أحمد جمال زيادة يكتب: فى ذكرى الدم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحمد جمال زيادة يكتب: فى ذكرى الدم


(8/13/ 2015 )

أحمد جمال زيادة

فى خطاب القوات المسلحة بعد تظاهرات 30 يونيه 2013 قال الجنرال عبد الفتاح السيسي : لقد عانى هذا الشعب الكريم، ولم يجد من يرفق به، أو يحنو عليه، وهو ما يلقى بعبئ أخلاقى ونفسى على القوات المسلحة التى تجد لزاماً أن يتوقف الجميع عن أى شئ بخلاف إحتضان هذا الشعب.

بالفعل قررت القوات المسحلة أن تحتضن الشعب وأن تحنو عليه، كما إحتضنته فى موقعة الجمل التى قررت وقتها أن تكتفى بدور المشاهد _اللى ملوش دعوة بحاجة_ عندما تركت البلطجية تقتل 31 شهيدأ وتصيب أكثر من 2000 من المعتصمين فى ميدان التحرير.

قررت القوات المسلحة أن تحنو على الشعب وأن ترفق به كما رفقت به فى أحداث ماسبيرو، وإنتفاضة محمد محمود، ومجلس الوزارء، والعباسية، و ستاد بورسعيد ، ومسرح البالون، وغيرها من المجازر التى يحاولون طمسها.

فكانت الكارثة الإنسانية الكبرى، مجزرة رابعة العدوية، التى قالت عنها منظمة "هيومان رايتس ووتش" أنها من أكبر عمليات قتل المتظاهرين فى يوم واحد بالتاريخ الحديث، و حمّلت المنظمة فى تقريرها كل من "عبد الفتاح السيسي ، ومحمد إبراهيم" المسؤلية الكاملة عن التخطيط والتنفيذ للقتل الممنهج للمعتصمين، كما أشارت إلى أن المتظاهرين كان بينهم بضعة مسلحين لا يقتضى عددهم القليل كل هذا القتل وسفك الدماء والحرق وإستهداف المستشفى الميدانى.

أضافت المنظمة الدولية أن قوات الشرطة قتلت فى فض رابعة العدوية ما لا يقل عن 817 شخص وأن العدد ربما يزيد عن 1000 فى يوم واحد، بالإضافة لقتل نحو 78 شخصا فى ميدان النهضة.

وكان الرد السريع من الحكومة المصرية أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" منظمة إخوانية تدعم الإرهاب، مع أن الحكومة المصرية قبل الثورة قد أشادت بحيادية المنظمة.

إشتدت الحرب الإعلامية على كل من تعاطف مع مجزرة رابعة وكل من أدان القتل الجماعى للمتظاهرين أو رفض فض الإعتصام بالقوة، فكانت أسهل عبارة ينطقها إعلاميون أمن الدولة (ده أصلا إخوان) حتى أن وسائل الإعلام وقتها إتهمت الدكتور محمد البرادعى بالأخونة لأنه قدم إستقالته من منصبه الرسمى إعتراضا على فض ميدان رابعة العدوية بتلك الوحشية والهمجية.

كما وجدنا فى وسائل إعلام النظام من يروج إشاعات عن إنتشار جهاد النكاح بين المعتصمين، وإنتشار أمراض الجرب.

*نقاط لا يمكن تجاهلها من كل الأطراف:

1-كانت هناك نية واضحة لسحق المتظاهرين فى ميدان رابعة العدوية دون تفرقة بين مسلح أو سلمى، ففى ميدان رابعة قُنصت الشهيدة "أسماء البلتاجى" بأيدى الداخلية برصاصة حية فى الرأس، لا يمكن القول بأنها رصاصة عشوائية، مما يعد أكبر دليل على أن القتل كان متعمدا والتصفية الجسدية للموجودين كانت ومازالت هى الحل بالنسبة للنظام العسكرى الحالى.
أما فى ميدان مصطفى محمود فى نفس يوم الفض نجد ان الشرطة قد أطلقت النيران على المتظاهرين بنفس الهمجية، فلا يمكن نسيان الشهيد "أحمد المصرى" عضو حركة شباب 6 أبريل وأحد أصدقائى المقربين الذى رأى إشتباكات فى ميدان مصطفى محمود فقرر أن يلتقط صورا لنشر الحققيقة فما كان من الداخلية إلا أن أطلقت الرصاص الحى صوبه مما أدى إلى إختراق الرصاص الحى لجسده من الخلف وهو يهرب من المواجهات، ولا أرى لقتل أحد من يفرّون من الرصاص سببا سوى القتل العمد.
2- كما أن القتل لم يفرق بين أحد فالإعتقال أيضا لم يقرق بين إخوان أو غير إخوان، وخير مثال على العشوائية فى الإعتقالات التى وصلت إلى 1200 معتقل فى يوم واحد بميدانى رابعة والنهضة هو المصور الصحفى محمود أبوزيد شوكان الذى أكمل خلف القضبان عامين بسبب تأديته واجبه الصحفى.
3- لم تكن خسائر الوطن هى قتل وإعتقال وإصابة الآلاف فقط، ولكن للأسف أدى هذا الفض إلى فقدان الملايين من الناس ما تبقى من إنسانيتهم، فإختلطت أصوات الصراخ بالزغاريط المرحبة بفض الميدان وقتل من فيه، ووجدنا من يطالب بحرق من فى الشوارع، فإستجابت لهم الشرطة وحرقت جثث المئات، وجدنا من يبرر القتل بدعوى أن هؤلاء الناس قد عطلوا المرور ولا يمكن أن أتخيل أن تسيل الدماء من أجل تعطيل المرور.
كما أن جذور الفتنة قد تم زرعها بنجاح فلا توجد عائلة واحدة الآن إلا وبينهم خلاف كبير بين مؤيدين ومعارضين.
كما رأينا مجزرة مركز كرداسة التى راح ضحيتها 14 من قوات تأمين الشرطة بشكل وحشى، فرأينا أيضا من إبتهج لرؤية دماء ضباط قسم كرداسة فصرنا فى مجتمع إفتقد إنسانيته بشكل مريب..
4-رغم أن القوات المسلجة بقيادة السيسي وقتها أكدت على أن الجيش لن يكون أبدا طرفأ فى الصراع على السلطة، إلا أن الأحداث أكدت عكس ذلك، وصارت هناك حقيقة مطلقة لا يمكن تجاهلها، وهى أن العسكر لن يسمحوا بوصول المدنيين للحكم على الأقل فى الوقت الحالى، وأنه لا صوت يعلو فوق صوت الدبابات، وأن السيسي لو كان فى مقدوره أن يلغى ما يسمى بالأحزاب والإنتخابات لفعل.
5- الحرب لم تكن يوما على الإرهاب بل كانت حربا واحدة ضد الثورة ومن أجل أن يحافظ جنرالات العسكر على بقائهم فى الحكم أكبر فترة ممكنة، فما علاقة إصدار قانون التظاهر بالحرب على الإرهاب؟!
فالإرهاب لا يحتاج لقانون التظاهر لأنه لا يعلم معنى التظاهر، إنه فقط يحمل السلاح والمتفجرات، أما من يمكن أن يتظاهروا ويحرجوا النظام العسكرى هم الشباب الذى مازال متمسكا بسلميته، كما أن المشهد إتضح أكثر بعد إعتقال كل رموز الثورة وشبابها ومطارتهم أمنيا
6- السلطة العسكرية هى العامل الأكبر فى صناعة الإرهاب منذ فض إعتصام رابعة العدوية، فإننا إن تحدثنا عن طفل قتل والده، أو أخ أعتقل أخوه بشكل عشوائى، أو والد إختطفت الشرطة إبنته وتحرشوا بها فى أقسام الشرطة، فهؤلاء جميعا ليسوا إلا قنبلة موقوتة من الإرهاب صنعها النظام العسكرى، ناهيك عن ممارسات وزارة الداخلية التى عادت لما قبل ثورة 25 يناير والتى صارت هوايتها المفضلة البلطجة على خلق الله، وإختطاف الناس من الشوارع، ناهيك عن آلاف الطلبة المعتقلين الذين قضيت معهم 17 شهرا خلف القضبان فأيقنت أن أكثر من 70% منهم قد أعتقلوا بشكل عشوائى والذين حكم عليهم بضياع مستقبلهم فهؤلاء من الوارد جدا أن يحاولوا الإنتقام من الجميع بعد خروجهم لأنهم بالطبع سيفشلوا فى أخذ حقوقهم بالقانون، بالإضافة إلى وضعهم فى السجون فترة طويلة مع أصحاب الأفكار المتطرفة.
7-أدت أحداث فض رابعة العدوية إلى إنقسام حاد بين كل القوى الثورية والذى بدوره قد أدى إلى توهان الثورة أو قل إماتتها، كما أننا رجعنا إلى عصور [[محمد حسني مبارك|مبارك حيث لا معارضة سوى المعارضة الوهيمة، أما المعارضة الحقيقة فمصيرها الذبح إن فكرت أن تثور على الفساد.
كما نلاحظ انه ليس من السهل أبدا أن تنظم القوى الثورية مؤتمرا جماهيريا كسابق عهدها لأنها تعلم جيدا أن النظام العسكرى يتربص بهم، لأن وقت الإنتقام من كل من شارك فى إسقاط مبارك قد حان.
كما أن الإنتقام الأكبر سيكون ضد كل من هتف ضد حكم المجلس العسكرى بعد الثورة على رأسهم شباب 6 أبريل والإشتراكيون الثوريون وشباب الألتراس وغيرهم من المستقلين، فهؤلاء لهم دور كبيىرفى فضح فساد السطلة العسكرية، كان هذا واضحا أثناء تدشين حملة عسكر كاذبون بعد الثورة مباشرة.
8- أخيراً.. ليس من الضرورى أبداً أن يُتهم كل من تعاطف مع الدماء التى سالت فى فض رابعة العدوية بأنه إخوان، فالمسألة فقط تحتاج إلى قليل من الإنسانية، وأعتقد أن أهم درس يمكن أن نستفيده أننا جميعا فى دائرة واحدة، وأن من فرح فى الدماء يوما، ستصيبه لعنة الدماء.

المصدر