو ذلك

. كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع منه للكفار ليتألفهم على الإسلام، وقد كان في بداية الإسلام عندما لم تكن الغنائم متوافرة، كان هذا حقا واججا على المسلمين يجب على كل شخص منهم آن ينفق ما زاد عن حاجته في سبيل الله تعالى لإعلاء كلمته وإظهار دينه وفي ذلك أنزل الله تعالى قوله: "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو" (البقرة: 219)، والعفو ما زاد عن الحاجة، ومنه قول الشاعر:

فتملأ الهجم عفوا وهي وادعة
حتى تكاد شفاه الهجم تنثلم

وقد أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه فضل ظهر فليعد على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل".

فالمقصود هنا أن ما زاد عن الحاجة كان يجب إنفاقه في سبيل الله في بداية الإسلام ثم نسخ هذا بقوله تعالى: " يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " (البقرة:215)، فبين أن هذا الإ أفاق لم يعد واجبا بكل ما يملكه شخص مما زاد عن حاجته بل يجب عليه الإنفاق في ندود معينة ثم يبقى الأمر بعد ذلك الفضل لأهله: " وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ " (المطففين: 26)، "... وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " (البقرة: 215).

وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ نصيبا من مال المسلمين منهم ليطهرهم به ويزكيهم به، وهذا يدخل في الهدف الأول الذي ذكرناه وهو تزكية النفوس وتطهيرها من الشح والبخل، قال تعالى:" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا.. " (التوبة: 103).

وقد اختلف العلماء هل يجب في مال المسلمين حق غير الزكاة؟ فذهب جمهورهم إلى أنه لا يجب مع كل ما ذكر أمر زائد عليه، وقد بين الجصاص هذا في أحكام القرآن عند قوله تعالى في سورة الأنعام: " وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " (الأنعام: 141)

فمن أثبت في المال حقا واجبا غير الزكاة فهو لإعلاء كلمة الله تعالي، وإعزاز دينه، والإسهام في سد خلة الفقراء، أما عند فقد بيت المال أو صرفه في غير مصارفه الشرعية كإعلاء كلمة الله واعزاز دينه فإنه حينئذ يجب على المسلمين في أموالهم الخاصة أن يوفروا ما يقضي حقوق بيت المال، وقد نص الفقهاء على هذا في باب الوديعة وذكروا أن من أوجه صرفه حينئذ تجهيز الغزاة وإعانة طلاب العلم المفرغين له، ومثل ذلك كل عمل إسلامي جاد، وفي هذا يقول أحد مشايخنا رحمه الله تعالى:

من واجب الإسلام جمع مال
تقضى به حقوق بيت المال

إن لم يكن كحاملي علوم

فرض الكفاية من الموسوم

بحسن إدراك مع السريرة

والطيب في سجية والسيرة

ومن خلا من هذه الأوصاف

منعه لفقد الاتصاف

بل طلب العلم بتلك المرتبة

خال من المصلحة المجتلبة

بل هو من تكليف ما لم يطق

وعبث في فعله والمنطق

وكل ين حجروه حجرا

فكيف يأخذ عليه أجرا

ذكره المواقد في الإبداع

فانظر تجده يوم يدعو الداعي ؟

ولاشك أن هذه المساهمات وإن كانت قليلة إلا أنها لو انتظم الناس في دفعها لأتن إلى نتائج عجيبة جدا، وذلك بقدر إخلاص أصحابها في دفعها، ولاشك أن كثيرا من ضعاف النفوس أو ضعاف الإيمان تتبع نفوسهم ما يقدمونه ويمنونه على الله عز وجل ويظنون أنهم قد قدموا الكثير والكثير، ولكن إذا نظروا إلى أن هذا الذي قدموه هو جزء بسيط من نعمة الله عليهم، وأنه أنفق عليهم أضعافه مما لا يطيقون تقديره، فلو قدر أحدهم سمعه أو بصره أو عقله أو روحه أو ما أولاه الله عز وجل من النعم التي لا حصر لها لخف ذلك عليه، ولرأى أن ميزان المقارنة لا يمكن أن يعتدل على هذا الوجه، وفي ذلك يقول الله تعالى: " وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا " (إبراهيم: 34).

فهدا إذا حدد من تجب طاعته من أئمة جماعة المسلمين جزءا معينا من أموال المسلمين فإنه يجب عليهم إخراجه عن طواعية ويجب عليهم التنافس في الإسراع به ويكون تأخيره كتأخير الزكاة ويكون حده تحديدا شرعيا يجب الوفاء به ويجب أداؤه على الوجه المطلوب، وكذلك يجب صرفه في وجوهه المحددة التي اتفقوا عليها وحددوها شرعا ومن تخلف عن شيء من ذلك فقد نكث عهده الذي عاهد عليه؛

وأيضا قد أزرى بنفسه بإلقائها في ظلمات البخل والشح وأخل بالهدفين المذكورين الذين ذكرنا أدلتهما من الكتاب والسنة، وقد حدث في بداية القرن الرابع الهجري في خلافة المتقي العباسي أن اضطر المسلمون في ذلك الوقت بسبب خراب بيت المال وقلة ما فيه إلى أن يأخذوا اشتراكات من المسلمين، وبالأخص من التجار، فأفتى مفتوذلك العصر بوجوب أخذها من الأغنياء بعد تقدير الحاجة، فدرسوا الحاجة وأخذوا من الناس ما يسد تلك الحاجة من مصاريف بيت المال، وقد تبرم الناس بهذا أولا ولم يقتنع به بعض الشعراء، فقال أحدهم:

على كل أسواق العراق ضريبة
وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم

ولكنهم أخيرا انقادوا له وعلموا أنه من المصلحة التي تعود عليهم بالخير في الدنيا والآخرة. - كذلك لما جاء هولاكو وأسقط الخلافة العباسية في بغداد كان العز بن عبدالسلام وهو في ذلك الوقت مفتي مصر، وقف في وجه السلاطين الذين أرادوا أن يفرضوا الضريبة على المسلمين في أموالهم لإقامة الجهاد في ش جل الله وإعلاء كلمته وإقامة الخلافة الراشدة فأمرهم أن يصرفوا أولا ما كان في بيت مال المسلمين؛

وما كان في أملاكهم الخاصة فإذا لم يبق شيء رجعوا إلى أموال الناس وأخذوا منها بقدر ما يسد الفراغ ويقيم الخلافة الإسلامية ويهزم عدوهم، وقام هو فباع أمراء الأجناد الذين كانوا عبيدا مملوكين لبيت المال فسمي بائع السلاطين.

بقي مما يتعلق بمسألتنا ما يطرحه بعض الناس وهو هل يجوز دفع زكاة المال الواجبة للجماعة، ودفع زكاة المال الواجبة لا يغني عن الاشتراك الواجب، فمن التزمه فقد لزمه ولا يحل له أن يتركه ولا تغني الزكاة عن غيرها من الواجبات.

أما دفع الزكاة إلى الجماعة فإن الذي أراه أنه هو الواجب ويجب أن تتخذ الجماعة لذلك جهازا خاصا لجباية الزكاة وأخذها، ومن أداها إليها فقد أداها قطعا إلى الوجهة التي ترضي الله تعالى وقد برأت ذمته منها بالقطع، وحينئذ يجب على الجماعة صرفها في مصارفها الشرعية ولا تخلطها بالصناديق الأخرى التي من مصارفها ما ليس مصرفا للزكاة، ومصارف الزكاة هي الثمانية المحددة في قوله تعالى:"إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل... " (التوبة: 60)

ولو أن الشخص كان مضطرا لأن يدفع جزءا من زكاته لغير الجماعة فإن دفعه لجزء من زكاته للجماعة حتى تكون متصرفة فيه أولى، فلذلك كانت الزكاة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم تدفع إليه ومن بعده للخلفاء الراشدين فلم يكن أحد من المسلمين يباشر توزيع زكاته بنفسه، وإنما كان يدفعها إلى الأمام حتى كون هو الذي يوزعها على الناس حسب حاجتهم وبحسب أحوالهم، والجماعة هي التي تقوم مقام الإمام عند عدم وجود أو عدم قيامه بكل الواجبات الشرعية.

والإخوان المسلمون بالاشتراك المالي الذي كانوا يدفعونه من جيوبهم أقاموا دعوتهم وجعلوها في غنى عن أخذ المال من السلطات، أو من المستعمر، الذي كان يسره أن يدفع إلى الجماعة، حتى يظهرها بمظهر العميل أو التابع، وإذا لم يستطع هذا سرب ذلك لفضح جهادها، والحقيقة أن أعداء الإخوان لم يستطيعوا في يوم من الأيام أن يجدوا ثغرة للطعن عليهم في هذا الباب؛

بخلاف غيرهم الذين ظهر لهم فيما بعد أفراد وجماعات مبالغ طائلة في كشوف البركة، كما تعاطوا الهداية الثمينة من السيارات والمنح والهبات النقدية وغيرها كإعانات لجرائد أو مجلات، أو كتب موجهة... إلخ، في الوقت الذي كان بقروشهم التي كانوا يقتطعونها من قوت يومهم يشمخون بشرفهم ونزاهتهم على كل متسول، وما أظن أن كشوف البركة لو انقطعت عن هؤلاء اللامزين للإخوان لانفضوا وافرنقعوا، وهذا ليس بخاف على أحد ! !.

إقرأ أيضاً