الإخوان لا يريدون إلا الإسلام ولا يرون سواه منقذًا للأمة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان لا يريدون إلا الإسلام ولا يرون سواه منقذًا للأمة



الإخوان لا يريدون إلا الإسلام ولا يرون سواه منقذًا للأمة

الإسلام هو الحل2.jpg

تظل رسائل الإمام الشهيدحسن البنا- يرحمه الله- النبعَ الذي ينهل منه كل من أراد معرفة فكر وثوابت وحقيقة منهج الإخوان المسلمين، فالرسائل في مجملها حاويةٌ لفكر الإخوان ومنهجهم ومواقفهم الثابتة من القضايا المصيرية، وفي كل رسالة كان الإمام- يرحمه الله- يتناول عدة محاور بالحديث عنها، وتوضيحها، وترسيخها في نفوس الإخوان؛ لتوضيح ثوابتهم الفكرية، ولنا مع رسالة إلى الشباب عدة وقفات:


ففي اختيار الإمام للشباب توضيح لأهمية دور الشباب في نهضة الأمة عمومًا وفي العمل الإسلامي خصوصًا، فهم الوقود الدافع للعمل، وهم الذين تتحقق بجهودهم وطاقاتهم وعملهم الدؤوب الآمال العظام والأهداف الكبرى، "ومن هنا كان الشباب قديمًا وحديثًا في كل أمة عمادَ نهضتها، وكل نهضة سرَّ قوتها، وفي كل فكرة حاملَ رايتها"..، وأحسب أن الشباب ليس المرحلة السنية فقط، وإن كانوا هم المستهدفين، ولكنه القدرة على البذل والتضحية والعمل في سبيل الله، فكل من يقدِرُ على هذا فهو شاب ومعنيٌّ بكل كلمة في هذه الرسالة.


عوامل النجاح

بدأت الرسالة بتحديد عوامل النجاح، وفي هذا تحفيزٌ للهمم، وإيقاظٌ للمشاعر والأحاسيس لاستشعار عظمة المسئولية ورفع الروح المعنوية، "إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووُجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها"، ونجده حدد أركان النجاح الأربعة: الإيمان والإخلاص والحماسة والعمل، وهي تشمل الجانب الروحي والعقائدي "الإيمان والإخلاص" بجوار الجانب العملي والتطبيقي "الحماسة والعمل"، وهذا ضمان لكبح حماسة الشباب، وحسن توجيهه، وترسيخ مفهوم تقديم الجانب العقائدي على ما سواه، كما ورد في آخر الرسالة: "وسيجد كل عامل صادق منكم في ميدان الإسلام ما يرضي همَّته ويستغرق نشاطَه إذا كان من الصادقين".


المسئولية

ثم نجد الإمام- يرحمه الله- يستجيش في نفوس الشباب الحمية، ويُشعرهم بالمسئولية المُلقاة على عاتقهم، حين يقول لهم: "ومن هنا كثرت واجباتكم، ومن هنا عظمت تبعاتكم، ومن هنا تضاعفت حقوق أمتكم عليكم، ومن هنا ثقلت الأمانة في أعناقكم، ومن هنا وجب عليكم أن تفكروا طويلاً، وأن تعملوا كثيرًا، وأن تحددوا موقفكم، وأن تتقدموا للإنقاذ، وأن تُعطوا الأمة حقَّها كاملاً من هذا الشباب"، فالشباب المسلم لا يقضي شبابه لاهيًا عابثًا كغيره من الشباب، فالأمة المجاهدة لا تعترف بهذا، ومن يتصدى- تطوعًا- للعمل لله عليه أن يعطي الأمةَ حقَّها من شبابه، يعطيها بذلاً وتضحيةً وحركةً ونشاطًا وعملاً دؤوبًا بلا كلل ولا ملل؛ لهذا نجد الإمام أردف هذا ببيان اختلاف التنشئة بين أجيال الأمة، فيصف الجيل الأول بقوله: "قد ينشأ الشباب في أمة وادعة هادئة، قوِيَ سلطانها، واستبحر عمرانها، فينصرف إلى نفسه أكثر مما ينصرف إلى أمته"، ثم يبيِّن الجيل الآخر: "وقد ينشأ في أمة جاهدة عاملة قد استولى عليها غيرها، واستبدَّ بشئونها خصمُها، فهي تجاهد ما استطاعت في سبيل استرداد الحق المسلوب، والتراث المغصوب، والحرية الضائعة، والأمجاد الرفيعة، والمثُل العليا، وحينئذ يكون من أوجب الواجبات على هذا الشباب أن ينصرف إلى أمته أكثر مما ينصرف إلى نفسه، وهو إذ يفعل ذلك يفوز بالخير العاجل في ميدان النصر، والخير الآجل من مثوبة الله"، وهو بهذا يوضح طريق التضحية للشباب وبذله لشبابه وطاقته، دون نظر لمقابل من أي أحد دون الله سبحانه.


ويختتم هذا المعنى ببثِّ روح الأمل والثقة في النفوس- حتى لا يصيبها القنوط- ببيان حقيقة النصر وقوانينه الثابتة القائمة على الإيمان والعمل، فيوضح أن النصر يكون للمؤمنين بعملهم الدؤوب، فلا يكفي الايمان وحده ولا العمل وحده.. "واستعدوا يا رجال، فما أقرب النصر للمؤمنين!! وما أعظم النجاح للعاملين الدائبين!!"


عمق الجذور

ثم ينتقل لمحور آخر لبيان حقيقة دعوتنا في العصر الحديث ومشروعيتها، وعمق جذورها، وبيان أن هذه الدعوة من صميم الإسلام.. "لقد آمنَّا إيمانًا لا جدال فيه ولا شكَّ معه، واعتقدنا عقيدةً أثبت من الرواسي وأعمق من خفايا الضمائر، بأنه ليس هناك إلا فكرة واحدة هي التي تنقذ الدنيا المعذبة وترشد الإنسانية الحائرة، وتهدي الناس سواء السبيل؛ وهي لذلك تستحق أن يضحَّى في سبيل إعلانها والتبشير بها، وحمْل الناس عليها بالأرواح والأموال وكل رخيص وغال، هذه الفكرة هي الإسلام الحنيف الذي لا عوجَ فيه ولا شرَّ معه ولا ضلالَ لمن ابتعه"..

إنه الإسلام، روح هذه الدعوة ومنهجها وسبيل نهضتها وهدايتها، ولعل في هذا أبلغ رد للمشكِّكين في نوايا الإخوان وتوجهاتهم، فهم لا يريدون سوى الإسلام فقط، ولا يريدون ولا يرون في سواه منقذًا للأمة.. "ففكرتنا لهذا إسلامية بحتة، على الإسلام ترتكز، ومنه تستمد، وله تجاهد، وفي سبيل إعلاء كلمته تعمل، لا تعدل بالإسلام نظامًا، ولا ترضى سواه إمامًا، ولا تطيع لغيره أحكامًا".


واجب الإخوان

ثم تحدث- يرحمه الله- عن واجب الإخوان ألا وهو بيان الدعوة ونشرها للناس في قوله: "فأول واجباتنا نحن الإخوان أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحةً كاملةً بينةً لا زيادةَ فيها ولا نقصَ بها ولا لبسَ معها، وذلك هو الجزء النظري من فكرتنا، وأن نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها، وذلك هو الجزء العملي في هذه الفكرة"، ونجده هنا أرسى مبدأً مهمًا ألا وهو تغليب الجانب العملي على الجانب النظري في الدعوة؛ حيث وضح أن الواجب هو البيان بجلاء وهذا هو الجانب النظري، أما العملي فشمل "نطالبهم.. نحملهم.. نأخذهم"، وفي هذا بيان لأهمية العمل والعطاء والتجرد، وتغليب الجانب العملي وتقديمه على مجرد التنظير وقوة الحجة والبيان.


المنهج والغاية

ثم يوضح المنهج والدستور الذي يعمل الإخوان له وبه ومن أجله.. "وعمادنا في ذلك كله كتاب الله، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والسيرة المطهرة لسلف هذه الأمة"، ثم يوضح الإمام هنا السبب والغاية من هذا.. "لا نبغي من وراء ذلك إلا إرضاء الله، وأداء الواجب، وهداية البشر، وإرشاد الناس"، فهذه هي غايات الإخوان على مر الأجيال، بلا مواربة أو مداهنة، وهذه هي المبادئ التي يزرعونها في نفوس شبابهم منذ اللحظة الأولى.


الغاية إرضاء الله وأداء الواجب وهداية الناس

ثم يوضح السبيل لتحقيق هذه المبادئ، وفيها أيضًا نجد تغليب الجانب العملي وروح البذل والتضحية في النفوس.. "وسنجاهد في سبيل تحقيق فكرتنا، وسنكافح لها ما حيينا، وسندعو الناس جميعًا إليها، وسنبذل كل شيء في سبيلها، فنحيا بها كرامًا، أو نموت كرامًا، وسيكون شعارنا الدائم: الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، فهذه الشعارات التي يرددها الإخوان في منتدياتهم ليست للدعاية.. بل شعارات للعمل الجاد، ولتنزل منزل التنفيذ والتطبيق العملي في النفوس وواقع الحياة.


بعض المبشرات

وينتقل بعد ذلك للحديث عن بعض المبشرات، ولغرس روح العزة في النفوس: "إن الله قد أعزكم بالنسبة إليه، والإيمان به، والتنشئة على دينه، وكتب لكم بذلك مرتبةَ الصدارة من الدنيا، ومنزلة الزعامة من العالمين، وكرامة الأستاذ بين تلامذته.. "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ" (آل عمران:110).


وكأن الإمام- يرحمه الله- بين ظهرانينا اليوم وهو يقول: "فأول ما يدعوكم إليه أن تؤمنوا بأنفسكم، وأن تعلموا منزلتكم، وأن تعتقدوا أنكم سادةُ الدنيا وإن أراد لكم خصومكم الذل، وأساتذة العالمين وإن ظهر عليكم غيرُكم بظاهرٍ من الحياة الدنيا، والعاقة للمتقين"، فهذه هي روح الإسلام الحقيقية، روح العزة والإباء والكرامة، لا روح الذل والانكسار التي يريدها لنا أعداؤنا.. إنها روح الإسلام التي لو تحلَّينا بها لما استطاعت قُوى الأرض قاطبةًً أن تنال من عزيمتنا ولا كرامتنا، ولو وقفنا بعقيدتنا في وجه شتَّى أنواع التحديات: "فجددوا أيها الشباب إيمانكم، وحددوا غاياتكم وأهدافكم، وأول القوة الإيمان، ونتيجة هذا الإيمان الوحدة، وعاقبة الوحدة النصر المؤزَّر المبين، فآمِنوا وتآخُوا واعمَلُوا وترقَّبوا بعد ذلك النصر.. وبشر المؤمنين".


نجده هنا قد حدَّد معالم طريق النصر المبين في قوة الإيمان والعقيدة والارتباط بحبل الله المتين، ثم وحدة وتآخٍ وعمل، وفي هذا- إن طُبِّق بحق- سبيلُ النصر المبين والحاسم إن شاء الله، ولو رُبِّي الشباب على هذا لتحقَّق للأمة نصرُ الله، فكيف لمجتمع مؤمن متوحد متآخ، يعمل لوجه الله أن ينهزم أمام قوى الباطل مهما كانت قوتها وجبروتها؟!