إبراهيم أبو النجا الجزار

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إبراهيم أبو النجا الجزار ..

إعداد موقع : ويكيبيديا الإخوان المسلمين إخوان ويكي

ونشأة قسم الطلبة في الإخوان

إبراهيم أبو النجا الجزار

إنّ نمو المجتمعات وتقدمها وازدهارها يتوقف إلى حد كبير على الشباب باعتبارهم من أهم الموارد البشرية للمجتمع وأكثرها طاقة وفاعلية. فالشبابُ هم عماد أيّ أُمّةٍ وسرّ النهضة فيها، وهم بناةُ حضارتها وخَطُّ الدفاع الأوّل والأخير عنها.

ويعتبر الشباب تعبيراً واضحاً لإرادة التغيير في المجتمع فهو يستطيع تبني الأفكار الجديدة أكثر من غيره وأن يتصدى لتحديات التغيير والتقدم وأن يسهم في عمل مسؤوليات النضال في المجتمع بما يتميز به من القدرة الفائقة على التعلم والابتكار وتكوين العلاقات وعدم الميل إلى تقبل الأمر الواقع والأوضاع القائمة بل السعي دائماً إلى مناقشتها وتعديلها وتغييرها وفقاً لآماله وتطلعاته، وذلك ضمن مميزات الشباب العديدة وخصائصه.

ولقد اهتم الإسلام بالشباب اهتماما جادا ووجه حميتهم توجيها سديدا، حيث أرشد الأمة إلى المحافظة على هذا النشء وإعداده إعدادا صالح لتحمله مسئوليته، وليعرف وظيفته وشأنه، وليسع فيما يصلح دينه ودنياه.

وعلى هذا الأساس حمل الشيخ حسن البنا رسالة الإسلام ليعرفها للناس عامة وللشباب خاصة، فمنذ أن انطلقت دعوة الإخوان المسلمين عام 1928م وقد حملها الشباب، بقلوب متوقدة بالإيمان، تحت قيادة شابة تعمل ليل نهار من أجل هذه الدعوة، ومن أجل ترسيخ الروح الايمانية في قلب كل مسلم، بل عمد إلى ترسيخ الروح الوطنية في قلب كل مصري من أجل التخلص من المحتل، ورفع الذل عن كواهله.

ظلت الدعوة تخطوا خطواتها بقدم ثابتة مستعينة بالله في كل خطوة تعمدها، حتى انتشرت الدعوة في أماكن كثيرة، وتلقفتها قلوب عديدة في القرى والمدن، إلا أن عين الشيخ حسن البنا وقلبه ظل يهفوا إلى شباب الجامعات، ويدعو الله ان يفتح قلوبهم لهذه الحركة، حتى استجاب الله لدعائه، فأثناء انشغاله بالدعوة إلى الله في الاسكندرية إذا بالبشرى ترسل له من قبل الشيخ طنطاوي جوهري ان الله فتح بعض قلوب الشباب لهذه الدعوة ويريدون الانضمام لها، فسارع بالعودة والتقى بهم ورسموا خريطة واضحة لنشر هذا الفكر الوسطي بين جموع الطلبة، فكان أحدهم إبراهيم أبو النجا الجزار.

بداية الرحلة

18700002 1349763628404042 8165748481228443836 n.jpg

في قرية رأس الخليج التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية ولد إبراهيم أبو النجا الجزار في 5 مايو سنة 1915م، حيث حرص والده على أن يلتحق بركب التعليم فحصل على الابتدائية عام 1927م، وذلك قبل أن يلتحق بالمرحلة الثانوية والتي أتم قسمها الأول عام 1930م, ثم القسم الثاني سنة 1932م ليحصل على البكالوريا عام 1932م وكان ترتيبه الأول على الجمهورية للقسم العلمي، ليقرر الالتحاق بكلية الطب جامعة فؤاد – القاهرة حاليا – حيث حصل منها على بكالوريوس الطب بتقدير جيد جدا عام 1938م، ليتم اختياره معيدا في ذات الكلية بقسم الهستولوجي عام 1940م، ثم حصل علي الدكتوراه في الهستولوجي سنة 1947م، وفى 1949م حصل على دبلوم الأمراض الباطنة من كلية الطب جامعة القاهرة، ثم أصبح أستاذا للهستولوجي في سنة 1957م بجامعة عين شمس.

انتدب دكتور إبراهيم أبو النجا عميدا لكلية الطب فرع المنصورة في فبراير سنة 1964م، وعين للإشراف على إعداد مجلة طب المنصورة اعتبارا من أول أغسطس سنة 1964م، ثم عين وكيلا لجامعة القاهرة فرع المنصورة، حيث صدر في ذلك قرار رئيس الجمهورية رقــم 386 لسنة 1971 بتاريخ 18 / 3 / 1971م، وكان مرشحا لرئاسة جامعة شرق الدلتا بعد استقلالها عن جامعة القاهرة - جامعة المنصورة الآن - وبعد صدور القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات بأنشاء جامعة شرق الدلتا وافته المنية. اختير عضوا في الاكاديمية العلمية للبحث العلمي والتكنولوجيا مجمع اللغة العربية عام 1960م، وكان زميل اتحاد الجامعات العربية والجامعات الأفريقية وحصل على جائزة ليون برناد من هيئة الصحة العالمية كأول من وضع برنامج للصحة الريفية.

من مؤسسي قسم الطلبة في الإخوان

في شهر أغسطس من عام 1933م قام مجموعة من طلاب المدارس العليا مؤلفة من خمسة طلاب ينتمون إلى الكليات الجامعية المختلفة، بتأليف رابطة أسموها "شباب الإسلام" وحاولوا الاتصال بالشخصيات الإسلامية والوطنية ليستنيروا برأيها ويهتدوا بأفكارها وينتفعوا بتوجيهاتها، وكانت من أوائل زياراتهم إلى شخصية من الشخصيات الوطنية التي جاهدت في ثورة 1919م وهو الأستاذ حامد سعفان، والذي قال لهم:

وصيتي إليكم أن تنضووا تحت لواء جماعة إسلامية بعيدة عن الأغراض الخاصة والروح الحزبية، وسأختصر لكم الطريق وأنصح لكم بالاتصال بالإخوان المسلمين، تلك الجماعة الناشئة الحية التي لمست من مجلتها روح الإسلام في حرارته الأولى واستروحت من أسلوبها نفحات الإخلاص والصدق والجهاد، ويكفي أن يعمل في ظل هذه الجماعة شخصية أجلها وأحترمها فوق علماء العصر وهو الشيخ طنطاوي جوهري رئيس تحرير مجلة الإخوان وهو عالم عظيم عرض الإسلام في كتبه وآرائه.

وبالفعل في اليوم التالي اتجهوا إلى الشيخ طنطاوي جوهري فاستقبلهم الرجل خير استقبال، ولما عرضوا عليه فكرتهم اهتز هزة الرضا والابتهاج ثم سأل كلاً منهم عن معهده، فلما وجدهم كلهم جامعيين ومن كليات مختلفة انتفض الشيخ ووثب وثبة الواثق ونشوة الظافر إذًا فقد بدأ عصر جديد ولاحت نهضة جديدة وطلع فجر منشود".

فدهش الطلاب من ذلك ومن الوصف الذي أضفاه الشيخ عليهم وشعروا بالخجل، وقد لاحظ الشيخ ذلك فقال لهم: لا تستصغروا أنفسكم يا أبنائي فإنكم قوة لو استقامت لأقامت الدولة وأقعدتها.

فقالوا له سنكون عند حسن ظنك إن شاء الله، وقد جئنا لنعمل معكم للإسلام تحت هذا اللواء الجديد، الإخوان المسلمون فقال لهم:

لقد اهتديتم إلى السبيل كما اهتديتم إلى الغاية، فإن الإخوان حركة جديدة تستلهم روح الإسلام وتترسم مناهجه في تربية الأمة وخلق الرجال على نمط الدعوة الإسلامية الأولى.

ثم قال:

18671138 1349763635070708 4978747503616441805 n.jpg

إن أهم ما يميز البنا عن غيره أن كل من عرفهم من الزعماء أحد رجلين: إما سياسي حظه من الإسلام قليل أو زعيم ديني حظه من السياسة يسير. ولهذا لم تنجح الحركات الإصلاحية في مصر، أما الإمام البنا فهو يجمع بين الأمرين فهو فقيه ممتاز وسياسي بارع.

ثم اتصل الشيخ طنطاوي على الأستاذ حسن البنا وهو في الإسكندرية فأخبره بالأمر فقطع الزيارة وعاد ليلتقي بهؤلاء الطلبة ويشكل منهم أول نواة لقسم الطلبة في الإخوان وقد ذكر اسمهم الشيخ حسن البنا بقوله في كتابه مذكرات الدعوة والداعية وهم:

ا - الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد، وكان حينذاك بكلية الآداب، وهو الآن بوزارة المعارف العمومية.

2 - الدكتور إبراهيم أبو النجا الجزار، كان حينذاك طالبا بكلية الطب وهو الآن مدرس بها.

3 - الأستاذ أحمد أفندي مصطفي كان بمدرسة التجارة العليا وهو الآن بمصلحة الضرائب.

4 - الأستاذ محمد جمال الفندي وكان بكلية العلوم وهو الآن مدرس بها أيضا.

5 - الأستاذ محمد رشاد الهواري وكان بكلية الحقوق وهو الآن محام بالمنصورة.

6 – الأخ محمود أفندي صبري وكان بمدرسة الزراعة العليا وهو الآن بالخاصة الملكية.

وهكذا أصبح الدكتور إبراهيم أبو النجا واحد من الذين وضعوا اللبنة الأولى لتاريخ الطلاب في جماعة الإخوان المسلمين.

وحينما حدثت فتنة "شباب محمد" في نهاية يناير عام 1940م أعيد تشكيل مكتب الإرشاد ولجان المكتب، حيث اختير الدكتور إبراهيم أبو النجا للأشراف على لجنة الطلاب، واللجنة الطبية والاجتماعية، كما أوكل له العديد من المهام مثل مقابلة طلبة دروس الإسماعيلية الأهلية، ومقابلة طلبة الجامعة لتكوين لجنة التعليم الديني، ومقابلة الإخوان مندوبي الكليات في الاجتماع الأسبوعي.

يقول محمد عبد الحميد أحمد: تشكلت أول كتيبة تربوية لشباب الإخوان حيث كان من أشهر شباب الكتائب الأخ حامد شربت والأخ محمود عبد الحليم والأخ عبد الفتاح البساطى والأخ جمال عامر والأخ محمود أبو السعود والأخ عبد البديع صقر – رحمه الله – والأخ عبد الحكيم عابدين والأخ إبراهيم أبو النجا والأخ عبد العزيز كامل والأخ طاهر عبد المحسن وغيرهم.

ويضيف محمود عبد الحليم في كتابه الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ الجزء الأول قوله: وبعد فترة قصيرة من التحاقي بالدعوة رأى الأستاذ المرشد أن يكون للطلبة مجلس إدارة سماه (( لجنة الطلبة )) تمثل كل كلية فيها بطالب فكان يمثل كلية الآداب محمد عبد الحميد أحمد وكلية الحقوق حسن السيد عثمان وكلية الطب إبراهيم أبو النجا وكلية العلوم جمال عامر وكلية التجارة طاهر عبد المحسن وكنت أمثل كلية الزراعة واختار الأستاذ المرشد حسن السيد عثمان رئيسا للجنة واختارني سكرتيرا لها.

ومرت الأيام وأنشأ الإخوان الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان عام 1945م والتي تشكلت من الرعيل الأول للجماعة حيث ضمت من ضمنها الدكتور إبراهيم أبو النجا الجزار.

وبعد ثورة 23 يوليو اعتقل الدكتور إبراهيم مع كوكبة من قادة الإخوان في فبراير 1954م حيث يذكر إبراهيم زهمول في رسالة الدكتوراه قوله: بينما كان المرشد حسن الهضيبي ومن معه من الإخوان أعضاء المكتب أو الهيئة التأسيسية مثل أستاذ القانون الدكتور توفيق الشاوي أو أستاذ الطب المرحوم الدكتور إبراهيم أبو النجا أو أستاذ الآداب الدكتور عبد المنعم خلاف وغيرهم رهن الاعتقال.

لكن لا يتوفر لدينا المصادر الكافية لنقف عن حياته مع الإخوان بعد أحداث المنشية التي وقعت في 26 أكتوبر 1954م.

أخلاقيات طبيب

يقول عنة المستشار صبري البيلي: كان الدكتور إبراهيم أبو النجا رجلا متدينا يتمتع بدماثة الخلق والتواضع وكان يحترم أساتذته احتراما يفوق الوصف كما كان زاهدا، جوادا، خيرا، صبورا وحليما، وكان مثالا لكل وطني مخلص غيور على بلدة.

وكان صديقا لأهل بلدة، عارف بهمومهم، مقدرا معانتهم، حافظا ودهم، أمينا على صغيرهم، مقدرا لكبيرهم، حتى أنه كان من المواقف التي تنم على أخلاقه أنه نزل من القطار وهو عميد كلية الطب في محطة المنصورة ومعه زملائه قادمين معه من القاهرة ويصادف على رصيف المحطة أخاه الأكبر الفلاح فينحني مقبلا يده أمام الجميع من أساتذة وطلبة دون حرج بل بفخر واعتزاز.

رحيله

كان الدكتور إبراهيم يشكو في الأشهر الأخيرة من حياته من بعض اضطرابات في القلب والدورة الدموية وكان دائما تحت العلاج، ولكن العمل المضنى والتفكير المتواصل كان سببا في تأخر حالته ثم وفاته عليه رحمة الله عام 1972م فجأة وهو يقرأ كتاب الله في سيارة أجرة كان يركبها للقاهرة، وقد شهدت المنصورة جنازته والتي تعد الأكبر في تاريخها، وقد أظهر الناس فيها حبهم الشديد له.

وقد سميت مدرسة باسمه في رأس الخليج تكريما له، كما أدخلت الكهرباء الى رأس الخليج تخليدا لذكراه سنة 1976م، كما تم تسمية أقدم وأكبر مدرج في كلية طب المنصورة باسم مدرج الدكتور إبراهيم أبو النجا وغيرها.

غير أن أفضل تكريم له – كما يذكر حساب رأس الخليج - هي مئات الآلاف من الخريجين في كل التخصصات، وعشرات آلاف من العلماء في كل التخصصات والذين حملوا مشاعل النور في كل أنحاء العالم وليس مصر وحدها، وملايين المرضى الذين تم شفاءهم علي يد تلاميذ الدكتور أبو النجا، وآلاف المرضى الذين عالجهم الدكتور إبراهيم أبو النجا بنفسه، وبأقل قيمة كشف في أنحاء مصر، فقد كان كشفه ب 50 قرش لسنوات طوال، وفي آخر أيامه رفع الكشف لجنيه واحد، بناء علي طلب المرضى أنفسهم.

المصادر

1- حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2002م، صـ183، 184.

2- محمد عبد الحميد أحمد: ذكرياتي، دار البشير للثقافة والعلوم الإسلامية، 1993م، صـ 18 : 22.

3- محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة، 1998م.

4- إبراهيم زهمول: الاخوان المسلمون أوراق تاريخية، طـ1، دار نبل، 1985م.

5- مجلة الإخوان المسلمين في الأربعينيات.

6- شبكة قوانين الشرق: قرار السادات بتعين الدكتور إبراهيم أبو النجا وكيلا لجامعة المنصورة.

7- أنور محمد: تعرف على الدكتور إبراهيم ابو النجا مؤسس جامعة المنصورة، شبكة مستقبل مصر بالنمسا.

8- صفحة رأس الخليج على الفيسبوك.