"الإخوان" في مواجهة شتاء قارس.. وخبراء يرصدون ربيع "الخيارات الصعبة"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"الإخوان" في مواجهة شتاء قارس.. وخبراء يرصدون ربيع "الخيارات الصعبة"


مقر الإخوان المسلمين- أرشيفية.jpg

الأناضول - القاهرة

(الخميس 24 ديسمبر 2015)

تواجه جماعة الإخوان المسلمين بمصر (تأسست عام 1928)، حاليًا خلافات داخلية متصاعدة، وهو ما تزامن مع صدور تقرير بريطاني، يتهم بعض المنتمين لها بالتطرف والعنف، ما يضع مستقبل الجماعة أمام خيارات صعبة، وفق خبراء.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، عزام التميمي، المقيم في لندن، قال لـ"الأناضول": "أزمة الإخوان ليست أزمة غير مسبوقة؛ فقد مرت الجماعة قبلها بمحن صعبة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي"، في إشارة إلى ملاحقة الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، لعدة آلاف من قياداتها وكوادرها، وإصدار قرارات إعدام بحق العشرات منهم.

واستدرك التميمي قائلًا: "يبدو أن حجم الأزمة الحالية (مشيرًا إلى الخلافات والضغوط الدولية)، أكبر مما سبقها؛ لأن حجم الجماعة حينما وقعت الكارثة كان كبيرًا جدًا وممتدًا جدًا، فجاءت التداعيات بحجمه".

وربط التميمي، بين استمرارها وتمسكها بالاعتدال، في قراءة مستقبلية لدور الجماعة قائلًا: "ما يبقي هذه الجماعة حية ويمدها بالقدرة على الصمود واستئناف المسير، ولو بعد حين، هو الفكر الذي يميزها عن غيرها من حيث اعتداله ووسطيته وشموله".

وأضاف التميمي، مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي في لندن "لكن من المبكر جدًا أن يحكم على الجماعة بأنها وصلت إلى مداها وأن عمرها قد انقضى، خاصة إذا تذكرنا -كما أشرت آنفًا- أن الجماعة بعد ضربتي الخمسينيات ثم الستينيات من القرن الماضي كاد البعض أن يكتب نعيًا لها".

ومتطرقًا إلى خيارات الجماعة المتاحة، مضى التميمي قائلًا إن "المعضلة فيما يجري أن لا أحد يملك بديلًا عمليًا للجماعة، سواءً ممن ينقدها من داخلها أو من يندد بها من خارجها، والبديل الذي يقترحه البعض سبقهم إليه أصحاب "داعش"، وهو بديل مدمر، لا يبقي ولا يذر، يبدأ بإهلاك الآخر وينتهي بإهلاك الذات".

ولم يستبعد التميمي انتهاء الجماعة إن لم تتخذ خيارًا سريعًا لمعالجة أزماتها، قائلًا: "تبقى الحقيقة التي لا مراء فيها، وهي أن مشروع الإخوان المسلمين مشروع إصلاحي بشري، من يقومون عليه يجتهدون، قد يصيبون تارة ويخطئون تارة أخرى، وهو ككل مشاريع البشر ليس أبديًا ولا معصومًا ولا منزهًا، وإنما يستمر ما قدر الله له أن يستمر، وبحسب ما ييسر الله له من أسباب النجاح".

ويرى الأكاديمي الدكتور عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، جماعة الإخوان بنسختها المصرية، التي أطاح قادة الجيش بمرشحها محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، من منصبه في يوليو 2013، في مأزق كبير.

وعن رؤيته لواقع جماعة الإخوان، قال "عبدالله" في تصريحات للأناضول: "أعتقد أن جماعة الإخوان، عاشت عصرها الذهبي، خلال ثورات الربيع العربي (انطلقت في ديسمبر 2010، من تونس)، وخلال عهد مرسي، وانتهى هذا العصر، وأعتقد أن يكون بلا رجعة".

وأضاف "الإخوان اليوم يعيشون واحدة من أسوأ لحظاتهم منذ 80 عامًا، وتقرير الحكومة البريطانية وصفهم أنهم جماعة بها تطرف، وحتى الآن موقعهم التاريخي أصبح على المحك، وأصبح طريقه أضيق من أي وقت مضى".

وكان ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، أعلن، الخميس الماضي، في تقرير عن نشاط الإخوان بدأ العمل فيه من إبريل 2014، أن جزءًا من الإخوان "له علاقة غامضة للغاية مع التطرف العنيف"، وأن الانتماء لجماعة الإخوان أو الارتباط بها "يعتبر مؤشرًا محتملًا للتطرف"، وهو ما رفضته الجماعة، في تصريحات لقياداتها مؤخرًا.

وبشأن إمكانية تجاوز الإخوان، لأزماتهم والضغوط الدولية الحالية، تابع الأكاديمي العربي البارز، قائلًا: "ليس في المستقبل المنظور، ولكن على المدى البعيد كل شيء وراد".

وتعد الأزمة الحالية في الإخوان هي الثالثة خلال العام الجاري بعد أزمتين في مايو، وأغسطس، والتي وصلت ذروتها، الإثنين الماضي، عقب إعلان مكتب الإخوان المسلمين في لندن، إقالة الشاب محمد منتصر (اسم حركي للمتحدث المقيم داخل مصر)، من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة وتعيين طلعت فهمي "55 عامًا" متحدثًا جديدًا بدلًا منه"، وتلى ذلك تدشين موقع جديد، واستمرار بيانات مضادة بين قيادات بالجماعة ومكاتب تنفيذية بها، حول إدارة التنظيم وشكل الثورة التي ينتهجونها ضد السلطات المصرية.

وحول خياراتهم المستقبلية في ضوء تصاعد الخلافات والضغوط الدولية، قال عبدالخالق عبدالله: "الإخوان بين خيارين؛ إما المسير في طريقهم الحالي، وهذا سيؤدي بهم إلى الانتحار، أو يعيدون النظر في تكتيكاتهم، وقياداتهم، وقناعاتهم وهو أمر صعب عليهم".

واتفق مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية (غير حكومي) مع "عبدالخالق"، في أن مأزقًا كبيًرا تعيشه جماعة الإخوان، ويضيف "إنها في أضعف حالاتها".

وقال "غباشي" للأناضول، حين سألته عن مستقبل الإخوان: "نتحدث عن جماعة لها طابع تنظيمي هرمي، تعيش في ظروف خلاف، وارتباك والتباس بين قياداتها وشبابها، وهناك حالة من حالات الاستقطاب الدولي، والمال يلعب دورًا، لكن هذا كله لا يؤدي إلى زوال الإخوان، هذا مستحيل، ولكن يعمل على إضعافهم".

وردًا على سؤال بخصوص إمكانية تجاوز قرارات الإخوان لمشهد الخلافات والضغوط الدولية، أوضح أنه "في ظل وجودهم بالحكم وضحت أخطاء إستراتيجية وعدم حرفة سياسية، والآن هم يعلمون أنهم في معركة ليست سهلة، وأنها لن تنتهي بسهولة، لكن ما قد يتم هم من يجيبون عنه من خلال خياراتهم المستقبلية التي في كلّ الأمور تبدو صعبة".

وأشار إلى أن التقرير البريطاني لن يكون نهاية المطاف بخصوص الضغوط الدولية على الجماعة، مستبعدًا أن يطول التحالف الإسلامي الذي أنشأته السعودية مؤخرًا جماعة الإخوان.

وحول تقرير بريطانيا حول الإخوان، قال: "كلام ديفيد كاميرون عليه كثير من الملاحظات، فهو متأخر وليس واضحًا مع ولا ضد، وربما خرج بضغوط مورست على بريطانيا؛ ولكن هو جزء من حلقة الصراع الدائرة منذ 30 يونيو و3 يوليو 2013 ضد الإخوان".

وأشار إلى "صعوبة رجوع الإخوان بمصر للمشهد في ظل واقع سياسي رافض لها على الأقل الآن، ووجود حركة من حركات الواقع الإقليمي، والدولي رافض لها أيضًا، ويضعها في ارتباط مع الإرهاب".

وكانت السعودية قد أدرجت، في السابع من مارس 2013، الإخوان المسلمين، كبرى الحركات الإسلامية التي يقع مركزها الرئيسي بالقاهرة، على قائمة "الجماعات الإرهابية"، وفي نهاية ديسمبر، أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان "جماعة إرهابية" وحظرت جميع أنشطتها، بعد أشهر من الإطاحة بـ"محمد مرسي" أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، في 3 يوليو 2013، من قبل قادة في الجيش، فيما يراه أنصاره "انقلابًا عسكريًا"، ويراه معارضوه "ثورة شعبية".

المصدر