أنا نبتة غرسها البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أنا نبتة غرسها البنا


بقلم: علي السيار

على السيار

حكى لنا الدكتور زغلول النجار عن غراس الدعوة أقصد غراس الجنة قال:

كنا وبعض العلماء في زيارة دعوية لماليزيا فطلب منا صاحب الدعوة أن تكون المحاضرة بعد صلاة الفجر وفي مسجد بعيد.. أصابنا الإحباط، وقلنا كيف؟ فهذا توقيت غير مناسب؛ لأن أكبر مسجد في القاهرة صلاة الفجر فيه لا تتعدَّى صفًّا أو صفَّيْن.

في الموعد ذهبنا فإذا المسجد كبير جدًّا، يتسع لآلاف المصلين، ولهول الصدمة وجدناه ممتلئًا عن بكرة أبيه!! وجوه طيبة، وملابس بيضاء جميلة.. شباب ورجال ونساء وفتيات..

يقول: أحسست ساعتها أنني أسأت الظن بهم، واعتذرت لهم، وعشنا أوقاتًا كلها خير وحب وإيمان.

ملت على أذن صاحب الدعوة، وسألته كيف هذا الخير؟ ومن أنتم؟

قال: أنا نبتةٌ غرسها الإمام حسن البنا، وهذا غراسه، فبكيت..

قال: زرنا في جنوب إفريقيا رجلاً كبيرًا في السن، وجدته وزوجته يقومان بعمل ضخم وغريب! في الصباح يقوم بخدمة زوجته، وهي تستقبل نساء القرية تعلمهنَّ القرآن والهدى والنور، وبعد الظهر تخدمه هي حيث يستقبل هو الرجال والشباب يعلمهم القرآن والهدى والنور، حياتهم كلها حب ورضا ونور..

مضيئة هي..

مبهجة هي..

همس في أذني وقال: نحن غرسةٌ غرسها حسن البنا، وهذه هي غراسه..

حتمًا قابلوا الإمام في القاهرة..

حتمًا رأوا ما عليه من خير وصلاح وتفاعل..

حتمًا علَّمهم كيف يغرسون؟!

كيف يغرسون الأرض عملاً وعرقًا وخيرًا..

كيف يغرسون العمر حبًّا وعطاءً وجهادًا..

كيف يغرسون الحياة نورًا وسكينةً وسلامًا..

كيف يغرسون القلوب ذكرًا وطاعةً وقرآنًا..

الإمام حسن البنا

كيف يغرسون السعادة بين طيات الشقاء الجاثم على الصدور والنفوس والحياة؛ بسبب شبق الشهوات وسعار المادة وتجبُّر الطغاة وتعنُّت الظالمين والجناة..

حتمًا ذهبوا إلى أوطانهم فما ناموا.. فهم يعلمون أن نومة الموت طويلة تفتت الأجسام وتمزِّق القلوب..

حتمًا ذهبوا إلى أوطانهم فما وهنوا وما استكانوا؛ فإن الجنة غالية تهفو إليها النفوس الأبية والقلوب الذكية.

ها هم خرجوا من سجون الحمزة البسيوني ومافيا صلاح نصر وتجبر ناصر.. مات نصر وجلادوه وانتهوا، لكنهم خرجوا كل واحد فيهم كان همُّه الغراس، كل همه أن يحيا على طاعة الله ويحمل الخير للناس.

قابلت رجلاً كبيرًا في السن في المسجد كان صاحب وظيفة مرموقة في الحزن الوطني..

يقول تعرف أنني أحسد زملائي من الإخوان!

ها أنا ذا أجلس في بيتي، أعدُّ الأيام والليالي، أنتظر الموت أما هم فخرجوا من المحنة إلى الآن وهم يحملون الخير إلى الناس، كنت أتعجب كيف تعرضوا لكل هذا التعذيب والظلم والتنكيل وتركوا الكره والثأر.. وتناسوا الظلم والقهر!.

بل إذا ذكرتهم بذلك يقولون لك اتركنا نعمل فلا وقت عندنا للكره والثأر، كل وقتنا هو للناس والغرس.. هكذا أطلقها الإمام علي بن أبي طالب عنيفةً قويةً في وجه الكسالى والمفلسين من بعض المنتسبين للدعوة "يجب أن تلقى الله وأنت فتات"؛ يعني يجب أن تبذل الجهد والوسع.

ويقول إذا نادى منادٍ أن الساعة ستقوم الآن ما استطعت أن أزيد.

لم يا إمام؟ هل هي ثقة؟ هل هو يأس فأنت لا تعرف اليأس؟!

لا.. لأن جدوله اليومي قد تمَّ تسطيره من الصباح.. فلا فراغ فيه.. ولا حظ للنفس فيه حتى مع أهله وأولاده، فكلها أوقات لله، فلن يغير فقرةً أو بندًا في الجدول، فكله غراس..

كان الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يذهب إلى فراشه، يزحف من التعب، ويقوم ينصب قدميه لله ليلاً يصلي القيام، ويملأ الدنيا خيرًا وحبًّا ونصرًا.. سلوا السيدة عائشة: هل صلى الحبيب قاعدًا، قالت: نعم بعد أن هدَّه الناس" ما أعظمه!! وما أكرمه!! وهو يقول: "عرض عليَّ الليلة الأنبياء فكان الرجل يجيء معه الرجل، ويجيء معه الرجلان، ويجيء معه النفر كذلك، حتى رأيت سوادًا كثيرًا فظننت أنهم أمتي، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل هؤلاء قوم موسى، ثم رأيت سوادًا كثيرًا قد سدَّ أفق السماء، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء من أمتك، ففرحت بذلك، وسررت به، ثم قيل إنه يدخل بعد هؤلاء من أمتك الجنة سبعون ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب".

ما أعظمه!! وما أكرمه!! وهو يقول: "الدال على الخير كفاعله".

يقول د. عبد الكريم زيدان: إنها أشرف مهنة، وأعظم رافد للحسنات.. نعم، إذا تأملت في شرح الحديث أن كل نبي يأتي وخلفه القوم الذين اهتدوا على يديه.. تخيل يوم القيامة وأنت وراءك ألف واحد، حتى ولو كان واحدًا أنقذته من النار.. إنها لشفاعة عظمى.

قال الحاج عباس السيسي: "إذا لم تأتِ بإنسان على الأقل في العام فاتهم إيمانك".

أخي الحبيب.. هيا دعك من إهدار الوقت وتعلَّم كيف الغراس..

إن دعوة الله لا تحتاج منك خطبًا رنانةً وكلمات متشنجة منمقة..

ولا أوقات كلها سفسطة وترَّهات..

عليك بمقياس نفسك ومدى إيمانك.. والمياه تكذب الغطاس..

أين أنت من الغراس؟!

أعطِ ربك ثم لدعوة الخير كشف حساب، ما هي غراسك؟!

المصدر