الإعلام المرئي والمسموع والرؤية الإصلاحية للإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإعلام المرئي والمسموع والرؤية الإصلاحية للإخوان


مقدمة

الإعلام هو تعبير مكتوب بموضوعيّة للتعبير عن الجمهور وعقليته وعاطفته وميوله واتجاهاته المختلفة، كما أنه نشر للحقائق والأخبار والأفكار والآراء بوسائل الإعلام المختلفة – كما ذكر العلماء.

ولذا فالإعلام له أهمية كبيرة ومؤثرة في حياة البشر، وأصبح من مكونات تكوين وتشكيل الشخصيات في المجتمعات، حيث يقوم بتزويد الأفراد بالمعلومات المُهمّة والضروريّة؛ حتى يتمكّنوا من فهم المجتمع والعالم، والتصرّف والتواصل بطريقة سليمة.

و تحقيق التنشئة الاجتماعيّة عن طريق توفير المعرفة المُناسبة للأفراد؛ ممّا يُساهم في تعزيز تفاعلهم مع المجتمع، ومشاركتهم في الأحداث العامّة، ويُؤدّي ذلك إلى تطوّر وعيهم الاجتماعيّ.

ولذا أدرك الإخوان المسلمون أهمية الإعلام في نشر الدعوة وتطويرها منذ عهد مبكر؛ ولذا فقد حرصوا على استخدام كافة الوسائل الإعلامية المتاحة لخدمة الدعوة بداية من: الدرس، والخطبة، والنشرة، وصولاً إلى الصحيفة التي كانت في ذلك الوقت قمة العمل الإعلامي.

مثلت الصحافة بالنسبة للإخوان أحد الوسائل الهامة في نشر الدعوة، ورفع الواقع الثقافي العام، وزيادة الرابطة بين الإخوان خاصة والمسلمين عامة، حيث حرص المركز العام للإخوان المسلمين على وجود صحفية تعبر بصورة أساسية عن الإخوان ورؤيتهم في مختلف القضايا، وتستوعب الطاقة الصحفية التي أوجدتها مجلة جريدة الإخوان المسلمين في الفترة السابقة، بالإضافة إلى إيجاد جيل جديد من صحفيي الإخوان وتأهيلهم لحمل الرسالة الإعلامية الإسلامية.

غير أن الإخوان لم يستطيعوا الولوج في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لندرتها في ذلك الوقت ولوقعها تحت المسئولية الرسمية للدولة خاصة الإذاعة، ولتأخر مصر في دخول عالم التلفزيون لوقت متأخر، حيث كانت السينما والمسرح هى الوسائل المرئية في مصر الملكية.

ولقد أضح الأستاذ البنا ذلك بقوله في رسالة قضيتنا:

لقد سمع الرأي العام المصري والعربي والإسلامي قضية الإخوان المسلمين من جانب واحد، هو جانب الحكومة التى اعتدت على هذه الهيئة بإصدار أمر عسكري بحلها وهو الجانب الذي يملك كل وسائل الدعاية من الصحف الخاضعة للرقابة كل الخضوع، ومن الإذاعة التى تديرها وتهيمن عليها الحكومة ومن الخطباء فى المساجد الذين هم موظفون حكوميون، ولكن هذا الرأي العام لم يسمع من الطرف الآخر..
لم يسمع من الإخوان المسلمين الذين حُرموا كل وسائل الدفاع عن أنفسهم وشرح قضيتهم للناس فصودرت صحفهم وعطلت أقلامهم وكممت أفواههم واعتقل كل خطيب لهم واعتبر كل اجتماع خمسة منهم فى أى مكان جريمة أقل عقوبتها السجن ستة أشهر. (1)

وفي هذه الرسالة يؤكد الإمام البنا أن الإخوان لم يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الحكومة التي تمتلك الصحف والإذاعة والقرار.

البداية

بدأ البث الإذاعي في مصر في عشرينيات القرن العشرين وكانت عبارة عن إذاعات أهلية، وبدأ بث الإذاعة الحكومية المصرية في 31 مايو 1934 بالاتفاق مع شركة ماركوني، وقد مُصِّرَت في عام 1947 وألغي العقد مع شركة ماركوني. كان عدد محطات الإذاعة المصرية في بدايتها أربع محطات، وكان أول من تولى رئاسة الإذاعة المصرية سعيد باشا لطفي من 31 مايو 1934م إلى 22 ديسمبر 1947م.

وكما ذكرت فإن التلفزيون قد تأخر عمله لوسط القرن العشرين حيث كانت أول دولة في هذا الاتجاه هى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم بدأ يغزوا البلاد العالمية.

إلا أنه في الوطن العربي كانت العراق هي أول الدول التي عرفت البث التلفزيوني عام 1954م تلتها الجزائر حيث أنشأتها فرنسا للترفيه عن الجالية الفرنسية الموجودة فيها وذلك عام 1956م، ثم تلتها لبنان عام 1959م، وفي عام 1960م اتفقت مصر مع شركة مع صوت أميركا "RCA" لتزويدها شبكة إرسال تلفزيونية وتدريب كوادرها الإعلامية، وكان أول بث تلفزيوني مصري في 21 يوليو 1960م. (2)

رؤية الإخوان التربوية الإصلاحية

لقد أولى الإخوان تربية المجتمع أولوية قصوى في منهاجهم، وعملوا على محورين رئيسين:

الأول: بالتربية والتثقيف والتعليم ونشر الوعي بينهم عن طريق الشعب والأفراد، وكان هذا هو الجهد الأكبر.
وأما الثاني: فعن طريق الإعلام، وذلك بالدفاع عن قضاياهم ونشر المآسي التي يتعرضون لها، والمطالبة بحقوقهم كاملة، ومما يؤكد ذلك أن قضايا العمال احتلت المرتبة الخامسة بين الموضوعات الاجتماعية التي تناولتها "مجلة النذير" الأسبوعية، ثم المرتبة الرابعة في "مجلة التعارف" و"الإخوان المسلمون" النصف شهرية، وكانت تمثل المرتبة الثانية في "مجلة المنار" التي كان الإخوان يصدرونها في هذا الوقت. (3)

من منطلق شمولية العمل الإسلامي الذي آمن به الإخوان المسلمين، وعدم حصر فهمهم الإسلامي على جانب من جوانبه فحسب، كان للإخوان نظرة لكل ما يستجد على الحياة ويعود بالنفع أو الضرر على الناس، حيث اهتم بالإخوان بالإذاعة ومحاولة الضغط على الحكومة لاستخدمها الاستخدام الأمثل لنشر الفضيلة وحسن الخلق ولا تكون أداة تخريبية تعمل على تخريب النفوس.

بل أن الأستاذ البنا أول من ذكر كلمة التلفاز قبل أن يتواجد التلفاز على الأراضي المصرية بما يزيد عن ربع قرن، حيث طالب في رسالة نحو النور بحسن اختيار ما يقدم في الإذاعة والتلفاز، فيقول تحت عنوان "بعض خطوات الإصلاح العملي" : حسن اختيار ما يذاع أو يعرض على الأمة من برامج ومحاضرات وأغاني وموضوعات واستخدام الإذاعة والتلفاز في تربية وطنية خلقية فاضلة. (4)

كان للمستعمر يد في نشر الثقافة التغريبية والتي سخرت كل موارد الدولة في نشر هذه الثقافة ومحاولة طمس الهوية الإسلامية، في ظل غياب – متعمد – من المستعمر لعلماء الأمة، ولذا ما أن نشطت حركة الإخوان المسلمين إلا وجابهها المستعمر بكل قوة، لمحاولتهم المستمرة التصدي لمخططاته في نشر التغريب وثقافة الغرب والتي استغل الصحف والإذاعة وكل الوسائل في نشر ذلك.

وقف الإخوان في مواجهة هذا المخطط وظلوا يضغطون على الحكومات لوقف هذا الغث الذي يذاع على الجمهور

فيقول حسن البنا في رسالة المؤتمر السادس:

لقد رسمنا للحكومات المصرية المتعاقبة كثيرًا من مناهج الإصلاح، وتقدمنا لكثير منها بمذكرات ضافية في كثير من الشئون التي تمس صميم الحياة المصرية.. لقد لفتنا نظرها إلى وجوب العناية بإصلاح الأداة الحكومية نفسها باختيار الرجال، وتركيز الأعمال، وتبسيط الإجراءات، ومراعاة الكفايات، والقضاء على الاستثناءات.
وإلى إصلاح منابع الثقافة العامة بإعادة النظر في سياسة التعليم، ومراقبة الصحف، والكتب، والسينمات، والمسارح، والإذاعة، واستدراك نواحي النقص فيها، وتوجيهها الوجهة الصالحة. (5)

ويضيف في موضع أخر من الرسالة:

وأن تهتم بإصلاح منابع الثقافة العامة إصلاحًا جديًّا، فتحدد مهمة الإذاعة والمسارح والسينمات والصحافة والمطبوعات تحديدًا صالحًا، وتشرف على ذلك كله إشرافًا فعليًّا يجنى الشعب من ورائه فائدتها ويتقى ضررها. (6)

لقد ظل الإخوان عبر صحفهم يطالبون الحكومة بمراقبة دور التمثيل وأفلام السينما والتشديد في اختيار الروايات والأشرطة، وتهذيب الأغاني واختيارها ومراقبتها والتشديد في ذلك، وحسن اختيار ما يذاع على الأمة من المحاضرات والأغاني والموضوعات واستخدام محطة الإذاعة في تربية وطنية خلقية فاضلة. (7)

لقد أشار الإخوان إلى الفساد الذي تبثه الإذاعة وحذروا منه، لكنهم أيضا شجعوا ما يعرض خلالها من مكارم الأخلاق وتوعية الوعي المجتمعي لكل سلوك قويم، فجاء في مقال "الإذاعة اللاسلكية الغث والسمين في نصف أسبوع": للإذاعة اللاسلكية محاسن لا يسعنا نكرانها وحرمان الناس من الاستمتاع بها، ولها مساوئ نحذر الناس منها، أقل ما فيها أنها تثير عواطف البليد وتدفعه حتمًا إلى ارتكاب الفواحش

وقد يقول قائل:

إن التسلية بمثل هذه الملاهي قد يخفف على النفس تحفزها إلى الدخول في الشهوات، ونؤكد له أن الميل إليها يزيده هيامًا بها ورحم الله البوصيري حين قال:

فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها

إن الطعام يقوي شهوة النهم

وها نحن نورد محاسن الإذاعة في نصف الأسبوع مغفلين القبيح منها: ونعتذر لقرائنا عن نصف الأسبوع الآخر فإننا لم نستطع الوصول إليه لأن الحكومة تحتكره لمجلتها:

الخميس أول يوليو: 6.45 الأستاذ بليغ صفوت قرآن كريم الربعان الأول والثاني من سورة الحج، وفي الساعة 2.30 تبدأ بعض اسطوانات خليعة وتنتهي بقصيدة "الزم باب ربك" للأستاذ الشيخ أحمد الشيخ، وفي الساعة 3 حالة جو والنشرة الأولى الإخبارية والتجارية، وفي الساعة 7.35 قرآن كريم الربعان الخامس والسادس من سورة النساء للأستاذ الشيخ محمد الصيفي، وفي 8.30 النشرة الثانية الإخبارية والتجارية.

الجمعة 2 يوليو: 9.30 صباحًا الربعان الثالث والرابع من سورة الكهف الشيخ عبد الحميد السيد إمام، وفي 12.04 مساء آذان الظهر وخطبة الجمعة مذاعان من مسجد سراي حضرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد علي، الساعة 7 حديث للأطفال بابا صادق، وفي 8.30 النشرة الثانية الإخبارية والتجارية، 8.50 قرآن كريم للأستاذ الشيخ محمد رفعت من أول سورة الضحى إلى آخر سورة الناس.

السبت 3 يوليو: 6.30 صباحًا تمرينات رياضية الأستاذ بليغ صفوت، وفي 6.45 قرآن كريم الربعان الثالث والرابع من سورة الحج للشيخة منيرة عبده، الساعة 3مساء حالة الجو والنشرة الأولى الإخبارية والتجارية، وفي 7.35 قرآن كريم الربعان الأول والثاني من سورة المؤمنين للشيخ عبد العظيم زاهر، 8.30 النشرة الثانية الإخبارية والتجارية، وفي 9.25 قصة مصرية "القصاص العادل" للأستاذ عبد اللطيف واكد. هذا هو اجتهادنا ابتغاء وجه الله ورسوله، ومن استباح أكثر من هذا فحسابه على الله والله على ما نقول وكيل. (8)

واستمرت الجريدة على هذا النهج ترشد القراء لمواعيد البرامج النافعة التي تبثها الإذاعة المصرية والتحذير من كل ما هو فاسد فكتبت تقول:

وهنالك الإذاعة اللاسلكية وهي أيضًا كالصحف والسينما على أن تكون أداة تثقيف وتهذيب يمكن أيضًا أن تكون وسيلة من وسائل تهييج الشهوات، وتعويد الآذان سماع ما يكرهه أنصار الفضيلة، نقول ذلك بمناسبة ما اعتادته إدارة الإذاعة اللاسلكية من تركيب آلاتها في حفلات كحفلات "كشكش" وصالة بديعة مصابني
فتنقل إلى المنازل وإلى أسماع الفتيات ما لا يرضى به الآباء الذين يهمهم أن تبقى أخلاق بناتهم طاهرة مصونة، فكم من الألفاظ المقذعة والعبارات النابية تلقى في مثل هذه الحفلات، فتقشعر منها جلود الآباء الحريصين على طهارة بناتهم، وينشأ عن ذلك خزي كانت مصر غنية عنه لأن مثل هذه الصالات والحفلات ليس كل الناس سواء في الرغبة وفي الإذن لفلذات أكبادهم في استماع ما يلقى بين جدرانها. (9)

وكرروا طلبهم بحسن اختيار ما يذاع على الأمة من المحاضرات والأغاني والموضوعات واستخدام محطة الإذاعة في تربية وطنية خلقية فاضلة. (10)

طريق واضح

على الرغم من مجابهة الإخوان للحكومة فيما تذيعه عبر الإذاعة، والضغط عليها لنشر الفضيلة عبر هذه المؤسسة إلا أن الأستاذ حسن البنا أوضح للإخوان الهدف وأجلى غبار الطريق في علاقة الإخوان مع هذه المستحدثات

فقال:

إن الناس يعيشون بغير قلوب، وقد ربطتم قلوبكم وجهادكم بالله العلي القدير الذي يقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ "البقرة: 152"، فادرسوا وتفقهوا في مبادئكم العالية، وتمعنوا في كتاب الله جيدًا، إن هذه الكتائب والفرق لم تجهز لبغي ولا لطغيان، وإنما أعدت لتكون سلامًا في النفوس، ونظامًا للمجتمعات، وقوة للحق، ومددًا لكتاب الله، إن الإخوان المسلمين لا يحاربون المسرح ولا المذياع؛
لأنهم ليسوا من الجمود بحيث يقفون هذا الموقف وإنما يريدون أن يطهروهما من الشر والإثم، ويزيلوا أثرها السيء المنصب على نفوس الشباب والفتيات، ولذلك فهم قد أعدوا للمسرح قصصًا كريمًا وأدبًا رائعًا ومثلاً وتوجيهًا صادقًا". (11)

وزاد الأمر إيضاحا من خلال "رسالة المنهج" التي أوضح فيها بأن الإخوان المسلمون يريدون العلم النافع المثمر، والعقل الناضج السليم، والتفكير المنطقي الدقيق، يمد ذلك كله الخلق الفاضل والنفس الزكية الطيبة

ويكون ذلك بما يأتي:

  1. استخدام الإذاعة استخدامًا ثقافيًّا وتهذيبيًّا وإصلاح شأنها.
  2. العناية بالأغاني والأناشيد وصبغها بالصبغة الحماسية مع الروحية، وإبعادها عن العاطفة الغرامية التي تنافي الرجولة.
  3. الاهتمام بحركة التأليف والنشر، ومراقبة المطبوعات، ومصادرة كل الروايات الهازلة الضئيلة المغزى، على أن يستبدل بها روايات وأقاصيص أخرى مع تهذيب تراثنا القصصي القديم وبعثه من جديد. (12)

لقد استخدم الأستاذ البنا الإذاعة في مناسبتين الأولى كانت كلمة بمناسبة المولد النبوي الشريف والثانية البرقية التي أرسلها الأستاذ البنا لرئيس مجلس الأمن يعترض على برقية النحاس باشا التى أرسلها له يطلعه أن النقراشي رئيس الوزراء لا يمثل مصر في عرض القضية المصرية على مجلس الأمن، مما دفع الأستاذ البنا بإرسال رسالة يؤكد له فيها أن الإخوان المسلمون والشعب المصري كله يقف خلف النقراشي في عرض قضية وطنه من اجل نيل الاستقلال، ولذا اهتمت الإذاعة ببث هذه البرقية على مدار يومين. (13)

وحينما سقطت السيارة الجيب اتهمت الحكومة الإخوان أنهم يمتلكون معدات لإنشاء إذاعة لاسلكية، حيث جاء في صحيفة الاتهام أن المتهمين حازوا أجهزة وأدوات خاصة بمحطة إذاعة لاسلكية بدون إخطار إدارة تلغرافات وتليفونات الحكومة المصرية وبغير ترخيص وأقاموها في منزل بإحدى الضواحي أعدوه لهذا الغرض.

وكتب صحيفة البلاغ الوفدية على صفحاتها ذلك، حيث قالت:

وفي 23 فبراير 1949م تم ضبط محطة الإذاعة السرية التي كانت تذيع منها جماعة الإخوان المسلمين المنحلة. (14)

غير أن المحكمة برأت الإخوان من هذه التهمة، حيث جاء في حيثيات الحكم الفقرة الخامسة: براءة المتهمين جميعا من تهمة الاتفاق الجنائي على محطات سرية للإذاعة واللاسلكي بدون إخطار وبغير ترخيص لنص المادة 206 من قانون الجنايات. (15)

وقد قال محمود عساف عنها:

اعتقلت للمرة الثانية بعد يومين من الإفراج لأني كنت أقطن بفيلا بشارع الأصبغ بحلمية الزيتون تقرب من فيلا استأجرها المهندس سعد جبر نجل الشيخ محمد جبر التميمي عضو الهيئة التأسيسية للإخوان . وكانت هذه الفيلا مقرا لمحطة إذاعة أنشأها سعد جبر لحساب الهيئة العليا لفلسطين بزعامة الحاج أمين الحسيني . وتصور رجل القلم السياسي – كما هو دأبهم دائما – أن هذا المحطة تابعة للنظام السري للإخوان بالرغم من أنها لم تذع رسالة واحدة تتعلق بالإخوان أو مشاكلهم مع الحكومة. (16)

كانت ظروف الوطن في الأعوام التالية غير مستقرة حيث دخلت في حرب القنال ثم حريق القاهرة ثم ثورة 23 يوليو ثم مرحلة الصدام مع العسكر والمحن، كل ذلك جعل الجماعة مغيبة عن منهج الإصلاح والتطوير.

استكمال مسيرة الإصلاح

رغم المحن التي واجهت الإخوان إلا أن الفكر الإصلاحي ظل عماد دعوتهم ومسيرة حياتهم، ولهذا كانت أول فكرة لإنشاء حزب في 25 أغسطس 2007م اهتم الإخوان بالإذاعة والتلفزيون

حيث جاء في أطروحة الحزب:

للإعلام بكافة وسائله من صحافةٍ وإذاعةٍ وتليفزيون دورٌ بالغ الأهميَّة في تدعيم قيم المجتمع، وترسيخ هويته، مع دعم الاتجاه الإصلاحي داخل المجتمع، مثل فكرة المُشاركة الديمقراطيَّة وحقوق الإنسان، ودعم مفاهيم الانتماء، وإحياء روح الوطنيَّة والتَّسامُح، ورفض التَّعصُّب والتَّخَلُّف، مع دعم حقوق المرأة، والتعامل مع مختلف قضايا المجتمع دونما أي حساسيات.
لذا يؤيد الحزب مطالب القوى السِّياسيَّة الوطنيَّة التي ترمي إلى أهميَّة رفع يد الدولة عن احتكار أجهزة الإعلام الجماهيري، وذلك عبر السماح بحريَّة تأسيس إنشاء محطات الإذاعة والتلفزيون الخاصة شريطة أنْ تتوافق في رسالتها العامَّة مع قيم ومبادئ المجتمع المصري، ولابد من إصلاح لغة الخطاب الإعلامي العام، والالتزام باللغة العربية الفصحى مع التيسير والتبسيط، وأنْ يعتمد على الشفافيَّة والمصداقيَّة وحريَّة التَّخاطب وحياديَّة وواقعيَّة الطَّرح وبخاصة في البرامج الحواريَّة والمواد الإخباريَّة.

وتحت عنوان الإذاعة والتليفزيون وضح الحزب منهجها في الإصلاح فذكر:

  • ترشيد الإنفاق عن طريق أدوات الرَّقابة الماليَّة والإداريَّة المختلفة، والتَّحقُّق من إدارة العمل بالكفاءة والفاعليَّة المناسبة.
  • يجب وضع سياسة متوازنة للتَّعامُل مع قضيَّة "التَّشفير" لخدمة عمليَّة تطوير الأداء الإعلامي، مع الاستمرار في تقديم خدمة إعلاميَّة ثقافيَّة وترفيهيَّة متطورة للمواطن.
  • تحديث الخُطَط البرامجيَّة وخرائط القنوات الحاليَّة "الأرضيَّة بأنواعها، والفضائيَّة" تأخُذ في اعتبارها حاجات وقيم وسلوكيَّات المواطن المصري المختلفة، وتعميق طابع الخصوصيَّة للقنوات المحليَّة، وتطويرها بحيث تكون قادرة على الوصول برسالتها إلى خارج الإطار المحلي لها.
  • تطوير قطاع الفضائيَّات في مختلف القضايا بحيث يكون قادرًا على مخاطبة كافة الأقليات المصريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة الموجودة في العالم على غرار تجربة الإذاعات المصريَّة المُوَجَّهة والتي تحتاج بدورها إلى تطوير يساعدها على أداء رسالتها هذه بشكلٍ أكثر كفاءة وفاعليَّة، مع إنشاء العديد من الإذاعات المُتَخَصِّصَة وتطوير الموجود منها على المستوى التقني والبرامجي.
  • ترشيد عمليَّة الرقابة على مختلف المواد الإعلاميَّة والدراميَّة خاصة من الناحية الماليَّة، مع التَّركيز على ثقافة الحوار في هذه المواد، ودعم احترام الأديان السماويَّة. (17)

وكان قبلها للإخوان دور مهم في البرلمان حيث تقدموا بطلبات إحاطة حول ما يجرى في الإذاعة والتلفزيون، كما تقدموا بمشروعات قوانين لذلك.

وحينما أنشأ الإخوان حزب الحرية والعدالة وضعوا نصب أعينهم إصلاح الإذاعة والتلفزيون فجاء فيها:

  1. تأسيس منظومة جديدة للإعلام المصرى تضم هيئة التليفزيون ومجلس وطنى للإعلام، ومكتب للإعلام الخارجي مع إلغاء هيئة الاستعلامات .
  2. تكوين مجلس أمناء حقيقي مستقل عن الحكومة لهيئة التليفزيون يرسم سياسات القنوات التليفزيونية ويراقب تنفيذها، ويحدد خطط التوسع أو الانكماش على ضوء احتياجات الواقع، ويتم اختيار مجلس الأمناء لمدة محددة من قبل مجلس الشعب .
  3. ترشيد الإنفاق عن طريق أدوات الرَّقابة الماليَّة والإداريَّة المختلفة، والتَّحقُّق من إدارة العمل بالكفاءة والفاعليَّة المناسبة.
  4. وضع سياسة متوازنة للتَّعامُل مع قضيَّة "التَّشفير" لخدمة عمليَّة تطوير الأداء الإعلامي، مع الاستمرار في تقديم خدمة إعلاميَّة ثقافيَّة وترفيهيَّة متطورة للمواطن.
  5. تحديث الخُطَط البرامجيَّة وخرائط القنوات الحاليَّة (الأرضيَّة بأنواعها، والفضائيَّة) تأخُذ في اعتبارها حاجات وقيم وسلوكيَّات المواطن المصري المختلفة، وتعميق طابع الخصوصيَّة للقنوات المحليَّة، وتطويرها بحيث تكون قادرة علي الوصول برسالتها إلى خارج الإطار المحلي لها.
  6. تطوير قطاع الفضائيَّات في مختلف القضايا بحيث يكون قادرًا علي مخاطبة كافة الأقليات المصريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة الموجودة في العالم.
  7. التأكيد على احترام الأديان السماوية والقيم الأخلاقية وترشيد عمليَّة الرقابة علي مختلف المواد الإعلاميَّة والدراميَّة خاصة من الناحية الماليَّة، مع التَّركيز علي ثقافة الحوار في هذه المواد، ودعم احترام الأديان السماويَّة. (18)

وحينما وصلت الجماعة إلى منصب رئيس الجمهورية عمدت لإصلاح هذا الجهاز فكانت أول مذيعة محجبة تدخله في عهد الإخوان المسلمين، وقد سعى وزير الإعلام الإخوان لإصلاح وبث روح التربية في هذه المؤسسة.

المراجع

  1. مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة قضيتنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، طـ1، 2008م صـ 832.
  2. عبدالله زلطه: نشأة وتطور وسائل الإعلام، دار الفكر العربي، 2000م.
  3. شعيب الغباشي: صحافة الإخوان المسلمين - دراسة في النشأة والمضمون، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2000م، طـ 1، صـ 217.
  4. مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة نحو النور، مجلة النذير، العدد (36) السنة الثانية - 17 رمضان 1358ه الموافق 31 أكتوبر 1939م.
  5. مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة المؤتمر السادس، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2008م، صـ493.
  6. المرجع السابق: صـ511.
  7. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الرابعة – العدد 39 – 22 شوال 1355هـ - 5 يناير 1937م.
  8. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الخامسة – العدد 7 – صـ12 – 23 ربيع الثاني 1356هـ - 2 يونيو 1937م.
  9. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الرابعة – العدد 11 - 4 ربيع الثاني 1355هـ - 23 يونيو 1936م.
  10. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الرابعة – العدد 39 – 22 شوال 1355هـ - 5 يناير 1937م.
  11. أنور الجندي: الإخوان المسلمون في ميزان الحق، دار الطباعة، ص(38).
  12. مجموعة رسائل الإمام البنا : رسالة المنهج، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
  13. جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (375)، السنة الثانية، 4 رمضان 1366 ه - 22 يوليو 1947م، ص(1).
  14. البلاغ: العدد 8366، السنة 27 ، 26 ربيع ثاني 1368هـ - 23 فبراير 1949م ، ص2 - والمقطم : العدد 18632 ،السنة السادسة، 26 ربيع ثاني 1368هـ - 24 فبراير 1949م ،ص2
  15. السيارة الجيب: حيثيات الحكم، دار الفكر الإسلامي، 1951م، صـ 94.
  16. محمود عساف: مع الإمام الشهيد حسن البنا، 1993م، صـ 72.
  17. برنامج حزب جماعة الإخوان المسلمين – النسخة الأولية - 2007م.
  18. برنامج حزب الحرية والعدالة: 2011م.

للمزيد عن دور الإخوان في الإصلاح

كتب متعلقة

من رسائل الإمام حسن البنا

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

الإصلاح السياسي:

الإصلاح الإجتماعي ومحاربة الفساد:

تابع مقالات متعلقة

رؤية الإمام البنا لنهضة الأمة

قضايا المرأة والأسرة:

الإخوان وإصلاح التعليم:

موقف الإخوان من الوطنية:

متفرقات:

أحداث في صور

.