أطفال غزة بين عدوان لا يرحم وحصار لا يتوقف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أطفال غزة بين عدوان لا يرحم وحصار لا يتوقف

الصهاينة قصفوا أحلاماً صغيرة واستهدفوا نفوساً بريئة


أطفال غزة

مجازر فى حق الاطفال

ماذا يُنتظر من صغار وجدوا آباءهم وأمهاتهم قد تحولوا إلى أشلاء ممزقة، وبيوتهم ومزارعهم قد صارت خراباً؟ ماذا يُنتظر من هؤلاء الأبرياء؟ وما شعورهم بعد أن شاهدوا موت أهليهم من الجوع والعطش، وجيرانهم من الحرائق والدخان؟ وما وقع انفجار القنابل الهائلة حين قُذِفت، وزلزلة البيوت حين هُدمت على عقولهم ونفوسهم؟!


ما تأثير كل ذلك عليهم؟ وما حجم ردود أفعالهم بعد أن صاروا بلا بيت، ولا أهل، ولا حضن، ولا طعام، ولا مدرسة، ولا لعبة، ولا كرة، ولا كتاب؟ بعد أن هدم العدو كل أحلامهم الصغيرة، ودهس كل أفكارهم عن الحياة، وبقيت رائحة الموت والدم والعرق تزكم أنوفهم الدقيقة؟!

أسئلة كثيرة تحتاج إلى دراسة دقيقة وبحث مستفيض للوقوف على حجم تلك المآسى، وإيجاد حلول عاجلة لها قبل أن تتفاقم وتتحول إلى كارثة إنسانية يتحمل نتائجها العالمُ أجمع.


جراح عميقة

هناك حكايات مأساوية وأمنيات إنسانية عديدة يعبّر عنها أطفال غزة المنكوبون، فهذا طفل يعبّر على شاشات إحدى الفضائيات عن مشاعره بقوله: «أتمنى أن أعيش كما يعيش جميع أطفال العالم»، ويضيف آخر: «أتمنى أن تنتهي الحرب لكي نتمكن من العودة إلى المدرسة»، ويذكر ثالث: «كنتُ في بيت جدي، وسمعت صوت قنابل فركضتُ بعيداً.. رأيت البيت وهو يُقصف، وتحطمت النوافذ والباب.. لقد ذهب كل شيء، ولم يعد هناك منزل».. وقد أصيب الأطفال - حسب تقارير منظمة «اليونيسيف» - بصدمات إلى درجة أنهم لم يعودوا قادرين على التكلُّم!


وبالنظر إلى الأبحاث التي جرت أثناء الحصار الصهيوني لقطاع غزة، نجد أن ممارسات الاحتلال القمعية كان لها الأثر البالغ في ظهور العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية، الناجمة عن زيادة وتيرة العنف، وارتفاع معدل البطالة، والمشكلات النفسية المختلفة لدى الأطفال والنساء والرجال على حد سواء، ومنها زيادة معدلات القلق والاكتئاب وكرب ما بعد الصدمة والمشكلات السلوكية والانفعالية لدى الأطفال.

لقد صارت البيئة الفلسطينية خليطاً من الحرمان والفقر والعنف والشعور بالعجز واليأس، وقد أدت هذه المشاعر إلى مزيد من العنف والتحدي والتطرف والشعور بالتهميش، التي من المتوقع أن تترك نتائج كارثية على الصحة النفسية للأجيال القادمة من الشعب الفلسطيني.


سجن كبير

وقد أظهرت دراسة حديثة أجراها د.«سمير قوته» رئيس قسم علم النفس بالجامعة الإسلامية في غزة، حول الحصار وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية وعلاقتها بجودة حياة الأسرة الفلسطينية، أظهرت أن تأثيرات الحصار السلبية طالت مختلف مناحي الحياة، وأثرت على المجتمع بصورة بالغة، فقد أجبر الحصار الصهيوني نحو 84% من الأُسَر الفلسطينية على تغيير أنماط حياتها، فيما تنازل 93% منهم عن المتطلبات المعيشية اليومية، وعبّر 95% من أفراد الأُسَر في غزة عن استيائهم البالغ لتحويل القطاع إلى «سجن كبير» يقيمون فيه طوال الليل والنهار!


إن مستقبل الأسرة الفلسطينية - حسب الدراسة - في خطر حقيقي في ظل استمرار الحصار الذي تسبّب في رفع درجة التوتر واليأس وعدم الاطمئنان للمستقبل لدى المواطنين، كما سجلت الدراسة مؤشرات سلبية خاصة على الأطفال والمرضى والطلبة والعاطلين عن العمل بما انعكس على سلوكهم.


قلق وتوتر

وتؤّكد الدراسة أن للأطفال نصيبهم الوافر جراء هذا الحصار؛ ولكن بصورته السلبية على أوضاعهم الصحية والاجتماعية والنفسية، فقد أظهرت النتائج أن 51% من الأطفال لم تعد لديهم الرغبة في المشاركة في أية نشاطات تُذكر، كما أن 47% منهم لم يعودوا قادرين على أداء الواجبات المدرسية والعائلية، فيما بدأت الأوجاع تغزو أجساد 41%، وأصبح 48% منهم يعانون من انخفاض الطاقة لسوء التغذية، ولم تتوقف حدود معاناة الأطفال جراء الحصار عند هذا الحد، فبدت علامات الخوف على 61% منهم، أما مشكلات النوم فيشتكي منها 43% من الأطفال، وكذلك أصبح 63% منهم لديهم أعراض القلق، وبسبب أوضاع الحصار القاسية على الأطفال بلغت نسبة التغيُّب عن المقاعد الدراسية 40%، بينما يعاني 50% من الطلبة غير المتغيِّبين من مشكلات في التركيز خلال الدراسة.


وفي السياق نفسه، قدم البروفيسور فضل أبو هين من جامعة الأقصى في غزة دراسة علمية أخرى حول المشكلات السلوكية والعاطفية في ظل الحصار، أُجريت على 2286 طفلاً من محافظات غزة، تتراوح أعمارهم بين 8 و14 عاماً؛ حيث أظهرت أن ثلثَيْ الأهل يعانون من الضغط النفسي ويتعاملون بعنف فيما بينهم ومع أبنائهم، كما أظهرت ارتفاع معدلات القلق والتوتر ومشكلات الدراسة، والمشكلات السلوكية، والشعور بالإحباط كلات لدى الأطفال، كما في جدول(1).


تأثير هدم البيوت: وفي بحث آخر عن تأثير هدم البيوت على الصحة النفسية للأطفال الذكور في قطاع غزة، أشار الدكاترة ثابت وأبو طواحينة والسراج إلى التأثير المباشر على تطور كرب ما بعد الصدمة والمخاوف.. وقد توصلت الدراسة إلى أن متوسط التعرض للأحداث الصادمة عند الأطفال تبلغ نسبته 9.4% ، وكان ترتيب أكثر الأحداث التي صدمت الأطفال كما في جدول(2).


ولوحظ أن أكثر أحداث تعرض لها الأطفال هي مشاهدة مناظر وصور الجرحى والشهداء في التلفزيون وسماع القصف المدفعي للمناطق المختلفة من قطاع غزة بنسبة 95.6%.


وأظهرت الدراسة أن ثلث الأطفال تعرضوا لصدمة نفسية شديدة، و60? منهم تعرضوا لصدمة نفسية متوسطة، و7? تعرضوا لصدمة نفسية بسيطة، أما بالنسبة لكرب ما بعد الصدمة فقد تبين أن ثلثي الأطفال يعانون بدرجة متوسطة، و15.6? يعانون بدرجة خفيفة، و20? يعانون بدرجة شديدة، واتضح أن أكثر المخاوف شيوعاً هي الشعور بالخوف عندما تتكلم المعلمة بصوت عالٍ بنسبة 66.7?, ويليه الفزع والصراخ عند مشاهدة أو سماع صوت طائرة في الجو بنسبة 64.4?.

وتبقى عدة تساؤلات مهمة تطرح نفسها في هذا الإطار، وهي: ماذا عن جيل الأطفال الذي يعاقب جماعياً؟ وكيف ستكون علاقتهم بالمجتمع الخارجي حين يصبحون شباباً ورجالاً صناعاً للقرار في مجتمعهم؟ وكيف سيخاطبون وينظرون إلى العالم الذي تخلى عنهم وزادهم غربة وانعزالاً؟ وكيف سيعاملون عدوهم الذي أذاقهم الويلات؟

إن ما حدث صرخة مدوية لعلها توقظ الضمير العالمي الغافل وتثير شعوره بالعار لسكوته عن الجرائم الصهيونية التي لم يسبق لها مثيل!>جدول (1): المشكلات الوجدانية والسلوكية لدى أطفال غزة (بحث د.فضل أبو هين)


المشكلة النسبة

الخوف من الظلام أصبحوا أكثر التصاقاً بأهلهم، ويشاركونهم النوم في السرير 87%

القلق والتوتر وفقدان الشعور بالأمان 92%

مشكلات في الدراسة مثل عدم القدرة على التركيز 68%

مشكلات سلوكية مثل الانعزال والانسحاب الاجتماعي والعدوانية 76%

الإحباط والاكتئاب (مزاج سيئ ومشكلات وجدانية) 70%

التبول اللا إرادي 34%


جدول (2): أكثر الأحداث التي صدمت الأطفال (بحث الدكاترة ثابت وأبوطواحينة والسراج)

ترتيب الحدث الصادم

1 مشاهدة مناظر وصور الجرحى و الشهداء في التلفزيون

2 سماع القصف المدفعي للمناطق المختلفة من قطاع غزة

3 مشاهدة آثار القصف المدفعي على القطاع

4 مشاهدة بيوت الجيران وهي تقصف، وتهدم ، وتدمر

5 مشاهدة قصف البيوت والشوارع بالصواريخ من الطائرات

6 سماع أصوات الطائرات الحربية عند اختراقها لحاجز الصوت

7 مشاهدة بيته وهو يقصف، ويهدم، ويدمر

8 مشاهدة عمليات ا?غتيا?ت للمقاومين بالطائرات

9 تعرض أغراضه الشخصية للتدمير والنهب من الجيش الإسرائيلي

10 تعرضه للحرمان من الماء والأكل والكهرباء أثناء الاجتياح