الأسباب والمآلات.. لماذا اعتقل السيسي الفريق سامي عنان؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأسباب والمآلات.. لماذا اعتقل السيسي الفريق سامي عنان؟


لماذا اعتقل السيسي الفريق سامي عنان؟.jpg

كتبه:حازم الأشموني

(23 يناير 2018)

مقدمة

جاء اعتقال الفريق سامي عنان، المرشح الذي كان محتملا لمسرحية ما تسمى بالانتخابات الرئاسية، كاشفا لبعض ما يخفى على جموع الشعب المصري حول إدارة وحكم المؤسسة العسكرية للبلاد بعد انقلاب 3 يوليو الدموي.

فالسيسي يُخرج لسانه للجميع، ممسكا بزمام السلطة وبكل مفاصل الدولة، بالحديد والنار يحكمها، فلا شفيق ينافسه ولا عنان يشاركه، فهو المرشح الأوحد الذي لا شريك له، ومن تطاول فالسيف مثواه، ليبقى سباقا بلا منافسة، فمن جاء على ظهر دبابة فهل يطيح به صندوق انتخابات؟!.

توقيت الاعتقال والطريقة التي تمت بها، جاء بعد إصدار القوات المسلحة بيانا أدانت فيه ترشّحه وتصريحاته أثناء إعلان ذلك، معلنة إحالته للتحقيق أمام القضاء العسكري، قاطعة بذلك الطريق أمام استمراره في منافسة الجنرال الدموي عبد الفتاح السيسي على تورتة حكم مصر.

ولعل أهم وأبرز الرسائل من وراء اعتقال عنان هي أن السيسي ممسك بمفاصل الدولة، وبذلك يكون السيسي قد تخلّص من أبرز منافسَيْن له ينتميان لأجهزة الدولة، هما عنان ورئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق.

ورغم أن الفريق عنان في خطاب إعلانه الترشح، طالب المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة بالحياد أمام جميع المرشحين، إلا أن المؤسسة العسكرية كشفت عن انحيازها بوضوح لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي. وبحسب مراقبين، فإن ذلك يعكس هيمنة الجنرال الدموي على مفاصل المؤسسة العسكرية، بعد أن قام بحركة تنقلات وتغييرات في الصفوف الأولى بالجيش خلال السنوات الماضية، وجاء بأركان شلته والموالين له الذين يثق في ولائهم المطلق.

ولا شك أن من يقف وراء قرار اعتقال عنان هو السيسي نفسه، حتى وإن قامت المؤسسة العسكرية بالتنفيذ والقيام بالمهمة القذرة، لا سيما وأن عملية الاعتقال وإقصاء عنان من المشهد السياسي المرتبك أساسا، هي ترجمة حقيقية لتهديدات السيسي التي أطلقها في مؤتمر "حكاية وطن". ويرى موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن السبب وراء اعتقال "عنان"، هو "التحريض" وأنها هي تهمة "عنان" الحقيقية التي يحاسب عليها الآن، لافتًا إلى أن "السيسي" بات بلا منافس.

الفريق عنان يعلن ترشحه لمسرحية الرئاسة:

تهديدات السيسي

وكان رئيس الانقلاب قد هدد في مؤتمر "حكاية وطن" من وصفهم بالفاسدين، وأنه لن يسمح لهم بالاقتراب من كرسى الرئاسة، مشددًا على أنه لن يتولى هذا المنصب من يهدد مستقبل مصر.

وقال "السيسى"، خلال جلسة "اسأل الرئيس"، في اليوم الختامي لمؤتمر "حكاية وطن"

"أعلم الفاسدين جيدًا ولن أسمح لهم بالاقتراب من مصر ومقدراتها وحكم أهلها، مش هسمح لهم يقربوا من الكرسي ده، مش أبقى عارف إنه فاسد وأسيبه يقرب من كرسي حكم مصر.. ربنا يحاسبنى حساب عسير، لكن بيننا كثير من الشرفاء اختاروا من تشاءون منهم لكن الفاسد بقوله احذر".

وأضاف:

"لازم تختاروا كويس قوى الرئيس اللي هيحكمكم، وبقول للمصريين متدوش صوتكم لأى حد، لأن صوتكم غالى، اختاروا وأعطوا صوتكم لمن يستحق أن ينال شرف خدمة المصريين"!.

وهي التهديدات التى رجح محللون أنها كانت تقصد الفريق عنان تحديدا، حتى جاء قرار اعتقاله تأكيدا لصحة هذه الترجيحات.

حملة عنان: بيان الجيش اعتداء على الشرعية

وقال مصدر بارز في الفريق القانوني للفريق سامي عنان، إن الإعلان الدستوري الصادر من رئيس المجلس العسكري السابق المشير حسين طنطاوي عام 2011، والذي يقضي باعتبار كافة أعضاء المجلس العسكري "ضباط احتياط"، لا يحُول بين إدراج اسم عنان ضمن كشوف الناخبين، وهو ما يُسقط عنه تهمة التزوير التي نسبها له بيان القيادة العامة للقوات المسلحة.

وشدد المصدر، الذي يحضر مع عنان التحقيق أمام النيابة العسكرية، على أن ما تم مع رئيس الأركان الأسبق يمثل انتقاصا من حقه القانوني في الترشح للرئاسة، قائلا: إن الإعلان الدستوري المعلن في 2011 لم يتطرق لتفصيلات، مؤكدا أن مَن أدى الخدمة العسكرية كمجند، يتحول تلقائيا للاحتياط لمدة 10 سنوات، وفي هذه الفترة ينزل اسمه ضمن قاعدة بيانات الناخبين، ويكون له حق التصويت وممارسة العمل السياسي على الرغم من أنه يكون رهن الاحتياط.

وحول الموقف القانوني لنائبي عنان، المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، والدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية، أكد المصدر أن موقفهما سليم ولا يمكن مساءلتهما قانونيا، إلا أنه ألمح في الوقت ذاته إلى أن النظام السياسي بممارساته الحالية لن يصمت، وسيقوم بتلفيق قضايا ويزجّ بهما في تحقيقات مفبركة.

انقسامات داخل المؤسسة العسكرية

وتحذر مصادر مطلعة بالأجهزة الأمنية للانقلاب، من أن يؤدي اعتقال عنان إلى انقسام داخل المؤسسة العسكرية، لا سيما وأن شعبية رئيس الانقلاب متدنية للغاية في أوساط كثير من ضباط المؤسسة العسكرية من الكبار والصغار، بعد أن تشوهت صورة المؤسسة العسكرية بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، وبفعل الإجراءات الدموية واحتكارها للمشهد السياسي والاقتصادي، وتحميل المؤسسة العسكرية الفشل المتواصل لرئيس الانقلاب باعتباره مندوبا لها في مؤسسة الرئاسة التي تم السطو عليها بالانقلاب.

وكان عنان قد أعلن عن تقدمه بطلب للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حول القبول بترشحه في مسرحية الانتخابات، رغم أن ذلك ليس شرطا من شروط الترشح التي وضعها دستور الانقلاب، ولكن عنان أراد بذلك أن يحظى بدعم كبير من المؤسسة العسكرية، ولكن المجلس الأعلى الحالي كله معين من جانب رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وهو ما يفسر انحياز المجلس الأعلى للسيسي على حساب عنان رغم مساوئ السيسي وفشله المتواصل.

وهناك من يقول إن موافقة المجلس الأعلى ليست "عتبة" مانعة من الترشح، لكن "سامي عنان" أراد أن يضع أعضاء المجلس العسكري في "خانة اليك"، فإما أن يوافقوا عليه فيبدو أن الجيش أو مجموعة بداخله معه، وإما أن يرفضوا، فيبدو انحيازهم السافر للسيسي.

والأمر هنا مرتبط بأهمية الرسائل خارجيا، فالسيسي يعمل بشكل سافر داخليا، ويتصرف بدون خجل أو وجل، ولولا الأوامر الخارجية لكان أقدم على تعديل الدستور بما يسمح له بتعديل مدة الدورة الرئاسية إلى ست سنوات، ولألغى قيد الدورتين لتكون مدى الحياة، كما كان الحال عليه من قبل!.

المصدر